ألقى المهندس أحمد علي بن سعيد، محاضرة، السبت، بدار الفقيه حسن، تناول خلالها تاريخ الحركة المرورية بالمدينة القديمة بطرابلس من سنة 1969 إلى 2019.
وشرح في عرض مصور تطور وسائل الركوبة من طقسها البدائي المتواضع في صورة العربة والحصان، حتى غزو السيارة لميدان الحركة، وأكدت أن بدايات المؤسسة المرورية صاحبها تتبع وسائل الأمان التي لم تستثن حتى الحيوانات المستخدمة في النقل، بوجوب التأكد من الشهادة الصحية للحيوان وعلامة مسجلة ورقم تسجيل «للكاراتون والشريول».
وتوقف المحاضر، الذي يرأس فريقا بحثيا لإعداد الاستراتيجية الليبية للسلامة على الطرقات، عند أهم مفارقات التحول بين وسائل النقل زمن الستينات والسبعينات وصولا إلى الوقت الحالي بالمدينة القديمة وأطرافها، ففي حين شهد زمن ما بعد بدايات الاستقلال بساطة وسائل المواصلات إلا أن النظام والالتزام بقواعد السلامة المرورية كانت متحققة الشروط.
طالع: سبيطة يحاضر عن الكعبازي في طرابلس
وأشار بن سعيد أن اللافت للانتباه توافر وسائل النقل العام بين المدن آنذاك، فيما انعدم وجودها الآن، إضافة إلى التقيد بزي معين لدى سائقي سيارات الأجرة (التاكسي) مع الدلالة اللونية للركوبة (الأبيض والأسود)، والوقوف في محطات محددة مخصصة لذلك. وهو مظهر لم نعد نراه أيضا ويظل السؤال لماذا يغيب كل ذلك؟
وأضاف في سياق حديثه عن خصوصية المنظر العام للمدن، القصور الملحوظ في نظام بستنة الطرقات، سواء داخل شوارع المدن أو بين منطقة وأخرى، وهو يعكس غياب التعاون بين المؤسسات المعنية كوزارتي الزراعة والمواصلات مثلا.
وتوقف المحاضر في ربطه بين ركوب السيارة وأثرها السلبي على رياضة المشي، وهي ترجع لأسس ثقافة عامة تنطلق أبجدياتها من نظافة الحي والشارع والمحافظة عليها وهي ذات صلة بوسائل النقل، إذ مع تزايد التلوث وانتشار القمامة، ينفر الناس في المقابل من التمشي في الشوارع ويفضلون ركوب سياراتهم، مع العلم أنهم المساهمون الرئيس في هذا التلوث، كما أنه يعكس تناقضا في السلوك بين حرصهم على نظافة بيوتهم وإهمالهم لنظافة مدنهم.
وقدم المحاضر تسلسلا رقميا لأعداد الوفيات والإصابات الناتجة من الحوادث المرورية مع نهاية الستينات، والتي بلغت فيها نسبة الوفيات حوالي 500 حالة، ثم ارتفاع النسبة في السنوات اللاحقة إلى 1000 مواطن ليرتفع الرقم إلى 2000 وصولا إلى 3606 حالات وفاة سنة 2013. وأوضح على سبيل المقارنة أنه في ليبيا كل 10 آلاف مركبة يقابلها وفاة 16شخصا، وفي العالم يقابلها وفاة شخص واحد.
ونبه بن سعيد الكتاب والمثقفين ونشطاء المجتمع المدني بناء على المؤشرات السابقة بالدور المنوط بهم بضرورة وجودهم ضمن دائرة التفاعل المجتمعي خصوصا فيما يتعلق بالتنبيه لقواعد السلوك والآداب العامة والمساعدة في الرفع من الإحساس بالمسؤولية الجمعية لدى المواطن كحرصه مثلا على سلامة الآخرين اثناء القيادة، والبقاء عند المسافة القانونية بين سيارة واخرى مع لزوم وضع حزام الأمان، وتوخي الحذر أثناء المرور في الشوارع والأزقة وعدم التهور في زيادة السرعة.
تعليقات