احتفل العالم في شهر مايو الماضي بمرور 25 عامًا على توصُّل خبير الكمبيوتر البريطاني تيم بيرنرز لي إلى اختراع الشبكة العنكبوتية العالمية. ولكن هذه الشبكة العنكبوتية ليست هي الإنترنت، وإنما هي جزء بسيط منه، تُمكِّن من تبادل المعلومات حول العالم بواسطة الإنترنت.

وبعد مرور ربع قرن أصبح الإنترنت يربط العالم وأصبح شيئًا أساسيًّا للأعمال والترفيه والتواصل، ولكن كيف ستبدو الحياة الرقمية بعد 25 عامًا من اليوم؟ ما هو حجم التغير الذي سيطرأ على الإنترنت بحلول العام 2040؟

كلتا النظرتين (القاتمة والمشرقة) لمستقبل الإنترنت لها جمهورها وأنصارها، كما ذكر موقع «بي بي سي».

تدفق معلوماتي لحياة أسهل
ربما سيحيط الإنترنت بك من كل جانب بعد 25 عامًا من الآن، ليسهل أنشطتك اليومية بفضل تدفق المعلومات عبر الإنترنت.

وتتغير المعلومات عن مواعيد وطرق المواصلات العامة من بيتك إلى المدينة، باستمرار طبقًا لحالة الازدحام لكي تتجنب التأخير. شراؤك الهدية المناسبة لعيد ميلاد أطفالك أمرٌ في غاية اليسر لأنَّ المعلومات المتوفرة عنهم تمكِّن خدمة التسوق الخاصة بك من معرفة الهدية التي يرغبون فيها.

قضية الخصوصية
إنَّ تدفق المعلومات بأحجام وكميات تكبر باستمرار يثير مخاوف من انتهاك الخصوصية.

لكن المخاوف المعاصرة من انتهاك الخصوصية ستكون على أضيق نطاق بحلول العام 2040 طبقًا لما يقوله خبير أمن المعلومات بروس شنيار الذي سيتحدث في الأيام المقبلة أمام مؤتمر ينظمه موقع «بي بي سي فيوتشر» بعنوان «أفكار تغير العالم».

جرائم إلكترونية
وجهة نظر أخرى تفترض السيناريو الأسوأ وهو تفشي الجريمة الإلكترونية والتي يصعب مواجهتها تارة بسبب انتشارها أو عدم تأمين مواقع الإنترنت بشكل كاف

قد تساعد شبكة الإنترنت على الجريمة الإلكترونية بحيث يستحيل الدخول إلى الإنترنت دون أن تعرِّض حسابك البنكي للسرقة أو المجازفة بسرقة تفاصيلك الشخصية السرية.

هناك إشارات إلى احتمال وقوع كارثة رقمية تجد صداها في كل أنحاء العالم.

القراصنة سيطروا على مواقع التواصل الاجتماعي وأسعار الإنترنت أصبحت لا تطاق، وتمت تجزئتها بحيث إنَّ المقتدرين ماديًّا وحدهم مَن يستطيعون الدخول الى المواقع المفيدة والمواكبة للزمن.

في بعض البلدان، تقوم أجهزة الأمن السرية بمراقبة كل حركة للمواطنين باستخدام أدوات استشعار، أو محادثات، أو مراسلات تمت عبر الإنترنت. حتى لو كنت تستطيع الدخول إلى الإنترنت، هل ستكون راغبًا في ذلك؟

مخاطر محتملة
المشاكل المحتملة كثيرة. إحداها على سبيل المثال، ازدياد الخدمات المعتمدة على المعلومات تشعر البعض بالقلق من مستقبل يحدد لنا فيه الآخرون أسلوب عيشنا، مقلصين بذلك قدرتنا على أنْ نختار ما نريد بمحض إرادتنا.

ثم هناك القلق من أنْ يصبح الدخول إلى المعلومات شأنًا للنخبة فقط، وإبقاء مَن لا يستطيعون الدخول إلى المعلومات في الدرجات المجتمعية الأدنى.

إحدى الطرق للحفاظ على المساواة والديمقراطية في الإنترنت هي حماية الحيادية، التي تعني وجود شبكة مفتوحة، لا مركزية، ويمكن الدخول إليها على مستوى العالم، بدلاً من شبكة مقسمة إلى فئات يكون فيها الدخول إلى المعلومات المهمة حكرًا على فئات دون غيرها، وهكذا.

ليس الحياد وحده هو المُعرَّض للتهديد. فقد أعرب عددٌ آخر ممَن كتبوا تقرير مركز «بيو» عن قلقهم من فرض سياسات الدولة الأمنية على الإنترنت والتي تسمح لأنظمة الحكم القمعية بفرض رقابة على الإعلام أو التجسس على مواطنيها بسهولة أكبر.

مشاكل أمنية
وهناك أيضًا تهديدٌ يتمثل في زيادة المشاكل الأمنية التي يمكن أنْ يتسبب بها المجرمون. فقد شجَّع تركيب أجهزة مرتبطة بدائرة إلكترونية في بيوت الناس على وجود سيناريوهات مفزعة يتم فيها مراقبة الأجهزة الشخصية عن بعد.

حتى أجهزة مراقبة الأطفال التي تُمكِّن الآباء والأمهات من مراقبة صغارهم من غرف أخرى داخل البيت، تم اختراقها عن عمد بهدف التسبب في الأذى.

توازن الإنترنت
ولكن هناك وجهة نظر مختلفة تخلق نوعًا من التوازن بين النظرتين القاتمة والمشرقة لمستقبل الإنترنت، وبدأت بشائرها تظهر، فعلى سبيل المثال مواقع التواصل الاجتماعي الجديدة - مثل «Sgrouple» و«Ello» - التي تعد بأن تتصرف بطريقة أخلاقية، تخلق نوعًا جديدًا من المنافسة مع المواقع القائمة التي ينتقدها البعض.

في شبكة مفتوحة، المنافسة لا تدفع فقط إلى الابتكارات الإيجابية التي يتوق الناس إليها، لكن يمكن أن تسمح كذلك لقيم المساواة أن تسود.

لكن ذلك لا يعني أن كل مصائبنا ستتلاشى. فالشبكة العنكبوتية العالمية العام 2040 يتوقع أن تكون مختلفة، لكن يمكن لنا أنْ نكون واثقين من شيء واحد: ستبقى شبكة الإنترنت متنوعة لتعكس تنوع جنسنا البشري.