في مثل هذا اليوم، منذ 61 عامًا، رحل أول عميد لبلدية بنغازي من بعد استقلال ليبيا. إنه المجاهد والسياسي المحنك يوسف خليفة لنقي، الذي وُلد سنة 1883.
والثابت أن يوسف لنقي لم يتقاضَ مرتبًا طوال فترة عمله، بل وبحسب ما سمعت من سكرتير البلدية الذي عاصره، الأستاذ يوسف العالم فإن طلبات السلفة التي ترفع إليه من العاملين البسطاء في البلدية كانت قيمها في الغالب جنيهات باعتبار أن مرتب الموظف لم يكن يتجاوز العشرة جنيهات، والسلفيات على المرتب كانت في حدود ثلاثة جنيهات وهو مبلغ ليس بالقليل للبسطاء في ذلك الوقت، كان يصرفها مباشرة من درج مكتبه ومن حر ماله.
جهاده ضد الطليان بدأ منذ وصول بوارجهم إلى شاطئ جليانة في أكتوبر 1911 فشارك في المقاومة، وأنفق على العسكريين المتطوعين المصريين والأتراك الذين تطوعوا لتدريب المجاهدين قبل وبعد ما تخلت تركيا عن ليبيا. ثم ارتبط بعلاقة وثيقة مع المجاهد عمر المختار منذ سنة 1917، وكان يتردد عليه عندما كان مقيمًا في شارع الشويخات. وبسبب نشاطه المعادي للمستعمر نفته إيطاليا سنة 1924 إلى جزيرة فانفانيا الإيطالية، وتذكر مصادر أخرى أنها جزيرة أوستيكا، ولم يعد منها إلاّ بعد سنتين.
ولما انهزمت دول المحور في الحرب العالمية الثانية، ومن بينها إيطاليا، استقبل المجاهد يوسف لنقي الأمير إدريس السنوسي عند قدومه إلى بنغازي العام 1944 وأحسن ضيافته وإقامته، وكان عضوًا في أول مجلس إدارة لجمعية عمر المختار.
وعندما انعقد المؤتمر الوطني البرقاوي، واُفتتحت جلساته في 10-1-1948م، كان يوسف لنقي من بين أبرز أعضائه البارزين. وهو الذي ضمن من أُنفق على بعثة وفد برقة إلى هيئة الأمم المتحدة سنة 1948، ثم وفد بعثة استقلال ليبيا سنة 1950، وسددهما لأصحاب القرض. ولما تولى عمادة البلدية ورئاسة أول مجلس لها كانت مواقفه بارزة في إعادة إعمار مدينة بنغازي التي دُمِّرت تمامًا بعد الحرب العالمية الثانية.
وُسِّد يوسف خليفة لنقي ثرى مقبرة سيدي اعبيد يوم 3 نوفمبر 1958.
أما مواقفه الإنسانية وحنكته وحسن تدبيره فهي كثيرة، موثقة، ولعل الروابط التالية تبرز بعضًا منها: رابط أول، رابط ثاني، رابط ثالث.
تعليقات