Atwasat

رفض دولي وإقليمي لـ«انقلاب» السويحلي (تقرير)

القاهرة - بوابة الوسط السبت 24 سبتمبر 2016, 06:15 مساء
WTV_Frequency

بإعلانه المفاجئ عن نزع السلطة التشريعية من مجلس النواب، بدا عبدالرحمن السويحلي وكأنه يسعى إلى خلط الأوراق، في وقت توحد فيه الليبيون أمام استعادة الجيش الليبي منطقة الهلال النفطي وتسليمها إلى مؤسسة النفط الليبية.

وعلى الرغم من قائمة الأسباب الطويلة التي برر بها السويحلي ما اعتبر انقلابًا على الاتفاق السياسي، فقد قوبل إعلانه برفض واضح من جانب معظم الأطراف المحلية، بل وتصدت له مؤسسات الدولة وفي صدارتها المجلس الرئاسي ومجلس النواب، ثم زاد الأمر وضوحا بتبرؤ أعضاء بارزين في مجلس الدولة نفسه من هذه الخطوة.

وتزامن هذا كله مع إصدار 22 دولة كبرى وإقليمية و4 منظمات دولية وإقليمية، بيانًا مشتركًا حول ليبيا في اجتماع وزاري بنيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعت فيه «المجلس الرئاسي إلى تقديم حكومته ليتم التصويت عليها بلا تعطيل من مجلس النواب الذي يعتبر السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد». وأكد البيان دعمه لحكومة الوفاق وإصراره على إتمام خطوات المصالحة المنصوص عليها في اتفاق الصخيرات.

وكان السويحلي أعلن، في مؤتمر صحفي مساء الأربعاء، أنهم «مضطرون إلى تولي السلطة التشريعية، نظرًا لحساسية المرحلة.. لأن مجلس النواب المُنشأ بموجب الاتفاق السياسي لم يوجد بعد»، داعيًا المجلس الرئاسي إلى التصدي لـ«أي محاولة لزعزعة الأمن في العاصمة طرابلس»، الأمر الذي اعتبره مجلس النواب «عبثًا سياسيًا» وانقلابًا على الشعب الليبي وخياراته.

شعيب: بيان مجلس الدولة انقلاب صريح على السلطة التشريعية

ووصف النائب الأول لرئيس مجلس النواب امحمد شعيب بيان مجلس الدولة بأنه يعد «انقلابًا صريحًا على السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد (...) كما أنه تصعيد لأزمة الوطن وتهديد لمصيره، رغم أنه بلا قيمة فعلية من الناحية الدستورية».

واعتبر شعيب أن «بيان السويحلي يمثل خرقًا واضحًا للمادتين الثانية عشرة والثالثة عشرة من الإعلان الدستوري اللتين تحددان اختصاصات وصلاحيات مجلس النواب»، مطالبًا الجميع بعدم الاعتداد به أو الالتفات له.

وبالمثل، قال عضو مجلس النواب، أبوبكر الغزالي، إن البيان الصادر عن السويحلي «يكشف الغطاء عن نوايا انقلابية مبيتة»، وتغلق الطريق أمام الحوار السياسي ومخرجاته.

وأضاف الغزالي، في تصريحات إلى «بوابة الوسط»، أن الهدف من إصدار البيان هو «الاستيلاء على السلطة والتآمر على الوطن والشعب، بالتعاون مع دول عربية وأجنبية لها أطماع وطموحات ومشاريع في ليبيا، والاستحواذ والاستقواء على إرادة الشعب الليبي».

وأكد الغزالي أن «المجال الوحيد وطوق النجاة في ليبيا حاليًّا هو مجلس النواب والجيش الوطني الليبي الذي أثبت حسن النية من خلال تطهيره وتحريره للموانئ النفطية من قبضة الجضران ومن معه».

وفي بيان شامل، استنكر الناطق باسم مجلس النواب عبدالله بليحق «إعلان السويحلي، واعتبره محاولة انقلاب على الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي».

وأكد بليحق أن مجلس النواب يرفض هذه الأعمال المنافية للإعلان الدستوري، واصفًا ما قام به السويحلي ومن معه بـ«العبث السياسي»، واعتبرها محاولات بائسة ومتكررة للانقلاب على الشعب الليبي وخياراته منذ انتخاب مجلس النواب العام 2014.

أعضاء بمجلس الدولة يتبرؤون
من داخل مجلس الدولة، خرج أكثر من صوت رافض، إذ رأى عضو المجلس ناجي مختار، أن السويحلي استعدى الجميع بما فيهم «البرلمان» ولا يمكن تصنيف بيانه حتى بـ«المناورة السياسية»، ناصحًا- في الوقت نفسه- رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج بـ«الاستقالة».

وقال مختار لـ« بوابة الوسط» إن « الخيارات فيما يخص المؤتمر الوطني محدودة وواضحة جدًا فإما انتظار التعديل الدستوري الذي هو مسؤولية أصيلة للبرلمان أو البقاء تحت سقف المؤتمر الوطني والذهاب إلى الحوار المباشر مع البرلمان برعاية المجتمع الدولي».

فيما أوضح عضو المجلس أحمد لنقي إن بيان السويحلي صدر في غياب غالبية الأعضاء، معتبرًا أن مجلس النواب هو السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد، وطالب السويحلي بالتراجع عن إعلانه، مؤكدًا أن مجلس النواب هو السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد.

الشح: مجلس النواب يمثل سلطة الأمر الواقع عن طريق «انقلابي» يحاول السيطرة على ليبيا

وقال لنقي، في تصريح إلى «بوابة الوسط» الخميس الماضي: «نحن الآن في إجازة وبعض الزملاء ما زالوا في رحلة أداء فريضة الحج، وقد جرى مناقشة الأعضاء الموجودين في طرابلس فقط مع رئاسة المجلس ورؤساء اللجان، وأدعو المجلس الأعلى للدولة إلى التراجع عن هذا البيان». لكنه انتقد مجلس النواب قائلاً: «يكفي 7 أشهر من التعطيل والمماطلة»، على حساب استمرار معاناة الناس وهو أمر غير مقبول».

في الاتجاه نفسه، جاء موقف عضو لجنة الحوار السياسي، فضيل الأمين، الذي اعتبر بيان مجلس الدولة تعديًا صريحًا على بنود الاتفاق السياسي الذي أوجد هذا المجلس حتى ولو كان في إطار المناورة السياسية، مشيرًا إلى أن «التصريحات والتهديد بتحرير العاصمة طرابلس غير مقبولة ولا يمكن تبريرها أو تفهمها».

وقال فضيل الأمين لـ« بوابة الوسط»: «إن تصريحات قادة مجلس الدولة بخصوص التغول على المسؤوليات والصلاحيات التشريعية يعتبر عملاً خطيراً وغير مسؤول»، مضيفًا: «أن ما يُعتبر مناورة اليوم قد يتحول إلى عمل فعلي غدًا خاصة من قبل من كانت لهم سابقة إحياء مؤتمر منتهي الصلاحية».

بيان لـ«التحالف» ومظاهرات في سبها
دعمًا لمؤسسات الدولة، أصدر تحالف القوى الوطنية بيانًا، جاء فيه «أن هذا الخرق للاتفاق السياسي ومجموعة الخروقات السابقة والتي لم يتم تداركها، يمكن اعتبارها مؤشرات واضحة على أن مشوار الحوار بشكله الحالي قد بدأ يفقد جدواه».

وفي سبها، تظاهر مواطنون عقب صلاة الجمعة احتجاجًا على إعلان السويحلي «توليه السلطة التشريعية» في البلاد. واعتبر المتظاهرون ما أقدم عليه السويحلي بـ«الانقلاب على الشرعية، ومؤسسات الدولة، والاتفاق السياسي»، وتابعوا: «مجلس النواب هو الممثل الشرعي للشعب الليبي».

المجلس البلدي مصراتة يتمسك بالاتفاق السياسي ويدعم تطبيق كامل بنوده

من جهته، أكد المجلس البلدي بمصراتة تمسكه بالاتفاق السياسي ودعم تطبيق كامل بنوده، محذرًا من تعدي أي طرف على صلاحيات الطرف الآخر، فيما أعلن رفضه التدخل الأجنبي في الشأن الليبي الداخلي.

وقال بيان المجلس: «تابعنا باهتمام بالغ التطورات السياسية والأمنية الأخيرة في ليبيا، وما نتج عنها من تداعيات خطيرة.. بسبب عدم قيام الأجسام المنبثقة عن الاتفاق بتنفيذ ما عليها من استحقاقات والتزامات الأمر الذي عرقل سرعة إنهاء الأزمة الراهنة».

وطالب البيان مجلس النواب بالانعقاد بشكل صحيح وفق بنود الاتفاق السياسي الموقع في 17 ديسمبر 2015 في الصخيرات المغربية. كما طالب المجلس الرئاسي بتحسين أدائه وكسب الوقت في معالجة المختنقات التي يمر بها المواطن وتحمل مسؤولياته في ممارسة صلاحياته كاملة.

في المقابل، دعم «الإخوان» إعلان السويحلي، إذ بارك الخطوة أحد قادتها عبدالرزاق العرادي، وقال في تدوينة عبر صفحته الرسمية على موقع «فيسبوك» إن «المجلس الأعلى للدولة يبادر لسد الفراغ ويتولى قيادة السفينة لإنقاذ الاتفاق والتصدي للانقلاب» على حد قوله. وختم العرادي منشوره بوسم «#رصوا_الصفوف» الذي أطلقه أنصار الإسلام السياسي بعد مقال للمفتي السابق الصادق الغرياني يحمل العنوان ذاته.

وما يلفت النظر أن العرادي، قال في تغريدة نشرها في 19 من سبتمبر الجاري: «على مجلس الدولة أن يصدر بيانًا يحدد أمد التزام مجلس النواب بكل بنود الاتفاق أو يعلن وفاته، في إشارة منه لما سيحدث لاحقًا وقد حدث اليوم».

أما عضو لجنة الحوار أشرف الشح فأشار في تصريحات تلفزيونية مساء الجمعة إلى «تحريف البيان الصادر عن مجلس الدولة بعد أن تم وصفه بانقلاب على الاتفاق السياسي فيما كان البيان واضحًا، حينما أشار إلى انتظار المجلس (الرئاسي) لمدة 9 أشهر لانعقاد مجلس النواب وهو ما لم يتم لحد الآن».

وطالب مجلس النواب بتنفيذ الاتفاق السياسي من دون اجتهاد، متسائلاً عن الشيء الذي «يستند عليه البرلمان بشرعيته في حال عدم اعترافه بالاتفاق بعد نهاية ولايته منذ الـ20 من أكتوبر الماضي». واتهم الشح مجلس النواب بأنه «يمثل سلطة الأمر الواقع عن طريق انقلابي يحاول السيطرة على ليبيا».

العالم يدعم «الوفاق»
لم يستغرق المبعوث الأممي إلى ليبيا، مارتن كوبلر، وقتًا طويلاً بعد إعلان السويحلي ليعبر عن قلقه من هذه الخطوة التي تتعارض مع الاتفاق السياسي الليبي الموقع بالصخيرات. وقال كوبلر، في تغريدة له على «تويتر»: «قلق من القرار الأحادي الجانب لمجلس الدولة، الذي يتعارض مع روحية الاتفاق السياسي الليبي، والمؤسسات الليبية يجب أن تعمل معًا».

وطالب المبعوث الأممي إلى ليبيا مجلس النواب بـ«الوفاء بالتزاماته حسب الاتفاق السياسي، والمجلس الرئاسي بتقديم التشكيلة الحكومية، ومجلس الدولة بمتابعة التعاون، وعلى الجميع لعب دور في وحدة ليبيا».

من جهته، قال السفير البريطاني لدى ليبيا، بيتر ميليت، في تغريدة على «تويتر» إن المادة 12 من الاتفاق السياسي الليبي تقول إن «مجلس النواب هو السلطة التشريعية للدولة، وإن الاتفاق السياسي واضح في مبدأ الفصل بين السلطات».

وفي وقت لاحق، قال ميليت إن 22 دولة و4 منظمات أصدرت بيانًا مشتركًا حول ليبيا في اجتماع وزاري ضمن اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، دعت فيه المجلس الرئاسي إلى تقديم حكومته ليتم التصويت عليها بلا تعطيل من مجلس النواب الذي يعتبر السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد. ومن بين الدول التي شاركت في الاجتماع: فرنسا وألمانيا وروسيا والجزائر وإسبانيا وتونس والمملكة العربية السعودية والإمارات وبريطانيا.

ونشر السفير البريطاني فقرات من البيان جاء فيها أن المجتمعين أكدوا دعمهم للاتفاق السياسي وتنفيذه بالكامل، ودعم حكومة الوفاق الوطني كونها الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا، وأن المجتمع الدولي لن يستمر في التواصل مع المؤسسات الموازية التي تتدعي الشرعية وهي خارج الاتفاق السياسي الليبي.

أما وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، فقال إنه لا بد من الالتزام بالاتفاق السياسي فالبديل «هو الحرب الأهلية»، مؤكدًا أن «الولايات المتحدة تحرص على تقديم كل الدعم لحكومة الوفاق الوطني للتغلب على ما تواجهه من تحديات»، مشيرًا إلى أن «النفط ثروة كل الليبيين ومسؤولية إدارته وحمايته من اختصاص المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق».

وأضاف كيري خلال لقائه السراج، على هامش اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك: «آن الأوان لتحل كافة المشاكل في ليبيا لتتفرغ الحكومة لمهامها في خدمة الشعب الليبي».


الموقف العربي من نيويورك
عربيًا، قوبل إعلان السويحلي برفض عدد من الدول العربية، خصوصًا مصر والإمارات، علمًا بأن كلتاهما قادتا جهودًا دبلوماسية داخل الأمم المتحدة لتعزيز موقف المؤسسات الليبية.

وأكدت مصر في بيانها أمام الاجتماع الأممي أهمية تشجيع المجلس الرئاسي على تقديم المقترح الخاص بحكومة الوفاق إلى مجلس النواب، وتشجيع البرلمان على التصويت على الحكومة المقترحة، كما أكد دعم مصر الكامل للدور الذي يقوم به الجيش الوطني ودعم اتفاق الصخيرات.

كما أعرب وزير الخارجية المصري سامح شكري عن «تقدير مصر لتسليم الجيش الوطني للمنشآت النفطية إلى المؤسسة الوطنية للنفط، الأمر الذي يعكس التعامل بمنطلق وطني ومهني مع هذا الموضوع»، كما أكدت مصر أيضًا «ضرورة توفير الدعم لليبيا في مجال مكافحة الإرهاب واتخاذ مواقف حاسمة ضد المليشيات المسلحة وما تقوم به من أعمال». أما وزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد، فأكد خلال لقائه السراج، عمق العلاقات التي تربط الشعبين الشقيقين الليبي والإماراتي.

وقال بن زايد، بحسب المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي، إن بلاده تشعر بمسؤولية تجاه استقرار الأوضاع في ليبيا، موضحًا أن مجلس التعاون الخليجي أول من دعا إلى تحرك مجلس الأمن الدولي لدعم الشعب الليبي في بداية ثورة فبراير. وشدد بن زايد على دعمه مسيرة الوفاق في ليبيا، مؤكدًا أن دولة الإمارات ستضاعف العمل من أجل أن تتجاوز ليبيا الأزمة التي تمر بها.

خارطة طريق جديدة
المواقف المحلية والدولية جاءت لصالح التأكيد على الاتفاق السياسي والأجسام المنبثقة عنه ودعم واسع للمجلس الرئاسي وخارطة جديدة، حيث طالب البيان المشترك الذي وقعته 22 دولة من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا مع دول إقليمية مؤثرة كمصر والجزائر والسعودية والإمارات، حكومة الوفاق إلى ضرورة التحضير لانتقال سلمي إلى حكومة ليبية منتخبة، وحثت لجنة صياغة الدستور على استكمال عملها بتقديم مشروع الدستور الليبي للاستفتاء في العام 2017.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
اتفاقية لإدارة المياه الجوفية بين ليبيا والجزائر وتونس
اتفاقية لإدارة المياه الجوفية بين ليبيا والجزائر وتونس
«جنايات طرابلس» تقضي بالسجن عامًا لـ3 مسؤولين سابقين في وزارة الصحة
«جنايات طرابلس» تقضي بالسجن عامًا لـ3 مسؤولين سابقين في وزارة ...
شركة مليتة تعيد تأهيل بئرين بحقل أبوالطفل
شركة مليتة تعيد تأهيل بئرين بحقل أبوالطفل
تسليم شحنة أدوية لمستشفيات ومراكز صحية في الجنوب
تسليم شحنة أدوية لمستشفيات ومراكز صحية في الجنوب
افتتاح الملتقى والمعرض الليبي - المالطي للتجارة والتصدير
افتتاح الملتقى والمعرض الليبي - المالطي للتجارة والتصدير
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم