Atwasat

عوض الشاعري لـ «الوسط»: جدتي غرست في كياني بذور الحكي

طبرق - بوابة الوسط: عبدالرحمن سلامة الأحد 07 أكتوبر 2018, 09:52 صباحا
WTV_Frequency

الأديب والكاتب الليبي، عوض عبدالهادي الشاعري، برع في كتابة القصة القصيرة بعد تجربة مهمة في عالم الصحافة، إذ كتب المقالة النقدية في عدد من الصحف الليبية والعربية قبل أن ينشر قصصه، كما أنه يكتب الشعر الحديث، وتولى عدداً من المهام الثقافية والإعلامية منها مدير ومؤسس «بيت البطنان الثقافي»، ورئيس تحرير جريدة «أخبار البطنان»، رئيس تحرير جريدة «طبرق الحرة»، مدير تحرير جريدة «المختار» الأسبوعية، ومدير مكتب الشؤون الإعلامية بطبرق، ومدير مكتب الشؤون الثقافية بالثقافة والإعلام، منسق تحرير مجلة «الفصول الأربعة»، وهو عضو النقابة العامة للصحفيين الليبيين وعضو اتحاد الأدباء والكتاب الليبيين، كما نال كثيراً من الجوائز، وأصدر «طقوس العتمة» مجموعة قصصية (2005)، و«سطوة الكلاب» مجموعة قصصية 2015، و«إلى لا طريق» مجموعة شعرية 2016، ولديه عدد من المخطوطات منها: مخطوط «ق ق ج» و«قبل الوداع»، مخطوط روائي «فوبيا النباح» و«أصوات» و«وجوه من مدينتي»، كما ترجمت بعض نصوصه للإنجليزية والفرنسية والعبرية.

● بداية نرحب بالأديب والكاتب عوض الشاعري في هذا الوقت الصعب الذي يمر به الوطن..
أنا سعيد بهذا الحوار بقدر حزني الشديد على ما يمر به الوطن من محنة ومن انقسام ومن تشظٍ طال حتى النخبة، فدائماً عندما تعصف بأي بلد محنة ما لا يوجد إلا النخبة والمثقفون والصفوة هم مَن يسهمون في عودة الأمور إلى نصابها، وعلى الرغم من النفق المظلم إلا أن هناك ضوءاً وشمعة يحملها الأديب والمثقف والفنان والمعلم والطبيب وغيرهم من الذين وقعوا في حب الوطن لشوشتهم، فهم وإن غرقوا في حبه إلا أنهم سيسهمون في عودة ليبيا إلى شاطئ الأمان وسيتحول كل منهم إلى ربان، أنا متفائل إلى أبعد حد، الظرف صعب ولكن ليبيا بها رجال في كل الأزمنة الصعبة لا يتوانون في حمايتها والنهوض بها، بل والصعود إلى القمة بإذن الله تعالى.

● أنت حكاء طبرقي، نسجت قصصاً وتفردت وقبلها استهوتك المقالة النقدية، كتبت بشغف وبغزارة قبل أن تقيدك المهام الإبداعية.. ما أصل الحكاية؟
كلنا يجيد الحكي، نحن شعب حكاء، غير أن بعضنا وهبه الله تصفيف العبارات وجعلها تمسك مفردة بأخرى في تناغم جميل يسلب اللب ويصيبك سحره منذ الوهلة الأولى، والكتابة بالنسبة لي هى الروح والحياة والباب إلى عالم مدهش ترآى لي ذات مساء، كنت حينها صبياً قلقاً، تنتابني هواجس وخيالات وأحلام، وكانت جوانحي تضطرم بأحاسيس متباينة، بدأت بالنظر إلى الأشياء والتركيز فيها ثم تحولت تدريجياً إلى حالة من الشرود، ثم الضيق والاستسلام لحالة عجيبة أعتقد أنها بين الوعي واللاوعي، ربما تتعطل فيه بعض الحواس ظاهرياً لتنشط أكثر بطريقة سرية قد تكون في أروع تجلياتها، في تلك الفترة كنت لصيقاً بجدتي الحاجة فاطمة الشاعري - رحمها الله - وكنت أقرب أحفادها إليها، هناك على أعتاب الغربة، وكنا نتحلق في ليالي الشتاء حول مجمرة من الفخار ورثتها عن أمها الطاعنة في بداوتها، وكان الحكي ينساب من فمها كشلال وادي درنة عندما تتحدث عن مضارب أهلها ونجعها الذي ضاع ذات غزوة، فغرست جدتي أولى بذور الحكي وعشق الوطن في كيان ذلك الطفل الذي كنته آنذاك، ثم جاء دور والدي رحمه الله في توجيهي نحو عالم الكتاب والقراءة، حيث خصص لي مبلغاً من المال إضافة لمصروفي المدرسي وذلك لشراء ما يناسبني من الصحف ومجلات الأطفال، ومع الوقت أصبحت قارئاً نهماً، أقتني ما تقع عليه عيناي من كتب زهيدة الثمن في تلك الفترة، وقد كان لتلك الكتب الفضل في تكويني الثقافي أنا وأبناء جيلي، ثم تطورت عملية حبي للقراءة والاطلاع بفضل أحد معلمي المرحلة الإعدادية، الذي تنبأ لي بمستقبل بعد نجاحي في اختبار بمادة التعبير والإنشاء وبعد أن اطلع على خربشاتي الأولى، ونصحني بمراسلة إحدى الصحف التي فاجأتني بنشر محاولتي الأولى في مكان بارز من صفحة بريد القراء، ومن هنا كانت البداية إلى عالم السحر والإبداع.

● تلونت كتاباتك لكن القصة لها المساحة الأكبر لديك.. ما السر؟
معك حق، والطالع لكتاباتي الأولى سواء الشعرية أو في المقالة النقدية سيكتشف أن السرد والحكي والقص موجود بداخلها، فكتابة القصة هى قصة إبداع وحياة، وشخوصها كأني أعرفهم من زمن بعيد، والقصة عندي لا تنتهي، لا أستطيع أن أنهي قصصي، كل القصص التي كتبتها يطفن حولي ويزرنني في المنام، ويشاكسنني بين الحين والآخر لمعرفة الوقت الذي تحلقن فيه على دفتي كتاب، كنت أجيبهن بابتسامة أصحو بعدها على تحية صباحية من زوجتي التي تعرف أن ثمة عناقاً بيني وبين قصصي.

● هل تذكر ميلاد «طقوس العتمة»؟
لا أحد ينسى ميلاد طفلته الأولى، هذه المجموعة القصصية البكر، لا أنسى يوم ميلادها بعد أن عاشت مخاضاً عسيراً كغيرها من المؤلفات في تلك الفترة، ولكن دون ترتيب وبكلمة من القيصر وجدتني أتلقى خبراً مفرحاً وحازماً ودقيقياً وسريعاً من صديقي وأخي قيصر الصحافة الليبية، الأديب والكاتب محمود البوسيفي، الذي كان يترأس مجلة «المؤتمر» وسألني هل تتمنى لـ«طقوس العتمة» أن تخرج إلى النور قلت له «حتماً سيجيء النور يوماً»، فقال لي ارسلها على بريدي الإلكتروني الآن، وفي اليوم التالي أخبرني بأن «طقوس العتمة» خرجت إلى النور. كان خبراً ساراً وحظيت باهتمام بالغ من الزملاء، «طقوس العتمة» ضمت عدة قصص لها في قلبي وقع خاص، هى ابنتي البكر.

● «سطوة الكلاب» استطعت من خلالها تمرير رسائل وتصويب سهام من خلال السرد والاتكاء على «الكلب» ..
الكاتب الذي لا يستطيع تمرير قضاياه وآرائه وأفكاره وكذلك رسائله من خلال كتاباته سيظل عاجزاً ولن يستطيع حمل قلمه وستلتهمه السطحية وتنال منه ويخرج من المجال بعد أن يكتشف أنه دخيل عليه.
«سطوة الكلاب» حاولت أن أمرر من خلال هذه القصص تسليط الضوء على جملة من القضايا الإنسانية والاجتماعية، ووجدت أن عالم الحيوان والكلاب تحديداً هو النافذة التي من خلالها يمكن أن أضع يدي على الجرح وأن أصول وأجول في قضايا مهمة من خلال سرد يسلط الضوء على عالم الكلاب، ووجدت هذه القصص القبول لدى الزملاء في ليبيا وخارجها، فكلما دعيت إلى محفل يطلب مني قراءتها.

● القارئ يجد في كتابة قصصك أن فيها روح الشعر ونفس الرواية.. كيف ترى ذلك؟
القصة والرواية والشعر هي فنون مختلفة ولكن عندما يمتلك الأديب أدواته سيلاحظ القارئ أن ثمة روحاً وحياة في السرد، وأنا دائماً تستهويني المفردة الحبلى بالمعنى وتفتنني جمالها وأحنو على مفرداتي لتكون جملاً تنبض بالحياة وتكون أكثر إغراءً، لذلك من يستمع إلى القصة أو يقرأها أو يبحر في الرواية المكونة من كلمات عذبة أخاذة سيصل إلى النشوة ولن يترك المكان حتى ينتهي من قراءة أو سماع النص، وأنا لدي أكثر من مخطوط روائي وحرصت أن يكون السرد الشعري حاضراً لتتحقق نشوة القراء لدى المتلقي.

● وماذا عن عالم الصحافة؟
كلنا نذعن لصاحبة الجلالة، فهى البساط الذي يحمل إبداعنا ويطير به إلى هناك، وربما عملي في هذا المجال وترأسي تحرير أكثر من مطبوعة جعلهاً دائماً تأخذ حيزاً كبيراً من حياتنا وتبعدنا عن ممارسة القصة والرواية والشعر وأجد نفسي في قضايا المجتمع والسياسة وغيرها، لكنها لا شك مهنة سامية وضمير شعب ومسؤولية كبيرة وتحتاج إلى تحرٍ ودقة ومهنية وسرعة وشجاعة ومصداقية، والحمد لله أنا راضٍ عن تجربتي الصحفية واستطعت أن أقدم شيئاً لبلدي ولقرائي ولهذه المهنة المقدسة، وتجربتي الصحفية أضافت لي الكثير وأكسبتني خبرة كبيرة فأنا أيضاً مارست الصحافة الإلكترونية من خلال موقع «الصياد» الإلكتروني وغيره من المواقع، التي كنت أكتب فيها بشكل يومي واستفدنا من انتشارها الواسع وسرعة النشر وسهولته. عالم الصحافة هو عالم مثير ومهم وممتع، والساحة الآن مليئة بمجموعة من الصحفيين الشباب لديهم الحماس ولكن أغلبهم يحتاج إلى اكتساب الخبرة والاستفادة من تجارب الآخرين.

● في رأيك.. هل هذا الجيل أكثر حظاً من جيلكم والأجيال السابقة؟
بصراحة الإمكانات المتوافرة الآن لدى هذا الجيل لم يتوافر لنا منها شيء، الطفرة الإلكترونية وسرعة التواصل مع الآخرين وسهولة النشر حتى ولو من خلال المواقع الإلكترونية، فظهور هذه الشبكة المعلوماتية يعتبر بمثابة هدية من السماء لهذا الجيل، فبكبسة زر واحدة يستطيع الكاتب الشاب أن يجمع معلومات كثيرة ومهمة عن أي موضوع يريد الكتابة فيه، كنا نعاني كثيراً في اقتناء أي كتاب جديد يصدر أو رواية جديدة، أتذكر أننا كنا ننتظر انتهاء زملائنا من قراءة رواية أو كتاب صدر حديثاً لنقرأه في زمن يتم الاتفاق عليه وكل منا يعرف دوره في موعد قراءة هذا الإصدار، أما اليوم فالفرص متاحة للجميع، وأيضاً بالإمكان متابعة الصحف الصادرة وبشكل يومي، وزيارة المواقع المتخصصة وغيرها، ولكن للأسف كثيرٌ من شبابنا لم يستفيدوا من هذه الطفرة المعلوماتية.

● وما الصعوبات التي واجهتك وجيلك من الكتاب؟
واجهنا عدد من الصعوبات، لعل من أبرزها ما تمر به البلاد من حالة انقسام وعدم استقرار سياسي ونزاعات مسلحة يروح ضحيتها كل يوم الأبرياء من أبناء شعبنا، تواجهنا مشاكل جمة، منها عدم القدرة على ملاحقة الأحداث الجسام التي نعيشها، التي ستكون لها آثار خطيرة على تاريخ أمتنا وبلادنا وعلى الأجيال القادمة من أبناء شعبنا، أشياء كثيرة تعيق تقدمنا، وهذا دور كل المثقفين، على درب التفرغ للإبداع ومحاولة التأثير في الحياة الثقافية والمنظومة الأدبية التي تحتاج إسهامات الجميع لتخطي العقبات والنكبات والمحن التي يمر بها وطننا العربي هذه الآونة، وكذلك يعيق مسيرتنا عديد المتغيرات الاجتماعية و الاقتصادية التي طرأت على مجتمعنا واستدرجته للكُمون في زوايا شبه مظلمة، لن يتمكن من التعافي منها بسرعة وقد تحتاج إلى وقت طويل وجهود كبيرة.

● وما جديدك الإبداعي؟
خلال هذه الفترة أنا عاكف على كتابة رواية، ولم اهتد إلى عنوان لها إلى هذه اللحظة على الرغم من أنني أنجزت جزءاً كبيرا منها، رواية مليئة بالأحداث المشوقة وهي تحاكي فترة زمنية مهمة في تاريخ ليبيا، الآن ربما الرواية حلت محل الشعر في توثيق الأحداث، وخلال السنوات الأخيرة وما مر به الوطن من أحداث تحتاج إلى من يؤرخ ونفس روائي جميل، أيضاً أنا أشتغل الآن على طباعة عدة مخطوطات في القصة وكذلك رواية «قبل الوداع» وكذلك ديوان شعري.

نقلًا عن جريدة «الوسط» الأسبوعية

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
نجاح المسلسل يعزز مبيعات سلسلة ألعاب «فولاوت»
نجاح المسلسل يعزز مبيعات سلسلة ألعاب «فولاوت»
إحياء الذكرى الخمسين لوفاة الأديب الفرنسي مارسيل بانيول
إحياء الذكرى الخمسين لوفاة الأديب الفرنسي مارسيل بانيول
شاهد: «الدراما الرمضانية.. تحدي التجديد، فهل من جديد؟»
شاهد: «الدراما الرمضانية.. تحدي التجديد، فهل من جديد؟»
تحضيرات مكثفة للدورة الثالثة لمعرض بنغازي الدولي للكتاب
تحضيرات مكثفة للدورة الثالثة لمعرض بنغازي الدولي للكتاب
بوشناف: الفن مرآة المجتمع
بوشناف: الفن مرآة المجتمع
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم