Atwasat

العراق «على حافة السكين» جراء ضغوط اقتصادية أميركية لإبعاده عن إيران

القاهرة - بوابة الوسط السبت 15 فبراير 2020, 03:38 مساء
WTV_Frequency

بدأت الولايات المتحدة الضغط على العراق من بوابة اقتصاده الهش بهدف وضع حد لتقاربه مع إيران، عبر تقليص فترة الاستثناء من العقوبات المرتبطة بالتعامل مع الجمهورية الإسلامية وتأخير السماح بإرسال دفعات نقدية حيوية.

وكانت الولايات المتحدة قررت في اللحظة الأخيرة هذا الأسبوع السماح للعراق بمواصلة استيراد الغاز والكهرباء من إيران. لكن يبدو أن صبر الولايات المتحدة بدأ بالنفاد أخيرًا، إذ أن مدة الإعفاء تقلصت من تسعين و120 يومًا، إلى 45 فقط، وفق «فرانس برس».

موت بألف طعنة
وقال الباحث في معهد الدراسات الإقليمية والدولية في السليمانية شمال العراق، أحمد طبقجلي، «هذه بداية الموت بألف طعنة». وأضاف: «كلما تقلصت مدة الاستثناء، أصبحنا أقل قدرة على تحمل نتيجة أي خطأ نرتكبه».

ويقف العراق عند مفترق طرق، فرئيس وزرائه المكلف محمد علاوي يواجه صعوبات في تشكيل حكومة جديدة، بينما تتواصل التظاهرات المناهضة للسلطة في عدة مدن، وسط صراع أميركي- إيراني تحول إلى مواجهة دامية على أرض العراق الشهر الماضي. وتتمتع إيران بنفوذ سياسي وعسكري كبيرين في العراق، لكن الولايات المتحدة تتمسك بورقة الاقتصاد.

ويقوم المصرف المركزي العراقي شهريًّا بنقل ما بين مليار وملياري دولار نقدًا من حسابه في الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، حيث تتدفق إيراداته من النفط، لتسديد ثمن معاملات رسمية وتجارية. لكن الدفعة التي كان من المفترض أن تصل في منتصف يناير الماضي، تأخرت لأسبوعين بحسب مسؤول عراقي ومصدر في قطاع النفط، مشيرين إلى «أسباب سياسية» وراء قرار البيت الأبيض تأخير السماح بخروج الأموال. وقال المسؤول العراقي: «نحن نسير على حافة السكين».

وكانت هذه أول إشارة إلى أن واشنطن قد تنفذ تهديدًا أصدرته في يناير بشأن منع وصول العراقيين لأموالهم، في حال طردت بغداد القوات الأميركية المتمركزة في العراق، التي يبلغ قوامها نحو 5200 جندي.

الخيار النووي
جاء ذلك بعدما صوت البرلمان العراقي على إنهاء وجود القوات الأجنبية بسبب السخط على غارة أميركية أودت بحياة قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني، ورئيس هيئة الحشد الشعبي التي تضم فصائل شيعية عراقية أبو مهدي المهندس، قرب مطار بغداد. وبحثت واشنطن على مدى أشهر مسألة حظر الأموال للضغط على العراق، وفقًا لدبلوماسي أميركي كان وصف هذه الخطوة العام الماضي بـ«الخيار النووي».

وبينما وصلت دفعة شهر فبراير في موعدها، يتوقع مسؤولون عراقيون أن تبدأ الولايات المتحدة تحديد حجم الأموال التي يمكن للعراق سحبها. وحرمان العراق من الأموال قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، خصوصًا أن اقتصاده يعتمد بشكل شبه كامل على صادرات النفط المدفوعة بالدولار.

وفي حال انتهت مدة الاستثناء من العقوبات المتعلقة بالتعامل مع إيران من دون تجديدها، فذلك يعني أنه سيتوجب على العراق وقف استيراد الغاز والكهرباء من طهران، أو الاستمرار بالتعامل مع طهران ومواجهة احتمال التعرض لعقوبات أميركية. ويعاني العراق عجزًا في الكهرباء، ما يؤدي إلى انقطاعها على فترات متفاوتة قد تصل إلى 20 ساعة في بعض مناطقه.

وربطت واشنطن الضغوط بمسائل أخرى من بينها نحو 20 هجومًا صاروخيًّا تعرضت لها السفارة الأميركية في بغداد وقواعد تضم قوات أميركية في العراق منذ أكتوبر الماضي. وذكر مسؤول عراقي أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو «صرخ» في رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي خلال مكالمة هاتفية الشهر الماضي. وأوضح المسؤول: «قال له أن ينسى مسألة تجديد الاستثناء في حال تواصلت الهجمات».

وفي مؤشر إضافي على تراجع العلاقات بين واشنطن وبغداد، لم يلتقِ بومبيو وزير الخارجية العراقي محمد الحكيم على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن الجمعة والسبت، لكنه اجتمع بالمقابل برئيس وزراء إقليم كردستان منصور بارزاني، الذي التقى كذلك وزيري الطاقة والدفاع الأميركيين.

تفخيخ الاستثناءات
الولايات المتحدة مستاءة أيضًا من التباطؤ العراقي في توقيع عقود مع شركات أميركية كبرى متخصصة بقطاع الطاقة، بهدف تسريع فك الارتباط بإيران في هذا المجال. وقبل أسابيع من انتهاء فترة الاستثناء الأخيرة، أفاد مسؤول أميركي بأن العراقيين «رفضوا باستمرار الاتفاقات مع جنرال إلكتريك واكسون». واعتبر أن المسؤولين العراقيين «يختارون أن يعتمدوا على الإيرانيين، مانحين طهران موقعًا مؤثرًا في اقتصادهم وبنيتهم التحتية».

وإيران، التي لطالما عملت على الحد من نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة، ثاني أكبر الدول المصدرة للعراق. إلا أن الولايات المتحدة تتفوق عليها من ناحية الاستثمارات المباشرة، خصوصًا في قطاع النفط الحيوي وبنيته التحتية. وتتحدث مصادر في بغداد وواشنطن عن انقسام في السياسة الأميركية، حيث يبدو البيت الأبيض مؤيدًا لاستراتيجية زيادة الضغوط على العراق، بينما يفضل الآخرون اعتماد المرونة.

الصقور مهيمنة
وذكرت المصادر أن الصقور في الإدارة الأميركية أصبحوا في مواقع «مهيمنة»، بينما قال مسؤول عراقي إن هؤلاء باتوا يستخدمون المعاملات المالية «للتنمر» في علاقتهم بالعراقيين. وقال وزير الكهرباء العراقي في الحكومة المستقيلة، لؤي الخطيب، إن على واشنطن ألا «تحشر العراق في الزاوية».

لكنه أعرب في الوقت ذاته عن ثقته من أن الولايات المتحدة لن تقوم «بتفخيخ» الاستثناء من العقوبات «بهدف تقويض الخدمات العامة». وذكر الخطيب أن هناك تقدمًا في مجال البحث عن مصادر أخرى، مشيرًا إلى توقيع اتفاقات مع الأردن ودول خليجية لدعم شبكة الكهرباء، وإلى احتمال شراء الغاز من شركات عاملة في إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي. وكانت الحكومة العراقية منحت الضوء الأخضر لتوقيع ستة عقود لتطوير حقول غاز عراقية قبل ثلاثة أسابيع من انتهاء فترة الاستثناء الأخيرة.

وبحسب طبقجلي، فإن «الإعلان جاء ردًّا على الضغوط الأميركية. من الواضح أن الحكومة العراقية أُصيبت بالذعر». غير أن الولايات المتحدة قد تجد نفسها غير قادرة على التلويح بأكثر من «تهديدات اقتصادية»، حسبما يرى الباحث في معهد السلام بالولايات المتحدة رمزي مارديني. وأوضح: «قد تساعد هذه المقاربة على حماية المصالح الأميركية على المدى القصير، لكن العلاقة الثنائية بمجملها ستبقى رهن انعدام الثقة والعداء».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
بينهم طفل.. استشهاد 3 فلسطينيين خلال اقتحام قوات الاحتلال طولكرم
بينهم طفل.. استشهاد 3 فلسطينيين خلال اقتحام قوات الاحتلال طولكرم
العراق: لم يكن هناك مسيرة أو مقاتلة بالجو عند وقوع انفجار بقاعدة كالسو العسكرية
العراق: لم يكن هناك مسيرة أو مقاتلة بالجو عند وقوع انفجار بقاعدة ...
ارتفاع ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 34 ألفا و49 شهيدا
ارتفاع ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 34 ألفا و49 شهيدا
الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور «جبهة جديدة» من النزاع في دارفور
الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور «جبهة جديدة» من النزاع في دارفور
فيضانات مستمرّة في دبي بسبب عدم القدرة على تصريف مياه العواصف
فيضانات مستمرّة في دبي بسبب عدم القدرة على تصريف مياه العواصف
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم