كشفت الأرقام التي أعلنها مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، عن حجم الأضرار والتدهور الذي لحق بالعائدات النفطية الليبية خلال السنوات الأربع الماضية، ووفقا لتصريح صنع الله فإن «العائدات النفطية بلغت 3.87 مليار دولار حتى نوفمبر من العام الجاري»، وهو مايعني تراجع تلك العائدات بنسبة 91% خلال السنوات الأربعة الماضية، مقارنة بما سجلته في العام 2012، عندما بلغت 45.7 مليار دولار.

كما واصلت العائدات النفطية انخفاضها خلال العام 2013 لتتراجع إلى 36 مليار دولار خلال 2013، حسب صنع الله، أي أنها هبطت بنسبة 21% عن العام السابق، وفي العام التالي (2014) «تراجعت إلى 15.4 مليار دولار» لتهبط خلال عام واحد بنسبة 57%، ثم «إلى 7.6 مليار دولار في العام 2015»، لتصل نسبة التراجع إلى 51%.

النفط الخام يُسجل 2.93 مليار دولار، مقابل 5.4 مليار دولار خلال العام 2015، بتراجع نسبته 46%

ووفقا لتقرير صنع الله الذي جاء تحت عنوان «الثروة النفطية بعد الثورة وعدالة التوزيع»، فقد توزعت العائدات النفطية حتى نوفمبر من العام الجاري كالتالي: النفط الخام بقيمة 2.93 مليار دولار، مقابل 5.4 مليار دولار خلال العام 2015، أي أنها تراجعت بنسبة 46%، فيما بلغت إيرادات الغاز 531 مليون دولار، مقابل 1.6 مليار دولار العام الماضي بنسبة انخفاض 67%.

في حين سجلت عائدات المنتجات النفطية خلال الفترة نفسها 384 مليون دولار، مقابل 442 مليون دولار خلال العام 2015، بتراجع 13%، بينما انخفضت إيرادات البتروكيماويات بنسبة 57% إلى 29 مليون دولار، مقارنة بـ67 مليون دولار.

للاطلاع على العدد (57) من «جريدة الوسط» اضغط هنا (ملف بصيغة pdf)

وكان نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، أحمد معيتيق، قال إن ليبيا صدَّرت كميات غاز بقيمة 531 مليون يورو خلال العام 2016، متوقعًا وصوله إلى ملياري يورو العام المقبل، حال انتهاء أزمة الموانئ والتصدير الذي طاله الصراع السياسي خلال الفترات الأخيرة.

وفي وقت سابق، توقع مصطفى صنع الله ارتفاع إيرادات صادرات النفط والغاز إلى 15.84 مليار دولار في العام 2017، بافتراض تشغيل الحقول والموانئ النفطية وعلى أساس متوسط سعر 45 دولارًا للبرميل.

إدارة وتوزيع الثروة النفطية على رأس المشاكل الأساسية التي يدور حولها الصراع في ليبيا

وأوضح رئيس المؤسسة الوطنية للنفط أن الملف النفطي بمثابة مفتاح الحل السياسي، معتبرًا أن مسألة «كيفية إدارة وتوزيع الثروة النفطية»، على رأس المشاكل الأساسية التي يدور حولها الصراع الحقيقي في ليبيا، مستنكرًا في الوقت نفسه عدم مناقشتها بجدية خلال السنوات الست الماضية منذ الثورة الليبية.

وبينما أشار إلى أن اتفاق الصخيرات الموقع قبل العام أغفل الموضوع، قال إن الحوار الاقتصادي الليبي الذي عقد في العاصمة البريطانية (لندن) نوفمبر الماضي تطرق بـ«خجل» إلى القضية، بحسب تعبيره، منوهًا بأن الاجتماع الذي غاب عنه تمثيل لمجلس النواب أو الممثلين السياسيين لشرق ليبيا كشف حجم الهوة التي اعتبرها حجر الزاوية الذي يفصل التوصل لحل سياسي توافقي.

صنع الله يدعو إلى التوافق حول آلية توزيع الثروة النفطية وتجنب تسييس مؤسسة النفط والتدخل في أعمالها 

واعتبر صنع الله أن الاهتمام بالملف النفطي، فضلاً عن كونه مفتاح الحل السياسي، يجنب ليبيا نهاية مأساوية تستمر فيها الحروب والصراعات وتنتهي بدمار البلد، على حد تعبيره، داعيًا إلى ضرورة «تجنب تسييس المؤسسة الوطنية للنفط أو تهديد وحدتها أو التدخل في أعمالها من جانب والتوافق حول آلية لتوزيع الثروة النفطية بعدالة من جانب آخر».

وبعدما شدد على أن المؤسسة الوطنية للنفط لا تتحكم في صرف الإيرادات أو عدالة توزيعها باعتبارها مسؤولية جهات أخرى مختصة، أكد ضرورة المكاشفة حول عائدات النفط الليبي وكيفية إنفاقها من خلال الشفافية في الإيرادات والمدفوعات، معتبرًا ذلك هو «الوسيلة الأنسب للمكاشفة ولتوضيح إذا ما كان يوجد تمييز ممنهج ضد منطقة معينة أو عرق معين، وهل هناك عدالة في توزيع الثروة، وبالتالي إعادة الأمور إلى نصابها إذا ما كان هناك تهميش حقيقي أو قطع الطريق على من يستخدمون أسطوانة التهميش لتضليل الناس»، على حد قوله.

اتفاق الصخيرات أغفل ورقة النفط و«حوار لندن» تطرق بـ«خجل» إلى القضية

وبين صنع الله أن المؤسسة تقدم تقارير وإحصاءات دورية بشكل أسبوعي وشهري لعدد من الجهات السيادية عن إيرادات النفط الخام، والغاز الطبيعي، والمنتجات النفطية والبتروكيماويات، لافتًا إلى أن آلية تحصيل الإيرادات النفطية هي نفسها المعمول بها منذ ما قبل الثورة تخضع للقرارات والإجراءات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي ولا تستطيع المؤسسة منفردة تغييرها أو الالتفاف عليها.