Atwasat

مهرجان «أفينيون» ينبش ذكريات الماضي الاستعماري الفرنسي

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 19 يوليو 2019, 09:41 صباحا
WTV_Frequency

تمزج مسرحيتان صادمتان تُعرضان في مهرجان «أوف أفينيون» الفرنسي، إحداهما من نوع السيرة الذاتية والثانية خيالية، بين السياسة والسرد القصصي العائلي لتجسيد محطات مأسوية رافقت الاستعمار الفرنسي في تونس والجزائر، مع تصوير التبعات الخطيرة لهذه الأحداث على العائلات المختلطة.

وتروي مسرحية «فاينل كات» التي تقدم في إطار فعاليات «أوف أفينيون» التي يُعرض في خلالها 1600 عمل مسرحي، قصة ميريام سادوي التي تتولى أيضًا دور البطولة. وهي كانت من عائلة سعداوي قبل أن تقرر عائلة والدتها وهي أسرة إيطالية غادرت تونس سنة 1958 إلى فرنسا، استئصال أي أثر لوالدها التونسي من حياتها، وفق «فرانس برس».

وفي المسرحية المطعمة بالفكاهة، تروي ميريم التي تؤدي أكثرية المشاهد بمفردها، قصة اكتشافها للمرة الأولى وجه هذا الأب عن طريق صور سالبة كانت تحتفظ بها والدتها.

ابنة المهاجر
وتؤكد هذه المخرجة المسرحية والممثلة البالغة 56 عامًا المقيمة في بلجيكا لوكالة «فرانس برس»، «الأمر بالنسبة لي بمثابة صورة مجازية عن الاستعمار الفرنسي. ثمة حالة إنكار كامل، مجموعة صور سالبة في الذاكرة الجماعية تنتظر الكشف عنها».

وتضيف «فور الكشف عنها سنتمكن من جمعها في ألبوم للصور وفتح صفحة جديدة».

وبعد سنوات عدة من العلاج النفسي، تشير ميريام إلى أنها تصالحت مع هذا الماضي القاسي.

وأتى قرار والديها الانتقال إلى فرنسا سنة 1961 بعيد معركة القاعدة البحرية في بنزرت الواقعة آنذاك تحت الاحتلال الفرنسي، عندما كانت الوالدة لا تزال حاملًا بها. غير أن العائلة عايشت في 17 أكتوبر من العام عينه في باريس القمع الدامي لتظاهرة سلمية بدعوة من جبهة التحرير الوطني الجزائرية ضد حظر تجوال فرضه قائد شرطة العاصمة الفرنسية موريس بابون.

وتوضح ميريام «وجد والداي نفسيهما في إطار كانت العنصرية خلاله في أوجها، وكان يُنظر إلى والدي حينها نظرة سلبية لمجرد أنه عربي».

وتروي ميريام كيف قررت والدتها بموجب قانون صدر سنة 1972، اختيار اسم فرنسي لها «كي لا تُحصر بخانة ابنة المهاجر». كما تتحدث عن الوالدة التي واجهت الإقصاء من عائلتها لأنها أحبت رجلًا عربيًا ما دفعها إلى طرده بنفسها من فرنسا.

وأول لقاء للمخرجة المسرحية مع عائلتها لناحية والدها في تونس حصل في سن الأربعين إثر وفاة والدتها. 

وحضر أقارب لها عرضًا لهذه المسرحية في العاصمة التونسية بتأثر بالغ.

وتتوقف ميريام عند أهمية قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فتح محفوظات حرب الجزائر، قائلة «في هذه المرحلة يعلو صوت أبناء وأحفاد المستعمَرين».

السياسة تنسف العائلات 
أما مسرحية «كي دو سين» للرومانية ألكسندرا باديا، فتروي قصة ثنائي آخر مكون من إيرين الفرنسية التي كانت تعيش في الجزائر خلال الاستعمار الفرنسي، ويونس الجزائري. وقد حطا رحالهما في باريس في عز حرب الجزائر قبل أن ينفصلا إثر مجزرة 17 أكتوبر 1961.

وتقول باديا «أكثر ما يصدم هو أن هذا الأمر حصل هنا في الشوارع التي نجتازها عند هذا الجسر»، في إشارة إلى جسر سان ميشال حيث وضع نصب تذكاري لتلك الحقبة.

وهذه المسرحية هي الجزء الثاني من ثلاثية عالج أول أجزائها مجزرة تياروا قرب دكار في حق جنود سنغاليين على يد الجيش الفرنسي سنة 1944.

وفي حبكة مسرحية مشوقة تأخذ المشاهد في رحلات متكررة عبر الزمن، تبحث الشابة نورا عن أصولها. وخلفها شاشة تعمل وتنطفئ على وقع المشاهد المختلفة، فيما جداها يعيشان تجاذبا بين الحب والكره.

وتوضح ألكسندرا باديا «لقد أخبرتني فتاة قصة جدها الجزائري الذي لم تسمع عنه قبلا. ما أثار اهتمامي هو الطريقة التي نسفت فيها السياسة الروابط الحميمة» في العائلات.

وتؤكد المخرجة المسرحية الرومانية أنه «من الضروري مواجهة هذه القصص عبر تسمية الأمور بأسمائها، وإلا فإنها ستولد كبتا مستمرًا وتنكّرًا وعنفًا».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
مسرح جمال الدين الميلادي يستقبل اليوم العالمي للمسرح بـ«على الخشبـة»
مسرح جمال الدين الميلادي يستقبل اليوم العالمي للمسرح بـ«على ...
سنغافورة تأمر سفارة إسرائيل بحذف منشور عن فلسطين استشهدت فيه بالقرآن (فيديو)
سنغافورة تأمر سفارة إسرائيل بحذف منشور عن فلسطين استشهدت فيه ...
مسرح «لا كولّين» الفرنسي يقدّم عملاً على خشبة «مونو» في بيروت
مسرح «لا كولّين» الفرنسي يقدّم عملاً على خشبة «مونو» في بيروت
منصور بوشناف: مشروعي الحقيقي النبش في الموروث المعرفي الليبي
منصور بوشناف: مشروعي الحقيقي النبش في الموروث المعرفي الليبي
الشرطة تغلق شكوى قدمها مصور ضد والد تايلور سويفت
الشرطة تغلق شكوى قدمها مصور ضد والد تايلور سويفت
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم