Atwasat

الفنان التشكيلي بول كلي

القاهرة - بوابة الوسط: محمد عقيلة العمامي الثلاثاء 15 ديسمبر 2020, 07:00 صباحا
WTV_Frequency

 تمهيد للمجموعة الثالثة:

لعله من المثمر أن أستهل الكتابة عن هذا الفنان، بهذه المقدمة التي قد تُعين المهتمين بهذا الفن. فأنا في الواقع لم أعرف الرسامين (رامبرانت ورينوار) إلاّ بعد أن انتسبت إلى قسم اللغة الإنجليزية، وارتبطت بصداقة مع أحد مدرسي القسم، وكان يمارس الرسم، كهواية، وهو من حدثني عنهما، وكان هناك محل في شارع المختار  ببنغازي يبيع تحفا ولوحات، وجدت بالصدفة، نسختين للوحتين لرامبرانت، فاشتريتهما وأهديت إحداهما لأستاذي (جرهام). وحدثني عن هذا الرسام وبين لي قدرته على إضاءة لوحاته، من خلال الألوان. وغير ذلك لم تكن لي اهتمامات بالفن التشكيلي إلا من بعد الحركة التي كان وراءها الأستاذ محمد عبدالهادي استيته، الذي أسس مرسما بمقر جامعتي من بعد أن هُجِرت، بانتقال الجامعة الليبية إلى قاريونس، وتسمت باسم المنطقة. الأستاذ الفنان محمد استيته كان الأمين الإداري لنظارة الأشغال عندما التحقت بها مساعد قارئ عدادات الكهرباء سنة 1958 ولم أعرف أبدا أنه رسام وأنه درس هذا الفن، إلاّ بعد أن تولى ذلك المرسم.

صرت أتردد على المرسم ومنه عرفت الكثير عن الرسم التشكيلي وتاريخه، وأذكر أنني أبديت تعجبي من هذه الشهرة التي نالها (بيكاسو) ومن بعده (سلفادور دالي)، لدرجة أنني أعتقد، بقناعة، أن هذين الفنانين يسخران من الناس، وكثيرا ما أكدت لصديقي المرحوم استيته أن الفن عندي، هو (رامبرابت) والمرحوم عوض اعبيدة. ولا أخفي عليكم أنني ظللت كذلك إلى أن انتبهت إلى الجوانب الفنية في رسومات بيكاسو، بتوضيحات من صديقي الفنان محمود الحاسي.

وعندما قرأت بتمعن مجموعة كتب «فنانون عالميون» التي أقدمها لكم توسعت رؤيتي وفهمت الكثير، الذي لم أعرفه من قبل، خصوصا عن رسومات بيكاسو ودالي العجيبتين.

ولكنني أقع مرة أخرى في فخ الحكم من دون معرفة واعية للفن، وأصدر الحكم نفسه الذي أصدرته على دالي وبيكاسو، عندما وصلت إلى المجموعة الثالثة وهم: «السويسري (بول كلي)، والبريطاني (هنري مور)، والأميركي (أندي وورل)» وإن كان فن التصميم والنحت يتصدر مهارة البريطاني والأمريكي.

في الحلقات السابقة، لم نتناول على سبيل المثال فنون بيكاسو ودالي الأخرى المصاحبة للرسم، ولكن سوف أتناول فنون النحت والتصميم عند (مور) و(ورل)  باعتبار أنهما تميزا في هذا الفن.

ولأنني لا أريد أن أعيد هفوتي بسبب حكمي المسبق، فسوف أتناول فنون هذه المجموعة بتوضيح الجوانب الأخرى المصاحبة لرسوماتهم..

الفنان بول كلي:

ولد بول كلي سنة 1879 يحمل جنسية والده ولكنه عاش في سويسرا. ويعد من أشهر فناني القرن العشرين، موهبته وخياله أكدتا قوله: «إن الفن لا يكرر المرئي لكنه يجعله مرئيا» وهذا ما جعلنا نرى الأشياء بشكل جيد وجديد. وهو متعدد المواهب: موسيقى، مدرس، شاعر وأيضا فيلسوف. قليل الكلام، يعزف يوميا على الكمان، ويعمل على الدوام في التصوير والكتابة، وأيضا في تصميم الأثاث. يصفونه بأنه فنان الأضداد، ويرى أن الفن ينبغي أن يتحرر من التاريخ والتقاليد. بدأت لوحاته تتصدر المعارض من أن بلغ من العمر 16 سنة. ولما كان والداه موسيقيين: أمه مغنية كلاسيكية ماهرة، ووالده مدرسا للموسيقي وعازف بيانو وكمان. ولقد شجعه والداه على الموسيقى. ابتدأ العزف منذ أن كان عمره سبع سنوات، فيما كان يكتب الشعر ويعزف على الكمان.

بدأ الرسم مبكرا، إذ كان يرسم مدرسيه كاريكاتيريا وهو بالمدرسة الابتدائية، وما زلت رسوماته موجودة حتى الآن وتساوي ثروة كبيرة وهي تعكس كيف تطور فنه. تعرف على عازفة بيانو من أسرة محترمة وأحبا بعضهما ولكنهما لم يتزوجا إلاّ بعد خمس سنوات، يوم 15/9/1906.

سنة 1900 التحق بأكاديمية ميونخ، وتركها بعد أشهر قليلة فهو لم يغير من طريقة حياته المستهترة. تنقل ما بين إيطاليا وسويسرا وألمانيا. سنة 1903 بدأ سلسلة من أعمال الحفر فأنتج اختراعات لكائنات غريبة وخيالية ومنحها أسماء خيالية أيضا، مثل (البطل المجنح) على سبيل المثال، واستمر في هذا العمل لمدة 8 سنوات. يومياته التي كتبها ما بين 1898 حتى 1918 توضح الكثير عن أفكاره وقناعاته الشخصية. بدأ سنة 1905 بالرسم على الزجاج. وقال: لست هنا من أجل أن أظهر السطح، أنا أظهر أبعد أعماق القلب.

عرض سنة 1910 عدد 56 عملا في ثلاثة معارض لم يبع سوى لوحتين وغلق معارضه الثلاثة بسبب نفور زوار المعرض الثالث. ولكن تلك المناسبة تعرف على فنانين أسسوا جماعة فنية في ميونخ أطلقت على نفسها «جماعة الفرسان الزرق».ولعل لوحته «حامل زهور ووعاء ودلو ماء للري» التي رسمها 1910 هي التي جعلته ضمن مجموعة هؤلاء الفرسان الزرق.

وكانت نقلة مهمة هي سفرته إلى تونس سنة 1914 مع اثنين من أصدقائه، إذ قال وهو في تونس «الألوان تتملكني، لست مضطرا لملاحقتها. وستتملكني دائما. أنا أعلم هذا. ذلك هو مغزى اللحظة السعيدة: أنا واللون واحد، لقد أصبحت مصورا». ما رآه في تونس صار ملهما له. في تونس رسم لوحة «فكرة عامة من الحمامات» والدارس لفنه سينتبه إلى تطور ألوانه من لوحة «روبرت وسونيا ديلوني» التي سموها أشكال دائرية، وهما من تعرف عليهم سنة 1912 في باريس والمهتم ستتضح له كيف وظف الوان تلك اللوحة عندما ألهمته تونس ورسم لوحة «فكرة عامة عن الحمامات». ما بين عامي 1914 و1915 انتج 475 لوحة متجاهلا الحرب العالمية الأولى، وموت احد رفيقيه ممن كانوا معه في تونس.

سنة 1917 نالت أعماله إعجاب الجمهور وأصبح رساما معروفا وناجحا، وكان قد بلغ من العمر 38 عاما. استدعي من قبل الحكومة الألمانية للالتحاق بالجيش، ورسم لوحة «أسطورة زهرة» سنة 1918 بإحياء من عمله في القاعدة الجوية. والمعروف أنه وظف بعض ما يعرفه من الشعر، خصوصا الذي تهديه له زوجته ليلي بما في ذلك شعرا صينيا، في لوحاته كلوحة «براعم هونجشو شن» ولوحة «انبثق من عتمة الفجر». سنة 1920 عمل مدرسا في مدرسة فنية، اسمها «الباوهاس» كانت فكرتها أن التصميم الفني قد يساهم عن طريق الإنتاج في خلق عالم أفضل، وخلال عمله كتب إرثا عن الفن، هو ما وثقه ما بين سنة 1925 و1931 وبلغ حوالي 3000 صفحة مليئة بالرسومات والإرشادات. وسنة 1922 رسم لوحته «ماكينة التغريد». قال رسامنا «الفنان إنسان، هو في ذاته الطبيعة، وهو جزء منها..».

سنة 1928 ذهب إلى مصر وقال عنه ابنه فيليكس كيلي: «عمله خلال رحلته إلى مصر كان قليلا، وربما لم يعمل مطلقا ولكنه كان يختزن انطباعاته. وتعد لوحة "الطريق العام والطرق الفرعية" من أفضل أعماله 1929. وبعدها في سنة 1930 رسم لوحة إيقاعي، وفي سنة 1933 رسم لوحة «مشطوب من القائمة»، وسنة 1940 رسم لوحة «الموت والنار» وجميعها من أعماله المتميزة.

ومن بعد وصول النازيون إلى السلطة في ألمانيا، وعدم رضوخه لتنفيذ قناعاتهم، اقتحموا شقته سنة 1933، بينما كان بعيدا عنها، وبسبب ذلك رحل إلى سويسرا، وصادر النازيون لوحاته، وأحس وكأنه منفي بعيدا عن عمله وأصدقائه، على الرغم من أنه قريب من عائلته التي كانت تعيش هناك. ومنذ سنة 1935 عمل بشكل محموم، وأصيب بمرض الحصبة، ثم بمرض خطير ونادر، إلى أن توفي يوم 29 يونيو 1940 ثم حرقت رفاته، ودفن رماده بعد ست سنوات في مقبرة برن بجواز زوجته.

والمعروف أنه باستثناء (الباوهاوس) لم ينتم إلى إيه حركة فنية مثل التكعيبية أو السريالية، إلاّ أن أعماله كان لها تأثير عن هاتين المدرستين.

 

 

 

الفنان كلي وزوجته ليلى وفن طول حياته
الفنان كلي وزوجته ليلى وفن طول حياته
تأثيرات شرقية
تأثيرات شرقية
ايقاعي
ايقاعي
حب وارتباط وفن بتواصل العمل
حب وارتباط وفن بتواصل العمل
سحر السمك
سحر السمك
سينكو
سينكو
من ايحات رحلة تونس
من ايحات رحلة تونس
ألوان وظلال
ألوان وظلال
القيروان
القيروان
ملء العيون
ملء العيون
القيروان
القيروان
استنساخ
استنساخ
سباق
سباق
ظلال من الوان
ظلال من الوان
طفل في كرسيه العالى
طفل في كرسيه العالى
عن حمامات تونس
عن حمامات تونس
عيون
عيون
لوحة الموت والنار نفذها قبل رحيله بقلبل
لوحة الموت والنار نفذها قبل رحيله بقلبل
ماكينة التغريد
ماكينة التغريد
وعاء ومزهرية ودلو ماء
وعاء ومزهرية ودلو ماء
رسم لوالده
رسم لوالده
ممثل كإمراة
ممثل كإمراة
كاريكاتير مبكر
كاريكاتير مبكر
تشكيل
تشكيل
إسطورة زهرة
إسطورة زهرة
الخطوة
الخطوة
الشرق
الشرق
الفن في الشارع
الفن في الشارع
انبثاق ذات عتمة
انبثاق ذات عتمة

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
في الذكرى الـ 90 لرحيله.. محمود مختار «أيقونة» فن النحت المصري
في الذكرى الـ 90 لرحيله.. محمود مختار «أيقونة» فن النحت المصري
«أسوان الدولي لأفلام المرأة» يكرم أستاذة المونتاج منى الصبان
«أسوان الدولي لأفلام المرأة» يكرم أستاذة المونتاج منى الصبان
«بريتش ميوزيم» يعيّن مديراً جديداً بعد أشهر من فضيحة السرقة
«بريتش ميوزيم» يعيّن مديراً جديداً بعد أشهر من فضيحة السرقة
الكاتبة المصرية أمل الجندي: القصة بوابة الدخول إلى النفس البشرية الطامحة إلى الكمال
الكاتبة المصرية أمل الجندي: القصة بوابة الدخول إلى النفس البشرية ...
بيونسيه تعيد موسيقيات الكانتري السوداوات لدائرة الضوء
بيونسيه تعيد موسيقيات الكانتري السوداوات لدائرة الضوء
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم