من شرم الشيخ حيث حضر رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح مناسبتين إلى أديس أبابا، التي انطلق منها نداء المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل للإفاقة كي يسهموا في مواجهة ما سمته «المثال الصعب»، وصولا إلى طرابلس بما شهدته من لقاءات بين وكيل وزارة الخارجية الإيطالي، فينتشنزو أميندولا، مع مسؤولين في حكومة الوفاق وبين المبعوث الأممي مارتن كوبلر ووزير الحكم المحلي بحكومة الوفاق، بدا أن المصالحة الوطنية في ليبيا هي شاغل جميع الأطراف، على تباين مواقفها السياسية.رسالة صالح
أما رئيس مجلس النواب، الذي حضر احتفالية البرلمان المصري بمرور 150 عاما على بدء الحياة النيابية، ثم شارك في الاجتماع البرلماني العربي – الأفريقي، فقد وجه رسالة إلى جميع الليبيين دعاهم فيها إلى الوحدة من أجل الوطن، منوها بأهمية دور الشباب في البناء والإعمار.

ودعا صالح بمناسبة عقد ملتقى الشباب الليبي في أجخرة إلى التخلي عن السلاح والتوجه نحو المشاركة الفاعلة لبناء الوطن وإعماره. وأضاف صالح «أدعو شبابنا في كل ليبيا للوقوف مع عقلاء الوطن لطي ملف الماضي وفتح صفحة جديدة، وأن يتفرغ كل منهم لما يناسبه من عمل بعد طرح السلاح جانبا ونشد من همم شبابنا لبناء الوطن وإعماره»، ،وقال صالح إن «المؤمن يجمع ولا يفرق يوحد ولا يعتدي يمنع الخلاف ويرفض التنازع ويهجر الافتراق»، داعيا «إلى الاعتصام بحبل الله وجمع الكلمة والابتعاد عن الفرقة والتنازع» كما دعا إلى «العفو».

رئيس الحكومة المصرية يؤكد دعم بلاده للاتفاق السياسي الليبي، وضرورة رفع حظر تسليح الجيش

وكان صالح تلقى خلال حضوره الاجتماع البرلماني العربي – الأفريقي الذي عقد في مدينة شرم الشيخ المصرية، تحت شعار «التضامن الشعبي العربي - الأفريقي ودور البرلمانات»، دعما من الحكومة المصرية، التي جدد رئيسها شريف إسماعيل، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية دعم مصر للاتفاق السياسي الليبي، وضرورة رفع حظر تسليح الجيش لدعمه في مكافحة الإرهاب الذي يطال المنطقة.

كما أكد اهتمام مصر والدول العربية والأفريقية بأمن واستقرار ليبيا، وترجمة للدعم المصري وافقت مشيخة الأزهر على قبول الطلاب الليبيين بالمعاهد الأزهرية، ليتلقوا تعليمهم مجانا. وقال منسق العلاقات «الليبية - المصرية» لشؤون القبائل، الشيخ أكرم الجراري، إنه «جرى الاتفاق مع مشيخة الأزهر على قبول الطلبة الدارسين بالمدارس الليبية والمصرية والذين عجزوا عن نقل ملفاتهم الدراسية إلى الأزهر لتلقي التعليم المجاني نظرا لتراكم الديون المستحقة».أكرم الجراري
وأوضح الجراري، وفق وكالة الأنباء الليبية (البيضاء)، أن جميع الطلبة الليبيين في المراحل التعليمية من الابتدائي إلى الثانوي سيقبلون دون سحب الملف من المدرسة الليبية، وذلك بتقييم الطالب حسب العمر والمستوى العلمي.

وذكر منسق العلاقات «الليبية - المصرية» أن مدرسة افتتحت لتحفيظ القرآن لجميع الأعمار، فضلا عن إنهاء أزمتي دخول السيارات والإقامة لليبيين في مصر، وقال الشيخ الجراري إنه جرى تخفيض دخول المواطنين ما دون 18 وما فوق 50 دون أي قيود، مشيرا إلى افتتاح مركز لجوازات السفر الإلكترونية قريبا، فضلا عن مساعي حل قضايا مرضى السرطان ونقص الجرعات.

مشيخة الأزهر وافقت على قبول الطلاب الليبيين بالمعاهد الأزهرية ليتلقوا تعليمهم مجانًا

وتزامن الدعم المصري مع إعلان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فائز السراج، عن تغيير متوقع في الدور الإماراتي في ليبيا، «تغيرا ملحوظا» في حال استمرار الحوار والتوصل مع المسؤولين في أبوظبي.

وقال السراج في حوار مع «الوسط» إن لقاءاته في أبوظبي «تميزت بالودية والوضوح بشأن الوضع الليبي وتطوراته، وما الدور الذي يمكن أن تقوم به دولة الإمارات في هذه الظروف»، مضيفا «كان هناك تفهم واهتمام كبيران من قبل المسؤولين الأشقاء هناك، وفي اعتقادي أنه بمزيد التواصل والحوار يمكن أن نرى تغيرا ملحوظا للدور الإماراتي في ليبيا».

وزار السراج الإمارات في 28 سبتمبر الماضي؛ حيث التقى ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، محمد بن زايد، الذي أكد له حرص بلاده على دعم مساعي المصالحة الوطنية الليبية الشاملة والهادفة إلى الوحدة والتضامن؛ من أجل أمن واستقرار ومستقبل ليبيا وجهودها في محاربة العنف والتطرف والإرهاب.عبد السلام كاجمان
من جانبه دعا نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، عبدالسلام كاجمان، الحكومة الإيطالية إلى الإسراع في عملية فتح السفارة الإيطالية في ليبيا، بالإضافة إلى فتح الأجواء الإيطالية الأوروبية بشكل عام أمام الطيران الليبي.

والتقى كجمان بديوان رئاسة الوزراء مع وكيل وزارة الخارجية الإيطالي، فينتشنزو أميندولا، وذلك لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، كما ناقش الطرفان ملف الهجرة غير الشرعية وإيجاد الحلول المناسبة لمكافحتها، وأثنى كاجمان خلال الاجتماع على دور إيطاليا في دعم الحوار السياسي والاتفاق الناتج عنه، ودعم إيطاليا لحكومة الوفاق الوطني.

الاتفاقات الثنائية بين ليبيا وإيطاليا تم تنفيد بعضها كإنشاء مستشفى عسكري في مصراتة والمساهمة في التخلص من داعش

وأكد عمق العلاقات الثنائية بين البلدين، وقال أميندولا إن زيارته طرابلس ولقاءه عددا من أعضاء المجلس الرئاسي يأتي «للتأكيد على الدعم الإيطالي لليبيا وفقا للاتفاق السياسي، لتحقيق الوحدة والاستقرار لليبيا مع احترام استقلالية البلاد».

وأضاف أميندولا في مؤتمر صحفي عقده في مطار معيتيقة، الاثنين الماضي، «إن الاتفاقات الثنائية بين ليبيا وإيطاليا تم تنفيد بعض منها، كإنشاء مستشفى عسكري في مصراتة، والمساهمة في التخلص من تنظيم داعش، فضلا عن التعاون في الأمن والطيران والمطارات»، بحسب وكالة «آكي» الإيطالية.

وتابع إن بلاده «تؤكد موقفها تجاه الوضع في ليبيا بدعم المجلس الرئاسي، وأن الاتفاق السياسي هو الذي سيحافظ على وحدة ليبيا»، مضيفا: «إن إيطاليا ترفض أي ضغوط دولية، وأي تحرك عسكري وسياسي في ليبيا يجب أن يكون عن طريق الاتفاق السياسي».

وجاءت تصريحات وكيل الخارجية الإيطالية في ظل أنباء عن مراجعة روما سياستها تجاه الموقف السياسي والعسكري في ليبيا، لتكون أكثر توازنا بين مكونات البلاد، مع الإقرار تدريجيا بدور حيوي للجيش الليبي في عملية بسط الاستقرار في البلاد.إيطاليا وحفتر
وبعد أشهر من التركيز على دعم المجلس الرئاسي دوليا ومحليا وتقديم المعونة العسكرية المباشرة لقوات «البنيان المرصوص» في حربها ضد «داعش»، أعلنت السلطات الإيطالية للمرة الأولى أنها باتت تحبذ انفتاحا فعليا على المشير خليفة حفتر وتمكين الجيش الليبي من دور في إعادة بسط الاستقرار.

ميركل ترى أن ليبيا صارت «مثالاً حزينًا» لعواقب انهيار مؤسسات الدولة وتطالب بمشاركة الاتحاد الأفريقي في محاولة حل الصراع

وكانت وزيرة الدفاع الإيطالية، روبنتا بينوتي، قالت، في جلسة سماع نهاية الأسبوع الماضي داخل مجلس الشيوخ الإيطالي، إن روما «تعي خطورة هشاشة العملية السياسية في ليبيا، وبما في ذلك التوتر القائم مع المشير حفتر وتأثيرها على الانتشار العسكري الإيطالي في مصراتة، وتدعو بذلك إلى عملية انفتاح شاملة على شرق ليبيا وعلى حفتر وهو عمل معقد وصعب ولكنه يتقدم».

واستغلت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، حضورها افتتاح المقر الجديد للاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، لتدعو المنظمة الإقليمية إلى المساعدة في حل الصراع في ليبيا.

وقالت ميركل إن ليبيا صارت «مثالا حزينا» لعواقب انهيار مؤسسات الدولة، مشيرة إلى أنها تريد أن يشارك الاتحاد الأفريقي في محاولة حل الصراع في ليبيا، وأضافت «أنا أفضل بوضوح أن يستخدم الاتحاد الأفريقي نفوذه للمساعدة في تسوية الصراع»، حسبما نقلت قناة «الغد العربي»، ومن الجزائر دعا وزير الشرق الأوسط وأفريقيا بالخارجية البريطانية، توبياس إلوود، المجتمع الدولي إلى أن يكون "صوتا واحدا" من أجل دعم الحكومة الليبية المقترحة.

وجاء تصريح الوزير البريطاني بعد لقاء جمعه بكل من رئيس الوزراء الجزائري، عبدالمالك سلال، ووزير الشؤون المغاربية والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية عبدالقادر مساهل، وكانت ليبيا محورا رئيسيا في مناقشاته.جوناثان واينر
أما المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، جوناثان واينر، فأبدى اهتماما بالتطورات في سرت التي تشهد مواجهات بين قوات البنيان المرصوص وتنظيم «داعش»، وقال واينر إن تنظيم الدولة يواصل انحساره في سرت، مضيفا، في تغريدة على حسابه بـ«تويتر»، الثلاثاء الماضي، إن التنظيم فقد السيطرة على سرت وإنه لم يسيطر على موارد النفط في ليبيا.

وكان الوضع في سرت موضوعا رئيسيا للمباحثات التي أجراها المبعوث الأممي لدى ليبيا مارتن كوبلر مع وزير الحكم المحلي في حكومة الوفاق بداد قنصو، يوم الاثنين الماضي، وقال كوبلر في تغريدة عبر حسابه بـ«تويتر» إن اللقاء تناول الوضع الإنساني في مدينة سرت والمنطقة الجنوبية، معبرا عن إعجابه بحس القيادة والحماسة التي يتحلى بها الوزير الليبي.
للاطلاع على العدد (47) من «صحيفة الوسط» اضغط هنا (ملف بصيغة pdf)