حظيت المستجدات على الساحة الليبية باهتمام ومتابعة الصحف العربية الصادرة اليوم السبت، والتي تناولت الوضع في مدينة بنغازي، ومخاوف من اندلاع موجة جديدة من العنف في طرابلس.

مخاوف من «حرب شوارع» جديدة بطرابلس
نبدأ من جريدة «الشرق الأوسط» اللندنية التي نقلت عن مصادر ليبية إن «الدول الغربية الداعمة لحكومة الوفاق الوطني، وجهت تحذيرات خلال اليومين الماضيين للمجموعات المسلحة المناوئة لحكومة الوفاق بالتدخل حال قامت بمهاجمة مواقع الحكومة».

ونقلت عن ناطق باسم الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر أن «حفتر يتابع عن كثب التطورات في طرابلس»، محذرًا المجموعات المسلحة من «مغبة القيام بأي عمل عسكري جديد». ورفض الناطق، لم تذكر الجريدة اسمه، الإفصاح عن نوايا الجيش، وما إذا كان سيتحرك باتجاه العاصمة أم لا، واكتفى قائلاً: «نحن على مقربة من طرابلس، ولدينا قوات متأهبة، لكن لا يمكن الحديث عن الخطوة المقبلة».

ومن جهته قال السفير البريطاني لدى ليبيا، بيتر ميليت، على موقع «تويتر»، إنه «يتفق مع بيان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني حول ضرورة تواصل الجهود الرامية للحفاظ على الأمن في طرابلس وليبيا ومنع تجدد أعمال العنف».
وتسود مخاوف من اندلاع حرب شوارع جديدة في العاصمة طرابلس، على غرار ما جرى العام 2014، عندما نجحت مجموعات مسلحة من مصراته في طرد مجموعات من الزنتان من طرابلس، في معارك دامية أسفرت عن حرق المطار الدولي ومقتل وإصابة المئات من الطرفين.

وجاء هذا التوتر ليقلل من التفاؤل، الذي ساد عقب اجتماع أبوظبي، الذي جمع بين حفتر والسراج في لقاء هو الثاني من نوعه منذ تولى الأخير مهام منصبه إثر اتفاق الصخيرات.

وكان صلاح بادي، أحد قيادات «فجر ليبيا»، توعد بتحرير طرابلس في عملية عسكرية خاطفة لن تستغرق أكثر من 72 ساعة، مضيفًا أن «أن كل الثوار من الشرق والغرب والجنوب سيشاركون في العمليات العسكرية، داعيًا: «ادعموا ثواركم، لا للذل لا للهوان، لا لحكم العسكر لا لحكم الفرد، لا لحكومة الخونة».

الرئاسي يحذر من إدخال العاصمة في دوامة العنف
وإلى جريدة «البيان» الإماراتية التي نقلت بيان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني حذر فيه من محاولة بعض الأطراف إدخال العاصمة طرابلس في دوامة جديدة من الفوضى والعنف، وذلك «لتحقيق مصالح شخصية»، على حد قوله.

ولفت المجلس في بيانه إلى «أطراف» لم يسمها «تحاول إدخال طرابلس في دوامة من العنف لتحقيق مصالح خاصة يعجزون عن تحقيقها من دون فوضى وإشهار السلاح».

وأكد البيان أنه لا رجعة عن الوفاق والتوافق بين الليبيين وعن مهمته في التمهيد للانتقال السلمي إلى دولة مدنية ديمقراطية دولة المؤسسات والقانون.
وشهدت العاصمة طرابلس، منذ الثلاثاء الماضي، توترًا وتحركات لمجموعات مسلحة، إذ انتشرت دبابات ومدرعات تابعة لـ«القوة الثامنة النواصي» بطريق الشط واقتربت عناصرها من مبنى مقر وزارة الخارجية ردًّا على تصريحات المفوض بمهام وزير الخارجية بحكومة الوفاق محمد سيالة حول المشير خليفة حفتر.

وانتشرت البوابات الأمنية فجر أمس الجمعة في مداخل العاصمة وخاصة الشرقية والجنوبية إثر تحرك مجموعات مسلحة مناوئة للاتفاق السياسي في مناطق وادي الربيع وصلاح الدين وقرب مطار طرابلس، في ظل مخاوف من وقوع صدام بين التشكيلات العسكرية المؤيدة لحكومة الوفاق والأخرى الرافضة لها.

السراج يلتقي نواب برقة
وأوردت جريدة «البيان» أيضًا أن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج ونائبه فتحي المجبري التقى عددًا من أعضاء مجلس النواب عن برقة، أمس الجمعة.

وأوضح عضو مجلس النواب، عيسى العريبي، أن الوفد البرلماني ثمَّن لقاء أبوظبي الذي جرى بين رئيس المجلس الرئاسي وقائد الجيش المشير خليفة حفتر، فيما حض السراج على الاستمرار في هذا الاتجاه والتواصل مع جميع الأطراف لخلق توافق يعيد الاستقرار إلى البلاد، ويرفع معاناة الليبيين.

وأطلع السراج وفد النواب على نتائج لقاء خليفة حفتر، ووصف اللقاء بينهما بأنه كان «بناءً ومفيدًا».
بنغازي تتعافى رغم الحرب
أما جريدة «الحياة» اللندنية فأعدت تقريرًا من داخل مدينة بنغازي، أشارت فيه إلى «مظاهر سلطة غير مكتملة» داخل المدينة، مرضية لأهلها، رغم الحرب المستمرة داخلها ضد المجموعات المتطرفة.

وقالت الجريدة إن المدينة ما زالت عالقة في حرب ضد أكبر تنظيمين متطرفين في العالم، وهما «القاعدة» في «سوق الحوت» و «داعش» في حيّ الصابري، في محور الوسط لجهة الشمال.

لكن ما تشهده المدينة من مظاهر «سلطة غير مكتملة» مُرضية لأهلها الذين ذاقوا مرارة عيش في كنف المتطرفين. أما السيارات الخاصة في بنغازي، فلا تحمل غالبيتها لوحات تسجيل، حتى إنه ليس غريبًا أن تستبدل سيارات الجيش والشرطة لوحاتها بشعارات. كما لا يوجد مظهر موحد يجمع أفراد قوى الأمن، فبعضهم أطلق اللحى على النهج السلفي وآخرون صففوا شعورهم على النمط الغربي.

ونقلت الجريدة عن مسؤول المراسم في وزارة الخارجية التابعة للحكومة الموقتة خلال مرافقته وفدًا مصريًا يزور بنغازي أن «المدينة تتعافى تدريجيًا»، لافتًا إلى وجود صعوبات تواجه السلطات في الأمور الإدارية مثل التراخيص والتموين وغيرها، لأن المتطرفين أحرقوا وهدموا كل المقرات الحكومية في المدينة، ودمروا قاعدة البيانات فيها، لكن العودة تتم تدريجيًا، لذا يُسمح ببعض التجاوزات مثل السير من دون لوحات أو من دون هويات، إلى حين عودة المؤسسات للعمل.
ومن جانبه قال عميد بلدية بنغازي، المستشار عبدالرحمن العبار، لـ«الحياة» إن المرافق مهدمة والخدمات التعليمية والصحية تعاني تدميرًا لبنيتها بسبب الإرهاب، «ونحتاج إلى موارد مالية ضخمة جدًا لإعادة الإعمار»، لافتًا إلى أن المشكلات المادية أبرز معوق أمام إعادة الإعمار.

وأكد العبار أن المشاكل الاقتصادية هي إحدى نتائج الحرب، موضحًا أن الحكومة تبحث سلسلة إجراءات لحماية الدينار الليبي وإعادته إلى وضعه الطبيعي عملة قوية، وهو لم يستبعد الإقدام على قرار تحرير سعر الصرف، لكنه أكد أن القرار في النهاية جزء من سياسات اقتصادية يقدرها مجلس الوزراء.

وتعاني بنغازي ركودًا اقتصاديًا خانقًا، فشارع دبي في قلب المدينة، الذي يضم متاجر لبيع سلع مستوردة، خلا من رواده. ويبلغ سعر صرف الدولار في السوق الرسمية أقل من 1.4 دينار لكن المصارف لا تؤمنه، أما في السوق الموازية فيتراوح سعره ما بين 7 و9 دنانير.

ويضطر التجار إلى الاستيراد عبر ميناء البريقة أو مطار الأبرق ونقل بضائعهم برًا إلى بنغازي بسبب إغلاق مينائها. ومع ارتفاع معدلات التضخم لمستويات قياسية، وتضاعف أسعار السلع، يحصل فقراء المدينة على إعانة مالية تتراوح ما بين 300 و400 دينار شهريًا، لكنها لا تُصرف بانتظام أيضًا.