استبعد الباحث التونسي الدكتور المولدي الأحمر حل الأزمة الليبية عن طريق «القوة»، وأكد في ندوة الجامعة الأميركية في بيروت حول الشأن الليبي الانتقالي، وجود خمسة أسباب رئيسية وراء تطور الأوضاع في ليبيا.

أقيمت الندوة في 22 أبريل الجاري، بحضور عدد من أساتذة وطلاب الجامعة.

وجرى استهلال الندوة بمحاضرة الأحمر، تحت عنوان «السياق الاجتماعي والسياسي عند قيام الثورة».

ويعد الأحمر باحث في التاريخ الاجتماعي، وسبق له التدريس في الجامعة الليبية كلية التربية بطرابلس في تسعينيات القرن الماضي، وله إصدار حول دور الزعامات الليبية إبان حركة الجهاد الليبي.

مسببات الأزمة
ووضع الأحمر خارطة منهجية لمحاضرته حددها أولاً في مُسببات ما وصلت إليه الأوضاع في ليبيا.

وحدد الأحمر هذه الأسباب فيما يلي:
1- الفراغ السياسي والثقافي ما أنتج غيابًا لثقافة الشرعية الانتخابية ومشكلة الفعل.
2- غياب فكرة الوطن والمواطنة والدولة الحديثة عند السياسيين، ولا ترتفع سيسيولوجيًا عند نُخبها التي لا تتواصل أو تتحاور مع بعضها البعض رغم أنها ترفع أهدافًا مشتركة.
3- التدخل الخارجي ونظرته التي تستغل أهمية ليبيا الجغرافية والبترولية.
4- إمكانيات غير مسبوقة أعطيت لوسائل الإعلام فخالفت أخلاقيات مهنتها بانحيازها لطرف مسلح ضد طرف آخر، وتفرد بها أصحابها بشكل مصلحي منحاز.
5- الإرث السياسي الذي قاده نظام زعامي لا يبني دولة قائمة على نظام اقتصادي ريعي.

وأشار الأحمر إلى نموذج تونس حيث جرى ضغط مدني تجاه الدستور، وتجاه تحديد موقف النهضة من التطرف. وقال إنَّ «في ليبيا لم يُفرض على القوى المعتدلة أن توضح موقفها من الطرف المتطرف المسلح».

آليات فهم بنية الصراع
وعرض الأحمر في ختام طرحه ما يمكن اعتباره أفقًا لحلول للأزمة الليبية.

وقال الأحمر إنَّ هذه الحلول تبدأ من «ضرورة إقرار آليات فهم لبنية الصراع الجاري، وذلك ما سيقود إلى نجاعة الحلول».

كما تتضمَّن الحلول ضرورة الاقتناع أن «الشرعية الانتقالية على أساس الانتخابات غير ممكنة حاليًا كمرحلة أولى، كما أنَّ فرض نموذج اجتماعي ديني غير ممكن».

وقال الأحمر «بالإمكان خلق ميثاق يقوم على التبرؤ من المتطرِّفين، ولعل استحداث رابطة المثقفين الليبين الأحرار تقود ضغطًا عند الرأي العام والمجتمع المدني لرفض ما يجري تداوله».

وأضاف أنّه «لا يمكن حسم الصراع بالقوة وبالإمكان ترجيح الدعوة إلى حكومة توافق وطني ربما تحت مسمى مجلس وطني انتقالي جديد (غير منتخب)، ويتم ضبط أعضاءه معياريًا بتفاصيل يجري تدقيقها».

واختتم الأحمر طرحه بالتأكيد على ضرورة «مسألة الأمن وأهم عوامله انتشار السلاح، وعلى ذلك ينبغي جمع السلاح تحت مظلة الأمم المتحدة».