Atwasat

بالنور يكتب: عام على اغتيال الشهيد عبدالسلام المسماري

«بوابة الوسط»، جمال بالنور الأربعاء 16 يوليو 2014, 12:25 صباحا
WTV_Frequency

في ذكرى رحيل المناضل الشهيد عبدالسلام المسماري منسق ومؤسس "ائتلاف 17 فبراير" تستكتب "بوابة الوسط" بعضًا من رفاقه، كما تُتِيحُ الفرصة لكل صاحب قلم يرغب في تسجيل شهادة للتاريخ بحق الشهيد الراحل، والبداية مع أحد رفاقه جمال بالنور.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يُصادف اليوم 17رمضان/1435 الذكرى الأولى من السنة الهجرية لحادث اغتيال المناضل البطل الشهيد عبدالسلام المسماري منسق ائتلاف 17 فبراير المؤسس والذي يوافق تاريخ 26/7/2013م، أي بضعة أيام تفصلنا عن تاريخ هذه الذكرى الأليمة. قتل البطل المناضل غدرًا في يوم الجمعة السابع عشر من رمضان بعد خروجه من صلاة الجمعة بالمسجد المعروف باسم "بوغولة" بمنطقة البركة اغتيل الشهيد صائمًا مصليًا متوضئًا داعيًا مبتسمًا موحدًا بارًا بوالديه راضيًا مرضيًا، ودعنا وقلبه مغمور بحب الوطن وبريق عينيه. لا يعكس إلا شيئًا واحدًا. لابد من ليبيا وإن طال النضال.

عاش البطل الشهيد بسيطًا في حياته، الوطن والحرية وحقوق الإنسان عقيدة لديه ما فتئ يذود عنها في كل المناسبات والمحافل. فهو محامٍ وعضو نشط في نقابة المحامين/ ب قبل وبعد ثورة 17 فبراير. وقبل ذلك عمل وكيلاً للنيابة العامة وقاضيًا في المحاكم والنيابات بدرجاتها المختلفة، فهو حقوقي حتى النخاع، الدولة المدنية التي تسودها الديمقراطية والعدالة الاجتماعية حلمٌ صاحبه حتى آخر لحظة من حياته، قوي وجريء في طرح أفكاره التي كان يؤمن بها والتي تجسِّد في مضامينها حبه لدينه ووطنه وشعبه وأهله. لم يكن ليتزعزع عنها قيد أنملة. لم تكن هذه الجرٍأة والجسارة لتخذله حتى في آخر لحظات حياته عندما واجه قاتله ببسالة وشجاعة فائقة.

كان من أهم المؤسّسين لائتلاف 17 فبراير المؤسس. وقاده في أصعب وأحلك الظروف التي سهلت تواصل الشعب مع ثورته ابتداءً من صياغته وإعلانه لبيان انتصار ثورة 17 فبراير وإلى بناء اللجان وتأسيس المجموعات، وغيرها من المكونات الأخرى التي كان لها الدور الرئيس في إدارة البنى التحتية لهذه الثورة على نحو يتناغم وينسجم مع الزخم الشعبي وحالة التدافع التي شهدتها بلادنا وهي في طريقها نحو الخلاص. وكان لهذه الإدارة أن أزالت كثيرًا من العقبات والصعاب التي اعترضت سبيل مؤسَّسات الثورة آنذاك من مجلس انتقالي ومكتب تنفيذي ومجالس محلية... إلخ. والحديث يطول في هذه الجزئية.

كان رحمه الله يصدع بما يراه حقًا ولا يخشى في ذلك لومة لائم، اختط لنفسه خطًا واضحًا في ثورة 17 فبراير، التزم به ولم يكترث لكل تلك الصيحات والانتقادات التي رأى فيها خروجًا فاضحًا عن حدود الوطن، لم يبال وقد صار وحيدًا في مقارعة مكامن الظلم والطغيان والاستبداد، فالثورة ليست مغانم ترتجى، ولا سلمًا لمطامع ومكاسب ووعود. هي فقط عودة راشدة لمسار الوطن والحقوق. كنا قد حدنا وانحرفنا عنها لما يزيد على أربعين سنةً ونيف. لم ينافق ولم يداهن أو يجامل أحدًا، واثقًا يمشي ملكًا نحو هدفه، لم يتسم بالجهوية أو القبلية أو العصبية أو الحزبية أو الفئوية، يبغض كل هذه النعرات المستفزة، خلفيته وقبلته وسماؤه وأرضه. حب الوطن ورضا الله، ديدنه رفض وواجه كل من ادعى أنَّ له وكالة خاصة من الله، رأى في ذلك مشروع تقسيم لشعب عاش ويعيش على سجيته وطبيعته وفطرته كشعب مسلم سُني مالكي في عمومه موحد.

حذّر من التآمر على الوحدة الوطنية باسم الدين فالأمة قد اجتمعت على الثورة وأهدافها ومبادئها، وهي أمة لا يمكن أن تجتمع على ضلالة، فيها الخير كله، وخيرها قد كشفت عنه هذه الثورة المجيدة في طيبة أبنائها وجزل عطائها، لم يعر اهتمامًا لتلك الأصوات المتعالية الهائجة المائجة، فقد كان يراها مدفوعة الثمن مسبقًا.

وسينحسر عنها الزمان والمكان والتاريخ، فللوطن مناعة ستلفظ كل أفاك أثيم متاجر بدماء الأبرياء والشهداء.

كان الشهيد وطنيًا بامتياز له نبوءته المبكرة في كثير من الأحداث التي نعيشها اليوم، حذّر منها مرارًا وتكرارًا. فكان أول من خرج جهارًا نهارًا رافضًا لتعديل المادة ثلاثين من الإعلان الدستوري التي جاءت بالمؤتمر الوطني الذي أوصل البلاد إلى شفير الهاوية. رؤيته كان تنصب على مرحلة انتقالية واحدة تقاد بمؤسسات الثورة لحين رسم ملامح ومعالم الدولة القادمة دستوريًا ومؤسسيًا... وللعالم وللدول التي لها ظروف مشابهة من حولنا في ذلك تجارب تحتذى، ورأى الشهيد في هذا التعديل الدستوري ضربًا لثورة 17 فبراير في مكمن والقفز على ثمارها من تيار بعينه. الداعم الرئيس لهذا المشروع.

كما وقف الشهيد منفردًا في أول وأخطر محاولة بعد الثورة لوضع العقبات أمام مشروع المصالحة الوطنية، فيما عرف بقرار المؤتمر الوطني العام رقم 7 الخاص باجتياح مدينة ليبية بعد أن أعلن تحريرها. فقاد وفدًا من حكماء مدينة بنغازي والشرق عمومًا لإجهاض هذا القرار البائس من خلال محاولة التواصل مع أصحاب الشأن في كل من مصراتة وبن وليد القائمين على الأمر في مدينة مصراتة أقاموا العراقيل تلو العراقيل. وحالوا دون إنجاز المهمة لحقن الدماء والحفاظ على الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي المتهتك أصلاً بسبب تداعيات ثورة 17 فبراير، فكانت الحرب وتوابعها ضد مدينة لم تستوف الخيارات لرأب الصدع فيها. حزمة من الأكاذيب المعلنة استغلت لتبرير صدور القرار إعلاميًا على غير أساس من الحقيقة التي بات يدركها الجميع، والتي أضحت مسمارًا يدق في نعش الوئام الوطني.

وكما أن الشهيد البطل عمل جاهدًا وانتهز كل الفرص المتاحة وغير المتاحة للإسهام في انطلاق عملية بناء مؤسستي الجيش والشرطة والوقوف في وجه المد المتزايد للكتائب والمجموعات المسلحة التي رأى فيها العقبة الكأداء أمام مشروع بناء الدولة، لا سيّما بعد أن تم استدراج وأدلجة الكثير من هذه المجموعات وانخرطت في ولاءات سياسية لا تخدم المرحلة. مرحلة بناء الوطن بعيدًا عن فضاءات السلطة والنفوذ وتقاسم الغنائم. فكانت للشهيد وقفات مشهود بها لعلها أحد أهم العوامل التي سارعت باغتياله.

وكما أنَّ الشهيد لم يأل جهدًا في دعم ومساندة وتسيير المظاهرات والتجمعات الهادفة لبناء مؤسسات الدولة "خاصة الجيش والشرطة" على أسس صحيحة ومتينة يتحقَّق بها حلم المواطن الليبي البسيط ورفض كل الاستثناءات الأخرى والأجسام الموازية وانتقاد القائمين عليها، فخارطة البناء كانت بيديه واضحة المعالم، وهو يشق طريقه متطلعًا إلى السماء لوضع اللبنات الأولى والأهم لوطن طال انتظاره؛ رافضًا أخونة أو أدلجة الثورة الليبية تحت أي مسمى، فالثورة ثورة شعب فلا مجال للاختطاف، كما رفض الشهيد تولّي أي وظائف تنفيذية في هذه الثورة، محتفظًا بموقعه دائمًا وأبدًا مع شعبه وأهله. يتغنّى فقط بالوطن وللوطن.

هذا غيض من فيض فقد فقدنا حقًا بطلاً أسطوريًا عملاقًا في هذه الثورة. أعماله ستبقى راسخةً في ذاكرة الثورة ونبض حي في شرايينها، فإحياء ذكرى الشهيد هو إحياء لوطن، والثورة لن تعدم أبطالها ورجالها ولنا في ذكر مآثر الشهيد البطل أيقونة الحرية والوطنية والنضال لقاء ولقاء ولقاء، ولا بد من ليبيا وإن طال النضال.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
تقرير فرنسي: بعد 13 عاما.. طريق مسدود للأمم المتحدة في ليبيا
تقرير فرنسي: بعد 13 عاما.. طريق مسدود للأمم المتحدة في ليبيا
ضبط سيارة دهست طفلة في أبوسليم
ضبط سيارة دهست طفلة في أبوسليم
غينيا بيساو ملتزمة بسداد ديونها المستحقة لليبيا
غينيا بيساو ملتزمة بسداد ديونها المستحقة لليبيا
توقيف شخص بحوزته 25 قطعة «حشيش» في درنة
توقيف شخص بحوزته 25 قطعة «حشيش» في درنة
المبروك يبحث مع نظيره الباكستاني تعزيز التعاون الاقتصادي
المبروك يبحث مع نظيره الباكستاني تعزيز التعاون الاقتصادي
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم