يواجه الاتحاد الأوروبي غدًا ما يصفه محللون أوروبيون بـ«أخطر يوم أحد» في تاريخه؛ حيث يتجه الناخبون في النمسا وإيطاليا إلى صناديق الاقتراع في استحقاقين قد يقلبان المعادلة السياسية القائمة في القارة كلها.

ويعود الناخبون في النمسا مجددًا إلى صناديق الاقتراع للفصل بين مرشح أقصى اليمين نوربرت هوفر ومرشح حزب الخضر ألكسندر فان دار بالان، وسيمثل الوصول المحتمل للمرشح اليميني أول فوز لممثلي التيارات الشعبوية الأوروبية بسدة الحكم على الإطلاق.

خسارة محتملة
أما في إيطاليا فإن فرص خسارة رئيس الوزراء الإيطالي للاستفتاء الذي دعا إليه لتعديل الدستور وإلغاء مجلس الشيوخ وجعل النظام أقل مركزية تبدو كبيرة وفق آخر عمليات سبر الرأي. وفي بروكسل ينظر المسؤولون الأوروبيون بقلق كبير للاقتراعين اللذين قد يزيدان هذه المرة بشكل هيكلي من متاعب التكتل القاري بعد ستة أشهر فقط من قرار بريطانيا الخروج منه بعد استفتاء شعبي.

فرنسا وألمانيا وهولندا تشهد انتخابات عامة حاسمة قد تشهد تقدمًا كبيرًا لليمين الشعبوي

وإذا وصل رئيس مناهض لأوروبا للحكم في النمسا وخسر رئيس الوزراء الإيطالي المؤيد بقوة لأطروحات بروكسل الاستفتاء، فإن الاتحاد الأوروبي الذي لم يهضم بعد وصل دونالد ترامب للبيت الأبيض قد يجد نفسه أمام خيارات شبه مستحيلة سياسيًا واقتصاديًا.

وتشهد دول أوروبية كبرى ومنها فرنسا وألمانيا إلى جانب هولندا انتخابات عامة حاسمة هي الأخرى قد تشهد تقدمًا كبيرًا لليمين الشعبوي في ألمانيا وهولندا من جهة وربما وصول زعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبان للجولة الثانية على الأقل من الانتخابات الرئاسية في مايو المقبل.

مخاوف مالية
وقال جان كلود يونكر رئس المفوضية الأوروبية عشية الاستحقاق بأنه على وعي بأن العديد من الأوروبيين لا يحملون شعورًا طيبًا تجاه مؤسسات بروكسل، لكنه أضاف أنه كان من الأفضل تجنب إجراء استفتاءات شعبية في هذه المجال في إشارة لما تم تسجله في بريطانيا ولما قد يحصل غدًا في إيطاليا.

ويخشى المتعاملون الماليون من هزة عنيفة في الأسواق صباح الاثنين إذا ما خسر ماتيو رينزي الاستفتاء بسبب الوضع الاقتصادي الدقيق لإيطاليا وترنح مؤسساتها المالية.

ويعول المناهضون للأطروحات الأوروبية والمشككون في سياسة الاتحاد الأوروبي الداخلية والخارجية على اقتراع النمسا لفتح الباب لوصول التيارات الشعبوية للحكم في وقت يواجه فيه الاتحاد الأوروبي علاقات صعبة مع تركيا والتي وضعها المتطرفون النمساويون في مقدمة المسائل التي يريدون حسمها.

وزراء مالية مجموعة اليورو يجتمعون في بروكسل الاثنين لمناقشة التداعيات المحتملة للتطورات في النمسا وإيطاليا

ويتوقع أن يشجع تقدم اليمين الشعبوي في النمسا الدول الشرقية على مزيد من التمرد على ألمانيا القاطرة الاقتصادية والمالية للاتحاد والتي تتعرض لضغوط لضخ مزيد من الأموال في اقتصاديات الدول المتعثرة وهو ما ترفضه برلين حتى الآن.

انتقادات لمستشارة ألمانيا
ويعقد وزراء مالية مجموعة اليورو اجتماعًا في بروكسل يوم الاثنين سيقومون خلاله بمعاينة التداعيات المحتملة للتطورات في النمسا وإيطاليا على منطقة اليورو. وقال زعيم المتطرفين النمساوي نوربرت هوفر إن قرار المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بجلب مليون لاجئ سوري لأوروبا كلف دافعي الضرائب في النمسا نفقات ضخمة.

ويخشى السياسيون الألمان من وصول رئيس مناهض لهم في النمسا، ما قد يمثله من حافز معنوي وغطاء أخلاقي أيضًا لليمين المتطرف في ألمانيا حاليًا وخاصة حزب «البديل من أجل المانيا».

ويعكس تقدم التيارات المتطرفة في النمسا وألمانيا وهولندا وغيرها حالة التوتر المتنامية في أوروبا في وقت تزداد فيه الضغوط السياسية والأمنية والتجارية الأميركية وتبدو فيه أيضًا ملامح لتراجع حلف الناتو في القارة بسبب الخيارات التي رسمها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.