Atwasat

المرزوقي.. طبيب عرف السجون وحقوقي تعلق بالرئاسة

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 21 سبتمبر 2014, 07:03 مساء
WTV_Frequency

حسم الرئيس التونسي الموقت محمد المنصف المرزوقي الجدل بشأن ترشحه في الانتخابات الرئاسية، فأودع بنفسه ملف ترشحه لدى اللجنة العليا المستقلة للانتخابات بالعاصمة، السبت.

وبذلك يكون المرزوقي برهن على رغبته في الاستمرار في قصر قرطاج، الذي ما تركه رئيس قبله طواعية ودون ضغوط سواء أكانت بقوة السلاح، أو عن طريق ثورة شعبية لا تقبل الانهزام.


طفولة مترحِّلَة
في مدينة «قرمبالية» بولاية نابل في الجنوب التونسي، وعلى ضفاف البحر الأبيض المتوسط، أبصر محمد المنصف المرزوقي أنوار الحياة الأولى في السابع من يوليو 1945، وهو سليل أسرة تونسية أمًا وأبًا، لكن المرزوقي عرف الترحال كثيرًا بين المدن التونسية وحتى العالمية.

التحق المرزوقي بمدرسة «الصادقية» الابتدائية ذائعة الصيت في العاصمة «تونس».

غادر تونس إلى الممكلة المغربية حاطًا الرحال في مدينة طنجة، حيث يعيش يومذاك والده، وواصل تعليمه حتى تحصل على الثانوية العامة المغربية في 1964.

بين الطب والفكر
سافر المرزوقي إلى فرنسا؛ حيث تابع تعليمه الجامعي في جامعة «ستراز بورغ»، واستمرت رحلته تلك حوالي 15 عامًا، تزوج خلالها وأنجب ابنتيه مريم وناديه، وفي العام 1973 حصل على الدكتوراة، ثم عاد إلى تونس العام 1979 بشهاداته وخبرته في عالم الطب، فضلاً عن رصيد في الفكر والثورية يوازي ذلك على أقل تقدير.

لم يختصر المرزوقي حياته على خبراته الطبية فقط، فنادى بالحريات والحقوق المدنية، وذلك كلام لم يكن يرضي ساكن قصر قرطاج، ففي مارس 1994 اعتقل المرزوقي وأمضى أربعة أشهر في زنزانة انفرادية، قبل أن يفرج عنه إثر حملة دولية واسعة النطاق، مثلت ذروتها دعوة رئيس جنوب أفريقيا الراحل والمناضل الأفريقي الأشهر نيلسون مانديلا، وكل ذلك نتيجة ترشحه للرئاسة منافسًا للرئيس السابق زين العابدين بن علي.

جوائز بحجم الإنجاز
حصل المرزوقي على العديد من الجوائز المتنوعة ما بين الطب والفكر والسياسية والحقوق، إذ حصل جائزة «هامت-هلمان» للكتاب المضطهدين سنة 2001.

قبل ذلك نال جائزة رجال العلم الذين تميزوا بنضالهم من أجل حقوق الإنسان سنة 1996، و جائزة المؤتمر المغاربي للطب من بورقيبة 1981، وجائزة المؤتمر الطبي العربي من الرئيس الجزائري الأسبق الشاذلي بن جديد 1989، وجائزة المعهد الفرنسي للصحة، وجائزة «سكانو» الإيطالية 1987، وجائزة «هيومن رايتس ووتش» الأميركية 1994.


موسم الحصاد
طيلة سنواته في المنفى ظل المرزوقي يدعو التونسيين لتكثيف النضال السلمي ضد ما يراه نظامًا دكتاتوريًا، منع التونسيين من حقهم في تقرير مصيرهم السياسي، إلى أن جاءت لحظة المفاصلة، حين أشعل الشاب محمد البوعزيزي نفسه احتجاجًا على ما اعتبره انتقاصًا من كرامته الشخصية والوطنية.

كان المرزوقي يومذاك ضيفًا لا يغيب، على شاشات قنوات عربية وأجنبية يُنَظّر للثورة ويحث الناس على فعل المزيد.

وبينما كانت الخيارات تتناقص في وجه نظام بن علي، كان المرزوقي يحزم أمتعته استعدادًا لمغادرة عاصمة الأنوار «باريس»، وما هي إلا أيام قليلة فإذا بالمرزوقي ينشد «حماة الحمى يا حماة الحمى هلموا هلموا لمجد الزمــن»، في مطار تونس الدولي.

أعاد مع رفاقه تنشيط حزب «المؤتمر»، استعدادًا لخوض الانتخابات التشريعية في 21 أكتوبر 2011، وأحرز حزبه المركز الثاني بـ29 مقعدًا، وصيفًا لحركة النهضة الإسلامية وقد تحصل منصف المرزوقي على مقعد في دائرة نابل 2.

ولم تمض سوى أيام قليلة حتى كشف الستار عن تحالف بين القوى الإسلامية والمدنية، وبموجبه تولي المرزوقي رئاسة الجمهورية، فيما تولي «النهضة» رئاسة الحكومة، وكانت رئاسة المجلس التأسيسي من نصيب حزب «التكتل» بزعامة رئيسه مصطفى بن جعفر.


ثبات رغم العواصف
ظل المرزوقي على كرسيه، بعيدًا نسبيًا عن الأضواء، رغم الهزات العنيفة التي ألمت بالبلاد، وأطاحت بعض شركائه وهددت الآخرين، فبعد عام وأشهر اغتيل المعارض التونسي شكري بلعيد على يد متطرفين، ولم تخترق الرصاصات جسده وحسب، بل اخترقت أيضًا الجسد السياسي كله، وأدى ذلك إلى إطاحة الحكومة إثر رفض حركة النهضة تشكيل حكومة كفاءات غير حزبية، وهو المقترح الذي رفعه رئيس الحكومة حمادي الجبالي، لكن «النهضة» دفعت بوزير الداخلية علي العريض مكان الجبالي، وهدأت الأمور نسبيًا.

بعد أشهر قليلة، وفي يوليو 2013، جاء اغتيال المعارض اليساري محمد البراهمي صادمًا للشعب التونسي والقوى المدنية غير المشاركة في الحكم، فشلّت الاحتجاجات الشارع السياسي وهددت الاقتصاد، وظلت تونس على تلك الحال لأشهر، فيما كانت منظمات المجتمع المدني تضاعف جهودها في إطار الحوار الوطني.

في تلك الأثناء تعطلت جلسات المجلس التأسيسي، وكادت الخلافات تجهز على ما تحقق من مكتسبات ثورة 14 من يناير، لكنّه ولحسن تقدير سياسي، فيما يرى مراقبون، تنازلت «النهضة» عن رئاسة الحكومة مقابل تشكيل حكومة كفاءات غير حزبية على رأس مهامها وقف تدهور الاقتصاد، ومكافحة الإرهاب، وتنظيم انتخابات عامة في أقل من عام.

قعت كل تلك الهزات العنيفة لكن المرزوفي ظل بعيدًا عن الاستهداف السياسي، ربما لكونه في منصب شرفي لا يحظى بتأثير كبير على الساحة السياسية، لكن المرزوقي نفسه ظل يؤكد على أنه بذل جهودًا عظيمة من أجل تونس في تلك الفترة.

 

انتحار أم استمرار؟
يختلف المراقبون في تقييم الخطوة التي أقدم عليها المرزوقي، فثمة من يرون أن ترشحه للرئاسة في هذه الفترة لا يعني أكثر من انتحار سياسي سوف يأتي على جل ما حققه المرزوقي خلال سنوات نضاله ضد الاستبداد، في المعارضة والرئاسة.

فخطوة كهذه تعطي انطباعًا أوليًا أن مسافة كبيرة بين التنظير والواقع لدى رجل عرفه الناس أول ما عرفوه كمدافع عن الحقوق المدنية والسياسية ومبدأ تداول السلطة، ولذا فإصراره على الترشح للرئاسة ثانية يعبر عن رغبة جامحة في السلطة، لا أكثر.

لكن آخرين يقولون إن المرزوقي كسب تجربة في الحكم أكثر من غيره، وبذلك يكون هو الأقدر على إدارة البلاد في المرحلة المقبلة، خاصة أن القوانين التونسية لا تمنعه من تقديم نفسه للشعب في انتخابات لا يشكك أحد في أنها ستكون نزيهة وشفافة.

وبين الرأيين ثمة مفاجأة، ففي تونس اليوم من لا يستبعد أن تكون قوى سياسية ذات وزن انتخابي كبير، مثل حركة النهضة مثلاً، ترى في المرزوقي الشخصية الأقدر على إدارة الحكم، في الفترة الحالية، وإن كان المرزوقي نفسه يرى أن مبادرة المرشح التوافقي التي تنادي بها النهضة لا تعني له شيئًا وغير ضرورية إزاء الانتخابات، فالتوافق في رأي المرزوقي يكون واجبًا في كتابة الدساتير فقط.

مع نهاية نوفمبر المقبل ستكون الصورة واضحة، فإما أن يغادر المرزوقي رئاسة الجمهورية، أو يثبت فعلاً صواب خياراته السياسية.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
11 شهيدا بقصف إسرائيلي طال 4 منازل في رفح
11 شهيدا بقصف إسرائيلي طال 4 منازل في رفح
الاحتلال يعدم مدنيين فلسطينيين خلال محاولتهم العودة لشمال غزة (فيديو)
الاحتلال يعدم مدنيين فلسطينيين خلال محاولتهم العودة لشمال غزة ...
3 شهداء و20 مصابا جراء قصف منزل في حي الشجاعية بغزة
3 شهداء و20 مصابا جراء قصف منزل في حي الشجاعية بغزة
الاحتلال يعتقل 7845 فلسطينيا من الضفة منذ 7 أكتوبر
الاحتلال يعتقل 7845 فلسطينيا من الضفة منذ 7 أكتوبر
ارتفاع حصيلة حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة إلى 32 ألفا و552 شهيدا
ارتفاع حصيلة حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة إلى 32 ألفا و552 ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم