غاب الملف الليبي بشكل شبه تام عن اجتماعات وزراء خارجية الاتحاد الأوربي ووزراء الدفاع التي استمرت يومين في بروكسل، رغم توقعات سابقة بأنه سيخيم عليها.

وكان الدبلوماسيون الأوروبيون يتوقعون حتى الأسبوع الماضي فوز المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بالانتخابات الرئاسية الأميركية لبدء عملية اقتسام للنفوذ معها في ليبيا.

وأعدت الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية، فيدريكا موغيريني، التي ترأست اجتماعات بروكسل أوراق عمل لمعاينة المسألة الليبية سياسيًا ودبلوماسيًا والبدء في تكيف التنسيق الأمني والعسكري مع حلف «ناتو».

تحفظ واضح خلال الاجتماع الوزاري عند الإشارة إلى «الدعم» المتعارف عليه للمجلس الرئاسي

غير أن موغيريني اكتفت في ختام اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين بالقول إنه تم التطرق للوضع في ليبيا دون إضافة أي تفاصيل.وقال دبلوماسي أوروبي لـ«بوابة الوسط» إنه تم تسجيل تحفظ واضح خلال الاجتماع الوزاري عند الإشارة بشكل أو آخر إلى «الدعم» المتعارف عليه من قبل الاتحاد الأوروبي للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق.

تشكيك أوروبي

وتشكك عدة دول أوروبية، من بينها فرنسا في الاستراتيجية التي اتبعتها موغيريني حتى الآن في إدارة الأزمة الليبية، علمًا بأن موغيريني امتنعت في وقت سابق عن حضور آخر اجتماع نظمته فرنسا حول الأزمة الليبية بحجة أنه «تم على مستوى فني».

واجتمع المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر في بروكسل أمس الثلاثاء مع الممثلة العليا للسياسة الخارجية، حيث تبادل الطرفان للمرة الأولى منذ فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية تداعيات ذلك على مهمة كوبلر، وعلى سياسة بروكسل تجاه الأزمة في ليبيا.

يعكس هذا الموقف الحد الأدنى الأوربي في التعامل مع الأزمة وإصرارًا من قبل موغيريني على مؤازرة الموقف الإيطالي

وأشار بيان صادر عن مكتب موغيريني وفي ترضية مباشرة لإيطاليا أن المسؤولة الأوروبية أكدت بهذه المناسبة ضرورة تعاون جميع الجهات الفاعلة، بما في ذلك السلطات الليبية وهيئات الأمم المتحدة، لبذل المزيد من الجهد لضمان حماية ومساعدة المهاجرين المستضعفين داخل ليبيا، وتحسين ظروف المعيشة في مراكز الاستقبال، وتعهدت باستمرار دعم الاتحاد الأوروبي في هذا المجال».

الحد الأدنى

ويعكس هذا الموقف الحد الأدنى الأوربي في التعامل مع الأزمة وإصرارًا من قبل موغيريني على مؤازرة الموقف الإيطالي والضغط على ليبيا في ملف الهجرة.

وتطرقت موغيريني مع كوبلر إلى تفعيل دور البعثة البحرية الأوروبية «صوفيا» قبالة الساحل الليبي التي ترافق مهمتها العديد من الشكوك.

وأكدت موغيريني وكوبلر في ضغط واضح على البرلمان الليبي أهمية الجهود المبذولة التي تهدف إلى دعم سيطرة المجلس الرئاسي على الاقتصاد والمالية وهي نقطة خلاف رئيسة معروفة بين الأطراف الليبية.

تبدو الخشية الرئيسة للأوروبيين حاليًا من انفراد الولايات المتحدة وروسيا بإدارة الأزمة الليبية

وتبدو الخشية الرئيسة للأوروبيين حاليًا ولإيطاليا وقسم العمل الخارجي في بروكسل من انفراد الولايات المتحدة وروسيا بإدارة الأزمة الليبية، مثلما تم تسجيله بشأن سورية.

توجهات ترامب

ويقول خبراء إن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب ستسارع بحسم الموقف العسكري ضد «داعش» في ليبيا وتحديدًا في مدينة سرت وتركيز تحركاتها لضمان تدفق النفط

ودعم استعادة الأمن وبسط الاستقرار بالتنسيق مع روسيا ومن خلال الجيش الليبي، وذلك بسبب مناهضة الصقور في إدارة ترامب لأي تعايش مع المجموعات والتنظيمات المسلحة في المنطقة وليس في ليبيا فقط.

ولا يتوقع المراقبون عودة سريعة للبعثات الأوروبية لطرابلس بسبب التطورات المسجلة أميركيًا بالدرجة الأولى، ولا ينتظرون أيضًا تصرفًا أوروبيًا في الأموال الليبية المجمدة الخاضعة لمجلس الأمن مع اشتراط الإدارة الجديدة خروج الميليشيات من العاصمة الليبية لتطبيع الوضع داخلها..
وتشكل سلاسة التنسيق المتوقعة بين إدارة ترامب وكل من مصر والجزائر بشأن الأوضاع الأمنية والملفات الإقليمية ستقلب المقاربة الحالية للوضع الليبي، وتجعل من دعم الاتحاد الأوروبي للمجلس الرئاسي الذي قبل بالتعايش مع الميليشيات في العاصمة أمرًا معقدًا.