Atwasat

انقطاع الكهرباء يضاعف معاناة سكان الجبل الأخضر في فصل الشتاء (تقرير)

البيضاء - بوابة الوسط: يزيد الحبل الأحد 25 ديسمبر 2016, 09:47 مساء
WTV_Frequency

مع دخول فصل الشتاء وبدء موجات الصقيع والعواصف والأمطار بدأ أهالي منطقة الجبل الأخضر (شرق البلاد) استعدادهم لمواجهة الأزمات وسط ظروف معيشية صعبة، ونقص السيولة النقدية التي تعيق مساعدتهم لتجاوز فصل الشتاء من أجل عدم تكرار مأساة العام الماضي.

انطلاق «الليالي»
الليالي مصطلح يستخدم محليًا لوصف أربعين ليلة تتميز ببرودة الطقس وموجات البرد التي تجتاح المنطقة والتي تبدأ في يوم 25 ديسمبر من كل عام، وتنتهي في اليوم الثاني من فبراير.

وتنقسم الأربعون ليلة إلى قسمين وهما «الليالي البيض» التي تضم الكوالح والطوالح، و«الليالي السود» التي تضم الصوالح والموالح، فيما تأتي «قرة العنز» أخيرًا ليختتم به فصل الشتاء وبداية انطلاق فصل الربيع.

انقطاع التيار الكهربائي يفاقم الأزمة
ومع بدء أولى أيام فصل الشتاء استقبل أهالي منطقة الجبل الأخضر الفصل بانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة وصلت إلى 17 ساعة في اليوم، مما ترتب عليه إغلاق عدة مخابز ولجوء المواطنين على الأخرى غير الازدحام التي شهدته محطات الوقود.

استقرأت «الوسط» آراء مواطنين بالمنطقة الذين أجمعوا على أن الحكومة الموقتة «عاجزة» عن تقديم الحلول، مستشهدين بمأساة العامين الماضيين دون اتخاذ الجهات المعنية تدابير لتفادي تداعيات فصل الشتاء خصوصًا لما تُعرف به المنطقة من برودة الطقس القارس.

ويقول الناشط السياسي صلاح بونباء إن المواطنين يواجهون صعوبات مستمرة في انقطاع التيار الكهربائي ونقص وقود التدفئة والسيولة، تزامنًا مع ارتفاع الأسعار بالأسواق، مضيفًا «أن هذه الأزمات المتكررة من السنوات الماضية لم تلق الحلول فنحن نجد الحكومة عاجزة عن حلها، وأعتقد بأنه ما نمر به الآن هو نتاج صراع الحكومة مع مجلس النواب والاتهامات المتبادلة بينهم».

ويرى بونباء أن حلول الأزمة «بسيطة» خاصة في بلد غني ليس عاجزًا عن تقديم تغطية مالية لمثل هذه الأزمات، لافتًا إلى أن الوضع يتطلب تشكيل لجان أزمات مختصة بكل أزمة على حدة مع ضرورة إخضاعها إلى «رقابة صارمة حتى لا تستغل لفساد مالي وإداري»، معتبرًا أن الوقت ليس في صالح الجميع، إذ «كان من المفترض أن توضع الحلول خلال فصل الصيف قبل حلول الشتاء».

ويضيف المصور علي الشاعري أن انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة أدى إلى «نتائج غير جيدة، لكون منطقة الجبل الأخضر معروفة ببرودة طقسها الشديد، كذلك نقص الغاز والكيروسين؛ كل ذلك سبب حالة إحباط للمواطن البسيط الذي لا يملك إلا قوت يومه ناهيك عن أزمة السيولة».

وأشار الشاعري إلى أن المواطنين في المنطقة طالبوا عدة مرات الجهات الرسمية إلى تذليل الصعاب ووضع حلول جذرية للأزمات، إلا أنهم يتلقون دائمًا وعودًا وصفها بـ«الكاذبة»، متابعًا: «كعادتها الحكومة لم تحرك ساكنًا ومدينة البيضاء لم تستفد منها في أي شيء وليس كما يقول ويعتقد فئة من الناس من المدن المجاورة، وها نحن في أوائل فصل الشتاء والحالة هي نفسها كالعام الماضي انقطاع الكهرباء ونقص الغاز والسيولة وغيرها من الأمور والمواطن الليبي البسيط هو المتضرر الوحيد من ذلك، ولكننا لا نحمل إلا بقول حسبنا الله في كل من سولت له نفسه في عدم خدمة المواطن والمصلحة العامة».

وأعرب الناشط نصر الدين القطعاني عن تخوفه من تكرار سيناريوهات الأعوام الماضية، موضحًا أنه من الضروري أن يكون «المواطنون أكثر فطنة، ومحاولة التماشي مع ما سيحدث في هذا الشتاء بتوفير ما يستطيع توفيره لمواجهة أزمات فصل الشتاء».

ولفت إلى أن اشتداد برودة الطقس يتسبب في زيادة الحاجة إلى أسطوانات غاز الطهو والبنزين والكيروسين وذلك لمواجهة البرد. وتابع: «المواطنون لم يعد لديهم مطالب في اعتقادي لعدم ثقتهم بالحكومة فهم يشعرون بأنها سبب أزماتهم وهي سبب شقاء السكان فوجودها بالبيضاء أزم الأوضاع وأصبح جل أمنياتهم هي خروجها من المنطقة وذلك لفشلها الواضح».

ويرى القطعاني أن وضع حلول جذرية «قد فات الأوان لها»، مضيفًا أن التنسيق مع جمهورية مصر للمد بالكهرباء أصبح حاجة ضرورية لسد عجز توليد الطاقة. بينما رأى المواطن حسن بشير أن الحل يكمن في دور البلديات عبر الاستقطاع من مخصصاتها لحل مشكلة الكهرباء أو جلب مستثمر أجنبي لمدة معينة يتفق عليها الطرفان.

ويضيف الإعلامي محمد أبوعجيلة أن انقطاع التيار الكهربائي تجاوز 12 ساعة يوميًا، سيؤدي إلى «كارثة صحية واقتصادية على حد سواء من حيث استهلاك الكيروسين والبنزين بشكل مستمر للمولدات وانبعاث الغازات في الجو».

وأشار إلى أن البرد القارس سيتمكن في هذه المنطقة «دون وسيلة حماية، فلا صوت يعلو فوق أصوات المولدات»، متابعًا: «لم نسمع عن الشارع يطالب بحل الأزمة ولا الحكومة خرجت تبين لنا السبب وراء هذه الانقطاعات التي لا تحدث إلا في فصل الشتاء؟! وبطبيعة الحال الضحية هم الأطفال خاصة حديثي الولادة والمسنين والعائلات ذوي الدخل المحدود».

وذكر أبوعجيلة أن سيناريوهات الأعوام الماضية لن تكون بعيدة المنال في التحقيق خلال هذا العام؛ حيث الأوضاع «لم تتغير بل ازدادت سوءًا، وأول الغيث قطرة عما سمعنا عنه من وجود حالات اختناق لأطفال صغار بسبب الغازات المنبعثة من استخدام الفحم وسط درجة حرارة بين 7 نهارًا و3 ليلاً».

الكهرباء توضح أسباب انقطاع التيار
وأوضح مدير غرفة التحكم 30 بنغازي التابعة للشركة العامة للكهرباء حسن محمود القماطي لـ«بوابة الوسط»، أن انقطاع التيار الكهربائي خلال الآونة الأخيرة كان بسبب خروج الوحدات الغازية بمحطة شمال بنغازي والمحطة البخارية عن الخدمة، ناهيك عن العجز الذي يتجاوز 50 %، بين الإنتاج والاستهلاك.

وذكر القماطي أن «الاستهلاك اليومي كان يصل إلى 1150 والتوليد 620 والعجز يصل إلى 890»، مشيرًا إلى أن مقدر طرح الأحمال على المنطقة الشرقية «كان موزعًا إلى ست ساعات متواصلة قابلة للزيادة بحسب العجز، ولكن بعد خروج باقي الوحدات عن الخدمة حدث إظلام تام».

من جهتها خاطبت الهيئة العامة للكهرباء والطاقات المتجددة، رئيس الحكومة الموقتة عبدالله الثني بضرورة اللجوء إلى جميع مصادر التمويل الخارجية والداخلية لتغطية تكاليف المشاريع التي من شأنها حل مشكلة الكهرباء في المنطقة الشرقية اقتداءً بالدول التي مرت بمثل هذه الأزمات.

وأضافت الهيئة أن شركة التمويل الصينية قد تقدمت بعرض أخطرها به مصرف ليبيا المركزي، متمنية من الحكومة «قبول العرض والمباشرة في اتخاذ الإجراءات القانونية لدراسة العرض وإحالته لجهات الاختصاص لإصدار الموافقة اللازمة».

ورفض مسؤولون في الحكومة الموقتة وأيضًا السلطات المحلية الحديث مع «الوسط» حول الأزمة وإيجاد الحلول، مكتفين بعدم الرد على هواتفهم الشخصية.

مخاوف مستمرة
ويتخوف المواطنون في منطقة الجبل الأخضر من حدوث أزمات أخرى نتيجة للطقس الباردة وانقطاع التيار الكهربائي، الذي يتسبب في انقطاع مياه الشرب بالأحياء السكنية واستهلاك كميات كبيرة من أسطوانات غاز الطهو والوقود مما يؤدي إلى شحها بالمنطقة مثلما حدث خلال العامين الماضيين.

وفي أعقاب ذلك بدأت بوادر نتائج الأزمة ومخاوف المواطنين في التحقق على أرض الواقع من خلال ما تشهده المنطقة خلال هذه الفترة من طوابير لشراء الخبز وأسطوانات غاز الطهو والوقود، بالإضافة إلى ما سجله مستشفى البيضاء من حالات اختناق لأطفال بسبب غاز أول أكسيد الكربون؛ حيث يلجأ غالبية المواطنين خاصة من الطبقة الوسطى والفقيرة إلى الفحم والتدفئة المنزلية داخل منازلهم مما يتسبب في اختناقهم لاستنشاقهم الغاز السام.

وتوفي خلال العام الماضي 10 أشخاص في المنطقة منهم بسبب اختناقه بغاز أول أكسيد الكربون، وآخرون بسبب الحروق الناتجة عن اندلاع لهيب النار بمنازلهم.

انقطاع الكهرباء يضاعف معاناة سكان الجبل الأخضر في فصل الشتاء (تقرير)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«دويتشه فيله»: استقالة باتيلي تعمق الفراغ في ليبيا.. والوضع الراهن اختبار لخليفته
«دويتشه فيله»: استقالة باتيلي تعمق الفراغ في ليبيا.. والوضع ...
مصادرة أكثر من 138 ألف قرص هلوسة في طبرق
مصادرة أكثر من 138 ألف قرص هلوسة في طبرق
الحويج يناقش آلية تطوير قطاع التأمين
الحويج يناقش آلية تطوير قطاع التأمين
غدا.. طرابلس تحتضن التحضيرات لاجتماع وزاري لـ«الساحل والصحراء»
غدا.. طرابلس تحتضن التحضيرات لاجتماع وزاري لـ«الساحل والصحراء»
«ديفينس نيوز»: واشنطن فشلت في التعامل مع حفتر.. والنهج الأميركي منح موسكو الفرصة
«ديفينس نيوز»: واشنطن فشلت في التعامل مع حفتر.. والنهج الأميركي ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم