Atwasat

«فرانس برس»: قشور الفستق وسيلة تدفئة لمواجهة البرد القارس في شمال غرب سورية

القاهرة - بوابة الوسط الخميس 26 ديسمبر 2019, 12:41 مساء
WTV_Frequency

وسط غرفة الجلوس، يفتح أبو وليد غطاء مدفأة مصنوعة يدويا، ويفرغ فيها دلوا من قشور الفستق الحلبي، بعدما تعرف من النازحين إلى منطقته على وسيلة تدفئة جديدة تقي أطفاله برد الشتاء وتحل مكان المازوت المرتفع الكلفة، في المناطق الباردة في سورية وبلدان عدة مجاورة، يعتمد السكان خلال أشهر الشتاء القارس على مدافئ تقليدية، تُصنع من الحديد أو الألمنيوم وتُعرف باسم الصوبيا، تُضرم النيران داخلها عبر استخدام المازوت أو الحطب.

ومع أزمة المحروقات التي تعاني منها سورية عموما، ولا تستثني محافظة إدلب، حيث لا يتوافر بشكل دائم وكلفته مرتفعة، يمر الشتاء ثقيلاً على السوريين لا سيما النازحين المقيمين في مخيمات منتشرة في مناطق عدة، تغرقها الأمطار والسيول، في منزله في بلدة تل الكرامة في ريف إدلب الشمالي، يقول أبو وليد وهو أب لثلاثة أطفال بعدما احتسى القهوة وأحد ضيوفه قرب المدفأة، لوكالة «فرانس برس»: «نتيجة انقطاع مادة المازوت بحثنا عن بديل من أجل التدفئة ولجأنا إلى مدفأة قشر الفستق»، ويوضح أن وسيلة التدفئة هذه «صحية ولا تنبعث منها أي روائح أو دخان. كما أنها أقل كلفة من المازوت غير المتوافر حاليا».

أمام منزله، وضع أبو وليد 15 كيسا على الأقل من قشور الفستق، التي يبلغ سعر الطن الواحد منها وغالبيته مستورد من تركيا المجاورة 175 دولارا، وبينما يلهو أطفاله قربه في غرفة الجلوس ذات الفرش العربي التقليدي، يشرح أبو وليد، وهو تاجر سيارات، أنه تعرف إلى وسيلة التدفئة غير المألوفة في المنطقة من جيرانه النازحين من خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي.

إقبال متزايد
خلال سنوات النزاع، استضافت محافظة إدلب شمال غرب سورية نحو مليون ونصف نازح من مناطق أخرى. كما تشهد مرارا موجات نزوح داخلية على وقع هجمات قوات النظام فيها، وآخرها الأسبوع الماضي، فقد فر وفق الأمم المتحدة، عشرات الآلاف من جنوب المحافظة باتجاه مناطق أكثر أمنا في الشمال جراء تصعيد جديد لقوات النظام وحليفتها روسيا.

من مسقط رأسه خان شيخون، نقل النازح صديق علوان حرفة تصنيع المدافئ إلى مدينة الدانا، حيث يستقر حاليا ويدير ورشة يعمل فيها 15 موظفا، وبالكاد يتمكنون من توفير طلبات الزبائن، وفي باحة الورشة المحاذية لطريق عام، ينهمك العمال في تصنيع المدافئ ووضع اللمسات الأخيرة على عدد منها. وتتألف كل مدفأة من أسطوانة طويلة، تضرم فيها النيران، مثبتة على لوح مرتفع قليلاً عن الأرض، وملتصقة بصندوق مستطيل الشكل مصنوع من الألمنيوم، توضع فيه قشور الفستق ويكون موصولا ببطارية سيارة.

عند افتتاح ورشته، ظن علوان أن الطلب سيقتصر على النازحين من منطقته، المعتادين على استخدامها، ليفاجئ بحجم الطلب الذي فاق توقعاته، ويشرح لـ«فرانس برس» توقعت أن «نفصل 500 صوبيا ولكن حتى الآن صنعنا 2500 منها، والحمد لله الطلب ما زال مستمرا»، موضحا أن «الناس تجربها وارتاحت كثيرا» بسبب الكلفة المنخفضة وتوافر قشور الفستق الحلبي.

وتتراوح كلفة المدفأة الواحد بين 100 و130 دولارا، وفق علوان، بينما يكفي طن القشور الواحد لموسم الشتاء بأكمله، في حين أن برميل المازوت الذي قارب ثمنه 130 دولارا قد لا يكفي لأكثر من شهر، وإذا كان سكان مدينة الدانا قادرين على تحمل أعباء شراء هذه المدفأة وكلفة تشغيلها، إلا أن عشرات آلاف النازحين المنتشرين في المخيمات العشوائية في المنطقة غير قادرين على توفير أبسط احتياجاتهم، وتعد التدفئة واحدة من أبرز التحديات التي يواجهونها خلال الشتاء.

خيم تغرق
في مخيم للنازحين في قرية خربة الجوز في ريف إدلب الغربي، يفاقم الشتاء معاناة حسين محمد برو (51 عاما)، النازح منذ خمس سنوات من ريف اللاذقية الشمالي الشرقي المجاور، على غرار عشرات الآلاف من النازحين المقيمين في مخيمات عشوائية فوق أراض زراعية في المنطقة.

ويروي الرجل الذي يعتاش من قطع الحطب وبيعه لتأمين قوت عائلته المكونة من زوجته وخمسة أطفال لـ«فرانس برس» كيف أن الخيم المهترئة لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء. ويقول بحسرة إن كل ما بوسعه القيام به هو «دعم الخيمة بعدد من الأخشاب لئلا تسقط على رؤوسنا بفعل العواصف».

ومع تساقط الأمطار بغزارة تصبح الخيم عائمة فوق بحر من الوحول، في ظل غياب خدمات الصرف الصحي، كما يشرح برو، لافتا إلى أن الحفر التي يستحدثها الأهالي تطوف وتغرق الخيم وأزقة المخيم. وتتضاعف أمراض الأطفال جراء البرد، بينما الحصول على الدواء ليس متاحا بشكل دائم، ويؤوي ريف إدلب الغربي وحده 40 مخيما عشوائيا يقيم فيها نحو 18 ألف نسمة، جُلهم فروا من ريف اللاذقية المجاور على وقع المعارك منذ أكثر من خمس سنوات.

ويشكو القيمون على إدارة المخيمات من تراجع وتيرة المساعدات الإنسانية من الجهات الدولية. ويقول مدير أحد المخيمات في ريف إدلب الغربي حسان درويش (35 عاما) وهو بدوره نازح من منطقة جبل الأكراد، إن «إدارة المخيم تقف عاجزةً عن تلبية احتياجات النازحين القاطنين في المخيم».

ولا تملك إدارة المخيم على حد قوله «أي دعم أو منح لتقديم المساعدات للنازحين استجابةً للمتطلبات الإنسانية خلال الشتاء فيما دعم المنظمات بات شحيحا ولا يكفي متطلبات سكان المخيم»، مضيفًا: «أن تمطر علينا وتسقط الخيمة أفضل من أن يسقط علينا مبنى جراء القصف».

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
زعيم الحوثيين: نفذنا 14 عملية في أسبوعين وصولًا إلى المحيط الهندي
زعيم الحوثيين: نفذنا 14 عملية في أسبوعين وصولًا إلى المحيط الهندي
شكري يجدد رفض مصر لأية عملية عسكرية في رفح
شكري يجدد رفض مصر لأية عملية عسكرية في رفح
أميركا تحبط قرار منح العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة
أميركا تحبط قرار منح العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة
الرئاسة الفلسطينية تندد بالفيتو الأميركي ضد عضويتها في الأمم المتحدة
الرئاسة الفلسطينية تندد بالفيتو الأميركي ضد عضويتها في الأمم ...
سلطنة عمان تدين «الهجوم الإسرائيلي» على إيران
سلطنة عمان تدين «الهجوم الإسرائيلي» على إيران
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم