Atwasat

فنانة كاريكاتور سورية ترسم معاناة سكان إدلب

القاهرة - بوابة الوسط الإثنين 05 أغسطس 2019, 12:56 مساء
WTV_Frequency

تخطّ أماني العلي بقلم ضوئي رسمًا كاريكاتوريًا على لوح رقمي تظهر من خلاله مشقات الحياة اليومية في محافظة إدلب في سورية، التي تعدّ واحدة من آخر المناطق الخارجة عن سيطرة قوات النظام.

وتقول أماني (30 عامًا) «هدفي أن أسلّط الضوء على قضية معينة تزعج أهالي المناطق المحررة،أحاول أن أقف في صفهم وأن يعبر الرسم عما يشغلهم لأنقل ما يشعرون به ولا يتمكنون من قوله»، وفقًا لوكالة «فرانس برس». 

وتسيطر هيئة تحرير الشام «جبهة النصرة سابقًا» على محافظة إدلب التي تؤوي ثلاثة ملايين نسمة، كما تتواجد فيها فصائل إسلامية ومعارضة أقل نفوذًا، وتعرّضت المنطقة منذ نهاية أبريل لتصعيد عسكري من قبل قوات النظام وحليفتها روسيا، إلا أن دمشق أعلنت موافقتها على هدنة دخلت حيز التنفيذ منتصف ليل الخميس، وغابت بموجبها الطائرات الحربية، وتتعرض الهدنة لخروقات جراء تبادل القصف بين قوات النظام والفصائل. 

وتسعى أماني من خلال رسوماتها إلى تحدّي القيود الاجتماعية للإضاءة على القضايا المعيشية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الفصائل، مع حرصها على توجيه انتقادات لاذعة للنظام الذي تعارضه وللمجتمع الدولي الذي تجده صامتاً أمام ما يحصل في منطقتها، على حد قولها.

في أحد رسوماتها بعنوان «العيد في إدلب»، تلقي طائرات حربية قذائف مغلفة بأوراق سكاكر، بدلاً من الحلويات التي عادة ما توزع خلال الأعياد، وفي رسم كاريكاتوري آخر، تتساقط القذائف الحمراء على إدلب فيما يبدو شخص يمثل المجتمع الدولي وهو يرمي شعار «الإعجاب» المعتمد على موقع «فيسبوك» إلى جانب طفل يحمل الراية البيضاء.

تعتمد أماني في رسوماتها على ثلاثة ألوان هي الأحمر والأسود والأبيض، وتعزو ذلك إلى أن «هذه هي الألوان الأساسية التي نعيش فيها، لا نرى سوى الدم والسواد والدمار».

وأسفر التصعيد العسكري في إدلب منذ نهاية أبريل عن مقتل أكثر من 790 مدنيًا، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان، رغم أن المنطقة مشمولة باتفاق روسي تركي يعود إلى سبتمبر الماضي، وهو ينصّ على إنشاء منطقة منزوعة السلاح تنسحب منها الفصائل الجهادية، إلا أنه لم يتم استكمال تنفيذه، واشترطت دمشق الخميس على الفصائل تنفيذ الاتفاق للموافقة على وقف إطلاق النار، وسخرت أماني من هذا الاتفاق في رسم هو عبارة عن بقعة دماء كُتب فوقها «اتفاق إدلبة».

أماني شغوفة بالرسم منذ صغرها، إلا أن التقاليد والقيود الاجتماعية في المجتمع المحافظ في إدلب وقفت عائقاً أمامها، وعند اندلاع النزاع في العام 2011، كانت قد أتمّت دراستها في معهد هندسة الكمبيوتر، وتعمل كمدرسة رسم في مدرسة خاصة لتبقى قريبة من الهواية الأعزّ على قلبها. 

وتقول أماني «أعتبر نفسي فتاة كسرت العادات والتقاليد كسرت الحاجز، واجهت أهلي واستطعت أن أفرض عليهم الحياة التي أريدها لنفسي»، ولا يتقبّل المجتمع المحافظ الذي تعيش فيه أماني بسهولة انخراط النساء في الحياة السياسية عبر الفن والكاريكاتور، إلا أنه بعد سيطرة الفصائل على إدلب في العام 2015، بدأت هذه الشابة حياة جديدة وتحولت إلى رسامة كاريكاتور، وباتت رسوماتها تعرض اليوم في معارض في هولندا وبريطانيا، وتقول أماني «أتمنى أن أوصل وإن كان جزءًا بسيطًا من معاناة المدنيين».

وعدا عن انتقاداتها الدائمة للنظام السوري، توجه أماني قلمها لتلاحق أخطاء الفصائل المسيطرة على إدلب، خصوصًا هيئة تحرير الشام، في أحد رسوماتها، يظهر رجل بلحية سوداء وعباءة سوداء وهو يضع حقنة في أذن شخص، بينما تخرج من أذنه الثانية عبارة «حرام.. حرام»، حسب «فرانس برس». 

وانتقدت أماني أيضًا كثرة الضرائب المفروضة على المواطنين في إدلب، فضلًا عن غلاء الأقساط المدرسية، ويظهر في أحد الرسومات رجل في قارب وعلى الجهة المقابلة منه شارة الدولار وهي تُغرق القارب من ثقلها، وأرفقت الرسم بعبارة «التعليم الجامعي في المناطق المحررة».

وتوضح أماني «لا أنتقد فصيلًا بعينه، أنتقد التصرف الذي قام به لأسلّط الضوء على الخطأ، نحارب منذ ثماني سنوات لنتخلص من عادات وأفعال النظام وبعض رواسب النظام لا تزال موجودة وعلينا التخلّص منها».
وتقول أماني «أسلّط الضوء على هذه القضايا وإن كان من الممكن أن تعرضني للخطر».

وحظيت أماني بفضل رسوماتها بالكثير من المعجبين لكن أيضًا الأعداء، وتقول «لم أتعرض لمضايقات، لكن تصلني رسائل تنبيه كثيرة، انتبهي لنفسك، لا تعرفين ماذا تفعلين، خففي قليلًا غدًا يعتقلونك»، إلا أنّ أكثر ما تسمعه هو «أنت فتاة ولا يجوز أن ترسمي بهذا الشكل»، وبعكس الداخل، حازت أماني بإعجاب كثيرين خارج البلاد، في دول لم تتمكن من زيارتها وإن كانت رسوماتها عرضت فيها، وتقول «خلال معرضي في بريطانيا، تفاجأ الكثير من الجامعيين البريطانيين بفتاة ترسم تحت حكم جبهة النصرة».

وصحيح أن إمكانية مشاركتها شخصيًا في معارض خارج البلاد ضئيلة، إلا أنها تأمل أن تتمكن من كسر الصورة النمطية الشائعة عن النساء في شمال غرب سورية، بأن «لا صوت لهنّ، ولا يخرجنّ من منازلهنّ ويرتدين فقط الأسود»، وتقول أماني «نحن لسنا كذلك، نعيش ونرسم ونمارس حياتنا الطبيعية».
 

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
نجاح المسلسل يعزز مبيعات سلسلة ألعاب «فولاوت»
نجاح المسلسل يعزز مبيعات سلسلة ألعاب «فولاوت»
إحياء الذكرى الخمسين لوفاة الأديب الفرنسي مارسيل بانيول
إحياء الذكرى الخمسين لوفاة الأديب الفرنسي مارسيل بانيول
شاهد: «الدراما الرمضانية.. تحدي التجديد، فهل من جديد؟»
شاهد: «الدراما الرمضانية.. تحدي التجديد، فهل من جديد؟»
تحضيرات مكثفة للدورة الثالثة لمعرض بنغازي الدولي للكتاب
تحضيرات مكثفة للدورة الثالثة لمعرض بنغازي الدولي للكتاب
بوشناف: الفن مرآة المجتمع
بوشناف: الفن مرآة المجتمع
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم