Atwasat

«صاعود النخلة».. مهنة تراثية عراقية تواجه خطر الاندثار

القاهرة - بوابة الوسط الأربعاء 04 نوفمبر 2020, 10:16 صباحا
WTV_Frequency

في قرية جليحة بشرق الديوانية في جنوب العراق، يمسك عباس عبود بالتبلية وهي أداة لتسلق النخيل ويلفها حول جذع النخلة، متسلقًا الشجرة ومتنقلًا من سعفة إلى أخرى مع بدء موسم حصاد التمر وقطع أعذاق النخل.

وورث عباس (48 عامًا) مهنة قطع النخيل أو «صاعود النخيل» كما تسمى محليًّا، عن أبيه وجده، كما يروي لوكالة «فرانس برس»، وهو متمسك بها رغم الصعوبات.

تشكل مهنة «صاعود النخيل» جزءًا من التراث العراقي، وتشتهر بأدائها عائلات، لا سيما في الجنوب العراقي المعروف بنخيله الممتد من البصرة إلى بغداد. وتعلم عباس من والده المهنة التي تبدأ بصناعة «التبلية» ثمّ تسلق النخلة.

ويروي: «نبقى قرابة عشرة أيام في البستان الواحد في بعض الأحيان، وأحيانًا أكثر في حال كانت أعداد النخيل في البستان كثيرة». يلف عباس التبلية ويحضنها ليتسلقها بسلاسة، ماسكًا بيده سكين قطع أعذاق التمر التي ترمى على الأرض.

عندما تطال الأعذاق الأرض يجمع أبناؤه وبعض أفراد عائلة صاحب البستان، التمر في مكان واحد ليصار بعدها إلى وزنه ووضعه في أكياس لتجهيزه للبيع.

يروي هبان كريز (69 عامًا) وهو مزارع وصاحب بستان نخيل في الديوانية، طقوس قطع أعذاق النخيل.

ويقول كريز: «كبرت ولدينا في العائلة بساتين كثيرة. نجتمع نحن والأقارب أثناء قطع أعذاق النخل وعلى حصاد التمر، وهذه واحدة من الطقوس العائلية التي أذكرها منذ الصغر».

تناقص أعداد النخيل
رغم عراقتها، تواجه هذه المهنة صعوبات في الوقت الحاضر، منها تراجع أعداد النخيل.

ونتيجة الحروب والوضع الاقتصادي المتدهور والإهمال الحكومي، انخفضت أعداد أشجار النخيل بشكل كبير، إذ فيما كان يحتوي العراق على 30 مليون نخلة حتى الثمانينات، يبلغ عدد هذه الأشجار حاليًا النصف، كما يوضح رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية في الديوانية محمد كشاش.

فضلاً عن ذلك، فإن مردودها قليل ومحصور بمواسم معينة، فموسم قطع أعذاق النخل لا يستمر أكثر من ثلاثة أشهر (من أكتوبر حتى ديسمبر)، ولا يتجاوز أجر تسلق وقطع أعذاق النخلة الواحدة أكثر من ألفي دينار عراقي (أي اقل من دولار ونصف دولار).

عمومًا، لا تحظى زراعة النخيل بدعم الدولة «ما تسبب بانخفاض كبير بالإنتاج والتسويق المحلي لمحصول التمور»، وفق كشاش الذي يطالب الدولة «باستلام محاصيل التمور من المزارعين ودعمها».

وإبان نظام حزب البعث السابق، «كانت تشتري الدولة التمور من المزارعين وتقوم بتعليبه وتحويله بأسعار مدعومة»، بحسب كشاش.

ويصل سعر الطن الواحد من التمور التي تزرع في الديوانية، وهي من بين الأقل ثمنًا في العالم، إلى نحو 270 دولارًا، بحسب كريز، في حين أن سعر طن التمور الآتية من مناطق أخرى يصل إلى 3500 دولار في الأسواق العالمية.

ويلفت كشاش من جهته إلى أن «التمور العراقية تصدر إلى دول الجوار بأسعار زهيدة جدًّا ومن ثم تعاد بعد تعليبها وتستورد من تلك الدول إلى العراق مرة أخرى وبأسعار باهظة وبالعملة الصعبة».

ويرى أن الحل يكمن في إطلاق مبادرة وطنية يتبناها مجلس الوزراء لتأهيل النخيل وزراعته والاهتمام ببساتين النخيل التي تعد رمزًا للبلاد، وبـ«إنشاء معامل للصناعات التحويلية للتمور وفتح القديمة منها لا سيما معمل تعليب كربلاء الذي كان يصدر إلى كل دول العالم».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
جائزة «غونكور» في بلاد أورهان باموك تعكس استمرارية الفرنكوفونية في تركيا
جائزة «غونكور» في بلاد أورهان باموك تعكس استمرارية الفرنكوفونية ...
عميل سابق في الموساد كتب رواية مطابقة لهجوم حماس على إسرائيل قبل سنوات قلِق على المستقبل
عميل سابق في الموساد كتب رواية مطابقة لهجوم حماس على إسرائيل قبل ...
وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما
وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما
إطلاق طوابع بريدية خاصة بالمواقع التاريخية الليبية في قائمة «إيسيسكو»
إطلاق طوابع بريدية خاصة بالمواقع التاريخية الليبية في قائمة ...
كتاب وأدباء ومثقفون: هكذا تأثرنا بحرب الإبادة الجماعية في غزة
كتاب وأدباء ومثقفون: هكذا تأثرنا بحرب الإبادة الجماعية في غزة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم