Atwasat

فرانس برس: حكم «تاريخي» في ألمانيا في قضية جرائم منسوبة إلى النظام السوري

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 16 يناير 2022, 12:43 مساء
WTV_Frequency

أصدر القضاء الألماني حكما بالسجن مدى الحياة على ضابط سابق في المخابرات السورية لإدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، في قرار وصف بأنه «تاريخي» يأتي في سياق أول قضية في العالم مرتبطة بفظائع منسوبة إلى نظام الرئيس بشار الأسد، وفقا لوكالة «فرانس برس».  

وقضت المحكمة العليا الإقليمية في كوبلنس (غرب ألمانيا) بأن السوري أنور رسلان (58 عاما) مسؤول عن مقتل 27 معتقلا وتعذيب أربعة آلاف آخرين على الأقل في معتقل سري للنظام في دمشق وذلك بين 2011 و2012.

ثاني حكم يصدره القضاء الألماني
وهو ثاني حكم يصدره القضاء الألماني في هذه المحاكمة بعد إدانة ضابط آخر من المخابرات السورية أدنى رتبة في فبراير 2021، وقد أقر القضاة بذنب رسلان في مقتل 27 شخصا في هذا المركز الذي أشير إليه على أنه تابع لقسم التحقيقات بالفرع 251 ومعروف باسم «أمن الدولة - فرع الخطيب» في دمشق.

وبعد مرور حوالى 11 عاما على اندلاع الانتفاضة في سورية، كانت هذه المحاكمة الأولى التي تنظر في جرائم منسوبة إلى النظام السوري وثقها ناشطون سوريون ومنظمات غير حكومية عدة مرات، في العام 2016، اتهمت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة النظام السوري بـ«إبادة» المعتقلين.

والتزم أنور رسلان الذي كان يرأس شعبة التحقيقات في الفرع 251 من جهاز أمن الدولة الواسع الانتشار الصمت طوال جلسات هذه المحاكمة التي بدأت في 23 أبريل 2020، واستمع صباح الخميس إلى حكم المحكمة الذي تُرجم ترجمة فورية إلى العربية، من دون أن يبدو عليه الانفعال، وفق مراسلة وكالة «فرانس برس».

وسرعان ما أعلن فريق الدفاع عن المدان أنه سيستأنف الحكم الصادر بحق موكله، وفي مايو 2020، تلا محاموه إفادة خطية نفى فيها هذا الضابط السابق مشاركته في تعذيب المعتقلين وقتلهم. وقد أعاد التأكيد على موقفه هذا في بيان تلاه مترجمه في مطلع يناير، قبل أن يختلي أعضاء المحكمة للتداول.

وأشادت بالحكم وزارة الخارجية الأميركية، معتبرة إياه «انتصارا كبيرا لضحايا» النظام السوري و«إشارة واضحة إلى وجوب محاسبة المسؤولين عن هذه الفظائع»، كما أشادت بالحكم مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، معتبرة أنه يشكل «قفزة إلى الأمام» نحو المزيد من العدالة.

وقالت باشليه في بيان: «إنها قفزة إلى الأمام تاريخية في المسعى إلى الحقيقة والعدالة وتعويضات عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي ارتكبت في سورية على مر أكثر من عقد»، وأضافت أن هذا الحكم «سيشكل ردعا قويا وسيسهم في منع فظاعات في المستقبل».

إشادة حقوقية بهذا الحكم
من جهتها أشادت منظمة «هيومن رايتس ووتش» بهذا الحكم، واصفة إياه بـ«التاريخي» وقال مديرها التنفيذي كينيث روث خلال إحاطة صحافية في جنيف إنه «تاريخي بالفعل».

من جهته قال مسؤول منظمة العفو الدولية في ألمانيا، ماركوس بيكو، إن المحكمة «ثبتت بشكل واضح ورسمي ظروف الاعتقال غير الإنسانية وأعمال التعذيب المنهجية والعنف الجنسي والقتل في سورية».

وفي الجزء الأول من هذه المحاكمة التي حظيت باهتمام كبير من الجالية السورية الكبيرة في المنفى، قضت المحكمة العليا الإقليمية في كوبلنس بسجن إياد الغريب، العضو السابق في جهاز المخابرات، أربع سنوات ونصف سنة إثر إدانته بتهمة اعتقال متظاهرين في 2011 ونقلهم إلى سجن فرع الخطيب حيث تعرضوا للتعذيب.

ولمحاكمة هؤلاء السوريين، تطبق ألمانيا المبدأ القانوني للولاية القضائية العالمية الذي يسمح لقضائها بمحاكمة مرتكبي الجرائم الخطرة، بغض النظر عن جنسيتهم أو مكان ارتكاب الجرائم، حضر حوالى 12 من الضحايا على الأقل جلسة النطق بالحكم. وتجمعت عائلات سورية صباحا أمام المحكمة وحمل الحاضرون لافتات كتب عليها «أين هم؟» في إشارة إلى أشقائهم وشقيقاتهم الذين فقدوا في مراكز الاعتقال السورية.

وقد أقرت المحكمة في قرارها بـ«هجوم موسع وممنهج ضد المدنيين» يشنه نظام الأسد على السوريين منذ أن نزلوا إلى الشارع مطالبين بالديموقراطية في مارس 2011.

ومنذ بدء المحاكمة، مثل أكثر من 80 شاهدا أمام القضاء، من بينهم 12 منشقا وعدة رجال ونساء أتوا من دول مختلفة في أوروبا للإدلاء بشهاداتهم بشأن الفظائع التي تعرضوا لها في فرع الخطيب.

غير أن شهودا آخرين رفضوا المثول أمام المحكمة، في حين وافق آخرون على الإدلاء بإفاداتهم بشرط ألا يتم الكشف عن هوياتهم فقاموا بإخفاء وجوههم أو وضعوا شعرا مستعارا، وذلك خوفا من أن يتعرض أقاربهم الذين ما زالوا في سورية لأعمال انتقامية.

وفي سابقة من نوعها، عُرضت أمام المحكمة صور من «ملف قيصر»، وهو أمر لم يسبق حدوثه في أي محاكمة حتى اليوم، وقيصر هو الاسم الذي أُطلق على مصور سابق في الشرطة العسكرية السورية هرب من بلاده وبحوزته 50 ألف صورة وثقت 6786 معتقلا سورية وقد قتلوا بطرق وحشية بعدما تضوروا جوعا وتعرضوا لشتى صنوف التعذيب، وقدم أحد السوريين شهادة عن المقابر الجماعية التي كانت تُطمر فيها جثث المعتقلين.

وما انفك وكلاء الدفاع يذكرون بأن موكلهم انشق في 2012 وحاول التخفيف من معاناة المعتقلين، وفي الواقع، فإن أنور رسلان لم يحاول إخفاء ماضيه عندما لجأ إلى ألمانيا مع عائلته سنة 2014، لا بل إنه طلب بنفسه من الشرطة في برلين أن تحميه في فبراير 2015 وأخبرها بأنه كان ضابطا في المخابرات السورية.

وافتضح أمر هذا الضابط السابق حين تعرف عليه في أحد شوارع العاصمة الألمانية مواطن سوري آخر هو أنور البني، المحامي والمعارض الذي يقوم الآن بمطاردة المتعاونين السابقين مع النظام اللاجئين في أوروبا.

وقال البني الذي حضر جلسة النطق بالحكم إنه «انتصار لسورية ولمستقبل سورية»، وأوقف رسلان في فبراير 2019 ووضع رهن الحبس الاحتياطي، وفي دليل على مدى أهمية هذا الحكم بالنسبة إلى الجالية السورية، قررت المحكمة التي سبق لها أن رفضت بث المداولات توفير ترجمة فورية إلى العربية وقت تلاوة الحُكم.

وقال وسيم مقداد أحد المدعين بالحق المدني في هذه القضية في تصريحات لوكالة «فرانس برس» آمل أن «نكون قد أعطينا صوتا لمن لا صوت لهم في سورية»، مؤكدا «جل ما أريده هو إحقاق الحق وليس الأخذ بالثأر أو الانتقام».

وتطرق المدعي العام في مرافعته إلى المسؤولية التاريخية لألمانيا، مستشهدا بأحد الناجين من محرقة اليهود. وقد أودى النزاع في سورية بحياة نحو 500 ألف شخص ودفع 6.6 ملايين سوري إلى المنفى في الخارج.

وأكدت المحامية جمانة سيف التي تعيش في المنفى أن «هذه المحاكمة هي في غاية الأهمية بالنسبة إلى السوريين لأنها تتمحور على جرائم خطرة جدا ما زالت تُرتكب اليوم»، ومن المرتقب أن تنطلق الأسبوع المقبل في فرانكفورت محاكمة أخرى على صلة بنظام بشار الأسد تطال طبيبا سوريا لجأ إلى ألمانيا.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«الفصائل الفلسطينية» تحذر من «انفجار شامل» بالمنطقة حال اجتياح الاحتلال رفح
«الفصائل الفلسطينية» تحذر من «انفجار شامل» بالمنطقة حال اجتياح ...
خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة لمهاجرين حاولوا العبور إلى أوروبا
خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة لمهاجرين حاولوا العبور إلى ...
الاحتلال يعتقل 8455 فلسطينيا من الضفة منذ 7 أكتوبر
الاحتلال يعتقل 8455 فلسطينيا من الضفة منذ 7 أكتوبر
مئات المستعمرين يقتحمون الأقصى
مئات المستعمرين يقتحمون الأقصى
34 ألفا و305 شهداء حصيلة حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة
34 ألفا و305 شهداء حصيلة حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم