Atwasat

الجزائر تحيي ذكرى الاستقلال الـ60.. جراح الاستعمار لم تندمل

القاهرة - بوابة الوسط السبت 02 يوليو 2022, 12:07 مساء
WTV_Frequency

تحتفل الجزائر الثلاثاء، بالذكرى الستين لاستقلالها بعد 132 عاما من الاستعمار الفرنسي، الذي ما زالت ذكراه توتّر العلاقات مع باريس، رغم المبادرات الرمزية التي تقوم بها فرنسا.

ففي 18 مارس 1962، وبعد ما يقرب من ثماني سنوات من الحرب بين الثوار الجزائريين والجيش الفرنسي، توقف القتال بعد توقيع اتفاقات إيفيان التاريخية التي مهدت الطريق لإعلان استقلال الجزائر في الخامس من يوليو من العام نفسه، بحسب وكالة «فرانس برس».

ووافق الجزائريون قبل أيام قليلة من الإعلان في استفتاء لتقرير المصير على الاستقلال، بنسبة 99.72%.

احتفالات ضخمة بذكرى الاستقلال
وتستعد السلطات الجزائرية لاحتفالات ضخمة بهذه الذكرى الستين، أبرزها استعراض عسكري كبير في العاصمة، هو الأول منذ 33 عامًا.

وبحسب برنامج الاحتفالات، الذي كشف عنه وزير المجاهدين (المقاتلون القدامى) العيد ربيقة، سيكون هناك عرض فني ضخم الإثنين، في قاعة أوبرا الجزائر «يسرد تاريخ الجزائر العريق من مرحلة ما قبل التاريخ حتى الاستقلال».

- تبون: جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر لن تسقط بالتقادم

وفي دلالة على أهمية المناسبة، جرى تصميم شعار خاص يظهر منذ أسابيع على جميع القنوات التلفزيونية، وهو عبارة عن دائرة مزينة بستين نجمة وفي وسطها عبارة «تاريخ مجيد وعهد جديد».

وانتزعت الجزائر الاستقلال بعد سبع سنوات ونصف السنة من حرب دامية خلّفت مئات الآلاف من القتلى، ما جعلها المستعمرة الفرنسية السابقة الوحيدة في أفريقيا، التي تحرّرت بالسلاح من فرنسا.

تهدئة بلا اعتذار
لكن بعد 60 عامًا من نهاية الاستعمار، لم تندمل الجراح في الجزائر، رغم سعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ انتخابه، لتهدئة الذاكرة بسلسلة من المبادرات الرمزية التي لم تصل إلى حدّ تقديم «الاعتذار».

ويتساءل المؤرخ عمار محند عمر «ألم يحن الوقت لتجريد التاريخ من العواطف بعد ستين عامًا من الاستقلال؟».

الاستعمار «جريمة ضد الإنسانية»
وبدا أن العلاقات بين البلدين تراجعت إلى أدنى مستوى لها في أكتوبر الماضي، عندما صرّح ماكرون بأن الجزائر تأسست بعد استقلالها على «ريع الذاكرة»، الذي يرعاه «النظام السياسي العسكري»، ما أثار غضب الجزائر، رغم محاولات ماكرون «لتنقية الذاكرة»، وبينها اعتباره خلال زيارة إلى الجزائر إبان الحملة الانتخابية الرئاسية في 2017، أن الاستعمار «جريمة ضد الإنسانية».

كما أقر في وقت لاحق خلال ولايته الرئاسية الأولى، بمسؤولية فرنسا عن مقتل المحامي الجزائري المناضل علي بومنجل، والعالم الفرنسي المناهض للاستعمار موريس أودان.

وأعادت فرنسا رفات 19 من الثوار الجزائريين، وفتحت أرشيفها الوطني حول حرب الجزائر.

وتحسنت العلاقات تدريجيًا في الأشهر الأخيرة، وأعرب ماكرون ونظيره الجزائري عبدالمجيد تبون، في مكالمة هاتفية في 18 يونيو عن رغبتهما في «تعميقها».

وفي نهاية إبريل، هنأ تبون ماكرون على إعادة انتخابه «الباهر»، ودعاه لزيارة الجزائر.

ويرى محند عمر أن «العودة السريعة إلى وضع طبيعي في أعقاب الأزمة الخطيرة في الأشهر الأخيرة (...) مرتبطة بالتوترات الإقليمية، لا سيما في ليبيا، ولا ينبغي تجاهل ذلك أو التقليل من شأنه».

ويضيف المؤرخ «الجغرافيا السياسية الإقليمية غير المستقرة تتطلب مواقف قوية على المديين المتوسط والبعيد، وتوطيد العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين».

ويشير رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض، عثمان معزوز، إلى أن «العلاقات بين نظام السلطة في الجزائر وفرنسا الرسمية تخللتها أزمات وهدوء زائف منذ استقلال البلاد».

ويقول «في المرحلة الحالية، لا يمكن لأحد أن يراهن درهما واحدا على الحديث عن إعادة بناء (هذه العلاقات)، لأن استغلال العلاقة من هذا الجانب أو ذاك لا يخفى على أحد».

ولا يخفي محند عمر خشيته من أن تخضع سياسة ماكرون للمصالحة مع الذاكرة للانتقاد، خصوصا بعد النجاحات الانتخابية الأخيرة لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف برئاسة مارين لوبن.

وأكدت لوبن في مارس أن «الاستعمار ساهم فعلا في تنمية الجزائر»، وانتقدت سياسة ماكرون الذي «يمضي حياته في الاعتذار دون طلب أي شيء مقابل ذلك من حكومة جزائرية لا تتوقف عن شتم فرنسا».

ساحة معركة كبيرة موضوعها الذاكرة
ويحذّر المؤرخ من أن «الصعود المذهل للتجمع الوطني في الانتخابات التشريعية في فرنسا لا يبشّر بالخير، لأن اليمين المتطرف الفرنسي سيجعل من هذه الولاية الانتخابية ساحة معركة كبيرة موضوعها الذاكرة وسيكون فيها التحريف وتزييف التاريخ حاضرين بقوة».

وعلى الصعيد المحلي، تسعى السلطات الجزائرية للإفادة من الذكرى التاريخية، لتخفيف التوترات الداخلية بعد ثلاث سنوات من انطلاق تظاهرات الحراك المؤيد للديموقراطية الذي أسقط الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، من دون أن ينجح في إزاحة النظام.

وأطلق تبون في مايو، مبادرة لكسر الجمود السياسي من خلال استقبال عدد من قادة الأحزاب السياسية، بينهم من المعارضة، ومسؤولون في النقابات العمالية ومنظمات أرباب العمل.

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة لمهاجرين حاولوا العبور إلى أوروبا
خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة لمهاجرين حاولوا العبور إلى ...
الاحتلال يعتقل 8455 فلسطينيا من الضفة منذ 7 أكتوبر
الاحتلال يعتقل 8455 فلسطينيا من الضفة منذ 7 أكتوبر
مئات المستعمرين يقتحمون الأقصى
مئات المستعمرين يقتحمون الأقصى
34 ألفا و305 شهداء حصيلة حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة
34 ألفا و305 شهداء حصيلة حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة
«ابني في الجرافة».. مقابر جماعية توثق وحشية الاحتلال قرب مجمع ناصر الطبي
«ابني في الجرافة».. مقابر جماعية توثق وحشية الاحتلال قرب مجمع ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم