Atwasat

في قطاع غزة المحاصر.. يحرقون البلاستيك لاستخراج الوقود

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 26 أغسطس 2022, 09:34 مساء
WTV_Frequency

يطلب محمود الكفارنة من أحد عماله إشعال مزيد من الحطب أسفل خزان ملأه بنحو طن من مادة البلاستيك ليقوم بصهره وتحويله إلى وقود يبيعه في السوق المحلية في قطاع غزة المحاصر الذي يشهد أزمة طاقة تؤدي إلى ارتفاع أسعارها، بينما يعد سكانه من الأفقر في العالم.

يعمل الكفارنة (25 عاما) في جباليا المحاذية للحدود الشمالية مع إسرائيل، مع أشقائه في المشروع الذي تعتمد فكرته على إعادة تدوير البلاستيك عبر صهره تحت درجات حرارة عالية جدا. وتستغرق عملية الصهر وقتا طويلا خاصة لملء الخزان الذي تبلغ سعته طنا ونصف الطن من البلاستيك، وهي كمية كافية لإنتاج ألف لتر من الوقود، وفق تقرير لوكالة «فرانس برس».

وأمام الخزان الموضوع في أرض مفتوحة شرق مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، يقول الكفارنة إن «الفكرة جاءت من الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة المستمر منذ 2007 والذي أدى إلى أزمة وقود متجددة تأثر بها قطاع الكهرباء». وأضاف الشاب الحاصل على بكالوريوس في إدارة الأعمال «نعتمد في العمل طريقة بدائية ومعدات بسيطة محلية الصنع»، موضحا أنه استعان بالإنترنت لتطوير فكرته وخاض في 2018 «عدة تجارب فاشلة قبل أن أتمكن بعد ثمانية أشهر من استخراج الوقود». وتابع أن «الخزان لا يستوعب أكثر من طن ونصف الطن من البلاستيك بينما تستمر عملية استخراج الوقود لمدة تتراوح بين 12 و14 ساعة».

وتمر عملية إعادة التدوير بمراحل عدة قبل أن يجري تكرارها إذ يحتاج إلى ثماني ساعات على الأقل لتبريد الخزان وتنظيفه. ويتبخر البلاستيك المصهور في المرحلة الأولى قبل تكثيفه عبر تبريده بالماء للحصول على الوقود. ويتصل الخزان المغلف بالطين لضمان حفظ الحرارة بأنبوب موصول بخزان آخر يحتوي على ماء.

ويعمل الخزان الثاني على تكثيف البخار الذي يتحول بدوره إلى وقود يجري تعبئته في غالونات عبر صنبور موضوع إلى جانب الخزان. ويقوم فريق العمل بفصل البنزين عن السولار عبر جهاز آخر.

كارثة بيئية في غزة
لا يعترف الكفارنة بوجود أي مخاطر صحية أو بيئية للمشروع الذي لا يستخدم العاملون فيه أيا من وسائل السلامة. وقال «لا يوجد مخاطر والمنطقة تعتبر صناعية وخالية من السكان».

في المقابل، أكد مدير المعهد الوطني للبيئة والتنمية أحمد حلس أن «الظاهرة كارثية وتنم عن فوضى عارمة ولا تستند لأي ضوابط أو معايير أو رقابة بيئية». وشدد حلس على أن «المواد الكيميائية التي تنتج عن حرق البلاستيك هي مواد سامة بحتة واستنشاقها سبب مباشر وقطعي في انتشار الأمراض خصوصا سرطان الرئة»، منتقدا اعتماد المشروع على طريقة «عشوائية وبدائية تلحق ضررا كبيرا جدا بالعمال وبجميع السكان». وأضاف أن «الخزان المستخدم بحد ذاته يعتبر قنبلة موقوتة يمكن حدوث انفجار فيه وهذا أمر عواقبه وخيمة».

لكن الكفارنة مقتنع بأن المشروع يساعد على إنتاج كمية كبيرة من مادة الغاز أيضا، ويعترف في الوقت نفسه «لا نعرف كيف نستغل الغاز لذلك نقوم بتبخيره عبر وضعه في الماء حتى لا يؤثر على البيئة».

ويشدد الشاب على تأثير الحصار الاسرائيلي على القطاع وعلى عمله. وقال «يمكن الاستغناء عن الخزان الحراري (واستخدام) خزان يعمل بالكهرباء يستوعب كمية أكبر ويتحمل حرارة أكبر، لكنه غير متوفر بسبب الحصار الإسرائيلي». ودمّر الاحتلال الإسرائيلي محطة توليد الطاقة الوحيدة في غزة في 2006. ومنذ ذلك الحين، يعاني سكان القطاع من أزمة حادة في الكهرباء، إذ يقطع التيار الكهربائي أكثر من 12 ساعة يوميا.

نصف الثمن
على رصيف ميناء غزة للصيادين يملأ صياد السمك عبد المعطي الهبيل (23 عاما) بواسطة خرطوم بلاستيكي خزان وقود قاربه القديم بالسولار المستخرج من البلاستيك، موضحا أنه يستخدم هذه المادة لأن سعرها يبلغ «نصف تكلفة السولار المستورد من إسرائيل». ويضيف الشاب الذي تحتاج رحلته للصيد التي تستمر 12 ساعة، إلى 900 لتر من السولار يوميا أنه «لا عيوب في هذا السولار، جودته وكفاءته عالية». ويشير إلى أن سبعة قوارب أخرى تستخدم هذا النوع من السولار. لكنه يشعر «بالأسف لأن الكميات المستخصلة من البلاستيك قليلة ومحدودة»، مؤكدا أنه لا يحصل على أكثر من 500 لتر كل يومين.

ويتوقف حجم إنتاج الوقود بشكل أساسي على كمية العبوات البلاستيكية التي يجري جمعها من القمامة، حسب الكفارنة الذي يقول «ننتج من 700 إلى ألف لتر سولار يوميا».

في منطقة تبعد مئات الأمتار عن الحدود مع إسرائيل شرق مخيم جباليا يقوم ستة عمال بفرز عبوات البلاستيك الفارغة التي يصل ارتفاعها إلى نحو عشرة أمتار في مرآب لبيع البلاستيك. ويوضح أحد هؤلاء العمال عماد حامد «نشتري البلاستيك من عمال يجمعونه من الشوارع ثم نقوم بفرزه قبل طحنه بواسطة ماكينة كهربائية خاصة ليصبح كحبات الأرز الناعمة». وتابع «نقوم بوضع المواد المستخرجة في أكياس ثم نبيعها لأصحاب المصانع والمشاغل المتخصصة بتدوير البلاستيك».

ويشكو حامد من تأثير أزمة نقص الكهرباء التي يعاني منها القطاع على استمرار عمله، موضحا «أحيانا نضطر للعمل في الليل تزامنا مع وصل التيار الكهربائي». ويضيف أن «العمل شاق لكن المخاطر التي يخلفها القصف الإسرائيلي في غزة أكبر من خطر عملنا هذا».

وقبل أسبوعين شهد القطاع عدوانا استمر ثلاثة أيام إثر اغتيال الاحتلال لأحد القادة العسكريين في الجهاد.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«شلل جزئي» في دبي واستئناف الرحلات ببطء في المطار
«شلل جزئي» في دبي واستئناف الرحلات ببطء في المطار
زعيم الحوثيين: نفذنا 14 عملية في أسبوعين وصولًا إلى المحيط الهندي
زعيم الحوثيين: نفذنا 14 عملية في أسبوعين وصولًا إلى المحيط الهندي
شكري يجدد رفض مصر لأية عملية عسكرية في رفح
شكري يجدد رفض مصر لأية عملية عسكرية في رفح
أميركا تحبط قرار منح العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة
أميركا تحبط قرار منح العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة
الرئاسة الفلسطينية تندد بالفيتو الأميركي ضد عضويتها في الأمم المتحدة
الرئاسة الفلسطينية تندد بالفيتو الأميركي ضد عضويتها في الأمم ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم