رثى الكاتب والدبلوماسي الليبي، جمعة بوكليب، صديقه الأديب الدبلوماسي أحمد إبراهيم الفقيه، الذي رحل عن عالمنا، الثلاثاء، في أحد مستشفيات القاهرة، عن عمر ناهز الـ 77 عامًا، بعد صراع مع المرض.
وفي السطور التالية تنشر «بوابة الوسط» نص ما كتبه بوكليب في وداع الفقيه:
إلى روح أحمد اَبراهيم الفقيه
أمض مخفوراً بسلام
كُنَّا، كُلما التقينَا، وافترقنَا،
لانُقلْ وداعاً.
يمضي كُلاً منّا إلى غربته، ونترك الدنيا تدور بنا، نطارد حلماً مراوغاً، في انتظار أن تأتي حافلة الوقت لنستقلها، كلٌ إلى جهته، مُندسَاً في زحام:
أنتَ إلى توهجِ سماواتكَ ملتحفاً صَحواً ويمامْ،
وأنا إلى عتم أنفاقي، مترحلاً بين ضباب وغمامْ.
وكُنّا، يالسذاجتنا،من حينٍ لحين، وقبل أن يحلَّ البرابرة ، نتخيّل معاً، رغم بُعد المسافات، مدينةً من زهرٍ وحِنّة، تغوينا بما في ذاكرتها من بساتين نخل وتين وزيتون، وعنب، ومآذن وقباب، وسرايا، وبحر مفتوح على الأمل، فنأتيها، على غير موعدٍ، ونحتسي في مساءاتها، قهوتنا معاً، ونمشي في شوارعها، وكأننا نراها للمرّة الأولى، أوالأخيرة، لافرقَ، يغمرنا سلامْ.
وها أنتَ تمضي، هذه المرّة، بعيداً، مشتهياً ما تبقى في حمادتك من غزالات، وتتركني، في آخر الأرض، سارحاً خلف قطيع همومي، من مرعى إلى مرعي، متوكئاً على تعب كهولتي، تاركاً لصمتي العنان، مستغرقاً في نَوحِ ما أثقل الحزنُ من حَمامْ.
فأمض، إن شئتْ، إلى حيث أنتَ تريدُ،
فليس بَعْدَ الموتِ حَدُّ،
وليس قَبْلَ الحُب أرضٌ تتفتح زهراً في كلامْ.
تعليقات