مخاض عسير تشهده حكومة الوحدة الوطنية في تونس بعد طول مشاورات وشد وتجاذب مع الأحزاب والمنظمات الوطنية. وقبيل الجلسة المخصصة للتصويت عليها أمام البرلمان المقرر عقدها الجمعة، فإن الشكوك لا تزال متزايدة بشأن قدرة رئيس الحكومة الشاب يوسف الشاهد على قيادة سفينة تبدو متخمة بالتناقضات.
وفيما تتزايد الشكوك على قدرة رئيس الحكومة الشاب يوسف الشاهد على قيادة سفينة تبدو متخمة بالتناقضات، يرى البعض أن أقصى ما يمكن أن تفعله الحكومة الجديدة هو فرملة الانحدار والحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار.
وبمجرد أن طرح رئيس الحكومة المكلف يوسف الشاهد تركيبة حكومته، فإن الانتقادات ضدها جاءت عاصفة وساخرة بشكل لم تسبقه إليها قبلها سبع حكومات تناوبت على الحكم منذ بداية الانتقال السياسي في 2011.
موجة الانتقاد كانت أكثر حدة على مواقع التواصل الاجتماعي وصلت إلى حد إطلاق النكات، وتلخص تلك التعليقات أسئلة الكثير من التونسيين عن سبب الزج بأسماء في مناصب لا تتفق مع كفاءاتها وبانخراط تيارات سياسية على طرفي نقضي في حكومة واحدة.
واستطلعت «DW عربية» في تقرير لها آراء الشارع التونسي، الذي جاءت أغلب تعليقاته تميل إلى اعتبار أن المشاورات قد غلبت منطق المحاصصة والترضية بدل معياري الأهلية والكفاءة على الرغم من أن التركيبة الحكومية جاءت بغطاء سياسي ونقابي موسع بجانب حضور وزراء تكنوقراط.
الانتقادات آخر حلقات الضغط التي تقوم بها الأحزاب المشاركة في الائتلاف من أجل المزايدة
ويفسر الإعلامي والمحلل السياسي التونسي كمال بن يونس تلك الانتقادات والحملات الإعلامية بأنها آخر حلقات الضغط التي تقوم بها الأحزاب المشاركة في الائتلاف من أجل المزايدة وتحسين حالة التموقع داخل الحكومة الجديدة.
وأوضح بن يونس أن تركيبة الحكومة كشفت عملياً عن توافقات حصلت في الكواليس بين قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل وقيادات في اليسار ونداء تونس والنهضة الإسلامية وحتى داخل الدستوريين (نسبة إلى حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي حكم البلاد في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي قبل الإطاحة به).
ويتابع المحلل السياسي التونسي: «كل الأطراف ممثلة بقوة وطريقة غير مسبوقة بما في ذلك اليسار الراديكالي البعيد عادة عن السلطة. وخلافاً للتوقعات أن الرئيس السبسي والمقربون منه نجحوا في إقناع الجميع وتهديدهم بضرورة دعم المسار الحالي لحكومة الوحدة».
الشاهد نجح في جمع أكبر عدد ممكن من الأطياف السياسية والنقابية داخل حكومة الوحدة
وربما يحسب لرئيس الحكومة المكلف يوسف الشاهد أنه نجح فعلاً في جمع أكبر عدد ممكن من الأطياف السياسية والنقابية داخل حكومة الوحدة، وهي في تقدير البعض الحكومة الثانية من نوعها في تونس بعد الحكومة التي تلت الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي في خمسينات القرن الماضي، لكن هناك مخاوف من افتقاد عنصر الانسجام في ظل حالة العداء السياسي الشديد بين اليسار المتشدد والإسلاميين.
فضلاً عن ذلك فإن النقاش يحوم حول عدد من التعيينات القادمة من منظمات وجهات ذات ثقل سياسي أو نقابي مثل التيارات اليسارية المعارضة أو الاتحاد العام التونسي للشغل وهي المنظمة النقابية القوية والمتوجة بنوبل للسلام، قد تم الدفع بها بعناية وانتقائية كبيرة وكان الهدف هو البحث من ورائها عن المشروعية قبل أي مواصفات محددة.
تعليقات