في مثل هذا اليوم منذ 13 سنة رحلت عنا الشاعرة فاطمة عثمان بن الحاج، من بعد أن سجلت اسمها في قائمة شعراء الوطن بقصيدة وثقت، بها كشاهدة عيان، مشهدا مؤلما في تاريخ ليبيا؛ سميت القصيدة باليتيمة، لأنها لم تقل غيرها، ولكنها أصبحت كحية موسى، ابتلعت كل ما كتب من قصائد عن تلك الحقبة، فوثقت مرحلة صمود، ومقاومة وإجلاء أهالي هون.
الشابة فاطمة عثمان رأت من كوة صغيرة في بيتها، يوم 18 /11/ 1928 كيف علق المستعمر الإيطالي، من بعد محكمة صورية تسعة عشر رجلا من مدينتها على المشانق. تقول ابنتها إن أمها التي ظلت بذاكرة متقدة حتى رحيلها قالت لها: «هي قصيدة يتيمة لم أقرض قبلها ولا بعدها شعرا، فقد شعرت كأنّ أحدا (حطها في رأسي)!».
ومن ذلك التاريخ، وفي كل عام تحتفل مدينة هون بذكرى أولئك الشهداء ويترنم رجالها ونساؤها وشبابها وأطفالها بأبيات فاطمة عثمان: (خرابين يا وطن مافيك والي… وذيلك جوالي… والبعض في المشنقة والقتالي). لتتذكر الأجيال مرارة وقهر إزهاق الأرواح وإجلاء الأحياء من موطنهم. وظلت القصيدة تأريخا حقيقيا ليوم الشنق ثم مأساة إجلاء الهوانه، من ديارهم، إلى مصراته والخمس.
توارث الأحفاد القصيدة اليتيمة كوثيقة، جسدت حروفها صورة المشهد الحزين: وباتوا مدالى… مثل العراجين في راس عالي ومرارة التهجير القصري (الجلَوة): خرابين يا وطن... ما فيك حد… غير اللمد. وعادت الشاعرة للوطن الذي اقتلعت منه وعاشت تحت نخيله لأكثر من قرن. وفي كل عام عندما تحل المناسبة، ترتفع الابتهالات تترحم على الشهداء، ويترنم الناس بأبيات «القصيدة اليتيمة».
وفي يوم 6/7/ 2007، رحلت عنا شاعرتنا ووسدت ثرى هون في اليوم نفسه.
تعليقات