Atwasat

التفاصيل الكاملة للتعدي على مساجد طرابلس القديمة

طرابلس - بوابة الوسط، عبدالوهاب العالم الخميس 16 أكتوبر 2014, 06:34 مساء
WTV_Frequency

عادت موجة الاعتداء على المساجد التاريخية ونبش الأضرحة في ليبيا بعد أن توقفت أو خفّت السنة الماضية، وساعد على ذلك حالة الفوضى وانشغال الشارع بالنزاع المسلح الدائر في عدد من المناطق الليبية، محدثة ردود فعل محلية ودولية أحيانًا. واكتفت الجهات الرسمية بإصدار بيانات استنكار دون أن تتبعها إجراءات ملموسة تتصدي لهذه الأعمال التي تمس معالم تاريخية، وقوبلت هذه التعديات برفض المواطنين الذين حاولوا التصدي لمرتكبيها فيما مضى؛ إلا أن الفاعلين عادوا مرة أخرى مستهدفين هذه المرة بعض معالم العاصمة طرابلس منها جامع أحمد باشا القرمانلي وبرّر أحدهم لـ«بوابة الوسط» ما فعلوه بأنه «إزالة».

شهود عيان
روى أحد شهود العيان (ط. ب) وهو تاجر يعمل بسوق المشير وسط المدينة القديمة، في محل قريب من باب جامع أحمد باشا القرمانلي، قائلاً: «بدأ الأمر في اليوم الثاني من عيد الأضحى، حين كان التجار والعاملون وبعضهم من سكان المنطقة يتبادلون التهاني بمناسبة العيد قرب الجامع، عندها باغتتنا مجموعة كبيرة من الأشخاص الملتحين رفقة شباب حديثي السن ومسلحين على متن سيارات دفع رباعي ودخلوا الجامع، وسرعان ما أغلقوا الباب الرئيس الكبير وبدأوا فورًا بعملية إزالة بعض معالم الجدران الأثرية والمنبر العتيق ثم أغلقوا الجامع وعلقوا على بابه لافتة تقول: (الجامع تحت الصيانة حاليًا)».

وناشد (ط. ب) الجهات ذات العلاقة أن تتخذ موقفًا واضحًا تجاه هذه التصرفات التي تطال «هويتنا»، وقال: «شاهدنا كيف أزال نظام القذافي معالم أثرية مهمة في المدينة وها نحن الآن نرى استمرار حملة جرف آخر لما نملكه من تراث».

ووصف مدير مكتب الثقافة بطرابلس بوزارة الثقافة المهندس عمر أبو سالم الحادثة بالفاجعة، قائلاً: «نتعامل مع مدينة طرابلس كروح وليس مجرد مباني وشوارع، فهذه (العروس) بها أثار يتجاوز عمرها 3000 سنة ولها قيمتها وإذا كان ثمة اعتراض على وجود القبور في المساجد فلابد أن تُحسم المسألة من قبل وزارة الأوقاف لأنها المسؤول الأول عليها، أما أن تدخل جماعات مجهولة ومسلحة عنوة وتخرب البلاط والجدران فهذا ليس من الأخلاق ولا من الإسلام نفسه، وما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلح عوجًا بالعنف».

تخزين الآثار وحمايتها
وحول ما إذا كانت هناك توجهات سياسية أو أيديولوجية وراء هذه الأعمال قال: «إن المستفيد هو المتواطئ أو المسؤول عن هذه الأفعال وسط هذا الصراع على السلطة»، متسائلاً: «من المستفيد من ترويع الناس مثلما حدث في تفجير جامع بن ناجي بحي بن عاشور بطرابلس في منتصف الليل وهم نيام أو نسف جامع عمورة بمنطقة جنزور؟ ومن الفاعل والمستفيد هل هم أزلام أم هم جماعات متشددة أم جهات أخرى؟».

وأوضح أبو سالم أن هناك نصًا قانونيًا لحماية الآثار في الحروب والصراعات المسلحة إما بتخزينها أو نقلها في مكان آمن..وهذا ما قد نفعله بالنسبة للقطع الأثرية القيمة إلى أن تستقر البلد.

وقال مدير جهاز إدارة المدن التاريخية فرع طرابلس حسام باشاغا الذي استقال من عمله عقب التعدي على جامع درغوت باشا الأثري: «أبلغتنا مصلحة الآثار بوقوع الحادثة المؤسفة فتحركنا بالتوزاي مع بلدية طرابلس وقمنا بتبليغ الجهات الرسمية ذات العلاقة مثل وزارة الأوقاف..فهذه المساجد تتبعها من الناحية الإدارية أما تاريخيًا فهو يتبع جهاز إدارة المدن التاريخية والحقيقة أن مدير فرع طرابلس بالوزارة الشيخ عبدالباسط غويلة أكد على أن المعتدين هم مجموعة خارجة عن السيطرة وأن أفعالهم لا تمثل الإسلام..كذلك صرحت دار الإفتاء بعد أن طلبنا منها اتخاذ موقف من هذه الجريمة فأصدرت بيانًا جاء فيه أن هؤلاء القوم خارجون عن القانون ولا تجوز مثل هده الأعمال شرعًا، أما هيئة علماء ليبيا فقد طالبت بملاحقة الجناة جنائيًا».

غياب الردع الحكومي
تحتاج الدولة إلى جهاز عسكري ينفذ قراراتها على الأرض فهذه المواقع بحاجة لمن يحرسها لأنها تحمل إرثًا تاريخيًا لا يُثمّن ..وبهذا تستطيع بالفعل تحويل بياناتها إلى أفعال إذ يفترض على وزارة الداخلية تكليف مديريات الأمن في كل مكان في ليبيا بحماية الأماكن الأثرية..ولكن بما أن المديريات ضعيفة بل ترتجف أمام قوات المخربين والمجرمين، تجدنا نلجأ لحلول تلفيقية من كتائب وسرايا..وكما نعلم اليوم أن قوات فجر ليبيا هي المسيطرة الآن؛ لهذا توجهوا لحماية تاريخ بلادنا وجوامعنا التي تتعرض للهدم..حتى يثبتوا للعالم أن ما تحت سيطرتهم من مناطق ينعم بالأمن ..لكن حتى الآن لم نتلق منهم أي رد.

وتعتبر أسرة القرمانلي المرتبطة بالحادثة بحكم رجوع نسبهم إلى مؤسس الجامع المعتدى عليه والمدرسة القرآنية الشهيرة، وقد عبر السيد أحمد فايق يوسف القرماني عن شديد أسفه على ما حدث قائلاً: «أحسست وكأن جذوري اقتلعت من أرض ليبيا..هم يريدون انتزاع ليس تاريخي فقط بل تاريخ كل الليبيين... هذه الأسرة صنعت تاريخًا ومجدًا لهذه البلد وهي من جعلت البحرية الأميركية تذكر شواطئ طرابلس في نشيدها بعد هزيمة الولايات المتحدة على يد يوسف باشا القرمانلي. وقبل سنتين تقريبًا قامت جماعات متطرفة بهدم قبور تتبع أسرة القرمانلي بمنطقة زاوية الدهماني بطرابلس..مع تكرر هذه الحوادث التخريبية ولم نر فعلاً وموقفًا جادًا من الجهات المسؤولة لمعاقبة أصحاب الفوضى الذين عبثوا بليبيا واستباحوها ولم أر الليبيين أيضًا يقفون لتاريخهم ولا لما يحدث في بلادهم من تقسيم وسفك دماء وعبث بالتاريخ فأصحاب هذه القبور جاهدوا في سبيل الله ضد البحارة المسيحيين فأي جهاد يدعيه المخربون عندما يهدمون شواهدنا التاريخية؟ ومن دمروا الجوامع فليس ببعيد أن يدمروا آثار لبدة وشحات وصبراتة».

تطهير الجوامع من السحر
توجهنا إلى الطرف الآخر للمشكلة والتقينا (عبدالله) كما يفضل أن ندعوه وهو أحد المجموعة المقتحمة لجامع (درغوت باشا) وشارك أيضًا فيما سماه تطهير جامع أحمد باشا فقال: «هذه ليست اعتداءات على الجوامع كما يدعي البعض وإنما هي تطهير لها من القبور والسحر والضلالات التي كانت تملؤها والتي لم يكن باستطاعتنا القيام بها في عهد القذافي بسبب بطشه وعدم احترامه للدين والشريعة الإسلامية، ولكن اليوم يمكننا تطبيق شرع الله بحرية ودون الرجوع للدولة كما يقول الناس فعندما تطبق الدولة الشريعة سنقوم بأخذ إذنها وموافقتها».

وأكد رفاق (عبد الله) أنهم كسروا شواهد القبور الأثرية والتي تعود لأكثر من مائتي سنة بحجة أن السكان كانوا يعبدونها ويتمسحون بها، كما ادعت جماعة من مقتحمي الجامعين أنهم وجدوا داخلهما كتب سحر ومجلات عليها صور لأجساد بشرية عارية ومؤلفات شيعية داخل مكتبة المسجد..وعندما دخلنا معهم للمكتبة لم نر سوى مجلات صحية عليها صور لوجوه نساء... ولم نجد أثرًا لكتب الشيعة أو السحر.

يذكر أن هذه القبور لم تكن لـ«أولياء صالحين» وإنما لحكام وولاة طرابلس الذين دافعوا عن شواطئ البلاد منذ القرن الـ17 الميلادي!!

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
محادثات حول عودة السفارة البرازيلية للعمل في طرابلس
محادثات حول عودة السفارة البرازيلية للعمل في طرابلس
حكومة حماد تقرر إطلاق منصة لتلقي طلبات عمل المنظمات الأجنبية
حكومة حماد تقرر إطلاق منصة لتلقي طلبات عمل المنظمات الأجنبية
فريق أميركي يجري جراحات للأطفال في مركز زليتن الطبي
فريق أميركي يجري جراحات للأطفال في مركز زليتن الطبي
قوة دعم المديريات تداهم مكانا لتجميع المهاجرين في زوارة
قوة دعم المديريات تداهم مكانا لتجميع المهاجرين في زوارة
ارتفاع الدولار مقابل الدينار الليبي في السوق الموازية (الخميس 18 أبريل 2024)
ارتفاع الدولار مقابل الدينار الليبي في السوق الموازية (الخميس 18 ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم