Atwasat

بالصور: «الوسط» ترصد نهاية «داعش» من مسقط رأس القذافي

السدرة - بوابة الوسط: أسامة الجارد الأحد 04 سبتمبر 2016, 06:06 مساء
WTV_Frequency

من بلدة «جارف»، مسقط رأس العقيد معمر القذافي، حققت «الوسط» في عددها الأسبوعي بمآلات مصير «داعش»، الذي هربت بعض عناصره من قبضة قوات «البنيان المرصوص» باتجاه ضواحي سرت الجنوبية.

فما هي الأوضاع التي باتت عليها تلك الضواحي؟ وما الظروف المعيشية لأهالي بلدة «جارف»؟، وهل يحنون إلى عهد الرئيس السابق ابن بلدتهم؟، وما تقييمهم لأداء قوات فائز السراج؟

تلك الأسئلة تجيب عنها السطور التالية، فضلاً عن رصد لسقوط أقطاب التنظيم الإرهابي، ووصول الأمر إلى القبض على قيادات نسائية في التنظيم، ما حدا بقيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) إلى التأكيد على أن «داعش» بات قاب قوسين أو أدنى من خسارة المدينة الاستراتيجية، التي تحصن بها لفترة ليست بالقليلة.

تشي المفارقات بأن تكون بلدة «جارف» (30 كلم جنوب سرت)، التي تربى فيها الرئيس السابق في طليعة ضواحي سرت، إذ عاصرت وضعاً عسكرياً ملتهباً منذ إعلان «داعش» عن نفسه، وفرض سيطرته على عدد من البلدات المتاخمة لمدينة سرت، مثل الغربيات وبوهادي عبر تدشين ما يُعرف بـ«الحسبة»، ونشر مواعظ وأيديولوجيات التنظيم.

ورغم استتابة بعض من أهالي «جارف»، البالغ تعداد السكان فيها حمسة آلاف نسمة، تفادياً لبطش عناصر التنظيم، إلا أنه في أعقاب المعارك العسكرية الضارية في سرت، وضربات «البنيان المرصوص» القاصمة لـ«داعش»، غاب حضور التنظيم في مشهد تلك البلدات في ظل انسحاب معظم مقاتليه.

وخلال جولة في «جارف» وضواحي سرت، نقلت «الوسط» عن أحد الناشطين المقربين من الوضع الأمني في البلدة قوله: «رغم إعلان (البنيان المرصوص) سيطرتها على سرت وضواحيها، إلا أن تلك الضواحي لازالت خاضعة لـ (داعش)».

رغم استتابة بعض من أهالي «جارف»، غاب حضور التنظيم في تلك البلدات مع الانسحاب

ويضيف المصدر نفسه، لـ«الوسط»، رافضاً الكشف عن هويته لأسباب أمنية: «التنظيم الإرهابي لا زال يفرض نفوذه على بعض المناطق الجنوبية لمدينة سرت من ناحية (العتعت)، وطريق النهر، أما معقل (داعش) المحوري فهو في منطقة (قارة جهنم)، التي تقع على الطريق الجنوبي المؤدي إلى الجفرة، وبات نشاط التنظيم في تلك المناطق مقتصراً على القنص وتفجير المفخخات».

سلب وحرق
وفي ظل تلك الأجواء، لازال الحذر والحيطة يخيمان على سلوك أكثرية الأهالي في ضواحي سرت الجنوبية، تحسباً لعمليات نوعية قد ينفذها «داعش»، كما يخشى السكان مغادرة المنازل، تفادياً لاحتمالية تعرضها للسلب أو الحرق من قبل عناصر التنظيم. ورغم من أن مظاهر الحياة الطبيعية بدأت تتسلل على استحياء إلى «جارف» وأخواتها في جنوب سرت، إلا أن أهالي جارف، وفي لقاءات مع «الوسط»، أعربوا عن افتقادهم ابن بلدتهم العقيد القذافي، ووصل الأمر إلى اعتقاد بعضهم بأنه لا يزال على قيد الحياة!

ويشير أكثر من مصدر التقتهم «الوسط» في «جارف» إلى أنه في حين تكثف قوات «البنيان المرصوص» تواجدها في مدينة سرت، وتمكنها من إغلاق مداخلها، ونجاحها الفعلي في اجتثاث جذور التنظيم من المدينة، إلا أنها تركت للتنظيم «الحبل على الغارب» في الضواحي الجنوبية للمدينة، التي باتت ملاذاً لمعظم قيادات التنظيم.

وفي ظل هذه الأجواء، حرص أهالي «جارف» على تفادي الحديث لوسائل الإعلام عن كل ما يخص «داعش»، لكنهم اكتفوا في الوقت ذاته بالتعبير لـ«الوسط» عن الأوضاع في بلدهم وعلاقتها بالتنظيم الإرهابي، إذ يقول المواطن فرج الورفلي (68 عاماً): «عشنا ولا زلنا أوضاعاً صعبة، تفوق في تحملها قدرة البشر»، وفي ما يخص نفوذ «داعش» السابق داخل البلدة، قال: «حرصنا على تلاشي أي احتكاك بعناصر التنظيم». أما المواطن علي محمد، فيؤكد أن البلدة تعاني شللاً تاماً، ويضيف نصاً: «المصالح التجارية بالبلدة قد تبدو لزائر المنطقة مشرعة الأبواب، غير أنها خالية من المتسوقين، والحركة التجارية مشلولة بصورة، لم تشهدها البلدة منذ أحداث العام 2011».

تجارة الوقود
وفي رصده التحليلي للواقع في «جارف» والبلدات المحيطة بسرت، نقل مراسل «الوسط» عن الأهالي أنه نتيجة تعثر، وربما جمود، الإمدادات النفطية من وقود السيارات وغاز الطهو، بسبب سيطرة «داعش»، ازدهرت تجارة الوقود بالبلدات المجاورة لمدينة سرت، حتى وصل سعر اسطوانة غاز الطهو فيها إلى 70 ديناراً، وتراوح سعر لتر البنزين ما بين 2 و3 دنانير.

وتفاقم هذا المشهد بعد توافد أعداد كبيرة من نازحي سرت على الضواحي الجنوبية للمدينة، خاصة بعد تسهيل عملية النزوح في ظل كسر شوكة «داعش» في المدينة، إذ كانت تعليمات التنظيم تحظر أي خروج من مناطق سيطرته، إلا في حالات خاصة جداً، وهدد التنظيم في حينه بمصادرة أموال كل مَن يحاول مغادرة المدينة، فضلاً عن منعه من العودة إلى بلدته، ما جعل المدينة سجناً كبيراً، وفق شهادة أهالي التقتهم «الوسط» في «جارف».

وفي ما يخص الأوضاع الإنسانية في «جارف» وأخواتها، يقول رئيس المجلس التسييري «جارف» يوسف عبدالحميد طبيقة: «لا زلنا نحصل على الغذاء من المناطق المحيطة بمدينة سرت، لكنه يباع بأسعار مرتفعة للغاية». أما عن الجانب فيقول المسؤول ذاته: «نعيش غياباً للعناصر الطبية المختصة، فضلاً عن نقص في الأجهزة والمعدات والأدوية». وأشار إلى أن عملية جلب الأطقم الطبية، تتم ذاتياً وبعيداً عن سلطات الدولة، وأضاف طبيقة من مكتبه في «جارف» أن البلدة تلقت مؤخراً مساعدات طبية من الإمداد الطبي بمدينة مصراته، ومستشفى «البنيان المرصوص» الميداني، ومن السرية الطبية العسكرية، والهلال الأحمر في بعض الأحيان.

وأظهرت إحصاءات في بلدة «جارف»، تحصلت عليها «الوسط»، نزوح قرابة خمسة آلاف أسرة من مدينة سرت للبلدة، وذلك منذ بدء العمليات العسكرية في مدينة سرت، وهو ما يفوق عدد سكان البلدة.

مواطنون في جارف: «عشنا ولا زلنا أوضاعاً صعبة، تفوق في تحملها قدرة البشر»

وأشار مسؤولون بالمجلس التسييري لـ«جارف» إلى أن هؤلاء النازحين في الغالب تربطهم قرابة دم ومصاهرة بسكان البلدة، وأقام عدد كبير منهم في مدارس البلدة.

عناصر نسائية
رغم تلك المؤشرات، وما تزامن معها من تحسبات لاستمرار نفوذ «داعش» في الضواحي الجنوبية لمدينة سرت، إلا أن المعطيات على الأرض تؤكد سقوط رؤوس التنظيم الإرهابي، إذ أكد مصدر عسكري أن قوات «البنيان المرصوص» ألقت القبض على خمسة من تنظيم «داعش» بينهم امرأة، خلال تقدمها بالحي السكني رقم واحد.

وقال المصدر لـ«الوسط» إن المرأة وبقية عناصر التنظيم كانوا مختبئين بأحد المنازل قبل أن تداهمهم قوات «البنيان المرصوص» دون مقاومة. وكان الناطق باسم غرفة عمليات «البنيان المرصوص»، العميد محمد الغصري، أكد أن عناصر نسائية تابعة لتنظيم «داعش» يرتدين الخمار ويربطن أحزمة ناسفة حول أجسادهن حاولن الاقتراب من قوات «البنيان المرصوص» في الحي السكني الثاني بوسط سرت.

المواطنون: الحركة التجارية مشلولة بصورة، لم تشهدها البلدة منذ أحداث العام 2011

وأوضح الغصري لـ«الوسط»، قائلاً: «لأول مرة يجري التعامل مع نساء من داعش يرتدين أحزمة ناسفة، وعند اقترابهن من قواتنا الأبطال بالحي السكني الثاني وسط سرت جرى تفجيرها، بالإضافة إلى انتحاريين من تنظيم داعش يركبون درجات نارية»، وأشار الغصري إلى «أن ما تبقى من عناصر تنظيم داعش محاصرون في الحي السكني الثالث والحي السكني الأول وحي الشعبية والجيزة البحرية».

عيادات سرت
على الصعيد ذاته ضبطت قوات «البنيان المرصوص» القيادي في تنظيم «داعش»، محمد رحيل الورفلي، وهو أحد سكان مدينة سرت.

وأوضح مصدر أمني أن الورفلي أُلقي القبض عليه بينما كان يحاول الهرب صحبة أسرته إلى المنطقة الشرقية. وأضاف أنه كان مسؤولاً عن مجمع عيادات سرت المركزي خلال فترة سيطرة التنظيم على المدينة، ويجبر الأطباء على التواجد بالمجمع الصحي، وإجراء عمليات جراحية وعلاج مقاتلي «داعش». ووفقًا للمصدر ذاته كان الورفلي يتابع مستشفى «ابن سينا»، وسرق صحبة أطباء بايعوا «داعش» غرفة العمليات.

كتائب البتار
من جانبها، أكدت معطيات نشرتها جريدة «كوريلا دي لاسيرا» الإيطالية، إلقاء قوات من مدينة الزنتان القبض على القيادي بتنظيم «داعش»، معاذ بن عبد القادر أحمد فزاني، قبيل هروبه من سرت إلى تونس.

وأضافت الجريدة أن دورية من الزنتان ألقت القبض على فزاني المكنى بـ«أبو نسيم»، إلى جانب 20 من مقاتلي «داعش» الأسبوع الماضي في الطريق بين بلدتي رقدالين والجميل في طريقهم للهروب إلى تونس.

ويعد أبو نسيم، تونسي الجنسية، من أهم قيادات «داعش» في ليبيا، وهو معتقل سابق في سجن «باغرام» الأميركي الشهير في أفغانستان قبيل نقله إلى إيطاليا العام 2009، حيث مثل أمام محكمة إيطالية بتهم مشاركته في الهجوم الإرهابي في البوسنة العام 1995 لكن تمت تبرئته.

وفي العام 2014 أعلن أبو نسيم مبايعته أبو بكر البغدادي، قائد تنظيم «داعش»، وتم تعيينه قائدًا لـ«كتائب البتار».  والتحق أبو نسيم 1997 بتنظيم «القاعدة» في باكستان العام 1997، وشارك في عدد من عمليات التنظيم قبيل القبض عليه العام 2001 وإيداعه سجن «باغرام».

الهندسة العسكرية
من جانبه أكد مصدر عسكري ميداني من عمليات «البنيان المرصوص»، اعتقال أربعة عناصر تابعة لتنظيم «داعش»، وعدد 32 جثة لمقاتلي التنظيم الإرهابي وُجدت في المناطق المحررة بمدينة سرت.

وقال الناطق باسم غرفة عمليات «البنيان المرصوص» العميد محمد الغصري، إن أفراد سرية الهندسة العسكرية باشروا منذ السيطرة الكاملة على المنطقة السكنية الثانية وعمارات العظم الهندية وسط سرت، عمليات التمشيط وإزالة الألغام والمفخخات التي زرعها تنظيم «داعش».

وشدد الغصري على أن قوات «البنيان المرصوص» ستتمكن قريبًا من القضاء على ما تبقى من عناصر التنظيم، لافتًا إلى أن جثث مقاتليه منتشرة بالشوارع في الحي السكني الثاني الذي سيطرت عليه قواته. وفي تقرير تقدير للموقف في سرت، قالت قيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، إن «داعش» بات قاب قوسين أو أدنى من خسارة المدينة الاستراتيجية.

وأضاف التقرير أن القوات الأميركية نفذت 62 ضربة جوية دقيقة ضد مواقع «داعش» في مدينة سرت منذ انطلاق عملية «برق أوديسا»، استهدفت من خلالها 32 من مواقع التنظيم في سرت، فضلاً عن قصف خمس سيارات مفخخة، وشاحنة مجهزة للقتال، وأخرى تستخدَم لقيادة العمليات الهجومية.

معقل «داعش» الجديد في «قارة جهنم» على الطريق الجنوبي المؤدي إلى الجفرة

إلا أن تقارير صحفية أخرى نقلت عن محللين أن التنظيم تلقى ضربة قوية في سرت، لكن ذلك لا يعني بالمرة طي صفحة المتشددين في هذا البلد، ووفق مسؤولين ليبيين فإن بعض مسلحي التنظيم نجحوا في الفرار من المدينة قبل محاصرتها، ومن المرجح أن يحاولوا استعادة أنشطتهم في أماكن أخرى من البلاد.

انقسام وانفلات
كما يمكن للمتشددين أن ينضموا إلى خلايا موجودة وفصائل مسلحة تنشط بالفعل في مناطق أخرى مع استمرار الانقسامات التي غذت التطرف في ليبيا من الأساس، لاسيما أن ليبيا منذ سقوط حكم العقيد معمر القذافي، تشهد انقساماً سياسياً وانفلاتاً أمنياً، الأمر الذي فتح المجال أمام تغلغل تنظيم «داعش».

ويحاول المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة إعادة فرض الاستقرار وتنفيذ استراتيجية موحدة لمحاربة الإرهاب في هذا البلد المأزوم، لكن هذا الأمر يصطدم بصعوبات كبيرة أبرزها استمرار الانقسام ورفض الجيش الليبي بقيادة الفريق أول خليفة حفتر، وكذلك التعاون مع حكومة الوفاق في ظل عدم حصولها على اعتراف من البرلمان المنتخب.

وأعطى مسؤولون قليلاً من التفاصيل عن مقاتلين متشددين اُعتقلوا أو قُتلوا في المعارك لتحرير سرت، وقالوا إنهم يجدون صعوبة في تعقب المسلحين الذين يستخدمون هويات متعددة، إضافة إلى قلة الموارد المتاحة لملاحقة وتوقيف الهاربين.

وتشير تقديرات منسوبة لمحمد جنيدي، وهو مسؤول في المخابرات العسكرية في مصراتة الواقعة غرب ليبيا، إلى تمكن أكثر من عشرة من قادة المتشددين ومئات من صغار المقاتلين من الهرب.

وأضاف: «هرب قادة مهمون من سرت. نعتقد أن هناك بعضاً منهم في الصحراء، وأنهم سيحاولون إعادة تنظيم صفوفهم ومواصلة العمل بذات الفكر»، لكن جنيدي ومسؤولين آخرين، قالوا إن ذلك لا يعني أن «داعش» سيعاود الظهور علناً في مدينة ليبية أخرى، لكن بمقدور التنظيم شن هجمات انتقامية أو تمرد وإدارة خلايا نائمة في المناطق الحضرية، وعقد تحالفات جديدة في المساحات الشاسعة في الجنوب.

بالصور: «الوسط» ترصد نهاية «داعش» من مسقط رأس القذافي
بالصور: «الوسط» ترصد نهاية «داعش» من مسقط رأس القذافي
بالصور: «الوسط» ترصد نهاية «داعش» من مسقط رأس القذافي
بالصور: «الوسط» ترصد نهاية «داعش» من مسقط رأس القذافي

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
صب قواعد خرسانية لـ5 أبراج على خط الرويس - أبوعرقوب
صب قواعد خرسانية لـ5 أبراج على خط الرويس - أبوعرقوب
العثور على 3 قذائف هاون بسهل جفارة
العثور على 3 قذائف هاون بسهل جفارة
الشهوبي يبحث التعاون مع «بيكر» العالمية
الشهوبي يبحث التعاون مع «بيكر» العالمية
إحباط تهريب شحنة كوابل في ميناء مصراتة
إحباط تهريب شحنة كوابل في ميناء مصراتة
لجنة برلمانية تواصل نقاشاتها حول تأثير «ضريبة الدولار» على دخل المواطن
لجنة برلمانية تواصل نقاشاتها حول تأثير «ضريبة الدولار» على دخل ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم