Atwasat

السلفيون في ليبيا.. تساؤلات ومخاوف وسيناريوهات غامضة (تقرير)

القاهرة - بوابة الوسط السبت 15 أكتوبر 2016, 04:28 مساء
WTV_Frequency

أين يقف السلفيون الليبيون في المعركة الدائرة بين قوات «البنيان المرصوص» وتنظيم «داعش» في سرت؟ وما حقيقة موقفهم من الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر؟ ثم ما هو مستقبلهم بعد انتهاء المعارك وسكون رياح الانقسام السياسي بين الليبيين؟ وأخيرًا: كيف تنظر القوى السياسية الليبية إليهم؟

قد يكون الخلط الشائع إعلاميًا بين «السلفية الإصلاحية» أو «الهادئة» كما يسميها البعض من جهة، و«السلفية الجهادية» المؤمنة بأن إقامة دولة الإسلام تبدأ بالسيطرة على السلطة من الجهة الثانية، هو مصدر مثل هذه الاسئلة في الأوساط الخارجية، غير أن الظهور اللافت لـ«الهادئين» على جبهة الحرب ضد تنظيم «داعش» في سرت وبنغازي، وكذا حضورهم المتنامي في المدن والمناطق الأخرى، هو الذي يحولها إلي تساؤلات ومخاوف يومية بين الليبيين القلقين على مستقبل بلدهم.

يقول الباحث فريدريك ويري إن «الوحدة التي ينتمي إليها الشاب، وهي فرقة مجهّزة جيّدًا تُعرَف بالكتيبة 604 مشاة، تختلف تمامًا عن مئات المجموعات المسلّحة الأخرى التي يجمعها رابط فضفاض بالمجلس الرئاسي في طرابلس ... وقد حمل وصول الكتيبة في ذلك اليوم إلى مسجد قرطبة الكهفي ذي الجدران البيضاء معنى فريدًا وعاطفيًا بالنسبة إلى أعضائها».

الكاتب المتخصص في شؤون الشرق الأوسط فريدريك ويري، أجاب عن هذه الأسئلة عندما رصدها بشكل واقعي من خلال تقرير ميداني، نشره مركز «كارنيجي» لدراسات الشرق الأوسط، جمع فيه بين شهادات مقاتلين وقادة ميدانيين من مختلف الأطراف، دون أن يهمل دور القوى الخارجية في تحريك/تلجيم المشهد السلفي الليبي المفتوح على سيناريوهات غامضة.

مشهد فريد وعاطفي
بدأ التقرير بمشهد افتتاحي لافت: «مقاتل ليبي، دخل في 28 أغسطس الماضي إلى مسجد قرطبة في سرت بعد تحريره من قبضة تنظيم داعش، ليرفع منه الأذان».

يقول فريدريك ويري إن «الوحدة التي ينتمي إليها الشاب، وهي فرقة مجهّزة جيّدًا تُعرَف بالكتيبة 604 مشاة، تختلف تمامًا عن مئات المجموعات المسلّحة الأخرى التي يجمعها رابط فضفاض بالمجلس الرئاسي في طرابلس الذي كان قد فرض حصارًا لمدّة أشهر على مدينة سرت، معقل تنظيم الدولة الإسلامية على البحر المتوسط. وقد حمل وصول الكتيبة في ذلك اليوم إلى مسجد قرطبة الكهفي ذي الجدران البيضاء معنى فريدًا وعاطفيًا بالنسبة إلى أعضائها».

ويعود التقرير إلي أصل هذا المشهد، فيقول: «بدءًا من مطلع العام 2015، أطلق إمام قرطبة، وهو داعية سلفي محبوب يُدعى خالد بن رجب الفرجاني، انتقادات علنية لتنظيم الدولة الإسلامية ورفض منحه الإذن لاستخدام مسجده من أجل إلقاء الخطب. وفي ذلك الصيف، أقدم تنظيم الدولة الإسلامية على اغتياله، ما أدّى إلى اندلاع انتفاضة مسلّحة قام بها سكّان الحي الثالث في سرت، وكان معظم المنضوين فيها من أفراد عشيرة الفرجان التي ينتمي إليها الإمام. فشلت الانتفاضة، وسيّر تنظيم الدولة الإسلامية مدرّعات في الشوارع واستخدم الأسلحة الثقيلة لإخمادها، كما أعدم العشرات من عشيرة الفرجان في باحة مسجد قرطبة، وصلب آخرين على سقالة فولاذية عند دوّار الزعفران الذي بات اسمه مطبوعًا بهذا المشهد. ثمّ أنه غيّر اسم الجامع من مسجد قرطبة إلى مسجد أبو مصعب الزرقاوي».

في الأشهر اللاحقة، يضيف التقرير، «فرّ بعض مقاتلي عشيرة الفرجان من سرت إلى طرابلس، حيث كان شقيق الإمام الراحل قد شكّل الكتيبة 604 مشاة التي بدأت، بدعمٍ من قادة سلفيين نافذين في طرابلس، ولاسيما عبد الرؤوف كارة وقوات الردع الخاصة التي يتولى قيادتها وتتخذ من مطار معيتيقة مقرًا لها، فضلًا عن سرية باب تاجوراء المجاورة. (...) وبحلول أواخر العام 2015، كان عدد عناصرها قد وصل إلى أكثر من 450».

ويتابع التقرير، المنشور في أغسطس الماضي: «سنحت الفرصة – في مايو من العام الجاري- أمام الكتيبة 604 مشاة للأخذ بالثأر. فقد انضمّت إلى ائتلاف واسع من المجموعات المسلحة تحت اسم "البنيان المرصوص"، في الهجوم على سرت. وعلى النقيض من وحدات مسلّحة أخرى جاء معظم أعضائها من مصراتة، تضمّ الكتيبة 604 أيضًا مقاتلين من سرت وبني وليد وطرابلس والزنتان وزليتن وسبها.

لكن الأهم هو أن جلّ عناصر الكتيبة تقريبًا سلفيون، وهذا أمر يتسق مع منحى أوسع نطاقًا على مستوى البلاد في أوساط ما يُسمّى السلفيين «الهادئين» الذين ينشطون الآن بشكل مطّرد في القتال ضد الدولة الإسلامية، وأيضًا ضد الفصائل الإسلامية المنافسة لهم.

«هناك تململًا عميقًا في أوساط حلفاء المدخليين في الشرق كما في الغرب –أكانوا ضباطًا من الجيش الوطني الليبي أو قادة ميدانيين من مصراتة (بالزي العسكري ومدنيين على السواء)، أو مسؤولين في وزارة الداخلية لدى الطرفَين– إزاء النفوذ المتنامي للتيار المدخلي وأهدافه الخفية. تنطلق هذه الشكوك في جزء منها من التقارير التي تتحدّث عن تمويل سعودي وخليجي للتيار، وأيضًا من تصريحات المدخلي العلنية عن ليبيا».

من هم الهادئون؟
يوضح تقرير كارينجي أن توصيف السلفيين الهادئين في ليبيا «يشير بشكلٍ أساسي إلى أتباع رجل الدين السعودي ربيع بن هادي المدخلي الذي يروّج لعقيدة الطاعة لولي الأمر، أي السلطة السياسية القائمة، متحاشيًا النشاط الانتخابي أو المقاومة المسلّحة، حتى في وجه الحكم العلماني أو الاستبداد، خوفًا من الفتنة. وقد استخدمت الحكومة السعودية تعاليمه في الداخل في تسعينيات القرن الماضي لتشويه سمعة حركة الصحوة السلفية التي تشرّبت فكر الإخوان المسلمين وتحظى بشعبية واسعة. اليوم، المدخلي عدو لدود للإخوان المسلمين وكذلك للمجموعات السلفية الجهادية على غرار القاعدة والدولة الإسلامية».

ويضيف التقرير: «للسلفية الهادئة في ليبيا أصولٌ تعود إلى منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما وجّه نظام القذافي دعوة إلى أئمة من التيار السلفي السعودي للقدوم إلى ليبيا في سياق جهوده الأوسع لإعادة تأهيل الجهاديين السلفيين المنضمّين إلى صفوف الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة. بعد اندلاع الثورة في العام 2011، أصدر المدخلي توجيهًا ناشد فيه أنصاره بالامتناع عن دعمها، وحافظ عدد كبير منهم على ولائهم للنظام أو وقفوا على الحياد».

ويواصل التقرير: «بعد سقوط القذافي، أقدم أتباع المدخلي في ليبيا، على هدم التراث الصوفي الليبي وحرق أدبيات الإخوان المسلمين. وشكّلوا أيضًا دوريات لمكافحة الرذيلة، ركّزت على محاربة تجارة المخدرات، واستهلاك الكحول، وسواها من الأنشطة التي اعتبروها غير إسلامية. وتجسّدت هذه الدوريات بشكل خاص في قوات الردع الخاصة بقيادة كارة والمجموعات ذات الصلة. مع اندلاع النزاع بين معسكرَي الكرامة والفجر في ليبيا في صيف 2014، ربطت مجموعات المدخلي المسلّحة نفسها بالفصائل المتناحرة. وتُواصل حاليًا القتال إلى جانب الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر في الشرق، وكذلك إلى جانب المجموعات المسلحة المتحالفة مع المجلس الرئاسي الذي يتخذ من طرابلس مقرًا له».

وحسب ما رصده التقرير، من خلال مقابلات في طرابلس ومصراتة وسرت وبنغازي والبيضاء منذ أواخر العام 2015 حتى منتصف العام 2016، فإن «هناك تململًا عميقًا في أوساط حلفاء المدخليين في الشرق كما في الغرب –أكانوا ضباطًا من الجيش الوطني الليبي أو قادة ميدانيين من مصراتة (بالزي العسكري ومدنيين على السواء)، أو مسؤولين في وزارة الداخلية لدى الطرفَين– إزاء النفوذ المتنامي للتيار المدخلي وأهدافه الخفية. تنطلق هذه الشكوك في جزء منها من التقارير التي تتحدّث عن تمويل سعودي وخليجي للتيار، وأيضًا من تصريحات المدخلي العلنية عن ليبيا، التي تُظهر تناقضًا في بعض الأحيان، والتي يبدي كثرٌ في ليبيا استياءهم منها، إذ يرون فيها تدخلًا غير مسوَّغ في الشؤون الداخلية للبلاد».

أسباب الانزعاج
يستطرد التقرير: «في الغرب، ينزعج بعض القادة المصراتيين في ائتلاف البنيان المرصوص من عداء الكتيبة 604 مشاة للوحدات ذات الميول الإسلامية التي تقاتل ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سرت، ولاسيما المجموعات المسلحة التابعة للإخوان المسلمين ومفتي البلاد الصادق الغرياني الذي يتخذ من طرابلس مقرًا له، وتُطرَح علامات استفهام أيضًا حول أهداف المدخليين في سرت بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية منها، وسعيهم المحتمل إلى السيطرة على مؤسساتها الدينية وأجهزة الشرطة والأمن فيها.»

أثارت هذه الممارسات، فضلًا عن موقف كارة المتقبِّل لسيطرة حفتر في الشرق، غضب الفصائل الأكثر ممانعة في طرابلس ومصراتة وبنغازي. أما رد كارة الذي عبّر لي عنه في مارس الماضي، فهو أنه بحسب العقيدة السلفية، «نحن ملزمون باتّباع ولي الأمر بغض النظر عن المكان الذي نتواجد فيه».

وحسب التقرير، فإن «انعدام الثقة ليس ديني الطابع وحسب، بل هو متجذّر في جزء منه في الخصومات العشائرية المعقّدة في سرت، ولاسيما المخاوف التي تساور عائلات سرت المتحدّرة من مصراتة، أي أبناء عشيرة المعدان، من سيطرة عشيرتَي الفرجان وورفلة اللتين يلتحق أبناؤهما السلفيون بصفوف الكتيبة 604 مشاة. هذه العداوات العشائرية المحلية هي التي أتاحت في المقام الأول، من بين أسباب أخرى، صعود تنظيم الدولة الإسلامية في سرت، والتي أحبطت أي مقاومة متماسكة ضد التنظيم الإرهابي».

وينوه التقرير إلي «أن هذه الخلافات تتراجع -في الوقت الراهن- إلى المرتبة الثانية؛ فيما يحتل القتال ضد الدولة الإسلامية صدارة الاهتمامات. في يوليو الماضي، رأيتُ مقاتلين من الكتيبة 604 يعملون عن كثب مع مجموعات مسلحة مصراتية نافذة، إنما أقل عقائدية، لتنسيق تحركاتهم ضد تنظيم الدولة الإسلامية في ساحة الوغى. لكن عددًا كبيرًا من هؤلاء القادة المصراتيين يتساءل، في مجالسه الخاصة عن مسار الأمور في سرت بعد انتهاء القتال ضد الدولة الإسلامية؛ وعمّا إذا كانت هذه التشنجات المستترة سوف تتفاقم».

يقول التقرير: «واقع الحال هو أن التشنجات تفاقمت فعلًا في العاصمة الليبية. فقد أثبتت قوات الردع الخاصة بقيادة كارة في طرابلس أنها حصن منيع لدعم المجلس الرئاسي المحاصَر. لقد دمّرت شبكات الدولة الإسلامية داخل العاصمة، فضلًا عن قيامها بمساعدة المقاتلين السلفيين الذين يلتقون معها على طريقة التفكير نفسها، في محاربة التنظيم الإرهابي في صبراتة، ومؤخرًا في سرت. يدير كارة في مجمعه الفسيح في مطار معيتيقة الدولي برنامجًا لإعادة تأهيل السجناء وتدريبهم على القيام ببعض المهن. بعد الصفوف القرآنية في الصباح، يزاول السجناء –وهم مجموعة متنوّعة من الأشخاص المتّهمين بالإدمان على المخدرات، وتجارة المخدرات، والانتماء إلى الدولة الإسلامية– صناعة السجاد، وصناعة الخبز، والصيانة الكهربائية، ويتعلّمون القواعد الأساسية للإلمام باستعمال الكمبيوتر».

ويضيف: «بيد أن الخصومات بين الأحياء والفصائل (حتى داخل مطار معيتيقة نفسه)، والخلافات الأيديولوجية مع الجماعات الإسلامية الأخرى، تفرض قيودًا على قدرة كارة على الوصول إلى مختلف أنحاء العاصمة. ويبرز ذلك في شكل خاص من خلال صداماته مع المفتي الصادق الغرياني. (...) وقد أثارت هذه الممارسات، فضلًا عن موقف كارة المتقبِّل لسيطرة حفتر في الشرق، غضب الفصائل الأكثر ممانعة في طرابلس ومصراتة وبنغازي. أما رد كارة الذي عبّر لي عنه في مارس الماضي، فهو أنه بحسب العقيدة السلفية، «نحن ملزمون باتّباع ولي الأمر بغض النظر عن المكان الذي نتواجد فيه».

العديد من هذه الوحدات العسكرية التابعة للجيش الوطني الليبي و«النظامية» ظاهريًا هي في الواقع سلفية ومذهبية إلى درجة كبيرة في نظرتها الاستشرافية، هذا مع احتفاظ الوحدات الفرعية باسم «كتيبة التوحيد».

أما في الشرق، فيشير التقرير إلى أن وجود تشنّجات مشابهة حول ولاء المدخليين ونواياهم. ويوضح: «خلال الاستعدادات لشن عملية الكرامة بقيادة حفتر، شطبت أجهزة الاستخبارات في الشرق أسماء شخصيات سلفية من قوائم المراقبة والرصد التي تتضمن رموزًا من حقبة القذافي، وبدأت ببذل جهود حثيثة لإشراكهم في القتال ضد الفصائل الجهادية والإسلامية في بنغازي. لم تكن هذه مهمة صعبة. كان بعضهم قد استُهدِف في سلسلة الاغتيالات التي هزّت بنغازي منذ منتصف العام 2013 حتى مطلع العام 2014. وقد شكّل مقتل العقيد كمال بزازة، الذي كان إمامًا سلفيًا محبوبًا ورئيس دائرة الشؤون الإسلامية في مديرية الأمن في بنغازي، في العام 2013 الشرارة التي دفعت كثرًا إلى التحرّك».

ويرصد التقرير تطور علاقة السلفيين بحفتر، قائلًا: «انضم بعض المدخليين الليبيين إلى وحدات الجيش الوطني الليبي المتحالفة مع حفتر. على سبيل المثال، التحق أشرف الميار الحاسي، وهو قائد ميداني سابق في كتيبة 17 فبراير، ونائبه نفاتي التاجوري، بقوات الصاعقة الخاصة. وانضم مدخليون آخرون إلى كتيبة التوحيد التي تتألف حصرًا من سلفيين ويقودها عزالدين الترهوني. ورصّت وحدات قتالية سلفية مماثلة صفوفها في المرج حول حفتر، وفي البيضاء المجاورة».

وبحسب روايات عديدة، حاربت المجموعات القتالية السلفية، ولاسيما كتيبة التوحيد، بطريقة فعّالة إلى جانب الجيش الوطني الليبي، ولاسيما إلى جانب المجموعات غير النظامية الخاصة بـ«الدفاع عن الأحياء السكنية» أو «قوات الدعم» الشبابية في مختلف أنحاء بنغازي.

لكن، كما في الغرب، تساور عدد من الأفرقاء الأمنيين والشخصيات الاجتماعية في الشرق شكوكٌ حول أهداف السلفيين في المدى الطويل. قال أحد وجهاء القوم من عشيرة العبيدات من طبرق في سبتمبر من العام الماضي: «نحن معهم الآن ضد الإخوان، لكنهم متطرفون، لديهم أسرارهم». وقد اعتبر مسؤول في وزارة الداخلية في بنغازي أنه ليس قرارًا حكيمًا أن يتركّزوا داخل كتيبتهم؛ مشيرًا إلى أنه يجب تقسيمهم، ومنحهم أرقام تعريف خاصة بالجيش النظامي، ومن ثم توزيعهم عبر الجبهات الأمامية.

تساور عدد من الأفرقاء الأمنيين والشخصيات الاجتماعية في الشرق شكوكٌ حول أهداف السلفيين. قال أحد وجهاء القوم من عشيرة العبيدات من طبرق في سبتمبر من العام الماضي: «نحن معهم الآن ضد الإخوان، لكنهم متطرفون، لديهم أسرارهم».

تحولات المشهد السلفي
يرى التقرير أن عددًا من الديناميكيات المحلية والخارجية، بدءًا من مطلع العام 2015، ساعدت في إحداث تحوّلات في المشهد السلفي. لقي الترهوني، آمر كتيبة التوحيد، مصرعه أثناء القتال في محور سوق الحوت في بنغازي في فبراير 2015. وفي وقت لاحق من الشهر نفسه، أصدر ربيع بن هادي المدخلي فتوى حظر بموجبها المشاركة في النزاع بين معسكرَي الفجر والكرامة، وذلك في سياق تحوّل أوسع نطاقًا في السياسة الإقليمية السعودية إبان ارتقاء الملك سلمان إلى سدّة العرش، والذي اشتمل على التقليل من شأن التهديد الإخواني وبذل جهود لتحقيق المصالحة بين الفصائل المتناحرة في ليبيا. وقد تفكّكت كتيبة التوحيد، والتحق أعضاؤها بالعديد من وحدات الجيش الوطني الليبي، منها الكتيبة 302 قوات خاصة، والقوات الخاصة البحرية، والكتيبة 210 مشاة آلية، وسواها.

حدثت تغييرات مؤخراً لكنها كانت تعديلًا في الشكل أكثر منها انحسارًا لتأثير السلفيين لكن ما جرى كان تعديلًا في الشكل أكثر منه انحسارًا أو اضمحلالاً لتأثير السلفيين العسكري. فالعديد من هذه الوحدات العسكرية التابعة للجيش الوطني الليبي و«النظامية» ظاهريًا هي في الواقع سلفية ومذهبية إلى درجة كبيرة في نظرتها الاستشرافية، هذا مع احتفاظ الوحدات الفرعية باسم «كتيبة التوحيد».

علاوةً على ذلك، لم يختفِ السلفيون من ساحات المعارك. فقد تحرّكوا هذا الصيف ضد سرايا الدفاع عن بنغازي، وهي مجموعة مسلّحة إسلامية مناهضة لحفتر تحظى بالدعم من الصادق الغرياني وكانت قد تقدّمت من الغرب باتجاه بنغازي. وبدّل المدخلي موقفه من جديد، موجّهًا نداء علنيًا إلى أتباعه الليبيين للتصدّي للسرايا التي نعتها بأنها مجموعة إخوانية.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
باتيلي يعلن استقالته من منصبه كمبعوث أممي إلى ليبيا
باتيلي يعلن استقالته من منصبه كمبعوث أممي إلى ليبيا
فرنسا تأمل استئناف عمل لجنة «5+5» قريبًا
فرنسا تأمل استئناف عمل لجنة «5+5» قريبًا
نص الإحاطة الأخيرة لباتيلي إلى مجلس الأمن حول ليبيا (16 أبريل 2024)
نص الإحاطة الأخيرة لباتيلي إلى مجلس الأمن حول ليبيا (16 أبريل ...
في تقرير إحصائي: غوتيريس يطالب بتحقيق في انتهاكات ضد المهاجرين في ليبيا
في تقرير إحصائي: غوتيريس يطالب بتحقيق في انتهاكات ضد المهاجرين في...
باتيلي عقب الاستقالة: عاملان وراء تدهور الوضع في ليبيا.. ولا مجال للحل في المستقبل
باتيلي عقب الاستقالة: عاملان وراء تدهور الوضع في ليبيا.. ولا مجال...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم