Atwasat

في حالة غير مسبوقة.. تونس تودّع المرشح الأوحد

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 28 سبتمبر 2014, 08:19 مساء
WTV_Frequency

في سنوات مضت ما كان لأحد في تونس أن تسوّل له نفسه الاقتراب من أسوار قصر قرطاج الرئاسي، فالحراسة المشدّدة أمنيًا وسياسيًا كانت كفيلة بكبح جماح أي رغبة من هذا القبيل في مهدها.

لكن يبدو أنّ التونسيين استفاقوا بعد أقل من أربع سنوات على ثورة الياسمين، «14 جانفيي»، على حالة من التجرؤ والرغبة الجامحة في التشفي من الحرمان، الذي رافق أجيالاً من التونسيين.

اليوم تنتهي حقبة يراها كثيرٌ من التونسيين سوداء كالحة، كلّف التخلص منها مئات الشهداء وآلاف الجرحى.

مفارقات تاريخية
مع اقتراب يوم الاقتراع الرئاسي المقرر في 23 من نوفمبر المقبل، يشعر المواطن التونسي العادي بحالة لم يعرفها من قبل، وهو يتفحّص الأسماء المتقدّمة لخوض السباق الرئاسي، فمن بينهم معارضون سياسيون أجبرتهم الظروف السياسية التي سبقت الثورة على مغادرة البلاد رهبة من نظام يرونه بوليسيًا، ورغبة في ضمانات تمكّن من النيل منه في كل فرصة.

فالرئيس التونسي الموقّت محمد المنصف المرزوقي الذي يسعى الآن لرئاسة غير موقّتة دخل السجن في مارس 1994، وأمضى أربعة أشهر في زنزانة انفرادية، قبل أن يُفرج عنه إثر حملة دولية واسعة النطاق، وكل ذلك نتيجة ترشحه للرئاسة منافسًا للرئيس السابق زين العابدين بن علي.

ومن بينهم أيضًا محسوبون على أنظمة سياسيّة سابقة يجرُّون وراءهم جيشًا من رجال المال ومن الإعلام، ويودّون لو وجهوا ضربة لقوى الثورة، تجعلهم يسمعون صوتهم على الأقل.

وتبقى المفارقات التي تصل حد الغرائب أحيانًا حاضرة وبقوة في المشهد الانتخابي التونسي الجديد، فقد تقدّم للسباق أشخاص لم تكن لهم مساهمات في معركة الديمقراطية، أو فيما عرفته تونس من حراك سياسي بعد الثورة، فهم مواطنون من عامة الشعب ترشّحوا لأسباب مختلفة، ولعل من أطرف تلك الحالات حالة منير الماجري الذي قال في تصريحات للصحفيين إنه ترشّح انتصارًا لقضية ابنه المعاق.

كثيرون غيره وصلوا إلى مقر اللجنة العليا المستقلة للانتخابات في تونس العاصمة لا يرفقهم مناصرون ولا أصدقاء ولا حتى أهلوهم، ويرى متابعون للشأن التونسي أنّ هذه حالة غير المسبوقة تؤكِّد أنَّ المواطن التونسي ينظر إيجابيًا للتحولات التي طرأت على بلاده بعد الثورة.

المشهد المريح
من خلال المعطيات المتعلّقة بالمشهد الانتخابي التونسي يرى مراقبون أن احتمال سيطرة التنافس الإيجابي على المشهد تتعزّز شواهده، فمن جهة لا توجد تقريبًا مخاوف من استغلال مرشّحين بعينهم لمؤسسات الدولة من أجل كسب مزيد من الأصوات على حساب الآخرين، فلم يتحدّث إلى الآن أي من المتقدّمين للسباق عن أمر كهذا ولو تلميحًا.

كما أنّ القاموس السياسي لا يزال إلى حد الآن يتمتّع بمستوى عالٍ من اللياقة السياسية، ويرجّح أن يحافظ على ذلك المستوى في الأيام المقبلة، فالقوانين المنظّمة للانتخابات تلجم المرشحين عن كثير من الكلام السياسي الذي يوصف بالجارح.

ويبقى احتمال أنْ يوجّه بعضهم لبعض نيرانًا صديقة واردًا إلى حدٍ ما، فالتصريحات السياسية تبدو منضبطة وغير عدوانية، وملتزمة بالحد الأدنى من الأخلاق السياسيّة، وفق رأي وزير الثقافة التونسي السابق مهدي المبروك.

القطيعة النهائية
بالرغم من ظهور شخصيات محسوبة على نظام بن علي في المشهد الانتخابي إلا أنَّ احتمال تأثير هؤلاء على مستقل تونس السياسي يبقى بعيد المنال.

فالقوى الثورية والسياسية، التي تضرّرت كثيرًا من ذلك الحكم مستعدة للتنازل عن مكتسباتها مرحليًا مقابل سد الطريق في وجه أي عودة لنظام بن علي، حتى وإنْ فضّلت تلك القوى التقليل من أهمية تحركات المحسوبين على ذلك النظام، باعتبار أنّ التونسيين سيرفضون حتمًا عودته أشخاصًا ومناهج.

هكذا إذا تواصل تونس مسيرتها في الانتقال الديمقراطي، رغم ما تواجهه من تحديات أمنية واقتصادية تحتاج، وفق مختصين، قدرات هائلة وجهودًا متواصلة.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
« برنامج الأغذية» يحذر من انزلاق غزة إلى المجاعة خلال 6 أسابيع
« برنامج الأغذية» يحذر من انزلاق غزة إلى المجاعة خلال 6 أسابيع
«حماس» تنشر مقطعا مصورا لأسير إسرائيلي يتهم نتانياهو بالفشل
«حماس» تنشر مقطعا مصورا لأسير إسرائيلي يتهم نتانياهو بالفشل
تحذير أميركي من «هجوم وشيك» في إقليم دارفور بالسودان
تحذير أميركي من «هجوم وشيك» في إقليم دارفور بالسودان
«الفصائل الفلسطينية» تحذر من «انفجار شامل» بالمنطقة حال اجتياح الاحتلال رفح
«الفصائل الفلسطينية» تحذر من «انفجار شامل» بالمنطقة حال اجتياح ...
خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة لمهاجرين حاولوا العبور إلى أوروبا
خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة لمهاجرين حاولوا العبور إلى ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم