نشرت صحيفة فايننشال تايمز أمس الأربعاء، تقريرًا بعنوان "حملة حفتر العسكرية تؤدي إلى انقسام ليبيا"وذكر التقرير أنه بالنسبة إلى بعض الليبيين، فإن خليفة حفتر يعد بطلاً واجه معمر القذافي على الخطوط الأمامية في انتفاضة 2011، وهو الآن يواجه التشكيلات المسلحة التي تعيث فسادًا في البلاد. وبالنسبة إلى البعض الآخر، فإن الجنرال المتقاعد يعد خائنًا تَعَاوَنَ مع القذافي وأرسل الجنود الليبيين إلى حتفهم في التدخل العسكري في تشاد في الثمانينات من القرن الماضي، وقضى عقودًا من الزمن في منفى مريح في الولايات المتحدة الأميركية ثم خان الثورة وذلك بتعبئة القوات التي كانت تتبع النظام السابق في محاولة انقلابية.

وأضاف التقرير أن حفتر ظهر كقائد لحركة تسعى إلى التخلص من التشكيلات المسلحة القوية في ليبيا وإسقاط الحكومة التي فاقمت الانقسام الأيديولوجي بين الإسلاميين والليبراليين، وهو الانقسام الذي ظهر بعد انتخابات 2012 التي ربحها الليبراليون، الذين أزاحهم الإسلاميون - ومن ضمنهم الإخوان المسلمون- جانبًا فيما بعد.
وأشار التقرير إلى أنه إلى جانب حلفائه في القوات المسلحة، شنّ حفتر الذي كان يقيم في إحدى ضواحي واشنطن، هجومًا عنيفًا على التشكيلات المسلحة في شرق ليبيا وعلى حكومة طرابلس التي زعم أنها تدعمهم، في هجوم أدى إلى موت العشرات.

الدفاع عن ليبيا
ووصف حفتر أهدافه - بحسب الصحيفة- بالمحافظة على وحدة الأراضي الليبية وبناء جيش رسمي والدفاع عن سعي شعبها "للديمقراطية والحرية والحياة الكريمة".

وقال حفتر في تغريده على موقع "تويتر" يوم الثلاثاء: "أنا لا أريد السياسة ولا أريد منصبًا سياسيًّا. وأن الدفاع عن الأمة والموت في سبيلها هو ما تعلمناه في المدارس العسكرية وليس السعي للحصول على مناصب".

وقارنه أحد القادة من التشكيلات المسلحة الموجودة في شرق ليبيا بالمشير عبدالفتاح السيسي الذي نفى أيضًا أن تكون لديه طموحات سياسية قبل أن يدخل سباق الرئاسة المصرية.

سيسي ليبيا
وقال عزالدين الوكواك لـ"فايننشال تايمز": "عليك أن تفهم أن لدى المصريين عبدالفتاح السيسي ونحن لدينا حفتر. ومثلما احتاج المصريون السيسي لإنقاذ مصر فإننا في حاجة إلى حفتر لإنقاذ وطننا ليبيا".

وناء المسؤولون الغربيون بأنفسهم عن حفتر ووصفه أحد المسؤولين بأنه "جنرال مجنون" يستغل فراغًا في السلطة، إلا أن حملة السيد حفتر، على ما يبدو، تلقى زخمًا.

ويوم الثلاثاء، انضمت كتيبة حرس الحدود والمجلس المحلي في مدينة المرج في شرق ليبيا إلى وحداته القتالية، كما صادقت منظمات من المجتمع المدني على أجندته.

ويريد حفتر تخليص ليبيا من التشكيلات المسلحة المتطرفة التي تسيطر على سياسة البلاد، وحل البرلمان المنقسم ووضع نهاية لحملة الاغتيالات ضد الجيش والشرطة.

وقال الطاهر دياب وهو عضوٌ سابقٌ في المجلس الوطني الانتقالي الذي حكم ليبيا خلال الأشهر الستة الأولى من الانتفاضة وبعد سقوط النظام السابق للصحيفة نفسها: "ليبيا في حاجة إلى شخص لتخليصها من هذه الفوضى، وقد يكون هو هذا الشخص. فهو رجلٌ صلبٌ وشديد المراس، وأعتقد أن البلاد في حاجة إلى شخص شديد المراس قليلاً في هذه اللحظة".

سخرية
ويقول البعض إن حفتر ربما يكون قائدًا وطنيًّا على الرغم من أنه تعرَّض للسخرية بشكل كبير بعد أن دعا إلى انقلاب لم يتحقق وذلك في شهر فبراير.

فوزي الجربي وهو رجل أعمال مقيم في طرابلس ونشأ مع حفتر في بلدته المرج وصفه بأنه "قائد بالفطرة ووطني" وليس محسوبًا على أي مجموعة سياسية.

ويشير مناصروه إلى جذور عائلته في شرق وغرب ليبيا وصدقيته في القوات المسلحة في حقبة القذافي الذي حارب معه خلال حرب تشاد وكذلك صدقيته بين أولئك الذين حاربوا معه ضد القذافي في العام 2011.

خلال الانتفاضة التي دعمها حلف الناتو ضد حكم القذافي، عمل حفتر رئيسًا للأركان للسيد عبدالفتاح يونس القائد المتمرد الذي صار في ما بعد أول ضحية للاغتيالات ضد قوات الأمن والتي غذت الشكوك بأن التشكيلات المسلحة تحاول التخلص من منافسيها.

وقال حسني بي وهو رجل أعمال: "إن الأعمال الوحشية التي تعرَّضت لها قوات الأمن حفَّزت الناس على الالتفاف حول حفتر". لكن انبثاق الجنرال المتقاعد أدى إلى تعبئة الإسلاميين لقواهم لأنهم يرونه تهديدًا لهم.
وفي يوم الاثنين أصدر أنصار الشريعة في بنغازي بيانًا طالبوا فيه قادة القبائل بالدفاع عن الثورة ضد حفتر.

وقال البيان الذي أصدرته الجماعة: "يتوجب على الجميع معرفة أن هذه حربٌ معلنة ضد الإسلاميين والدين ويقودها كفار ويهود ومسيحيون بمساعدة من العلمانيين والخونة".

وقال حسني بي إنه يشكك في قدرة رجل عسكري على توحيد الليبيين دون أن يحظى بتفويض ديمقراطي: "إنني أشك في قدرة أي شخص على جعل الليبيين يلتفون حوله.

إن صندوق الاقتراع هو الطريق الوحيد للأمام".