Atwasat

السّراج في أول حوار شامل مع «بوابة الوسط»: هذا موقفنا من حفتر والخصوم وراء أزمة الخدمات

طرابلس - بوابة الوسط الجمعة 07 أكتوبر 2016, 06:37 مساء
WTV_Frequency

- مشاورات الحكومة الجديدة ستبدأ باجتماع خارج ليبيا
- هذا هو موقفنا من حفتر
- خصوم المجلس وراء أزمة الخدمات
- ما يقدّم من دعم من الخارج يمكن أن نسمّيه دعما خجولا

في مكتبه بقاعدة أبوستة البحرية، تحدّث رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج إلى «بوابة الوسط» في أول حوار شامل له مع وسيلة إعلامية، تناول خلاله بالشّرح تطوّرات الأزمة السياسية في ليبيا وتداعياتها على المستويات المحلّية والإقليميّة والدّولية، بدءا من جولاته الخارجيّة الأخيرة إلى المستجدّات المتعلّقة بتشكيل حكومة الوفاق الوطني الجديدة، ومواجهة أزمة الخدمات التي يعانيها الليبيّون وعلى رأسها أزمتي الكهرباء والسّيولة النقدية.

وشمل الحوار العلاقة بين المجلس الرئاسي والمشير خليفة حفتر، ورد المجلس على الأصوات الدّاعية إلى أن يكون لحفتر دورا في العمليّة السياسية، والمطالبة برفع الحظر عن توريد السّلاح إلى ليبيا، وعلاقة ذلك بالحرس الرئاسي الذي أعلن المجلس عن تشكيله في وقت سابق.

وكشف السّراج في حواره مع «بوابة الوسط» عن خفايا أزمتي الكهرباء والسيولة النقدية، مؤكّدا ما يتردّد في الشّارع الليبي حول افتعال أزمة الكهرباء، داعيا مصرف ليبيا المركزي إلى أن يكون «شريكا فعّالا في حل الأزمة المالية التي تعيشها ليبيا».

وأكد على مبادرة «المصالحة الوطنيّة الشاملة» التي أعلن عنها في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، لافتا إلى أن هذه المبادرة لن يكون فيها إقصاء لأحد في الدّاخل والخارج وتشمل الليبيين بكامل أطيافهم.
كما تحدّث رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج باسهاب عن جولته الأخيرة، وردّ على منتقدي زياراته المتكررة خارج البلاد الذين يرون فيها إهمالا للشأن الداخلي، كاشفا تفاصيل ما دار خلال تلك الزيارات.

الجزائر كانت داعمة لنا من بداية مسيرة الحوار ولحكومة الوفاق، وكان مسؤولوها أول من زارونا فور دخول المجلس الرئاسي إلى العاصمة طرابلس

نص حوار «بوابة الوسط» مع فائز السراج:
◄عدتم من الجزائر بعد جولة لكم شملت عدد من الدول العربية والأجنبية بينها الولايات المتحدة وفرنسا والإمارات العربية، ما طبيعة هذه الزيارات، ولنبدأ بالجزائر؟
في البداية أقول إن إطلالة «الوسط» مهمة ونعتبرها وسيلة إعلامية أثبتت نفسها عن جدارة ومهنيّة. زيارة الجزائر كانت بدعوة رسمية من السيد رئيس الوزراء الجزائري عبدالمالك السلال، ولا بد أولا من الإشارة إلى أن العلاقة مع الجزائر هي علاقة تاريخية، متميزة وهي جارة كبرى ومن الضروري التّواصل معها في هذه الظروف، والجزائر كانت داعمة لنا من بداية مسيرة الحوار ولحكومة الوفاق، وكان مسؤولوها أول من زارونا فور دخول المجلس الرئاسي إلى العاصمة طرابلس، وكنا على تواصل مستمر، وهذه الزيارة تصبّ في السياق نفسه، وقبل ذلك كان السيد موسى الكوني قد زار الجزائر، وستلي ذلك زيارات لمسؤولين آخرين، لمتابعة أعمال اللجان وفرق العمل المشتركة. نعلم أن هناك زخم هائل من الاتّفاقيات بين البلدين يجب إعادة تفعيلها، والجزائر دورها كبير، إضافة إلى أن الزيارة تتعلق أيضا بترتيبات اللقاء القادم لدول الجوار الذي سينعقد في الجزائر هذا الشهر، باعتبارها دولة محورية في مجموعة دول الجوار.

◄هل قدّمت لكم الجزائر مبادرة أو رؤية محدّدة لحل الأزمة الليبية؟
لا، لكن الحقيقة أن الجميع يعمل في إطار الحل الحواري والوفاقي الذي يجمع بين الليبيين، والحيلولة دون أي عمل صدامي عسكري يمكن أن يفرّق الليبيين ويعمّق أزمتهم، وأستطيع أن أقول أن دور الجزائر كان دائما حياديّا ومتميزا، لكنّه دورا داعما في الوقت نفسه لمسيرة الوفاق وللمجلس الرئاسي، ويمكن أن أشير أيضا إلى دورها فيما يحدث الجنوب وفي مكافحة التهريب ومراقبة الحدودن وتحدثت مع السّيد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة عن تجربة الجزائر للخروج من الأزمة الصّعبة التي عاشتها إبّان عشرية التسعينيّات، وتحديدا مشروع الوئام الوطني.

◄هل عرضت عليكم رسميّا الاستفادة من هذا المشروع؟
نعم تحدّثنا في هذا واتّفقنا على أن نستفيد من هذه التجربة، ونرى من المهمّ جدا أن نعمل على الاستفادة من تجارب غيرنا.

◄هل لمستم حساسيّة من قبل مسؤولين جزائريين من قبل أدوار أطراف معينة في ليبيا، خاصة من دول الجوار الليبي، وأكثر تحديدا أتحدّث عن مصر والجزائر؟
أعتقد أن كل طرف ليه دور قادر على القيام به، وإذا اعتبرنا ذلك نوعا من المنافسة، فهي منافسة إيجابيّة بالطّبع، أكثر منها حساسيّة، ودورنا نحن هو كيف يمكن الإستفادة من كلّ هذه الجهود الإقليمية والدولية لحل أزمتنا، فالدولة في ليبيا لازالت هشة بكل ما يحمل ذلك من معنى، ونحتاج لدعم الجميع، خاصة من قبل دول الجوار والدول ذات الثقل الإقليمي المهم، ونحن نتواصل مع الشقيقتين مصر والجزائر، وفي هذا الإطار لدينا تواصل وتنسيق كبير مع القيادة المصريّة.

هناك تفهم كبير من قبل الجانب المصري، وهو حريص على معالجة المرحلة بهدوء حتى نتمكن من تجاوز المختنقات التي يمرّ بها الاتّفاق السّياسي.

◄بالمناسبة سمعنا عن حراك سياسي بشأن الأزمة الليبية ستشهده القاهرة قريبا، هل لكم أن تؤكدون ذلك؟
ليس هناك حتى الآن ترتيبات لاجتماعات محدّدة، وكنت التقيت بالسيد وزير الخارجية المصري سامح شكري في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة لللأمم المتحدة، وتحدّت معه بوضوح وشفافية عن تطوّرات الوضع الحالي في ليبيا، وعن التصعيد الذي يمارسه البعض بطريقة، أو أخرى، وهناك تفهم كبير من قبل الجانب المصري، وهو حريص على معالجة المرحلة بهدوء حتى نتمكن من تجاوز المختنقات التي يمرّ بها الاتّفاق السّياسي. ونحن نسعى للعمل مع بعضنا البعض في هذا الاتّجاه.

◄وماذا عن بقيّة زياراتكم، خاصة وإن نسبة كبيرة من الليبيين يأخذون عليكم كمجلس رئاسي وحكومة الوفاق أنكم مسمّى يتداول في الخارج أكثر ممّا هو واقع في الدّاخل؟
دعنا نمرّ بعجالة على هذه الزيارات بدءا بالولايات المتّحدة، وكان حضوري اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتّحدة فرصة كبيرة لأتواصل مع الشخصيات الممثلة لأطراف دولية مهمة كأمريكا وروسيا والاتّحاد الأوروبي ودول الجوار و(ناتو) والاتّحاد الأفريقي، وكانت كلها لقاءات مهمّة، وكما تفضلت فإنّ البعض يعتقد أن هذه الجولات هي ابتعاد عن الشأن الدّاخلي، لكنها في الواقع هي جزء أساسي من عملنا فيما يتعلق بالشأن الدّاخلي، فطبيعة هذه الجولات وما يحدث خلالها من الاتّصالات والحوارات مع الأطراف الخارجية لها موجباتها وانعكاساتها الدّاخليّة بطريقة أو أخرى، إن كان من جهة الدّعم السّياسي وتوفير الدّعم الإنساني الذي تحتاجه ليبيا في بعض المجالات، وحزمة الدعم الدولي ذات العلاقة بالبرامج الخدمية التي تمسّ حاجات المواطن مثل الصحة والكهرباء وغيرها، أو من جهة التأثير على بعض الأطراف الداخليّة. نحن ندرك حالة الاحتقان التي يجد فيها المواطن نفسه بسبب سوء آداء القطاعات الخدميّة، كانقطاع التيّار الكهربائي وأزمة السيولة النقدية، وكل مساعين في الخارج تتعلق بكيفيّة حل هذه المختنقات بما فيها مختنقات العملية السياسية.

◄هل تحصّلتم على تعهّدات محدّدة من الجهات التي شملتها جولتكم؟
الحقيقة ما يقدّم من دعم يمكن أن نسمّيه دعما خجولا مقارنة بما يتم الحديث عنه اعلاميا، لكننا نسعى مع كل الأطراف المعنية من أجل الوفاء بتعهّداتها التي رددتها أمام الليبيين وحكومة الوفاق، وهذا سبب رئيس وراء استمرار الزيارات واللقاءات التي ذكرتموها والتي تطرقت إلى كافة المستويات السياسية والأمنية والخدمية.

◄كنتم في فرنسا قبيل أيام من انعقاد المؤتمر الدولي بشأن ليبيا في باريس، ومع ذلك لاحظنا غياب أيّ تمثيل ليبي في هذا المؤتمر، هل كان هذا باتفاق معكم، أم كيف تفسّرون ذلك؟
الحقيقة، زيارتي فرنسا كانت بناء على دعوة من الرئاسة الفرنسيّة، وكان لي لقاء مع الرئيس هولاند، ثم لقاء مع وزير الخارجية الفرنسي، حيث تحدّثنا بوضوح، رغم التوتر الذي شاب العلاقة مع فرنسا خلال المدّة الماضية نتيجة الأحداث وتداعياتها، وكان السؤال المباشر هو «ماذا تستطيع أن تقدّم فرنسا إلى ليبيا؟»، وتحدثنا أيضا بوضوح حول دعم أمني واستخباراتي وعسكري، وإنساني في عدد من المجالات، وشرحنا للجانب الفرنسي الوضع السياسي وحقيقة ما يحدث في البلاد من تطورات ومن تصعيد، سواء على الصّعيد العسكري، أو على المستوى السيّاسي الّداخلي، كالعلاقة مع مجلس النواب والتطورات الأخير في هذا المجال، ورأينا أن الدّعوة إلى هذا اللقاء جاء استجابة لما تقدمنا به في هذا السياق.

◄هل تم التنسيق معكم ضمن ترتيبات مؤتمر باريس؟
لم نكن مدعوين للمشاركة، ومع هذا نبارك مثل هذه اللقاءات، دون النظر لمن يرتب لها، لأنها دائما تكون فرصة لعرض وجهات نظر حكومة الوفاق، خاصة في حضور الأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة.

◄هل تحصلتم على تقييم عام لنتائج المؤتمر؟
نعم، تواصلنا مع الجانب الفرنسي، ورغم أن هذه النتائج لا تضيف جديد إلى البيان الوزاري الذي صدر في نيويورك، لكن كلما تكررت التأكيدات في المناسبات الدّولية على ما يخدم الاتفاق السيّاسي هو محصّلة جيدة بالضرورة.

في اعتقادي أنه بمزيد التواصل والحوار يمكن أن نرى تغيرا ملحوظا للدّور الإماراتي في ليبيا.

◄وماذا عن زيارتكم دولة الإمارات العربية؟
زيارة الإمارات جاءت بعد لقائي وزير خارجيتها الشيخ عبد بن زايد، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتّحدة في نيويورك، وتم دعوتي لهذه الزيارة، وتميزت لقاءاتي بالودّية والوضوح بشأن الوضع الليبي وتطوراته وما الدور الذي يمكن أن تقوم به دولة الإمارات العربيّة في هذه الظروف، وكان هناك تفهم واهتمام كبيرين من قبل المسؤولين الأشقاء هناك، وفي اعتقادي أنه بمزيد التواصل والحوار يمكن أن نرى تغيرا ملحوظا للدّور الإماراتي في ليبيا.

◄يرى بعض المحلّلين وفريق من الليبيين أن موقف الإمارات تجاه الأزمة اللليبية غير حيادي، هل توافقون هذا الرأي؟
وهذا سبب أيضا لأهميّة التواصل مع الأشقاء في الإمارات، وقد تحدثنا بوضوح وفي جو أخوي كبير حول دّعم أي طرف يواجه الإرهابيين أو لأسباب أخرى وتوظيف ذلك سياسيا، وكانت رسالة الجانب الإماراتي واضحة جدّا وهي دعم حكومة الوفاق ودعم منذ البداية للاتفاق السياسي، وكما قلت فإنّ استمرار التواصل سيزيل كثيرا من نقاط اللبس حول عديد المواقف السياسية الداخلية والخارجية.

◄داخليّا، هل من جديد بشأن تشكيلة الحكومة الجديدة، وهل اتّضحت بعض ملامح هذه الحكومة، هل ستكون موسّعة مثلا أو مصغرة، او حكومة محاصصة أم حكومة كفاءات؟
عندما نتحدث عن حكومة لا نستطيع أن نتجاوز الحديث عن الملابسات المتعلقة بهذا الموضوع، لأننا بناء على جلسة مجلس النوّاب الأخيرة، وبالرّغم أنه لم يصلنا حتى الآن أي طلب رسمي بتشكيل حكومة جديدة، لكننا تعاملنا مع الأمر بايجابية، رغم أيضا ما شابها من خروقات قانونيّة وهي مسألة أعضاء مجلس النواب أقدر على تقييمها، وأصدرنا بيانا أكدنا فيه العزم على تقديم تشكيلة جديدة للحكومة، وبدأنا في مشاورات بالخصوص، وأتوقّع غدا أو بعد غدا سيكون هناك اجتماع كامل لأعضاء المجلس الرئاسي، بحيث نستمر في مشاورات التشكيلة الوزارية لهذه الحكومة، ونعمل على تفادي أي ضعف ظهر في التشكيلات السابقة،
بالرغم من أنّه، ونؤكد مرّة أخرى، لم يصلنا أيّ خطاب من مجلس النوّاب يتعلق بتشكيل وشكل الحكومة المطلوب، ولكننا سنجتهد وفق الظروف في سبيل أن نقدم تشكيلة توافقية إلى أبعد حد.

◄هل ستكون حكومة جديدة بالكامل أم تشكيلة معدلة للحكومة السابقة؟
سيتضح هذا بعد اجتماع المجلس الرئاسي القادم.

◄هل اتفقتم على مكان عقد اجتماع الرئاسي يحضره جميع الأعضاء كما قلتم؟
سنحاول ألا يكون الخلاف على المكان عائقا لأي تقدم في آداء المجلس على طريق تنفيذ الاتفاق السياسي، لذلك سيكون لقاؤنا الأول خارج ليبيا.

◄ خارج ليبيا أم خارج طرابلس؟
احتمال يكون خارج ليبيا، نعمل أن تستمر لقاءاتنا في أي مدينة ليبيّة، لأننا لا نعتقد أن الوضع السياسي سيقبل منا التواجد خارج ليبيا أكثر من هذا؟

تغول القيادة العسكريّة فوق القرار السياسي، سيقودنا إلى نموذج الحكم العسكري الدكتاتوري

◄هناك أصوات عديدة في الخارج، ذات العلاقة الوثيقة بالاتفاق السياسي، دعت إلى أن يكون للسيد خليفة حفتر دورا في العمليّة السياسية، لكن لا أحد من هذه الأصوات حدّد شكل وطبيعة هذا الدور، كيف تتعاملون مع هذه الدّعوة؟
حتى يكون الأمر واضحا من قبلنا كمجلس رئاسي أو على المستوى الشخصي، طبعا كما تعرفون أن الإطار الذي نعمل فيه هي أرضيّة الاتّفاق السياسي، لذلك نحن نعمل على عدم إقصاء أيّ شخصية عسكرية موجودة لكن النقطة الأساسية التي وصلنا إليها حتى خلال لقائنا السيّد خليفة حفتر، وكررناها في كثير المناسبات مع جميع الأطراف التي التقيناها، وهي ضرورة أن تكون القيادة العسكريّة تحت القيادة السياسية وخاضعة لها، أي تخضع لقرار سياسي، ولو اتفقنا في هذا الإطار فلن تكون هناك خلافات كثيرة، لكن تغول القيادة العسكريّة فوق القرار السياسي، سيقودنا إلى نموذج الحكم العسكري الدكتاتوري، وهذا لن يقبله الليبيين في كل الأحوال. فإن كنا نعمل بصدق نوايا لقيام دولة مدنيّة، دولة مؤسسات، ودولة تداول سلمي على السلطة، فهذا هو الموقف الذي يعرفه العالم، ولا نعيد هنا في ليبيا اختراع العجلة.

◄سمعنا عن توجّه لتشكيل قيادة عسكريّة عليا تجمعكم والسيدين حفتر وعقيلة صلاح وعضوين من المجلس الرئاسي، هل هذا مخرج يتعلق بالحديث عن دور للسيد حفتر؟
سمعنا عن هذا نحن أيضا، كما سمعنا أن بعض الأطراف التي يعنيها هذا المقترح رفضته من جهتها، ونحن نسعى إلى التّعامل مع مقترحات واضحة بحيث يمكن مناقشتها بموضوعية وعمق. أكرر دائما نحن كمجلس رئاسي يجمعنا الاتفاق السياسي وهو الذي جاء بنا، وعلينا احترامه إلى أبعد حد، كما أننا منفتحون لإيجاد حلول من خلال هذا الاتفاق، ولدينا مرونة كبيرة ومددنا أيدينا في السابق وعلى استعداد لنمدها مستقبلا، لكن الإخلال بالاتفاق السياسي سيبعدنا عن المسار الصّحيح.

◄تحدثتم عن مبادرة ستطرحونها من أجل الوفاق والمصالحة، هل كان هذا نوعا من التفكير بصوت عال، أم أنكم بصدد تقديم مبادرة محدّدة؟
بالفعل طرحت مبادرة "المصالحة الوطنيّة الشّاملة" في الكلمة التي ألقيتها أمام الجمعية العامة للأمم المتّحدة، وتقوم على عدّة محاور تجمعها "مصالحة وطنيّة شاملة"، تجمع كل الليبيين بدون اقصاء، في الداخل والخارج بمختلف أطيافهم السياسية، وبدأنا بالفعل في التواصل مع أطراف مختلفة. وجدنا قبول من مختلف النخب السياسية، ونتوقع الوصول إلى أطر عملية للمبادرة، وستكون هناك لقاءات معلنة في هذا الإطار، ونريدها مبادرة وطنية متينة وصلبة وليست فرقعة إعلامية.

◄هل ستكون هذه المبادرة ليبيّة بالكامل أم سيكون لها رعاة من الخارج؟
نعم هي مبادرة بروح ليبية، وبأياد ليبية.

◄هل من جديد يمكن أن يطمئن الليبية بقرب انفراج أزمة الخدمات وعلى رأسها أزمتي الكهرباء والسيولة النقدية؟
لقد ورثنا تراكم هذه الأزمات، وتحميل مسؤوليتها للمجلس الرئاسي فيه كثير من التجنّي، لكننا سواء في المجلس الرئاسي أو في حكومة الوفاق لا نتهرب من هذه المسؤولية، نقوم بجهود من أجل حل هذه الأزمات، طبعا هناك ظروف عملت على إطالتها، هناك مختنقات اقتصادية ومالية تمر بها البلاد، وهذه القطاعات الخدمية تحتاج إلى ضخ الكثير من الأموال، ومع هذا اشتغلنا لحل مشكلة الكهرباء وتواصلنا مع دول للضغط على الشركات المعنية التابعة للعودة إلى عملها في ليبيا، وهناك شركات عادت بالفعل، نعمل على انجاز صيانة محطة الخمس وأوباري وعودتهما الى العمل بكامل طاقتهما. شكلنا لجنة تسييرية جديدة لإدارة الشّركة العامة للكهرباء، وضخ دماء جديدة لقطاع الكهرباء، وفي اعتقادي أن موضوع الكهرباء في طريقه إلى التحسّن مع تقديرنا لحجم معاناة المواطن.

◄لكن الشّارع يرى أن أزمة الكهرباء مفتعلة، هل توافقونه؟
بالفعل هناك افتعال للأزمات، ولا يخفى علينا في السياق أن جزءا من المشكلة تقف وراءها مطالب بعض العاملين في قطاع الكهرباء بمستحقات لها علاقة بعلاواتهم وبساعات العمل الإضافي، ولأن تنفيذ هذه المطالب يحتاج إلى مبالغ طائلة من الصعب أن تتحملها الدولة، لذلك فنحن نتعامل مع الأمر بتروي وبما يحفظ حقوق العاملين.

◄ألا تتهمون خصومكم السياسيين بدور في افتعال هذه الأزمة؟
هناك دور لهؤلاء، وهم لا يتردّدون في افتعال هذه الأزمات، لكننا لا نريد الخوض في هذا بتفاصيل أكثر، أما موضوع السيولة فهو موضوع شائك، فهناك حولي 24 مليار دينار خارج المنظومة المصرفية، ولا أعتقد أن هذا المبلغ قد اختفى يوم 31 مارس 2016، وهو يوم مباشرتنا العمل من مدينة طرابلس، بل كانت له سوابق منذ سنوات، والأمر يحتاج إلى إعادة ثقة في المصارف لتمارس دورها المالي والاقتصادي بشكل طبيعي، ونسعى لأن يقوم مصرف ليبيا المركزي بدوره الفاعل في هذا الموضوع، ويتحمّل مسؤوليته معنا في هذا الأمر. وقد أطلقنا نداءات كثيرة إلى قيادات المصرف المركزي، وأكدنا استعدادنا لتحمل أية قرارات سياسية بالخصوص، والمهم أن يكون لدينا شريك فاعل لحل هذه الأزمة وهو المصرف المركزي.

◄هل ترون أن إدارة المصرف وتحديدا محافظ المصرف السيد الصديق الكبير يتحمل مسؤولية في إطالة هذه الأزمة؟
بالطّبع فإن المصرف المركزي يتحمل مسؤولية كبيرة، وهناك جزء من المشكلة يتعلق بدخل موارد الدولة، وعدم استعداد المحافظ بالتعامل مع الأزمة بشيء من الأريحية، لأننا في اعتقادي بالإحتياطي النقدي الموجود لدى المصرف كان ينبغي أن نكون في وضع أفضل من هذا، وأكرر دعوتي لأن يكون المصرف المركزي شريكا فعالا معنا في هذه الظروف الصعبة، وأمام هذه التحديات الكبيرة، ندرك أن المصرف المركزي له سياسته النقديّة وهذا شأنه واختصاصه، ونريد لكل طرف مسؤول في الدولة أن يمارس دوره بحيث لا يكون هناك تداخل في الاختصاصات.

◄هل هناك مؤشرات إيجابيّة لنتائج إعادة تصدير النفط من بعض المواني والحقول؟
بالفعل هناك مؤشّرات إيجابيّة، وقد وصلنا إلى تصدير حوالي 500 ألف برميل من النفط الخام حاليا، طبعا هناك أمور فنيّة كثيرة تتعلق بالصيانة تحتاج إلى المعالجة، مثل خطوط الإمداد وغيرها، ولو سارت الأمور كما ينبغي فستصل إلى معدلات إنتاج وتصدير جيدة. نأمل ألا يتم أي تصعيد في منطقة الهلال النفطي، حتى تكون هناك فترة استقرار تسمح بممارسة دور قطاع النفط بشكل أفضل واسترجاع معدلات الإنتاج السابقة ومعاودة التصدير متجاوزين المرحلة الحرجة التي مررنا بها.

◄هل هناك جهود للوصول إلى حلول مع المسؤولين عن إغلاق مواقع نفطية أخرى؟
نعم هناك تواصل مع أطراف كثيرة، سوى في غرب ليبيا وغيرها، وقطعنا شوطا إيجابيا كبيرا في هذا الأمر، ونتوقع أن نتوصل خلال الفترة القادمة إلى خبر سار لكلّ الليبيين.

◄حديث الشّارع يؤكد أنه لم يلمس على الأرض حتى الآن إنجازا يذكر فيما يتعلق بالترتيبات الأمنية، ولازالت مظاهر الدولة غائبة في غياب الجيش والشرطة، فهل هناك ما تقولونه في هذا الشأن؟
لا ننسى أن هذ الأمر كان يجب أن يتم ضمن ترتيبات الاتفاق السياسي ومخرجاته، لكن للأسف كان هناك تباطؤ شديد في المسار الأمني ولم يتم تحقيق الكثير على هذا المسار، لكن بدأنا في التواصل مع أطراف مختلفة، وأرى أن هناك مبالغة في بعض المطالب المتعلق بالوضع الأمني، فلا ننسى أن هناك حظرا على السّلاح، وقد أنشأنا الحرس الرئاسي توقعا منا بأن يلعب دورا أساسيا وجوهريا بالنسبة للموضوع الأمني، ونسعى الآن عبر الاتصال بقيادات عسكرية للم شمل المؤسسة العسكريّة، بإعادة تجميعها وضبطها من جديد، وهناك كثير من التشكيلات العسكرية على الأرض أصبح لها موقف إيجابي، وهي على استعداد لاستيعابها داخل المؤسسة العسكرية وفق المعايير والضوابط المعمول المحددة في هذه المؤسسة، وهذه الأشياء تعتبر جميعها بوادر إيجابية، وأرى أن هناك مبالغة كبيرة في القول أن الغرب الليبي خاضع لحكم الميليشيات.

◄لكن خصومكم لا يشاطرونك هذه الرؤية، بل يرون أن الحكومة لا تستطيع العمل في وضع مثل هذا.
لكننا نعلم أيضا أن حتى الحكومة التي كانت تعمل خارج طرابلس لم تكن تعمل وفق ظروف طبيعيّة، ومع هذا كله أقول إن هناك قيادات جيش في المنطقة الغربية وباقي مناطق ليبيا يجب العمل على لم شملها كي يستلموا مواقعهم ويؤدون دورهم في أقرب وقت، وأشير بأنه كانت لنا لقاءات خلال الفترة الماضية يقيادات عسكرية تابعة للجيش ونعمل على إعادة الكثير من الكتائب والسرايا إلى عملها من خلال المعسكرات التابعة لها، وهو لا شك عمل يحتاج إلى وقت، فما تم العبث به خلال الفترة الماضية لم يكن أمرا بسيطا.

طالبنا برفع الحظر عن السلاح لنتمكن من تسليح الحرس الرئاسي وغيرها من المكونات الرسمية للمؤسسة العسكرية.

◄ماذا بشأن الحرس الرئاسي؟
الحرس الرئاسي يعمل الآن تحت قيادة كلفناها بإدارته، وهي تعمل الآن على إعداد هيكلته ووضع الضوابط الرئيسة لعمله وممارسة اختصاصاته، ولا ننسى أن نذكّر مرة أخرى موضوع حظر التسليح وقد سعينا من خلال لقاءاتنا مع الأمم المتحدة والأطراف المعنية لرفع هذا الحظر، وربما ينتقد البعض مسألة رفع الحظر عن السلاح في دولة ينتشر فيها السّلاح، ولكن لنكن واضحين فإن هذا السلاح المنتشر هو ليس بحوزة الدولة التي يجب أن تحتكر هي قوّة السلاح كي تمارس دورها الفعلي، من هنا فقد طالبنا برفع الحظر عن السلاح لنتمكن من تسليح الحرس الرئاسي وغيرها من المكونات الرسمية للمؤسسة العسكرية.

◄لكن هناك من يردّ على مطالب رفع الحظر على التسليح بسؤال معقول وهو: لمن سيسلم هذا السّلاح في ظل حكومة غير واضحة؟
لا أعرف ما هو تفسير وجود حكومة غبر واضحة، فعندما تحدثنا مع الأطراف المعنية برفع الحظر، أوضحنا أن الأطراف التي يجب أن تستلم السلاح تكون تابعة للدولة وحكومة الوفاق، ويمنع استخدام هذا السلاح من قبل ليبيين ضد ليبيين آخرين وهذه هي مباديء، لا أدري إن كانت هناك أطراف غير واضح لها وجود حكومة وفاق، رئيسية حريصين عليها كل الحرص.

◄عدم الوضوح لعلّه يكمن في السؤال أين هو الجيش الذي سيسلم له السلاح.
لهذا السبب بدأنا في موضوع الحرس الرئاسي، الذي سيتم التعامل معه كجسم تم انشاؤه من خلال حكومة الوفاق والمجلس الرئاسي، إضافة إلى الفرف العسكرية الموجودة ومكافحة الارهاب وخاصة ما يجري الآن في سرت حيث يحتاج من يقاتل هناك إلى سلاح من أجل آداء مهمته في الحرب على الإرهاب.

◄هل أنتم راضون عن حجم الدعم الدولي لتحرير مدينة سرت من تنظيم "داعش"؟
من طلبنا منه المساعدة بوضوح هو الولايات المتحدة الأمريكية لتوجيه ضربات جوّية محدّدة وهو ما يتم حاليّا، هناك تعاون وتنسيق بين الغرفة المكلفة بإدارة الحرب ضد "داعش" في سرت والجانب الأمريكي العسكري، وحققت الضربات الجوية نتائج بالفعل، وأعتقد أننا وصلنا مرحلة متقّدمة جدا في طريق القضاء على هذا التنظيم وتحرير سرت.

◄أخيرا هل سنرى قريبا جلسة للمجلس الرئاسي بحضور كامل أعضائه؟
إن شاء الله في القريب العاجل؟

السّراج في أول حوار شامل مع «بوابة الوسط»: هذا موقفنا من حفتر والخصوم وراء أزمة الخدمات
السّراج في أول حوار شامل مع «بوابة الوسط»: هذا موقفنا من حفتر والخصوم وراء أزمة الخدمات
السّراج في أول حوار شامل مع «بوابة الوسط»: هذا موقفنا من حفتر والخصوم وراء أزمة الخدمات
السّراج في أول حوار شامل مع «بوابة الوسط»: هذا موقفنا من حفتر والخصوم وراء أزمة الخدمات

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«الأرصاد» يحذر من رياح نشطة على الساحل من طرابلس إلى سرت
«الأرصاد» يحذر من رياح نشطة على الساحل من طرابلس إلى سرت
خلال جولة تفقدية.. النمروش يشدد على ضمان عودة الحركة في منفذ رأس اجدير
خلال جولة تفقدية.. النمروش يشدد على ضمان عودة الحركة في منفذ رأس ...
«الاستشعار عن بعد»: زلزال جنوب اليونان.. هل شعرتم به؟
«الاستشعار عن بعد»: زلزال جنوب اليونان.. هل شعرتم به؟
ضبط متهمين بطعن سوداني وابنه في الكفرة
ضبط متهمين بطعن سوداني وابنه في الكفرة
إيقاف تاجر مخدرات يجلب «الحشيش» من القبة إلى بنغازي
إيقاف تاجر مخدرات يجلب «الحشيش» من القبة إلى بنغازي
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم