انتقد تقريرٌ بموقع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، الأربعاء، أحكام الإعدام التي صدرت الشهر الماضي على عدد من قيادات النظام السابق ومن بينهم سيف الإسلام القذافي، وتساءل عن سبب الصمت الدولي حول الأحكام وغموض الإجراءات.

ورأى التقرير أنَّ الأحكام الأخيرة تلقي بالشكوك حول تطبيق العدالة وأنَّ إجراء المحاكمة في ليبيا ربما كان خطأ جسيمًا. وقال التقرير: «أصرَّت الحكومات الليبية المتلاحقة على محاكمة هؤلاء الرجال في ليبيا وربما كان ذلك خطاً جوهريًّا، العدالة الانتقالية أمرٌ معقَّدٌ وهي عادة مشحونة عاطفيًّا، وربما كانت معقَّدة بصورة أكبر بالنسبة إلى ليبيا بسبب انتقالها من حرب إلى أخرى. اليوم، ليبيا ليست آمنة لأي أحد».

وأكد التقرير أنَّ تلك المحاكمات تشير إلى «صعوبة تطبيق محاكمات عادلة في بلد تسيطر عليه الميليشيات، ويقوده الانتقام ومجرد من أي نوع من الحكومة المركزية الفاعلة».

ولفت التقرير أيضًا إلى أنَّ تلك المشاكل لحقت بالمحاكمات منذ بدايتها مع عدم وجود شهود أو تقديم أدلة أو مناقشتها في المحاكمة، مشيرًا إلى أنَّ محامي المتهمين خشوا على حيواتهم حتى أنَّ أحدهم تعرَّض لإطلاق النار.

ماذا تعني الأحكام؟
ونقل التقرير عن وزير العدل السابق صلاح المرغني، الذي كان في السلطة وقت بدء المحاكمة، أن «المحاكمة هي إجهاض للعدالة سيطارد ليبيا حتى وقت طويل». وأضاف: «الليبيون جُـرِّدوا من إيجاد الحقيقة في محاكمة عادلة لمحاسبة عهد من الاستبداد».

وأشار التقرير إلى عدة نقاط منها عدم توضيح النقاط التي بني عليها الحكم بالإعدام تفصيليًّا، وعدم وجود ردود فعل رسمية من الغرب، مما يفتح باب التكهنات لدى عديد المراقبين.

الأحكام لصالح الغرب
وتساءل التقرير إذا ما كان الرجال الذين تمَّ الحكم عليهم يعرفون أكثر من اللازم، مشيرًا إلى أنَّه ربما من الأفضل لدول مثل فرنسا وبريطانيا أن يتم إعدام هؤلاء المتهمين.

وسرد التقرير عددًا من العلاقات التي ربطت رموز هذه الدول بأفراد قريبين من النظام السابق ومنها اتهام الرئيس الفرنسي السابق نيكولاي ساركوزي بقبول تمويل من معمر القذافي لإحدى حملاته الانتخابية.

كما أشار التقرير إلى العثور على مستندات في مقر المخابرات في ليبيا العام 2011 تُظهِر عملية مشتركة مع بريطانيا للتعاون في ما سمي «إجراءات مكافحة الإرهاب» شملت إعادة إسلاميين إلى ليبيا وتعرُّض معارضين في بريطانيا إلى المطاردة من قبل رجال القذافي.

ونقل التقرير عن دبلوماسي غربي قال سرًّا حول الصمت الغربي إنَّه لم يرد أي أحد أن يقول شيئًا قد يصنف كمؤيد أو معارض للقذافي.

القضاء يغرق في السياسة
وأكد الميرغني أن «القضاء الليبي يعاني للبقاء غير متحيز في الصراعات»، وأضاف: «القضاء يغرق أكثر في السياسة».

وعلق التقرير أنَّ الأحكام الأخيرة تمهِّد الطريق لمثيلاتها بناء على العملية نفسها، كما أنَّها تغذي عدم الثقة في القضاء، مما يدفع الناس إلى الاعتقاد بأنَّ تحقيق العدالة بأيديهم هو الأفضل.
وأكد أنَّ العدالة في عهد القذافي كانت كسوفًا شمسيًّا إلا أنَّ الظلال الملقاة الآن على حكم القانون أكبر.

وقضت محكمة استئناف طرابلس، الشهر الماضي، بالإعدام رميًّا بالرصاص على سيف الإسلام القذافي وثمانية من مسؤولي النظام السابق، بعد محاكمتهم على جرائم الإبادة الجماعية وجلب مرتزقة وتكوين تشكيلات مسلحة، وقمع تظاهرات ثورة فبراير.

وبين المحكوم عليهم بالإعدام البغدادي المحمودي آخر رئيس وزراء في عهد القذافي، ومدير المخابرات السابق عبد الله السنوسي. وأصدرت المحكمة ثمانية أحكام بالسجن المؤبد، بينما تراوحت الأحكام الباقية بين السجن 12 سنة وخمس سنوات، وأعلنت المحكمة براءة أربعة متهمين.