Atwasat

سرت: «داعش» يتكيف بـ«الخلايا النائمة» و«كتائب الصحراء»

سرت - بوابة الوسط السبت 26 نوفمبر 2016, 01:09 مساء
WTV_Frequency

بعد ستة أشهر من القتال الشرس، تقدمت قوات «البنيان المرصوص» في عمق مدينة سرت الاستراتيجية حتى أضحى بإمكانهم الآن تمييز لهجات عناصر مسلحي تنظيم «داعش» على جبهة القتال.

للاطلاع على العدد (53) من «جريدة الوسط» اضغط هنا (ملف بصيغة pdf)

وفيما باتت المدينة الساحلية على أعتاب التحرير، والتخلص من التنظيم الإرهابي، حذر عديدون من احتمال «تكيف» داعش، والبحث عن بدائل أخرى خارج سرت، ولاسيما أن ذلك بدا واضحاً من تصريحات قيادات التنظيم، بالإضافة إلى حديث عما يعرف بـ«كتائب الصحراء»، التي شُكِّلت حديثاً، وتتألف من مقاتلين أجانب، ومستعدة لشن هجوم للسيطرة على مزيد من الأراضي، لكنها تتفادى الظهور حالياً»، فضلاً عن «خلايا التنظيم النائمة»، التي يجري الحديث عن وجودها في مدينتي فزان وطرابلس، وهو ما قد ينعكس على تحديد مستقبل تواجد التنظيم داخل ليبيا.ومع ذلك، أكد مسؤولون ليبيون وأميركيون اقتراب النصر في الحرب الدائرة ضد «داعش» في سرت؛ مشيرين في تصريحات إلى وكالة «رويترز» إلى تحصن أعداد ضئيلة جداً من فلول التنظيم في مساحة صغيرة لا تتعدى كيلو متراً مربعاً داخل سرت، إلا أن المسؤولين الأميركيين يعترفون بأن المعركة كانت طويلة وصعبة.

رجل أعمال
ومن داخل سرت، تنقل الوكالة البريطانية عن أسامة عيسى (37 عاماً)، الذي عرّفته بـ«رجل أعمال» يقاتل مع القوات الليبية في حي الجيزة، آخر حي يسيطر عليه التنظيم في سرت: «واجهنا مقاومة لا تصدق، لا يتركون مواقعهم حتى عندما تنهار منازل على رؤوسهم.. يعلمون أنهم سيموتون على أي حال ولذلك يقاتلون بشراسة».

ويرى أسامة أن هزيمة «داعش» ستؤثر سلباً على قدرته في التمدد، وستحرمه من موطئ قدم خارج العراق وسورية.

وتشير التقديرات الأميركية وفقاً لمعطيات ميدان القتال في سرت إلى أن مسلحي التنظيم أثبتوا مهاراتهم في حرب العصابات، وأظهروا نقاط ضعف القوات المتقدمة التي تفتقر للخبرة في حرب المدن، وسلطت المعارك أيضاً الضوء على الفاعلية المحدودة للضربات الجوية، عندما تصل جبهات القتال لهذا التقارب. كما تلفت المعارك الانتباه أيضاً إلى أهمية محاصرة المقاتلين خلال الحرب بسبب هرب الكثير من سرت، ويقدر أحد قادة «البنيان المرصوص» عدد من تمكنوا من الفرار بـ400 مسلح، يشنون حالياً هجمات خلف خطوط القتال بقنابل يتزايد تطورها باستمرار.

رغم خسائر التنظيم إلا أنه يبدو قادرًا على التكيف والبحث عن بدائل أخرى خارج سرت

وقال طالب يقاتل في وسط ركام أحد المنازل المنهارة في الجيزة: «نسمعهم في الليل يصيحون ويهددوننا قائلين إنهم قادمون للقضاء علينا.. هناك قناصة وألغام. نحن نتقدم فيلقون علينا القنابل اليدوية. إنها حرب قذرة».

وسمع دوي إطلاق نار من القناصة في حين كانت المجموعة التي ينتمي لها الطالب تراقب الأوضاع عبر فجوات في الجدران المهدمة، وكانت القذائف تمرق فوق الرؤوس من آن لآخر، واستعدت مجموعة أخرى مسلحة بالكلاشينكوف- وبعضهم رجال من كبار السن يرتدون الزي العسكري، وآخرون طلبة يرتدون الجينز- للتخلص من قناص متحصن في موقع قريب.

قاعدة المنسحبين
من جانبه، قال جيف بورتر الباحث في (نورث أفريكا ريسك) للاستشارات: «كان من المفترض أن تكون سرت قاعدة للمنسحبين من العراق وسورية لكن هذا الأمر انتهى الآن. من الناحية الاستراتيجية يمكن للتنظيم أن يشير إلى سرت، ويقول لأتباعها إنها كانت حقاً عالمية وتتمدد لكن لا يمكن أن تفعل ذلك بعد الآن»، في إشارة إلى خيبة أمل التنظيم في التمدد بتلك البلد. وقال مسؤولون بالمخابرات في مصراتة إنه كان يوجد في السابق ما يصل إلى 2500 مقاتل في سرت أغلبهم أجانب.

معظم مناطق سرت الآن خالية من الناس ولم تعد الحياة إلى الأحياء الواقعة على أطراف المدينة التي يسكنها 80 ألف نسمة، حيث تحمل المباني آثار القذائف والرصاص. ولم يبق من آثار حكم التنظيم سوى القليل.ويرفرف علم ليبي كبير فوق تقاطع طرق الزعفران، حيث كان المسلحون يعدمون ضحاياهم في السابق، ولا تزال رموز الضرائب التي كان يجمعها التنظيم مرسومة على جدران المتاجر. وأفراد القوات الليبية في معظمهم مدنيون حاربوا القذافي وعادوا للمساعدة في صد التنظيم ومنهم طلاب وحرفيون وضباط سابقون بالجيش.

وقال صلاح الحوتي وهو طالب يبلغ من العمر 22 عاماً يقاتل في صفوف القوات الليبية: «ربما يستغرق الأمر أسبوعاً أو اثنين مما أراه الآن (لإنهاء مقاومة تنظيم داعش في سرت)»، مشيراً إلى أنهم «خزنوا إمدادات وأغذية تحت الأرض»، ويقول قادة ليبيون إن تقدمهم تعثر بسبب الضحايا ونقص الذخيرة وشكوا من أنهم لم يتسلموا شيئاً من معدات الرؤية الليلية وغيرها من الأسلحة التي طلبوها من حلفائهم لمواجهة القناصة. وزاد الخوف من شن ضربات جوية وقصف بشأن المدنيين المحاصرين الذين يستخدمون في بعض الأحيان كرهائن.

مقاومة كبيرة
ويأمل قادة ليبيون في أن يقضي الانتصار في سرت على تهديد التنظيم في كل أنحاء ليبيا، لكن المقاتلين الذين فروا قبل تطويق سرت لا يزالون يشكلون تهديداً، إذ فر بعضهم إلى الجنوب مما سيعزز على الأرجح الاتصالات بين «داعش» وجماعات متشددة أخرى في منطقة الساحل القاحلة ومنها تنظيما «بوكو حرام» النيجيرية و«القاعدة» ببلاد المغرب.

ويشير تقرير نشره موقع معهد «أتلانتيك كاونسيل» إلى أنه رغم الخسائر التي مني بها تنظيم «داعش»، إلا أن التنظيم يبدو قادراً على التكيف والبحث عن بدائل أخرى خارج سرت، وبدا ذلك واضحاً من خلال تصريحات قيادات التنظيم والاستراتيجية التي يعتمدها داخل سرت.

وأوضح تقرير المعهد الأميركي أن «داعش» يبدي مقاومة كبيرة داخل سرت، رغم تقدم قوات «البنيان المرصوص»، ويعمد إلى بناء شبكة من المتجولين والخلايا النائمة للبقاء، وما زالت قيادات التنظيم تدعو المقاتلين الجدد إلى التوجه إلى ليبيا، ففي تسجيل صوتي لزعيم «داعش»، نُشر الأول من نوفمبر الجاري، قال أبو بكر البغدادي إن «الانضمام لصفوف التنظيم في سورية أصبح أصعب مما كان، لكن طرق الهجرة إلى ليبيا ما زالت موجودة وسهلة».

كان من المفترض أن تكون سرت قاعدة للمنسحبين من العراق وسورية

وحذر التقرير من خلايا التنظيم النائمة في مدينتي فزان وطرابلس، مضيفاً أنها تملك تحديد مستقبل تواجد التنظيم داخل ليبيا. وكان «داعش» قسم وجوده في ليبيا إلى ثلاث ولايات «برقة في الشرق وطرابلس وفزان. فهو لم يكن وحدة متكاملة مثلما ظهر في سورية والعراق».

وسبق تسجيل البغدادي صدور العدد الجديد من دورية التنظيم الأسبوعية «النبأ» تضمن حواراً مع أبو حذيفة المهاجر زعيم ما يسمى «ولاية طرابلس»، حيث زعم أن التنظيم ما زال يستقطب تدفقات مستقرة من المقاتلين الأجانب، لافتاً إلى تكوين ما يسمى بـ«كتائب الصحراء» كي تقاتل وتسيطر على مزيد من الأراضي.

وزعم المهاجر أيضاً أن «كتائب الصحراء تلك هي المسؤولة عن بطء التقدم في المعارك بسرت». وكانت قوات «البنيان المرصوص» تكبدت خسائر كبيرة بين صفوفها نتيجة هجمات شنها مقاتلون ضد صفوفها الخلفية من ناحية الجنوب والغرب.

هجوم السيطرة
وأوضح المهاجر أن «كتائب الصحراء شُكلت حديثاً، وتتكون من مقاتلين أجانب ومستعدة لشن هجوم للسيطرة على مزيد من الأراضي، لكنها تتفادى الظهور حالياً»، ويبدو أن تلك الكتائب تعتمد على شبكة موجودة بالفعل من المقاتلين الموالين لـ«داعش»، وفق تقرير «أتلانتيك كاونسيل».

وفي تسجيل آخر، قال زعيم التنظيم في بنغازي أبو مصعب الفاروق إن «قيادات ولاية طرابلس الفارين من سرت وصلوا إلى مكان آمن ويستعدون لعمليات جديدة لصالح التنظيم».ولفت تقرير «أتلانتيك كاونسيل» إلى اعتماد «داعش» على حملة موسعة عبر مواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي لجذب مزيد من المقاتلين، وأطلقت تلك المواقع حملة مكثفة لجذب المقاتلين إلى ليبيا خلال العام الماضي.

وتعد المنطقة الغربية من ليبيا من أهم المواقع التي يسعى التنظيم لبناء تمركزات بها، فهي تسمح له بشن هجمات مكثفة على مدن إقليم طرابلس.

وحذر التقرير من أن تكون مدينتا طرابلس ومصراتة الأهداف القادمة لـ«داعش» نظراً لمكانتهما السياسية والمؤسسية. ومن هنا تظهر مدينة بني وليد كقاعدة استراتيجية بالنسبة لـ«داعش»، فهي تبعد 80 ميلاً من مصراتة، وتقع على بعد 120 ميلاً جنوب شرق طرابلس، وبالفعل انتقل إليها عدد من عناصر «داعش» الفارين من سرت، وفق التقرير.

وكشفت اعترافات أحد عناصر «داعش» المحتجزين لدى القوات الليبية أن أحمد صلاح الحمالي القيادي السابق لما يسمى «ولاية طرابلس»، موجود داخل بني وليد.
وقد يتجه التنظيم، وفق التقرير، إلى الجنوب وإقليم فزان، حيث إن تدمير المنشآت النفطية الجنوبية من شأنه إلحاق مزيد من الضرر للاقتصاد، وقد يستغل التنظيم الفراغ السياسي والمؤسسي في منطقة فزان لإنشاء نقاط تفتيش والسيطرة على المواقع النفطية. ومن المرجح أن يلجأ «داعش» إلى تشكيل شبكة جديدة مع مجموعات إرهابية أخرى داخل ليبيا، وأن يتوصل إلى تسويات ويقدم تنازلات للتعايش مع المجموعات الجهادية المحلية.

أبونجيم والجفرة
وفيما وصف بالتطور الميداني، أكدت مصادر أمنية ومحلية في مناطق أبونجيم والجفرة أن عناصر منتمية لتنظيم «داعش» فارة من سرت إلى جنوبها بالوديان والصحراء أقامت ليلة الأحد بوابة وهمية قرب بوابة خشوم الخيل، على طريق «أبوهادي–الجفرة». وقالت المصادر لـ«الوسط» إن عناصر «داعش» وصلوا على متن ثلاث سيارات مسلحة، وإن معظمهم عرب وأفارقة، وإن البوابة التي أقاموها كانت بالكيلو متر 70 جنوب سرت، يأتي ذلك في وقت تؤكد فيه تقارير أن عدداً من عناصر «داعش» يتواجد بين الحين والآخر في مناطق صحراوية جنوب سرت، مثل البغلة واللود الزراعي وقرب أبونجيم ووديان سوف الجين ووشتاتة.

عناصر التنظيم انتقلوا إلىمناطق أخرى تمهيدًا لتحويل المدينة إلى قاعدة استراتيجية جديدة

وفي سياق متصل، أكد مصدر أمني في سرت لـ«الوسط» مقتل القيادي بتنظيم «داعش»، إسماعيل الجطلاوي، وهو من سكان مدينة سرت خلال الاشتباكات التي وقعت بمحور الجيزة البحرية.

وأوضح المصدر أن الجطلاوي قُتل مع عشرة من مقاتلي التنظيم، مضيفاً أن جثثهم وجدت بشوارع حي الجيزة، فيما قال المكتب الإعلامي لعملية «البنيان المرصوص» إن قواته صدّت محاولة «يائسة» من فلول «داعش» لفتح ثغرة «في الطوق الذي يحاصرهم من جميع الاتجاهات في الجزء المتبقي من الجيزة البحرية آخر معاقلهم» في سرت.

وأضاف المكتب الإعلامي لعملية «البنيان» في بيان نشره عبر صفحته عبر «فيسبوك» أن «قواتنا قضت خلال المواجهة على سبعة من عناصر داعش، فيما استقبل مستشفى مصراتة المركزي جثامين ثلاثة شهداء ممن تصدوا لعملية الالتفاف». وسبق لمعاون آمر غرفة العمليات الميدانية في سرت، العميد عبدالهادي إدرة، القول إن عناصر «داعش» المتحصّنة في حي الجيزة بالمدينة أقدمت على إحراق عدد من المنازل، حيث شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد، تزامناً مع تقدم قوات «البنيان المرصوص» داخل الحي. وقال إدرة لـ«الوسط» إنّ عناصر التنظيم محاصرة في كل المحاور، وإنّ «ساعة الحسم باتت قريبة»، مشيراً إلى أنّ تنبيهات وجهت إلى العائلات التي لا تزال موجودة في الحي للخروج من منطقة الاشتباك.
للاطلاع على العدد (53) من «جريدة الوسط» اضغط هنا (ملف بصيغة pdf)

سرت: «داعش» يتكيف بـ«الخلايا النائمة» و«كتائب الصحراء»
سرت: «داعش» يتكيف بـ«الخلايا النائمة» و«كتائب الصحراء»
سرت: «داعش» يتكيف بـ«الخلايا النائمة» و«كتائب الصحراء»

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
الدبيبة في أديس أبابا على رأس وفد وزاري
الدبيبة في أديس أبابا على رأس وفد وزاري
حفتر يبحث «مجمل أوضاع الجنوب» مع حماد وعمداء بلديات الواحات
حفتر يبحث «مجمل أوضاع الجنوب» مع حماد وعمداء بلديات الواحات
الوحدة السادسة تدعم محطة كهرباء شمال بنغازي
الوحدة السادسة تدعم محطة كهرباء شمال بنغازي
اتفاقية لإدارة المياه الجوفية بين ليبيا والجزائر وتونس
اتفاقية لإدارة المياه الجوفية بين ليبيا والجزائر وتونس
«جنايات طرابلس» تقضي بالسجن عامًا لثلاثة مسؤولين سابقين في وزارة الصحة
«جنايات طرابلس» تقضي بالسجن عامًا لثلاثة مسؤولين سابقين في وزارة ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم