Atwasat

بوتفليقة من رئيس فائق النفوذ إلى الاستقالة تحت ضغط الشارع

القاهرة - بوابة الوسط الأربعاء 03 أبريل 2019, 09:48 صباحا
WTV_Frequency

اعتبر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، لفترة طويلة صانع السلام ومهندس المصالحة الوطنية لدوره في إنهاء الحرب الأهلية في بلاده، وتحوّل الى رئيس فائق النفوذ، قبل أن يصاب بالمرض ويضعف، ثم يستقيل تحت ضغط الشارع الذي اتهمه بالتشبث بالحكم.

وأمضى «بوتف» (82 عامًا)، كما يحلو لمواطنيه تسميته، رقمًا قياسيًا في سنوات الحكم، إذ انتُخب أول مرة رئيسًا العام 1999، -بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

وكان ترشح لولاية رئاسية خامسة في الانتخابات التي كانت مقررة في 18 أبريل 2019، إلا أنه عاد وتراجع تحت ضغط الشارع، وقرّر إرجاء الانتخابات إلى أجل غير محدد، في انتظار تنفيذ إصلاحات، الأمر الذي اعتبره الجزائريون تمديدًا لولايته الرابعة، فواصلوا التظاهرات ضده التي كانت بدأت في 22 فبراير.

ولم يعد الرجل يظهر علناً إلا نادرًا منذ تعرضه لجلطة دماغية في 2013 أقعدته على كرسي متحرك وأفقدته القدرة على الكلام. 

وتعتبر التظاهرات الحاشدة التي طالبت برحيل بوتفليقة و"إسقاط النظام" غير مسبوقة من حيث حجمها وسقف مطالبها خلال العشرين عامًا الماضية في الجزائر.

وبوتفليقة الذي كان في سن 26 عامًا أصغر وزير خارجية في العالم، لم يظهر خلال السنوات الماضية إلا صامتًا وجالسًا على كرسي متحرك. وهو مشهد متناقض جدًا مع بداية ولايته الأولى عام 1999 حين نال أصوات 80 في المئة من الناخبين، وكان قياديًا كثير الحركة في بلاده والعالم، وخطيبًا مفوهًا.

ولد بوتفليقة في الثاني من مارس 1937 في وجدة بالمغرب في أسرة تتحدر من تلمسان شمال غرب الجزائر. وانضم حين كان عمره 19 عامًا الى جيش التحرير الوطني الذي كان يكافح الاستعمار الفرنسي.

عند استقلال الجزائر عام 1962، وكان عمره حينها لا يتجاوز 25 عامًا، تولى بوتفليقة منصب وزير الرياضة والسياحة قبل أن يتولى وزارة الخارجية حتى 1979.

في العام 1965، أيد انقلاب هواري بومدين الذي كان وزيرًا للدفاع ومقربًا منه، حين أطاح بالرئيس أحمد بن بلة.

وكرس بوتفليقة نفسه ساعدًا أيمن لبومدين الذي توفي عام 1978، لكن الجيش أبعده من سباق الخلافة، ثم أبعده تدريجيًا من الساحة السياسية.

صانع المصالحة

بعد فترة من المنفى في دبي وجنيف، فاز بوتفليقة بدعم من الجيش، في الانتخابات الرئاسية في أبريل 1999 التي خاضها وحيدًا بعد انسحاب 6 منافسين نددوا بما قالوا إنه تزوير.

وكانت الجزائر حينها في أوج الحرب الأهلية التي اندلعت في 1992 ضد الإسلاميين. وخلفت تلك الحرب، بحسب حصيلة رسمية، نحو 200 ألف قتيل. وعمل الرئيس الجديد حينها على إعادة السلم في بلاده.

في سبتمبر 1999، صوت الجزائريون بكثافة في استفتاء على قانون عفو عن المسلحين الإسلاميين الذين لم يقترفوا جرائم قتل أو اغتصاب وقبلوا بتسليم أسلحتهم. وأعقب ذلك استسلام آلاف الإسلاميين. في 2005، أُجري استفتاء جديد يعفو عن ممارسات قوات الأمن أثناء الحرب الأهلية.

وعمل بوتفليقة الذي اتهمه خصومه بأنه دمية بيد الجيش، على تفكيك نفوذ هذه المؤسسة القوية في الحكم، ووعد بأنه لن يكون "ثلاثة أرباع رئيس".

وأعيد انتخابه كل مرة من الدورة الأولى، في 2004 (85 بالمئة من الأصوات)، و2009 (90 بالمئة)، وذلك بعد تعديل الدستور الذي كان يحدّ الولايات الرئاسية باثنتين.

في 2011 وفي خضم أحداث الربيع العربي، اشترى بوتفليقة السلم الاجتماعي بالعائدات السخية للنفط الذي ارتفعت أسعاره إلى أعلى مستوى حينها، عن طريق التقديمات الاجتماعية.

صحة معتلة

أثار إيداعه المستشفى لنحو ثلاثة أشهر في باريس في 2013 بعد الجلطة الدماغية التي أصابته، شكوكًا في قدرته على الحكم.

لكن بعكس التوقعات ورغم اعتراضات معلنة حتى داخل الجهاز الأمني، ترشح بوتفليقة ونجح في الفوز بولاية رابعة في 2014 (81,5 بالمئة من الأصوات).

ورغم اعتلال صحته، عزز الرجل سلطته، وحلّ في بداية 2016 إدارة الاستخبارات والأمن الواسعة النفوذ بعد أن أقال رئيسها الجنرال الشهير محمد مدين المكنى توفيق.

وظل بوتفليقة متمسكًا بالسلطة أطول وقت ممكن. رضخ للشارع وأعلن عدوله عن الترشح لولاية خامسة، لكنه أرجأ الانتخابات الى موعد غير محدد، في تمديد فعلي لولايته الرابعة. ثم أعلن أنه سيستقيل قبل موعد انتهاء الولاية الرابعة في 28 أبريل. وانتهى بأن قدم استقالته اليوم.

الرجل الذي قال يوما «أنا الجزائر بأكملها»، يتنحى عن السلطة تاركًا وراءه بلدًا يعاني من أزمة اقتصادية كبيرة، ويرافقه سخط شعب قال العديد من أفراده إنهم شعروا بـ«الذل» بسبب صورة البلاد التي كان يعكسها هذا الرئيس المريض والصامت.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«حماس» تنشر مقطعا مصورا لأسير إسرائيلي يتهم نتانياهو بالفشل
«حماس» تنشر مقطعا مصورا لأسير إسرائيلي يتهم نتانياهو بالفشل
تحذير أميركي من «هجوم وشيك» في إقليم دارفور بالسودان
تحذير أميركي من «هجوم وشيك» في إقليم دارفور بالسودان
«الفصائل الفلسطينية» تحذر من «انفجار شامل» بالمنطقة حال اجتياح الاحتلال رفح
«الفصائل الفلسطينية» تحذر من «انفجار شامل» بالمنطقة حال اجتياح ...
خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة لمهاجرين حاولوا العبور إلى أوروبا
خفر السواحل التونسي ينتشل 19 جثة لمهاجرين حاولوا العبور إلى ...
الاحتلال يعتقل 8455 فلسطينيا من الضفة منذ 7 أكتوبر
الاحتلال يعتقل 8455 فلسطينيا من الضفة منذ 7 أكتوبر
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم