Atwasat

جنون أسعار.. نقص سيولة.. وتوتر أمني

طرابلس - بوابة الوسط: علي مجاهد السبت 27 مايو 2017, 02:15 مساء
WTV_Frequency

يستقبل الشارع الطرابلسي وسائر المدن والقرى الليبية، بعد نحو يومين، شهر رمضان وسط أجواء من الاحتقان والتوتر والقلق بسبب استمرار الصراع على السلطة والمال بين أقطاب المشهد السياسي والعسكري في ليبيا، وغرق البلاد المنتجة للنفط والغاز في أزمة اقتصادية خانقة أدت إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار طال كل شيء، فضلاً عن انهيار العملة المحلية واستفحال أزمة السيولة في المصارف الليبية وتغول «كارتيلات» تجار الحروب وعصابات التهريب العابرة للحدود.

خبزنا اليومي بات التردد على المصرف منذ الصباح الباكر لمحاولة سحب بعض المال لتغطية النفقات اليومية البسيطة

أجواء استقبال رمضان في طرابلس فقدت- مع تفاقم الأزمات ومعاناة المواطنين واشتعال النزاعات المسلحة- طابعها المميز، حيث اختفت البهجة من عيون الناس، واكفهرت الوجوه، وأضحت الطوابير الطويلة أمام المصارف والحديث عن لهيب الأسعار والفساد وضياع البلاد في حاضرها ومستقبلها السمة الغالبة على السواد الأعظم من الليبيات والليبيين.

بعثت الصور التي نُشرت عن اجتماع رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، وقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر في أبوظبي، مطلع الشهر الجاري بعضاً من الأمل بين المواطنين الذين ملوا وضجروا من حالة الاحتراب ومشاهد الدماء والدمار ونهب مقدراتهم وتغول الجماعات المسلحة، غير أن تلك الفرحة لم تدم طويلاً وحملتها رياح الراجمات ونيران القذائف الصاروخية والمدفعية والدماء التي سالت في قاعدة براك الشاطئ (جنوب البلاد) بعد الهجوم الذي شنته عناصر ما يُعرف بـ«القوة الثالثة» في الجنوب، ما أدى إلى تعميق معاناة الناس عندما سجل الدولار الأميركي ارتفاعات قياسية أمام الدينار، وأدى بالتالي إلى مزيد من الضغط على الأسعار المشتعلة أصلاً.

وقال صالح الورفلي(46 عاماً)، أستاذ رياضيات وأب لأربعة أطفال، التقته «الوسط» أمام مصرف «الجمهورية»، فرع حي الأندلس الأربعاء: «خبزنا اليومي بات التردد على المصرف منذ الصباح الباكر لمحاولة سحب بعض المال لتغطية النفقات اليومية البسيطة»، مؤكداً أن هذا الفرع لم يوزع درهماً واحداً منذ 15 يوماً.

من جانبه لاحظ عمران إشتيوي (38 عاماً)، مهندس اتصالات في شركة خاصة لتوزيع خدمات الأنترنت، وأب لطفلين، التقته «الوسط» في نفس المكان وهو خاوي الوفاض، أن «المجلس الرئاسي ومصرف ليبيا المركزي والبرلمان وكافة الأجسام يمارسون العبث والنفاق السياسي ويواصلون سياسة الكذب على الليبيين».وأضاف إشتيوي أن إعلان مصرف ليبيا المركزي تنفيذ أذونات صرف مرتبات القطاع العام المحالة إليه من وزارة المالية لشهر أبريل إعلان كاذب، حيث «ترددت على المصرف منذ ذلك الإعلان ووجدت كل شيء، الطوابير، والازدحام، والإذلال، وشكوى الليبيات والليبيين ضنك دنياهم، وسفاهة المسلحين أو الموظفين، دون وجود السيولة، وإن وُجدت يتم تقاسمها بين المسلحين الذين يرعبون المواطنين ويهددونهم وأقرباءهم وأصدقاءهم والموظفين الذين يذلون الزبائن».

وكان مصرف ليبيا المركزي أعلن عبر صفحته الرسمية يوم 10 مايو الجاري أنه شرَعَ في تنفيذ أذونات الصرف لمرتبات شهر أبريل 2017م، للعاملين في كافة القطاعات العامة، كما وردت إليه من وزارة المالية، وذلك حسب الإجراءات المتبعة والتشريعات النافذة المعمول بها من قبل المصرف المركزي.

وتجول مراسل جريدة «الوسط» بطرابلس، يومي الثلاثاء والأربعاء، في بعض أسواق العاصمة، فلاحظ زيادة في الأسعار المشتعلة أصلاً، خاصة في الفواكه المحلية أو المستوردة التي يزيد عليها الطلب في رمضان حيث تراوح سعر البطيخ الأحمر (الدلاع كما يسميه الليبيون) بين 1 و1.5 دينار للكيلو، والبطيخ الأصفر(القلعاوي) 2.5 دينار، والمشمش 8 دنانير والخوخ بين 8 و9 دنانير (وهو سعر قياسي لهاتين الفاكهتين المحليتين) والموز 8 دنانير والتفاح 9 دنانير.

سعر الخروف الإسباني المستورد عند التسليم في ميناءي مصراتة أو طرابلس يبلغ 150 دولاراً (225 ديناراً)

أما أسعار التمور، التي يكثر عليها الإقبال في رمضان، فقد سجلت ارتفاعاً غير مسبوق مع اقتراب شهر الصوم، حيث بلغ سعر كيلو الرطب (الصعيدي) بين 4 و7 دينارات، وعجينة (البكراري، الطابوني، البيوضي)، بين 6 و8 دينارات، فيما تراوحت أسعار الدقلة المحلية والمستوردة بين 11 و19 ديناراً للكيلو.

من جهة أخرى ارتفعت أسعار الحليب وتراوحت بين 2.750 و4.5 دينار، وبلغ سعر الدجاج 9.250 دينار، أمس الأربعاء، فيما حافظت اللحوم المستوردة (إسبانيا تحديداً وهي المفضلة لدى الليبيين) على نفس الأسعار، حيث تراوح سعر كيلو لحم العجل بين 14 و15 ديناراً، والخروف بين 15 و16 ديناراً. أما سعر القعود المحلي والماعز والضأن فقد ارتفعت بشكل طفيف.

وعلى الرغم من إعلان وقف تصدير الأسماك، إلا أن الأسعار سجلت بدورها أرقاماً قياسية، حيث بلغ سعر الدندشي على سبيل المثال 40 ديناراً والفروج 60 ديناراً والسردينة 10 دنانير والكوالي 15 ديناراً والمرجان بين 15 و22 ديناراً والشكورفو 18 ديناراً.

واشتعلت أسعار الرخويات، إذ بلغ سعر الأخطبوط «القرنيط» 35 ديناراً والسيبيا بين 25 و38 ديناراً بسعر يوم أمس الأربعاء.

وتنتشر أسواق «السوبر ماركت الكبيرة والمتوسطة»، ومحلات بيع المواد الغذائية في كل شوارع العاصمة طرابلس وضواحيها بشكل ملفت للنظر مقارنة بتعداد سكان العاصمة الذي لا يتجاوز 1.4 مليون نسمة، غير أن ما يبعث على الاستغراب أن هذه المراكز مزدحمة بالزبائن على امتداد ساعات النهار وجزء من الليل.وقال صلاح الشاوش(43 عاماً)، فني مختبر تحاليل طبية وأب لثلاثة أطفال، لـ«الوسط»: «أشتري احتياجات أسرتي–وهذا حال السواد الأعظم من الليبيين اليوم–من المتجر الموجود في الحي الذي أُقيم فيه كل يوم بيومه، وانتهت عندنا ثقافة التخزين وهذه إحدى إيجابيات هذه الأزمة الخانقة إن كان لها من إيجابيات»، مشيراً إلى أن الذين يتسوقون في الأسواق الكبيرة ليسوا موظفين في القطاع العام على الإطلاق.

وكثيراً ما تسمع هذه الأيام بين أرباب الأسر الطرابلسيين السؤال عن الأسواق التي تعرض ما بات يُعرف بـ«البضاعة المدعومة»، وهي تسمية غير متصلة بالواقع جرى تسريبها في الشارع، والمقصود بها البضاعة التي تم استيرادها عن طريق الاعتمادات المصرفية، أي بسعر الصرف الرسمي، وهي بالتالي ليست مدعومة على الإطلاق ويتم عادة تسريبها إلى القنوات التي تبيعها بأضعاف سعرها أو تهريبها خارج البلاد.

وفي هذا الصدد طلبت لجنة أزمة الوقود والغاز من أصحاب محال الجملة والأسواق التجارية المستفيدين من توريد السلع الغذائية باعتمادات مستندية سرعة سحب بضائعهم من مخازنهم وطرحها في الأسواق بسعر الاعتماد.
وقالت اللجنة في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية على موقع «فيسبوك»، إنها ستقوم بمصادرة البضائع التي يتم ضبطها مخزَّنة.

ارتفعت أسعار الحليب وتراوحت بين 2.750 و4.5 دينار وبلغ سعر الدجاج 9.250 دينار

وحذرت اللجنة أصحاب المحلات التجارية والأسواق من محاولة نقل البضائع إلى مخازن أخرى، ودعتهم إلى طرحها في الأسواق خلال هذه المدة، بهدف رفع المعاناة على المواطن. وقال سالم حركات (40 عاماً)، يعمل في محل لبيع اللحوم): «إن سعر اللحوم سيبقى في متناول المواطنين إلى حد كبير إذا حرصت الأجهزة المسؤولة على منع التهريب».

وأوضح في الخصوص أن سعر الخروف الإسباني المستورد عند التسليم في ميناءي مصراتة أو طرابلس يبلغ 150 دولاراً أي نحو 225 ديناراً بحسب السعر الرسمي. يحمل عليه تاجر الجملة 50 ديناراً مقابل النقل الداخلي والعلف ليبيعه بنحو 350 ديناراً ما يمكن الجزار من بيعه بين 14 و15 ديناراً للكيلو. أما عند تهريب هذا الخروف إلى تونس أو مصر فإن المهرب يجني نحو 700 دينار، أي ضعف الثمن بسبب انهيار العملة المحلية الليبية، وتشتعل بالتالي أسعار اللحوم في البلاد.

أما في ما يتعلق بالبضائع المدعومة وتوفيرها قبل بداية شهر رمضان على مستوى الجمعيات الاستهلاكية ، فيرى سالم المسعودي (56 عاماً)، مدرس وأب لستة أبناء، أن المسؤولين في حكومة الوفاق ووزارة الاقتصاد ومصرف ليبيا المركزي الذين أعلنوا توفير السلع المدعومة قبل شهر رمضان «قد ضللوا الليبيين وكذبوا عليهم»، فلم تفتح أية جمعية استهلاكية أبوابها في طرابلس، ونحن على بعد ساعات فقط من أول أيام الصوم.

وطالب المسعودي الليبيين بأن يرفعوا قضايا ضد هؤلاء المسؤولين بتهمة تضليل الرأي العام والتسبب في اشتعال الأسعار لعدم الإيفاء بالتزاماتهم بتوريد السلع المدعومة.

جنون أسعار.. نقص سيولة.. وتوتر أمني
جنون أسعار.. نقص سيولة.. وتوتر أمني

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
ضبط مدمن يعتدي على المارة بسلاح ناري في بنغازي
ضبط مدمن يعتدي على المارة بسلاح ناري في بنغازي
اللافي يبحث مع سفير إيطاليا تطورات ما بعد استقالة باتيلي
اللافي يبحث مع سفير إيطاليا تطورات ما بعد استقالة باتيلي
إعادة الكهرباء إلى مناطق في درنة
إعادة الكهرباء إلى مناطق في درنة
حالة الطقس في ليبيا (الخميس 18 أبريل 2024)
حالة الطقس في ليبيا (الخميس 18 أبريل 2024)
أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الدينار في السوق الرسمية (الخميس 18 أبريل 2024)
أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الدينار في السوق الرسمية (الخميس ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم