Atwasat

سوق «البالة» وجهة السوريين لشراء الملابس قبل عيد الفطر

القاهرة - بوابة الوسط السبت 23 مايو 2020, 12:51 مساء
WTV_Frequency

بين كومة من الثياب المبعثرة على طاولة في أحد أسواق البالة في دمشق، تفتّش شام بتأنٍّ عن قميص تشتريه لترتديه خلال عطلة عيد الفطر من دون أن تتكبّد مبلغا كبيرا وسط أزمة معيشية خانقة في سورية، وخلال سنوات الحرب، ازدهرت أسواق الثياب المستعملة في دمشق ومناطق أخرى وباتت الخيار الوحيد لاقتناء ملابس جديدة، على وقع ارتفاع أسعار الملابس الجاهزة بشكل يحول دون تمكن شريحة واسعة من السوريين من تحمّله.

وتقول شام علوش «28 عاما»، الموظفة في شركة طيران خاصة، لوكالة «فرانس برس»، الخميس: «البالة ملاذي الوحيد لارتداء ملابس جديدة في العيد ولولا هذا السوق، لما تمكّنت من شراء الثياب أبدا».

وسط سوق القنوات، تعرض عشرات المحال بضاعتها على طاولات وعربات، أو تعلقها على منصات على جانبي الطريق، حتى يتمكن الزبائن من معاينتها، بين عشرات القطع الملونة، تسحب شام قميصا أصفر اللون وتشتريه مقابل ثلاثة آلاف ليرة سورية «دولاران وفق سعر صرف السوق».

بعد تسع سنوات من الحرب التي استنزفت الاقتصاد والبنى التحتية، تشهد المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية أزمة معيشية خانقة فاقمتها تدابير التصدي لوباء «كوفيد-19» وتترافق الأزمة مع تدهور قيمة الليرة، ما انعكس سلبا على القدرة الشرائية للسوريين الذين يعيش الجزء الأكبر منهم تحت خط الفقر.

وتلحظ شام التي تتردّد الى السوق سنويا قبل العيد ارتفاعا في الأسعار هذا الموسم. وتقول: «تشكيلة الملابس قليلة هذه السنة وسعرها أغلى، لكنها مع ذلك تبقى أرخص بكثير من الملابس الجديدة»، مضيفة: «نوعية ملابس البالة جيدة، وسعرها مقبول ومتناسب مع ذوي الدخل المحدود»، ويمكن شراء قميص من سوق البالة بدءا من ألف ليرة «أقل من دولار» بينما يبدأ سعره في المحال الجاهزة من تسعة آلاف.

كذلك، تتوجه دانة شوكة «28 عاما» صباح كل سبت إلى سوق البالة بحثا عن قطع ملابس مميزة وبخسة الثمن، لدرجة باتت تحفظ وجوه التجار والعكس صحيح، وتقول لـ«فرانس برس» بات «التسوّق من البالة والبحث عن الثياب الرخيصة والجميلة أشبه بالعادة قبل العيد أو أي مناسبة أخرى وبثمن قطعة جاهزة يمكنني شراء ثلاث أو أربع قطع من البالة».

الراتب لا يكفي
وسوق البالة في القنوات واحدٌ من ستة أسواق للملابس المستعملة في دمشق وضواحيها. وكان بعضها موجودا قبل الحرب بينما ازدهر البعض الآخر خلالها. وتوجد أسواق مماثلة في المحافظات بينها حلب وحماة، وتنسحب أزمة الليرة على أسعار المنتجات المحلية والمواد الغذائية والأجهزة الكهربائية وسواها، إضافة إلى تأثر أسواق الملابس المستعملة التي تستورد من الخارج وبالعملة الأجنبية.

وتخطى سعر صرف الليرة في السوق الموازية خلال الأيام القليلة الماضية عتبة 1700 مقابل الدولار، فيما السعر الرسمي 700 ليرة، في انخفاض غير مسبوق. وكان الدولار يعادل 48 ليرة قبل اندلاع النزاع العام 2011، وأقر مصرف سورية المركزي ليل الثلاثاء بتراجع سعر صرف الليرة «على نحو كبير خلال الفترة الأخيرة»، محذرا المتلاعبين بسعر الصرف، ويربط محللون بين تدهور الليرة السورية والأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان المجاور وشحّ الدولار.

داخل محله في سوق القنوات، رتّب مالك أبو العطا «52 عاما» المئات من قطع الملابس أملاً بجذب الزبائن، بعدما أقفل محلّه لأسابيع استجابة لقرار الحكومة بإغلاق الأسواق والمؤسسات في إطار التدابير الوقائية من فيروس «كورونا المستجد»، ويقول لـ«فرانس برس» البالة هي «شبّاك العيد للمواطنين الذين لا يستطيعون تحمل نفقات شراء ملابس جديدة.. فالراتب الشهري للموظف لا يكفيه لشراء بنطالين وقميص»، ويضيف أبو العطا الذي اعتمر قبعة سوداء وقميصا أزرق اللون: «أحفظ وجوه زبائني جيدا، لكني ألحظ في هذا العيد الكثير من الوجوه الجديدة».

برسم البيع
على بعد عشرات الأمتار من أبو العطا، يعبّر التاجر غسان طباع عن خيبة أمله بعدما أمل بموسم يعوّض خسارته جراء الإغلاق لأكثر من شهر، ويقول لـ«فرانس برس» إنه ينتظر منذ ساعات دخول زبون، مضيفا: «هذا أسوأ موسم عيد يمرّ علينا مقارنة مع السنوات الماضية. نبيع القطعة بـ500 ليرة سورية ولا أحد يشتري»، ويتحسّر على أيام كان فيها عدد زبائنه كبيرا، بين فقراء «يشترون أي شيء يسترهم»، وطبقة وسطى «تبحث عن ماركات عالمية»، أمّا اليوم، فقد بات «الطعام أولوية الجميع، والملابس أمرا ثانويا، لا أحد يشتري إلا للضرورة».

ودفع الوضع الصعب طباع الى وضع محله بـ«رسم البيع» منذ أيام قليلة لأسباب عدّة بينها انخفاض المدخول اليومي وارتفاع تكاليف البيع والشراء، ويتوقّع أن «يضطرّ الكثير من التجار لبيع محالهم إذا استمرّ الوضع على حاله»، وشكّل إغلاق الحدود بين سورية والدول المحيطة بها مع تفشي فيروس «كورونا»، عائقا جديدا يُضاف إلى قائمة العراقيل التي يواجهها التجار بشكل عام في عمليات الاستيراد. فهم يعانون من صعوبة بالغة في تحويل الأموال والالتفاف على العقوبات الغربية.

ويلقي مسؤولون اللوم في الأزمة الخانقة على الحصار الاقتصادي والعقوبات التي تفرضها دول غربية على دمشق منذ سنوات، ويقضي طباع وقته في قراءة الأخبار عبر هاتفه الخلوي، متتبعا الأخبار وتطورات الأوضاع الاقتصادية، ويقول: «لا يوجد عيد هذه السنة أيضا، لم نر العيد منذ نحو عشر سنوات».

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«حماس» تنشر رسالة مسجلة لقائد «القسام» محمد ضيف تدعو إلى «الزحف» نحو فلسطين
«حماس» تنشر رسالة مسجلة لقائد «القسام» محمد ضيف تدعو إلى «الزحف» ...
11 شهيدا بقصف إسرائيلي طال 4 منازل في رفح
11 شهيدا بقصف إسرائيلي طال 4 منازل في رفح
الاحتلال يعدم مدنيين فلسطينيين خلال محاولتهم العودة لشمال غزة (فيديو)
الاحتلال يعدم مدنيين فلسطينيين خلال محاولتهم العودة لشمال غزة ...
3 شهداء و20 مصابا جراء قصف منزل في حي الشجاعية بغزة
3 شهداء و20 مصابا جراء قصف منزل في حي الشجاعية بغزة
الاحتلال يعتقل 7845 فلسطينيا من الضفة منذ 7 أكتوبر
الاحتلال يعتقل 7845 فلسطينيا من الضفة منذ 7 أكتوبر
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم