Atwasat

«فرانس برس»: مستشفيات ومطابخ وحراس في ساحة التحرير ببغداد

القاهرة - بوابة الوسط الخميس 12 ديسمبر 2019, 06:25 مساء
WTV_Frequency

بعد أكثر من شهرين على بدء موجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العراق، تحولت ساحة التحرير المركزية في وسط بغداد إلى خلية نحل لا تهدأ: حراس، وعمال نظافة، ومستشفيات، بمهام وجداول مناوبات، نموذج ناجح يقول المتظاهرون إنه نموذج لما عجزت الدولة عن القيام به خلال 16 عاما.

ويقول العامل المداوم حيدر شاكر القادم من محافظة بابل جنوب بغداد إلى ساحة التحرير: «في غضون شهرين، حققنا ما لم تحققه الدولة خلال 16 عاما»، بعد انتهاء زيارة أربعينية الإمام الحسين، حمل شاكر خيمة موكبه مع أدوات المطبخ التي يخصصها عادة للزوار المتجهين إلى كربلاء المقدسة لدى الشيعة، واتخذ من العاصمة وجهة له.

في بغداد، نصب شاكر خيمته. ومنذ ذلك الحين، يوزع ثلاث وجبات يوميا طهيت بمواد يرسلها إليه متبرعون، على المتظاهرين، كل صباح، يتحدث إلى الناس في الخيم المحيطة. وبعد أن يتم تعداد أكياس الأرز والسكر والدقيق والتوابل الأخرى، يتم توزيع المهام على الخيم: طبق رئيسي، حلويات، شاي وقهوة، وسندوتشات، ولا يتوقف العمل ليلا نهارا، وعند مدخل الساحة، يقف أبو الحسن حارسا مع عشرات آخرين من رجال ونساء، مهمتهم تفتيش الداخلين عند حواجز أقاموها بالحجارة.

الحرب عادة
ويؤكد هذا الثلاثيني صاحب اللحية السوداء الكثة، الذي لم يعرف غير الحرب في بلاده منذ ولادته تقريبا: «نحن العراقيين، منذ صغرنا، نحتك بالعسكر، لذا اكتسبنا كيفية التعامل معهم»، ويضيف وعيناه تجولان في المكان يمينا ويسارا: «لا نحتاج إلى تدريب لاكتشاف المندسين وردعهم، حتى لا يشوهوا سمعة المجتمع بأسره، وكي نكون قادرين على تقوية دولتنا».

مساء الجمعة، أطلق مسلحون لم تتمكن الدولة من تحديد هويتهم بعد النار لساعات على متظاهرين في بغداد وهاجموا موقف سيارات يحتله المتظاهرون منذ أسابيع، وبعد «المذبحة» التي خلفت 24 قتيلا، والتي يتهم المتظاهرون فصائل مسلحة بالوقوف وراءها، عزز المحتجون نقاط التفتيش في محيط ساحة التحرير وأغلقوا مبنى «المطعم التركي» المطل على الساحة.

ويؤكد المتظاهرون أنهم مع اللاعنف، وأن رجال شرطة واستخبارات اخترقوا صفوفهم، وأنهم وقعوا تحت رحمة مسلحين قادرين على عبور حواجز الشرطة والجيش في بغداد من دون عوائق قبل حادثة الجمعة.

في مواجهة الفصائل المسلحة الموالية لإيران التي تقوم بتعزيز نفوذها وترساناتها في العراق بينما يهاجمها المتظاهرون، يتحالف المحتجون من جهتهم مع أصحاب «القبعات الزرقاء» التابعة لـ«سرايا السلام»، الجناح العسكري لتيار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الذي أعلن أنه أرسل أصحاب «القبعات الزرقاء» العزل لحماية المتظاهرين.

سلاحي؟ مكنسة
ليلة الجمعة، لم يتوقف أحمد الحارثي وزملاؤه من الأطباء والمسعفين في ساحة التحرير عن العمل لتأمين الإضاءة في المكان. تمكنوا من الاعتماد على وصلات كهربائية مدها المتظاهرون على خطوط التوتر العالي التابعة للبلدية، إلى جانب مولدات كهربائية صغيرة اشتروها كحل بديل عند انقطاع الكهرباء لساعات يوميا في العراق.

ومنذ أكتوبر، تخلى طبيب الأمراض النسائية والتوليد عن وظيفته، أولا من أجل التظاهر، ثم لعلاج الجرحى في ثاني أكبر عاصمة عربية مأهولة بالسكان، مع الوقت، تعلم الحارثي التنسيق مع المسعفين وسائقي الـ«توك توك»، لأن «نقابات الأطباء والصيادلة نظمت نفسها في التحرير»، وفق ما يقول، وشكلت ما يشبه «وزارة صحة مصغرة».

ويسهم هذا التنسيق في إدارة الأمور مع خلايا «الدعم اللوجستي» التي تخزن الأدوية والأمصال والضمادات الأخرى المشتراة من الصيدليات التي تقدم حسومات تعاطفا مع التظاهرات، أو التي تأتي عبر تبرعات، أمام المستشفيات الميدانية، وبين عجلات الـ«توك توك» التي تمر بسرعة بين مجموعات المتظاهرين، يقوم عشرات الشباب، وغالبيتهم من الفتيات، بكنس وتنظيف الشارع يوميا.

ويرى المتظاهرون أن الساحة لم تكن أبدا نظيفة بهذا الشكل، مقارنة بما كان يقوم به عمال البلدية، وتقول هدى عامر، المعلمة التي تتغيب منذ أسابيع عن وظيفتها لتنظيف شوارع وأرصفة ساحة التحرير: «سلاحي هو مكنستي»، وتضيف بابتسامة تعلو وجهها: «ثورتنا لا تريد تدمير كل شيء. هنا، نحن جميعا لبناء أمتنا».

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«لوحة بشرية ضخمة».. «غرنيكا» الإسبانية تستحضر المأساة وتطالب بوقف الإبادة في غزة (فيديو وصور)
«لوحة بشرية ضخمة».. «غرنيكا» الإسبانية تستحضر المأساة وتطالب بوقف...
بوريل: غزة أكبر مقبرة مفتوحة في العالم للبشر ولمبادئ القانون الإنساني
بوريل: غزة أكبر مقبرة مفتوحة في العالم للبشر ولمبادئ القانون ...
«القسام»: نخوض اشتباكات ضارية مع قوات الاحتلال قرب مستشفى الشفاء
«القسام»: نخوض اشتباكات ضارية مع قوات الاحتلال قرب مستشفى الشفاء
«أوكسفام»: مستويات الجوع في غزة «الأسوأ على الإطلاق»
«أوكسفام»: مستويات الجوع في غزة «الأسوأ على الإطلاق»
المغرب ترد على اتهامات الجزائر حول سلب عقارات تابعة لسفارتها بالرباط
المغرب ترد على اتهامات الجزائر حول سلب عقارات تابعة لسفارتها ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم