أدى تفجر «أزمة الثقة» داخل المجلس الرئاسي، بالجهود الجزائرية إلى حالة ترقب، رغم الاستمرار في دعم حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا، مع تسريع وتيرة الجهود الدبلوماسية لترسيم الوفاق بين الفرقاء الليبيين عبر آلية دول الجوار والاتحاد الأفريقي.

وردًا على انتكاسة قانونية تعرض لها اتفاق الصخيرات الموقع يوم 17 ديسمبر 2015، على خلفية استقالة واحد من أعضاء المجلس الرئاسي، موسى الكوني، وعضوين آخرين مقاطعين جلساته مما يراه خبراء القانون «اتفاقًا باطلاً»، قال مصدر جزائري لـ«بوابة الوسط» إن «بلاده متمسكة بدعم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق التي تحظى بشرعية المجتمع الدولي، ولا مصلحة لأي دولة في دعم أطراف على حساب جهات أخرى»، لكنه استدرك أن تجديد روح الاتفاق السياسي بما يتلاءم مع التطورات الجديدة في الساحة الليبية يبقى شأنًا داخليًا إن تم الاتفاق عليه بين جناحي الشرق والغرب». علمًا بأن الجزائر استقبلت وجمعت خلال الأسابيع الأخيرة عدة أطراف ليبية للاستماع لوجهة نظرهم ومقترحاتهم لتجاوز أزمة الوحدة.

وأضاف المصدر لـ«بوابة الوسط» أن الجزائر ستكثف تحركها على الصعيدين الدبلوماسي مع شركائها الإقليميين، سواء عبر آلية الجوار أو الاتحاد الأفريقي لجمع ولقاء مختلف الفرقاء الليبيين في طرابلس وطبرق، وإقناعهم بالوفاق تحت سلطة واحدة، تمهيدًا لاجتياز مرحلة انتقالية، تجري خلالها انتخابات جديدة.

سيالة: لا توجد مبادرة جزائرية واضحة المعالم؛ لأنها لا تريد أن تتدخل في الشأن الداخلي الليبي

«أزمة ثقة» تكبح جهود الجزائر
وأوقعت التطورات السياسية الأخيرة جهود الجزائر في مأزق جديد، نظرًا لتفجر أزمة ثقة وخروجها إلى السطح داخل المجلس الرئاسي، الذي ساعدت الجزائر على وصوله العاصمة طرابلس قبل تسعة أشهر وأبدت دعمها المطلق في حربه ضد الإرهاب.

ولم يخف المجلس الرئاسي ذاك الدعم، وقال في هذا السياق، وزير الخارجية المفوض بحكومة الوفاق الليبية محمد طاهر سيالة إن «الجزائر تبحث عن مدخل لحل توافقي في ليبيا»، بيد أن سيالة يعيب غموضًا يكتنف مبادرتها، وقال في تصريحات تليفزيونية إنه «لا توجد مبادرة جزائرية واضحة المعالم؛ لأنها لا تريد أن تتدخل في الشأن الداخلي الليبي»، مرجعا سبب ذلك إلى أن «الدول دائمًا تخشى لفظ (مبادرة)؛ لأنها تُفهم بأنها تدخل في الشأن الداخلي».

وبيَّن سيالة في المقابل، بأن انضمام الجزائر وتونس ومصر ودول أخرى لتجمع دول الجوار لحلحلة المشكلة الليبية، والذي عقد 8 اجتماعات في ظل وجود جهود لأن يكون الاجتماع المقبل في طرابلس يعني بأن هذه الدول نشطة في مجال حلحلة الملف الليبي.

ويدعو مراقبون إلى تفعيل آلية الحوار الداخلي برعاية دول الجوار وعلى رأسها الجزائر ومصر وتونس كطريق لإنهاء الأزمة. وقال وزير الشؤون الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، أخيرًا إن بلاده تدعم مسار الوساطة في ليبيا الذي تقوده منظمة الأمم المتحدة ومن خلال مبادرة دول الجوار الذي أطلق العام 2014.

يدعو مراقبون إلى تفعيل آلية الحوار الداخلي برعاية دول الجوار وعلى رأسها الجزائر ومصر وتونس كطريق لإنهاء الأزمة

دور للإبراهيمي
وبغض النظر عن مبادرة دول الجوار، تسرع الجزائر بالتنسيق مع الاتحاد الأفريقي من التحضيرات لإيفاد اللجنة العليا لرؤساء الدول حول ليبيا، التي بادر بها الاتحاد الأفريقي إلى طرابلس وطبرق حيث تكون مهمتها عقد اجتماع للمصالحة. ولم تكشف اللجنة التي أُسست العام 2011 عن تغييرات بأسماء هذه الأخيرة أو بالإبقاء على القائمة السابقة، لكن أوساطًا جزائرية تحدثت لـ«الوسط» عن دور ضمن اللجنة سيوكل إلى الدبلوماسي الجزائري المخضرم الأخضر الإبراهيمي، الذي يشغل حاليًا عضوية لجنة العقلاء داخل الاتحاد الأفريقي، (منصب رمزي)، ولا سيما أن الأوضاع الإقليمية في ليبيا شكلت محور محادثاته مع الرئيس الجزائري في وقت سابق.

ورفض الإبراهيمي في تصريح بتاريخ 17 ديسمبر الماضي بقاء مشكلة «بحجم الأزمة الليبية حبيسة حدودها بما يحتّم على دول مثل تونس ومصر والجزائر ودول الساحل أن تحل الأزمة الليبية بما يرضي الشعب الليبي وبأسرع ما يمكن».

ويحيل استعجال الإبراهيمي دول الجوار تونس ومصر والجزائر انخراطهم في البحث عن حلول للأزمة الليبية إلى طبيعة مبادرة الرئيس التونسي الباجي، قائد السبسي، الذي أكد أن بلاده تسعى إلى عقد لقاء ثلاثي يجمع وزير خارجية بلاده بنظيريه المصري والجزائري لبحث الأزمة السياسية الليبية، تمهيدًا لقمة محتملة على المستوى الرئاسي.

وضمن هذا الإطار يؤدي رئيس مجلس النواب عقيلة صالح زيارة رسمية إلى تونس بدعوة من رئيس البرلمان محمد الناصر والتي تعد الأولى من نوعها منذ اندلاع الأزمة الليبية.