Atwasat

«كارنيغي»: انهيار الأمن في ليبيا ينعش شبكات التهريب العابرة الحدود

القاهرة - بوابة الوسط: (ترجمة: هبة هشام) الثلاثاء 30 يناير 2018, 01:47 مساء
WTV_Frequency

تحدث مقال نشره مركز «كارنيغي» لدراسات الشرق الأوسط عن اضطراب الوضع الأمني في المنطقة الحدودية بين ليبيا وتونس، الذي أدى إلى انتعاش شبكات التهريب وحركة المقاتلين مع انهيار الأمن والنظام في ليبيا، وقال إن كثرة المجموعات المسلحة الموجودة على الحدود مع تونس، تسبب في زيادة المنافسة بين شبكات التهريب الناشطة هناك، سواء الشبكات التي تعتمد على الدعم القبلي أو دعم المجموعات المسلحة، للسيطرة على الموارد.

وتحدث كاتب المقال، أنوار بوخرص، أيضا عن تهديدات أمنية أخرى برزت داخل ليبيا مع انهيار الوضع الأمني، أهمها ظهور التيار المدخلي، إذ عمل المنتمون لهذا التيار على إنشاء مجموعات مسلحة قاتلت إلى جانب الأطراف الليبية المختلفة، رغم اختلاف ولاءاتها، وهو ما خلق مخاوف أمنية جديدة لدى السلطات التونسية من الوضع في ليبيا.

هذا إلى جانب زيادة حركة المقاتلين التونسيين بين البلدين، عبر الحدود، وانضمام الآلاف منهم إلى تنظيم «داعش» وغيره من التنظيمات في ليبيا، ونفذوا هجمات إرهابية استهدفت نقاط تفتيش ومنشآت دبلوماسية أخرى.

اضطراب المنطقة الحدودية
وتحدث الكاتب، الباحث في برنامج الشرق الأوسط في مركز «كارنيغي»، عن تأثير الوضع الأمني في ليبيا على المنطقة الحدودية مع تونس، وأورد تقديرات للحكومة التونسية تحدثت عن وجود ما لا يقل عن 15 مجموعة مسلحة تعمل في أنشطة التهريب على طول الحدود بين البلدين.

ولفت إلى ما وصفه بـ«تنافس الأهداف الاقتصادية والولاءات السياسية لتلك المجموعات الذي أسهم في زيادة التوترات على الحدود، وتسبب في كثير من الأحيان في اندلاع اشتباكات مسلحة وأعمال عنف حول الأنشطة الاقتصادية عبر الحدود».

تقديرات تونسية تتحدث عن وجود ما لا يقل عن 15 مجموعة مسلحة تعمل في أنشطة التهريب على طول الحدود مع ليبيا

وتحدث عن أحداث شهدها معبر وازن – دهيبة، قرب مدينة نالوت في جبل نفوسة، حيث سعت مجموعات من مدينة الزنتان لفرض سيطرتها على المعبر أمام مجموعات الأمازيغ. ولجأت مجموعات الزنتان إلى دعم مجموعات، تعاونت مع نظام معمر القذافي في السابق لمراقبة الحدود، وذلك سعيًا لفرض سيطرتها على المنطقة وخوفًا من سيطرة الأمازيغ على المعابر الرئيسة مع تونس.

وحذر المقال من أن هذا النوع من التنافس الإثني والقبلي حول الموارد أثر بشكل سلبي على حياة الليبيين والتونسيين، ممن يعيشون في المناطق الحدودية. وقال: «كان على التونسيين في مدينة دهيبة، الواقعة على بعد ميلين فقط من الحدود الليبية، التأقلم مع تغير هيكلة الأسواق في المناطق الحدودية وتغير السلطة باستمرار على الجانب الليبي من الحدود».

وفي السابق، اعتمد سكان المناطق الحدودية، في ليبيا وتونس، على العلاقات القبلية والعلاقات الاجتماعية لتسهيل مرور الأفراد والبضائع بين جانبي الحدود. لكن الكاتب حذر من أن «الوضع السياسي والاقتصادي غير المستقر في ليبيا خلق اضطرابات أمنية ومخاوف اقتصادية، وبشكل خاص للتجار، خشية تعرضهم للخطف أو الاحتجاز على يد المجموعات المسلحة».

رأس جدير و«نزاع طويل الأمد»
وتحدث الكاتب عن نزاع آخر طويل الأمد يجري عند معبر رأس جدير، للسيطرة على تلك النقطة الاستراتيجية بين مجموعات من مدينة زوارة وأخرى من مدينة الزاوية.

وقال: «عقب إطاحة القذافي العام 2011، وقع المعبر تحت سيطرة مجموعات من مدينة زوارة، التي رأت أن السيطرة على المعبر أمر حيوي من أجل تأمين موقع مدينة زوارة باعتبارها مركزًا اقتصاديًا وعسكريًا».

وتابع: «سيطرة مجموعات زوارة على معبر رأس جدير تواجه منافسة من كتيبة (طارق الغايب) من مدينة الزاوية، وهي كتيبة موالية للتيار المدخلي، وهو تيار معروف بالعداء لحركات الإسلام السياسي والطاعة المطلقة للسلطة».
التيار المدخلي
وتحدث الكاتب عن التيار المدخلي في ليبيا، وقال إن «التيار المدخلي له تأثير واضح في ليبيا منذ العام 2005، بعد أن استضاف القذافي شيوخ التيار من السعودية إلى ليبيا، ودعاهم لإعادة تأهيل عناصر (الجماعة الليبية المقاتلة)، ومن أجل إبراز مؤهلاته الدينية أمام المجموعات المنافسة التي تستخلص شرعيتها من الدين».

ومنذ رحيل القذافي في 2011، تحولت المجموعات الموالية للتيار المدخلي إلى لاعبين حيويين في الصراعات السياسية والعسكرية التي ضربت ليبيا.

وقال المقال إن «المدخليين أنشأوا المجموعات الخاصة بهم، وحاربوا إلى جانب مجموعات مختلفة»، وأضاف أيضًا أن «الروابط بين مجموعات الحركة المدخلية والأطراف الليبية المختلفة تلقي الضوء على شبكة معقدة من الولاءات».

«التيار المدخلي له تأثير واضح في ليبيا منذ العام 2005، وأنشأ المجموعات الخاصة به، وحارب إلى جانب الأطراف الليبية مختلفة»

وتابع أن السلطات التونسية قلقة حيال قوة المجموعات المدخلية المتواجدة على طول الحدود مع تونس، وحيال قدرتهم على استغلال الغضب والاستياء لدى سكان المناطق الحدودية، بسبب استمرار الإقصاء والتفاوت الاجتماعي، لافتًا إلى أن معظم المناطق الحدودية في ليبيا وتونس تعاني تراجعًا في مستويات التنمية وتفتقر للخدمات الأساسية.

ودفعت المخاطر الأمنية وانتعاش أنشطة التهريب وحركة المقاتلين بين الحدود، الحكومة التونسية إلى بناء سور حدودي بطول 125 ميلًا مع ليبيا، لمنع تهريب الشاحنات والبضائع عبر الحدود.

وانتقد المقال تركيز الحكومة التونسية على تعزيز الأمن والقدرات المخابراتية على الحدود مع ليبيا، وقال إن «ذلك لن يكون فعَّالًا للحد من انتقال المسلحين أو وقف أنشطة التهريب عبر الحدود، بل يحتاج الأمر إلى برامج تنموية بالمنطقة وإصلاح المنظومة الأمنية».

التهديد الإرهابي
وقال الكاتب إن زيادة التوتر على الحدود بين تونس وليبيا سهل حركة المسلحين بين البلدين، لافتًا إلى «الروابط العميقة» بين المسلحين الليبيين والتونسيين، وهو ما أكده تورط مقاتلين تونسيين في هجمات إرهابية عدة نُفذت داخل ليبيا استهدفت منشآت دبلوماسية تونسية وأميركية، ومواقع مهمة، مثل الهجوم ضد فندق «كرونثيا» في يناير 2015.

ومع طرد عناصر تنظيم «داعش» من معقلها الرئيس في مدينة سرت، تخشى السلطات التونسية عودة المقاتلين التونسيين، والخوف الأكبر هو سعيهم لاستغلال استياء المجتمعات الحدودية في تونس من أجل تجنيد مزيد من المقاتلين وشن هجمات إرهابية سواء في ليبيا أو تونس.

وتحدث المقال عن تأثير انهيار النظام والأمن في ليبيا على الوضع في تونس، خاصة في المنطقة الجنوبية الشرقية. وقال إن «التغيرات المتتالية في ميزان القوى بين المجموعات المسلحة والقبلية في ليبيا أخلت بالنظام المعمول به من قبل العصابات التقليدية المسيطرة على طرق التجارة والمنافذ الحدودية في ليبيا».

وتسبب ذلك، بحسب المقال، في اضطراب الأسواق العابرة الحدود والشبكات التجارية، مما أثر بالتالي على حياة المجتمعات السكانية في تلك المناطق.

وأثر ذلك أيضًا على «التسلسل الهرمي للسلطة القبلية، إذ خسرت النخب القبلية المهيمنة وعصابات التهريب التقليدية سطوتها أمام قبائل هامشية ومغامرين صغار، سيطروا على المنطقة وتوسعوا في أنشطة التهريب لتشمل بضائع جرى حظرها في السابق مثل المخدرات والأسلحة».

وقال الكاتب إن «ظهور الإرهاب بوصفه شاغلًا رئيسًا لأجهزة الأمن، أثر على المشهد في السوق السوداء والأسواق الموازية. ولهذا يجب التفريق بين شبكات التجار العاملين بين الحدود وبين شبكات الجريمة المنظمة».

«كارنيغي»: انهيار الأمن في ليبيا ينعش شبكات التهريب العابرة الحدود

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
من السبعة إلى الغرارات.. استمرار إزالة عقارات لفتح مسار الدائري الثالث (صور)
من السبعة إلى الغرارات.. استمرار إزالة عقارات لفتح مسار الدائري ...
البعثات الأوروبية تعليقا على استقالة باتيلي: يجب تمهيد الطريق لحكومة موحدة وانتخابات
البعثات الأوروبية تعليقا على استقالة باتيلي: يجب تمهيد الطريق ...
«أجوكو» و«إس إل بي» تبحثان تطوير الإنتاج النفطي في ليبيا
«أجوكو» و«إس إل بي» تبحثان تطوير الإنتاج النفطي في ليبيا
مصادر «المركزي» لـ«بوابة الوسط»: سحب ورقة الخمسين دينارا من التداول
مصادر «المركزي» لـ«بوابة الوسط»: سحب ورقة الخمسين دينارا من ...
تنفيذ «ويبلد» الإيطالية لطريق امساعد -المرج يتحدد مايو المقبل
تنفيذ «ويبلد» الإيطالية لطريق امساعد -المرج يتحدد مايو المقبل
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم