سلط تقرير جديد الضوء على أوضاع المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا، وتعرضهم للاعتقال التعسفي والتعذيب في مراكز الاحتجاز، مع غياب سلطة تنفيذية قادرة على التعامل مع أزمة المهاجرين ووضع حلول عملية لها.

وقال تقرير أصدرته مؤسسة «ميكسد ميجريشن هَب» الدولية إن المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا يتعرضون لانتهاكات ممنهجة، وإنهم عرضة للاعتقال القسري في ظروف سيئة لمدة أشهر دون سبب قانوني أو تحديد مدة الاحتجاز، ووجد التقرير أن سوء معاملة المهاجرين من الأسباب الرئيسة التي تدفعهم للهروب من ليبيا إلى أوروبا.

وتعد مؤسسة «ميكسد ميجريشن هَب» الدولية منصة مشتركة بين مكتب المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، ومجلس اللاجئين الدانمركي والمنظمة الدولية للهجرة ووكالة الأمم المتحدة للاجئين.

اعتقال تعسفي وتعذيب وعنف جنسي
وأكد المهاجرون الذين تضمن التقرير شهاداتهم «أن اعتقالهم تم بشكل تعسفي دون إبداء أسباب، وأنهم تعرضوا للتعذيب خلال فترة الاحتجاز، وكان المسموح لهم بمكالمة ذويهم وأقاربهم فقط لطلب أموال مقابل إطلاقهم».

وأوضح التقرير وقوع العديد من انتهاكات لحقوق الإنسان والقوانين الدولية المعترف بها، والتي تلتزم ليبيا بها بموجب الاتفاقات الدولية التي وقعتها.

ووصف التقرير أوضاع المهاجرين في مراكز الاحتجاز بـ «مؤسفة ويرثى لها»، إذ يتعرض المحتجزون من الرجال والسيدات وصغار السن إلى الضرب والعنف الجنسي من قبل الحراس، فضلاً عن عدم كفاية المواد الغذائية والمياه، وتردي الأوضاع الصحية وغياب الأدوية والرعاية الصحية المناسبة.

وأشار التقرير إلى أن التحدي الأكبر يكمن في تحديد المسؤول عن تلك الانتهاكات ومحاسبته، ونظرًا للأزمة السياسية التي تشهدها الدولة وانقسام المؤسسات بين حكومتين مختلفتين، فإن المسؤول عن تلك الانتهاكات غير معروف وليس من السهل تحديده أو الوصول إليه.
احتجاز المهاجرين مصدر استرزاق لكثيرين
وجاء في التقرير أن العشوائية التي تتم بها عمليات الاحتجاز، إنما تدل على تحول عمليات الاحتجاز في ليبيا إلى مصدر ربح لكثير من العصابات الإجرامية والتشكيلات المسلحة والجيش والشرطة والمهربين، وحتى بعض المدنيين.

وأكد التقرير أن جميع مراكز احتجاز المهاجرين سواء الواقعة تحت سيطرة الحكومة الموقتة، أو ما يسمى بحكومة الإنقاذ أو سيطرة التشكيلات المسلحة المختلفة تشهد انتهاكات وحالات تعذيب، واعتقالاً قسريًا في حق المهاجرين.

تضمن التقرير شهادات 45 مهاجرًا (85% منهم كانوا أطفالاً أو شبابًا دون مرافق)، في الفترة بين نوفمبر 2014 وفبراير 2015 في مالطا إيطاليا وفرنسا وبريطانيا، وتعاونت المؤسسة في تقريرها مع مكتب المفوضية العليا للمهاجرين والمنظمة الدولية للهجرة ومفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
الفوضى الحالية تساعد في زيادة الانتهاكات
وذكر التقرير، الذي نقل عنه موقع «مالطا إندبندنت»، الأحد، أن «الوضع في ليبيا يزداد سوءًا وخرج عن السيطرة، مع وجود حكومتين وعدد من التشكيلات المسلحة تتنافس على السلطة في بلد على شفا الحرب الأهلية»، مضيفًا أن الدولة في حالة فوضى مع غياب نظام قانوني قادر على التعامل مع أزمة الهجرة واللاجئين.

وقالت مديرة المركز الدانمركي للاجئين، والشريك لمؤسسة « ميكسد ميجريشن هَب» إن «التقرير أكد أن الوضع المأساوي في ليبيا يساهم بشكل كبير في زيادة أعداد المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين الراغبين في عبور البحر المتوسط إلى أوروبا، وإن الفوضى الحالية تساعد في زيادة الانتهاكات وحالات الإساءة للمهاجرين واللاجئين».