Atwasat

الفنان التشكيلي بابلو بيكاسو

القاهرة - بوابة الوسط: محمد عقيلة العمامي الثلاثاء 01 ديسمبر 2020, 11:43 صباحا
WTV_Frequency

الفنان بابلو بيكاسو

قال بيكاسو: «عندما كنت طفلا، قالت لي أمي: إن أصبحت جنديا فستكون جنرالا. وإن أصبحت راهبا فسوف ينتهي بك الأمر لتكون البابا. وبدلا من ذلك أصبحت مصورا فصرت بيكاسو». ولا يخفى عليكم إعجابي بما يثيره هذا القول من حجم الثقة والاعتداد بالنفس. وهذا هو الفنان بابلو بيكاسو، الذي يعد الآن الرسام الأكثر شهرة في القرن العشرين، لم يتردد عندما أنتج بشجاعة أساليب واتجاهات لم يعتدها الناس، أثرت بشكل مباشر في العديد من الرسامين. وبالإضافة إلى الرسم مارس النحت وأعمال الخزف. والده الرسام «دون خوسيه رويز بلاسكو» وزوجته ماريا بيكاسو. قيل إنه كان يقلده ويريد أن يرسم منذ نعومة طفولته المبكرة. ولما لاحظ والده، الذي كان تقليديا في رسمه، موهبة ابنه اعتنى به وبدأ في تعليمه.

سجل بيكاسو أول لوحة باسمه وعنوانها «المصارع الإسباني» وعمره سبع سنوات! وبانتقال الأسرة إلى شمال إسبانيا أصبح بيكاسو، وعمره خمس عشرة سنة مكتمل التكوين، فعهد إليه والده بإتمام لوحاته، وهي في الغالب مقتصرة على رسومات الطيور. ولما عادت أسرته إلى برشلونة، حيث أصبح والده أستاذا للرسم في أكاديمية الفنون الجميلة، التي عرفت باسم «لالونخا» التحق بها بيكاسو، فانبهر به أساتذته.

يقول بيكاسو عن تلك المرحلة: «لم يكن مقدرا لرسوماتي أن تعرض ضمن لوحات الأطفال، فلقد افتقرت إلى الغموض في عالم الطفل وسذاجته. لقد قمت بلوحات أكاديمية، وأنا في سن السابعة، وأرهبتني دقتها».

سنة 1898 سافر إلى صديقه «مانويل باياريس» في قرية تسمى «أورتا دي سان خوان»، وقال فيما بعد عن تلك التجربة: «إن كل ما عرفه تعلمه في تلك القرية».قد تكون سفريته إلى باريس سنة 1900 مع صديقه الرسام «كارلوس كاجيماس»، الذي انتهت حياته بمأساة، إذ إن انتحاره أثر في بيكاسو لنحو أربع سنوات، يقول النقاد إنها الفترة التي غلب عليها اللون الأزرق، لأنه سيطر على أعماله، لعل لوحة «العجوز مع الطفل» من أشهرها. ولكن ما أن تعرف على الفنانة الفرنسية« فرناند  أوليفييه »، حتى أبل من حزنه ودخل في مرحلة  بهيجة وهي التي سماها النقاد المرحلة الوردية، وابتداها بلوحته «الصبي والغليون».

في يوليو 1901 أقام أول معرض فردي للوحاته، وعلى الرغم من أنه لم يلق نجاحا ساحقا، فإن النقاد وصفوه بأنه «القادم الجديد المتألق». ومن ذلك التاريخ ولأربع سنوات سافر بيكاسو ثماني مرات إلى باريس. ولكن التأثير الحقيقي على بيكاسو جاء من الحركة الفنية التي تعرف «الكتالانية القوطية»، نسبة إلى إقليم كاتالونيا التي لها لغتها الخاصة وثقافتها المستقلة عن بقية إسبانيا، وتلك الحركة الفنية تزعمها المعماري «أنطوني جاودي»، الذي تعد أعماله بداية الحركة السريالية، وهي التي جربها بيكاسو فيما بعد.

وفي باريس استفاد من تجوله بين المعارض والمتاحف، واستفاد من رواد تلك الحقبة. سنة 1906 اهتم به جامعو اللوحات الأميركيون، لعل أشهرهم «جرترود» و«ليو شتاين» الذي صور له بورتريها يعد بداية التغير الدرامي في فن بيكاسو، إذ أنهى اللوحة بتلوين الوجه باللون الأبيض مبدلا الإيحاء الطبيعي بشيء أكثر تسطيحا، فصار الوجه كقناع.

وفي سنة 1907 قدم عمله الجديد «آنسات افينيون» فصعق أصدقاؤه من النقلة التي غير بها جسد الأنثى الكلاسيكي المتعارف عليه برسمه قبيحا، بعيدا عن الجمال، مليئا بالزوايا الحادة، ولم يعجب به سوى جامع اللوحات الألماني الصغير «دانييل هنري كانفيلير»، الذي استمرت صداقته ببيكاسو حتى نهاية العمر. ومن تلك اللوحة التي كرهها، في الوهلة الأولى الفنان «جورج براك» بدأ في تجريب تقنيات مماثلة، هي التي آذنت ببدء الأسلوب التكعيبي، إذ ركز بيكاسو على الشكل متضمنا اللون . فصور مواضيعه بأشكال هندسية أسطوانية ومخروطية ومن عدة زوايا، مستخدما مصدرا واحدا للضوء وأصبح بالإمكان إظهار الشكل من الجانب ومن الأمام في آن واحد.

ويعد النقد الفني الذي كتبه «لويس فوكسيل» عن عمل براك الذي قال فيه: «إنه يلخص كل شيء: العناصر والأماكن والبيوت إلى أشكال هندسية بسيطة، لتصبح مثل المكعبات» هو الذي أدى إلى استخدام مصطلح التكعيبية. وبسبب ذلك أصبح بيكاسو وبراك، صديقين حميمين يعملا معا، وقد وصف «براك» علاقتهما: «إنهما مثل اثنين من متسلقي الجبال، كل منهما مربوط بالآخر بواسطة حبل».

سنة 1917 وقع في غرام راقصة الباليه الروسية «أولجا كولخوفا»، ورسمها بلوحة مشهورة بعيدة عن التكعيبية ومن دون خلفية حتى يكون التركيز عليها، وتزوجها سنة 1918 وأنجبت له ولدا، ولعل لوحة «الأم والطفل» التي صورها بأسلوب «الكلاسيكية الجديدة» تعكس مدى اهتمامه بطفله والأمومة. وظل مثلما قال: «يرسم ويقول ما يريده بالأسلوب الذي يحس أنه يجب أن يقال به». وانفصل عن «أولجا» سنة 1935 منطلقا بعدها من عالم «المثقف المميز» نحو أسلوب عدواني، وهي ما سمي بالمرحلة الوحشية، وقد تجلت برسوماته في تلك الفترة بالعديد من الثيران ومصارعتها.

ويقال إن الحركة السريالية تؤمن بأن الفن يتعين أن يعبر عن العقل الباطن، مستكشفا الأحلام والذكريات الدفينة، ويقولون إن فن بيكاسو هو ما أثر في أفكارهم، وهو القائل إن الموضوعات اليومية والمناظر من الممكن أن تأخذ عمقا أعمق من اللاوعي.

ومن لوحته «فتاة الخرشوف» بدأ تكوينه للإنسان بشكل مضطرب، وجراء القصف الألماني للمدينة الباسية «جويرنيكا» رسم لوحته الشهيرة التي أعطاها الاسم نفسه سنة 1937، وهي التي سأله ألماني عنها بقوله: «هل فعلت ذلك؟» فأجابه: «لا أنتم الذين فعلتم ذلك»، وألحقها بلوحة «المرأة الباكية»، وأثناء الحرب عكست لوحاته ما يحسه من وحشية تمثلت في جماجم حيوانات وسكاكين ونيران مشتعلة. ويقال إنه أثناء معركة باريس والاقتتال دائر قريبا من مرسمه كان يغني بأعلى صوته ويرسم ليعلو عن ضجيج الشارع.

سنة 1945 رسم لوحة طبيعة صامتة من إبريق وشمعة وإناء عاكس من خلال الألوان متاعب الحرب. وكان قد قابل الفرنسية «فرانسواز» سنة 1943 وأحبها وأنجب منها ولدين. وقال عندما بلغ عمر 66 عاما: «لا أزال أنجب الأطفال في سنى هذه! يا له من سخف...». وسنة 1951 احتفل بعيد ميلاده السبعين، مستمرا في نشاطه اليومي كالسباحة مع أطفاله وتعليمهم الرسم. واستمر يعمل ويبدع وينتج، مصورا، ونحاتا، ومنتجا لأعمال خزفية ومصورا فوتوغرافيا. وسنة 1960 رسم لوحته «تناول الغداء على الحشائش» مستلهما فكرتها من مانيه. واستمر مبدعا ومنتجا، وهو القائل: «لا تؤجل شيئا للغد، إلا إن كنت ترضى أن تموت قبل أن تنجزه».

وسنة 1972 رسم «بورتريها شخصيا» مبرزا فيه تجاعيد السن الكبيرة. ولعل من أعجب أقواله عندما سأل: «هل تتوقع مني أن أقول لك: ما هو الفن؟ لو كنت أعرف لاحتفظت بهذه المعرفة لنفسي»، وهو القائل: «إن العمل الفني يجب أن ينتج ردا قويا عند المتلقي، يدفعه لأن يبدع، حتى ولو بخياله فقط. ويجب أن يخرج من أعماقه ويهزه، وأن يجعله واعيا بالعالم الذي يعيش فيه، ولذلك عليه أن يهزه ويخرجه منه أولا». وهذا ما فعله بيكاسو العجيب!

الأم والطفل وبداية المرحلة الزرقاء
الأم والطفل وبداية المرحلة الزرقاء
لوحات المرحلة الزرقاء
لوحات المرحلة الزرقاء
بؤس المرحلة الزرقاء
بؤس المرحلة الزرقاء
الطفل والحمامة من المرحلة الزرقا
الطفل والحمامة من المرحلة الزرقا
زوجان فقيران
زوجان فقيران
بورتريه لبيكاسو في اواخر عمر
بورتريه لبيكاسو في اواخر عمر
لؤس الحياة من المرحلة الزرقاء
لؤس الحياة من المرحلة الزرقاء
الطفل والكلب من المرحلة الزرقاء
الطفل والكلب من المرحلة الزرقاء
بؤس الحياة نهايات المرحلة الزرقاءؤ
بؤس الحياة نهايات المرحلة الزرقاءؤ
زوجته اولجا رسمها بدون خلفية للتركيز على الوجه
زوجته اولجا رسمها بدون خلفية للتركيز على الوجه
الصبي والغليويم بداية المرحلة الوردية
الصبي والغليويم بداية المرحلة الوردية
وجهه الملهمة
وجهه الملهمة
لوحة بلغ سعرها 113 مليون دولار
لوحة بلغ سعرها 113 مليون دولار
امرأة تبكي
امرأة تبكي
العشاق
العشاق
بدايات الابداع
بدايات الابداع
وجهان
وجهان
بورتريه كان مسروقا
بورتريه كان مسروقا
اول لوحات المرحلة الزرقاء
اول لوحات المرحلة الزرقاء
ملهمة بيكاسو
ملهمة بيكاسو
وجه
وجه
البائسة المنحنية
البائسة المنحنية
بؤسالحياة المرحلة الزرقاء
بؤسالحياة المرحلة الزرقاء
البؤس
البؤس
من لوحات المرحلة الزرقاء
من لوحات المرحلة الزرقاء
امومة اثناء علاقته بزوجته الاولي
امومة اثناء علاقته بزوجته الاولي
وجه لوجه
وجه لوجه
الفنان التشكيلي بابلو بيكاسو
الفنان التشكيلي بابلو بيكاسو

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
فنانون أيرلنديون يطالبون بمقاطعة «يوروفيجن»
فنانون أيرلنديون يطالبون بمقاطعة «يوروفيجن»
لأول مرة.. ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب في 2024
لأول مرة.. ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب في 2024
ذكرى الوحدة الوطنية تحت مجهر القبة الفلكية
ذكرى الوحدة الوطنية تحت مجهر القبة الفلكية
أولمبياد باريس: متحف اللوفر يقدم جلسات رياضية أولمبية
أولمبياد باريس: متحف اللوفر يقدم جلسات رياضية أولمبية
باكورة إصدارات «غسوف»: رواية ورياضة وتراث
باكورة إصدارات «غسوف»: رواية ورياضة وتراث
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم