عزز مهرجان أفلام التحريك في أنسي (شرق فرنسا)، في نسخته الأخيرة، فكرة أن كثير من أفلام الرسوم المتحركة، باتت توجّه إلى البالغين مع مواضيع جدية تتمحور على مشكلات المجتمع والنزاعات في العالم.
ويستهزئ الفيلم الصيني «هاف إيه نايس داي» من توقيع ليو جيان الذي عرض هذا الأسبوع، في مهرجان أنسي والعام الماضي في مهرجان برلين السينمائي، بالنظام الرأسمالي وهوس المجتمع الصيني بالمال من خلال سباق على كيس مملوء بالأوراق النقدية، حسب «فرانس برس»، الأحد.
وفي السابع والعشرين من يونيو، يخرج إلى الصالات فيلم «ذي بريدوينر» لنورا توومي الذي رشح لجائزة أوسكار والمشارك في المنافسة في أنسي. وهذا الفيلم الذي يتناول مسألة أفغانستان وطالبان بكلّ جديتها يناسب العائلة برمتها. وهو يروي قصة فتاة صغيرة تضطر للتنكر بزيّ صبي لتكسب رزق عائلتها وتبحث عن والدها القابع في السجن.
وفي مهرجان أنسي الذي يختتم فعالياته السبت، كثيرة هي الأعمال المتمحورة على المسائل التاريخية ومواضيع الساعة عمومًا والنزاعات خصوصًا، كالاضطرابات في الشرق الأوسط والخمير الحمر ويوغوسلافيا السابقة وأنغولا وأفغانستان مجددًا مع فيلم «سنونو كابول» المقتبس من رواية ياسمينا خضرا.
وقالت نورا توومي مخرجة «ذي بريدوينر» إن: «السينما تزداد نضوجًا مع أفلام تتطرق إلى مواضيع شائكة»، مؤكدة أن «قطاع التحريك تغيّر. فهو أسس قبل أكثر من قرن كوسيط إعلام تجريبي. واستخدم كثيرا لإنتاجات الأطفال. وإنه لأمر جيد بالطبع لكن الرسوم المتحركة في وسعها تقديم أكثر من ذلك بكثير».
وبالنسبة إلى المدير الفني لمهرجان أنسي مارسيل جان، إن «سينما التحريك لم يعد حكرًا على الأطفال»، خصوصًا مع «ازدياد عدد المخرجين المستقلين الذين يخوضون غمار هذه التجربة وتكاثر الأفلام التي تنتج بميزانية معقولة».
واعتبر جان أن الشرارة أتت من فيلمي «رقص الفالس مع بشير» (2008) لآري فولمان حول إسرائيلي يستذكر ماضيه في صفوف الجيش و«برسيبوليس» (2007) لماريان ساترابي وفنسان بارونو بشأن إيران.
وهو قال «إنهما فيلمان مختلفان جدًا بنبرتهما لكنهما يتطرقان إلى مسائل سياسية ... وقد ساهما في تغيير النظرة إلى سينما التحريك».
ومن ميزات تقنية التحريك أنها تتيح تجنب الشخصيات الدرامية والتطرق بطريقة رمزية إلى مآسي الحرب، فضلًا عن تقديم رسوم عن مواقع يصعب تصويرها أو إعادة تشكيلها.
وصرح الفرنسي دوني دو (33 عامًا) الذي يروي في «فونان» المشارك في المسابقة الرسمية في أنسي القصة الحقيقية لوالدته، التي فصلت عن ابنها البكر في عهد الخمير الحمر، أن «تقنية التحريك تتيح الابتعاد عن المشهد، فنحن في كل الأحوال لا نتعامل بالطريقة نفسها مع البشر ولم أكن أرغب في أن تجسد ممثلة ما، أيًا كانت، دور والدتي».
ولفت المخرج الكندي كام كريستيانسن صاحب فيلم «وول» عن الجدار الفاصل في الضفة الغربية إلى أن «تقنية التحريك غنية بالصور المجازية وتسمح بكشف عوالم داخلية وأفكار ومكنونات يتعذر إظهارها مع تصوير مشاهد عادية»، وفق «فرانس برس».
وفيلمه هو أحد الفيلمين الاثنين المتمحورين حول النزاع الإسرائيلي الفلسطيني في أنسي مع «ذي تاور» للنروجي ماتس غرورود، حول مسار أربعة أجيال من اللاجئين الفلسطينيين منذ العام 1948.
وكما الحال في مهرجان كان السينمائي، مزجت عدة أعمال مقدمة في أنسي بين مشاهد حقيقية ورسوم مصورة، مثل «كريس ذي سويس» لأنجا كوفمل حول النزاع في يوغوسلافيا السابقة و«آنذر داي أوف لايف» حول الحرب الأهلية الأنغولية.
تعليقات