Atwasat

خبراء: مكاسب عسكرية وسياسية للضربات الأميركية في سرت

القاهرة - بوابة الوسط: محمود غريب وجمال جوهر السبت 06 أغسطس 2016, 11:20 صباحا
WTV_Frequency

توقع خبراء استراتيجيون وعسكريون أن يسفر التدخل الأميركي في ليبيا عن نتائج إيجابية على الصعيدين السياسي والعسكري، ينتهي بتثبيت أقدام حكومة الوفاق الوطني في أرجاء البلاد، والحصول على مزيد من الدعم الداخلي عقب دحر تنظيم «داعش» من أكبر معاقله في البلاد، والاثنين الماضي أعلن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فائز السراج، عن طلب حكومته دعماً مباشراً من الولايات المتحدة الأميركية لتوجيه ضربات جوية ضد تنظيم «داعش» في سرت وضواحيها فقط، مؤكداً رفض الحكومة أي تدخل خارجي من دون الحصول على تفويض سابق من حكومة الوفاق.

الضربات الأميركية ستعود بخليط من الأمور الإيجابية على الداخل الليبي على المستويين السياسي والعسكري

دقة الضربات وخسائر قليلة
وقال الخبير العسكري، العميد صفوت الزيات، إن الضربات الأميركية ستعود بخليط من الأمور الإيجابية على الداخل الليبي على المستويين السياسي والعسكري، بالنظر إلى «دقة الضربات الأميركية» التي اعتبرها أقل في الخسائر من الضربات الروسية التي تكبد خسائر في المدنيين بسورية والعراق.

وفيما أشار الزيات في تصريحات إلى «الوسط» إلى أن الضربات الأميركية ستراعي تجنب تعرض المدنيين للخطر، شدد على أن الغارات على سرت ستحقق مكسبين: الأول عسكري من خلال المساهمة في تقدم قوات «البنيان المرصوص» باتجاه دحر تنظيم «داعش» من المدينة، والثاني سياسي من خلال ترجيح وتثبيت دعائم ووضعية حكومة الوفاق الوطني، والحصول على دعم البرلمان، بما يعد سندا سياسيا مهما خلال الفترة الحالية.

وأضاف أن التدخل الأميركي بالشكل الذي أعلنه رئيس حكومة الوفاق فائز السراج سيعمل على تثبيت أقدام الحكومة، واستكمال تنفيذ اتفاق الصخيرات، بخلاف التدخل الفرنسي في مناطق بنغازي وشرق ليبيا الذي أسفر عن مشكلات كثيرة.وفيما قال إن التدخل الأميركي جاء متأخراً لتلافي حجب الخسائر بصفوف «البنيان المرصوص»، اعتبر توسيع العمليات الأميركية لتشمل مناطق أخرى بخلاف سرت «خطوة غير محبذة وتزيد من الأزمات»، متابعاً: «من الضروري التركيز على تحرير سرت، وانتظار ما بعد سرت، هل ينقل تنظيم الدولة المعركة إلى الجنوب الليبي أم تضع العملية الحالية بداية لتحجيم التنظيم».

يأتي هذا فيما قال الخبير الاستراتيجي والعسكري، عبدالمنعم كاطو، إن انتشار «داعش» في الإقليم الليبي الواسع بالإضافة إلى مسلحين آخرين، صعب الأمور على الجيش الليبي، وهو ما يجعل الضربات العسكرية «مساعدة مهمة» خلال الفترة الحالية بانتظار نتائجها العسكرية والسياسية على الداخل الليبي وحكومة الوفاق على وجه الخصوص.

3 شروط و3 أهدف
وأشار كاطو في تصريحات إلى «الوسط» إلى أن الدعم الأميركي لليبيا، خاضع لثلاثة شروط، هي عدم تأثر الأمن القومي للولايات المتحدة، ودول الجوار وأوروبا بالأحداث في ليبيا، وألا يكون لأميركا أطماع في ليبيا، وإجراء تنسيق كامل بين أميركا والقيادة الليبية.

انتشار «داعش» بالإضافة إلى مسلحين آخرين صعَّب الأمور على الجيش الليبي وهو ما يجعل الضربات العسكرية «مساعدة مهمة»

وفيما شدد الخبير الاستراتيجي على ضرورة أن يكون التنسيق لمصلحة ليبيا وليس لمصلحة الولايات المتحدة، أشار إلى أن ثلاثة أهداف وراء الضربات الجوية الأميركية، الأول تخوف واشنطن من توسيع نفوذ الإرهاب؛ حيث تعمل على توسع قاعدة محاربة الإرهاب لتشمل سورية والعراق وليبيا، والثاني اقتصاديا حيث تمتلك ليبيا مخزونا كبيرًا للطاقة وأميركا تريد الحفاظ على الدول الممدة للطاقة، وثالثًا استباق أميركا التدخل الروسي في البلاد.

تباين في المواقف
ووسط تباين في المواقف الدولية سارعت روسيا بمعارضة الضرب الجوية الأميركية التي وجهتها لمواقع تنظيم «داعش» في سرت، ورأت أن تلك الضربة «تفتقر إلى الأسس القانونية»، ليرتفع بذلك منسوب المواقف المتعارضة «بين القطبين» الكبيرين في كثير من قضايا الشرق الأوسط، ويكشف فصلا جديدا من الحرب الباردة بينهما أحد أطرافها في ليبيا والآخر في سورية.

جزء من هذا التباين في الرؤي جاء محمولاً على تخوفات من وجود «نتائج عكسية» تؤثر على شرعية حكومة الوفاق، حسبما نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن الباحث الليبي وزميل معهد «أتلانتيك كاونيسل»، محمد الجارح، أو وصفها بكونها مجرد «عملية في حرب عالمية طويلة»، كما يرى مندوب ليبيا السابق في الأمم المتحدة عبدالرحمن شلقم.

وفيما رحبت دول كفرنسا وإيطاليا ومصر بتلك الضربة، خرج سفير روسيا لدى ليبيا، إيفان مولوتكوف، عقب ساعات من وقوعها عبر عن موقف بلاده لها، وقال: إن مسألة توجيه ضربات إلى إرهابيين في ليبيا، تحتاج إلى اتخاذ قرار من مجلس الأمن الدولي.

مولوتكوف الذي تواجه بلاده بتهمة التدخل العسكري «غير الشرعي» في سورية دعماً للرئيس بشار الأسد، رفض التعليق على إمكانية توجيه بلاده ضربات ضد مواقع تنظيم «داعش» في ليبيا، حال حصول موسكو على طلب مناسب في هذا الشأن، لكنه اكتفى بالقول: الضربة «تفتقر إلى الأسس القانونية».رئيس مجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فائز السراج، استبق هذا اللغط وقال إن التدخل الأميركي لمحاربة تنظيم الدولة «داعش» في ليبيا يقتصر على مدينة سرت وضواحيها فقط.

وأضاف السراج أن التدخل الأميركي سيقتصر على توجيه ضربات جوية دون وجود عسكري على الأرض، والاكتفاء بالدعم اللوجستي والفني بالتنسيق مع حكومة الوفاق الوطني، رافضا أي تدخل أجنبي دون تفويض من حكومة الوفاق، حتى وإن كان لمحاربة تنظيم «داعش».

تلى ذلك إعلان وزارة الدفاع الأميركية عن توجيه ضربات جوية دقيقة ضد تنظيم «داعش» في سرت، دعمًا لـ«القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني التي تسعى لهزيمة «داعش»، وأشارت «البنتاغون»، في بيان صحفي، إلى موافقة الرئيس باراك أوباما على طلب حكومة الوفاق الوطني توجيه ضربات جوية ضد تنظيم «داعش» في مدينة سرت.

وأكدت وزارة الدفاع الأميركية استمرار الضربات الأميركية الجوية ضد «داعش» في سرت، لتحقيق تقدم استراتيجي حاسم هناك، لتمكين القوات التابعة لحكومة الوفاق من هزيمة التنظيم.

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة تقف مع المجتمع الدولي بجانب حكومة الوفاق، لاستعادة الاستقرار والأمن بليبيا للتصدي لخطر «داعش» الذي «يعتبر ليبيا ملاذاً آمناً يمكن منه أن يهاجم الولايات المتحدة وحلفاءها».

نتائج عكسية
رؤية الباحث الليبي وزميل معهد «أتلانتيك كاونيسل»، محمد الجارح، وفقا لـ«واشنطن بوست» تنطلق من أن الضربة، التي وصفها بأنها «نقطة حاسمة» في العمليات العسكرية ضد التنظيم، قد تأتي «بنتائج عكسية»، إذ قد يرى البعض أن «حكومة السراج تعمل بدعم خارجي، وقد يستغل بعض المعارضين الموقف للتشكيك في شرعية الحكومة؛ إذ أنها لم تحصل على الدعم الكامل من جميع الأطراف، ولم تحصل بعد على موافقة مجلس النواب في الشرق كما هو منصوص في الاتفاق السياسي».

ويعد تأكيد السراج اقتصار العمليات الأميركية على الدعم دون قوات أرضية «محاولة من قبله للحفاظ على صورة حكومته وشرعيتها أمام الليبيين، خاصة في ظل التظاهرات المنددة بالوجود العسكري الفرنسي، والتي أظهرت مدى حساسية الليبيين للتدخل العسكري الأجنبي بالدولة»، وفق تقرير الصحيفة.

وأمام المعارضة الروسية للضربة الجوية، رحب وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، بقرار حكومة الوفاق طلب مساعدة دولية تتمثل في ضربات أميركية على «أهداف» تابعة لتنظيم «داعش» في سرت.وأكدت فرنسا «دعمها الكامل» حكومة الوفاق، وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان إن وزير الخارجية جان مارك آيرولت وفي اتصال هاتفي مع السراج «جدد دعم فرنسا الكامل لحكومة الوفاق في عملها من أجل توحيد ليبيا وإعادة بناء مؤسساتها».

المواقف المؤيدة للضربة لم تتوقف على فرنسا بل ضمت إيطاليا ومصر، وأعلنت وزارة الخارجية الإيطالية «تقييمها الإيجابي» للعمليات الجوية التي «شنتها الولايات المتحدة الأميركية على أهداف لتنظيم داعش في سرت».

وشددت وزارة الخارجية الإيطالية في مذكرة على أن الغارات الأميركية جاءت «بناء على طلب من حكومة الوفاق الوطني، لدعم القوات الموالية للحكومة، في إطار الهدف المشترك المتمثل في المساعدة على استعادة السلام والأمن في ليبيا».

ونوهت بأن إيطاليا تدعم الحكومة التي يقودها رئيس الوزراء السراج، و«شجعتها منذ تشكيلها على تنفيذ الخطوات اللازمة لاستعادة الاستقرار والسلام للشعب الليبي».

وأضافت: «لذلك تقدر إيطاليا الجهود المبذولة من حكومة الوفاق والقوات الموالية لها لإلحاق الهزيمة بالإرهاب، لا سيما عملية البنيان المرصوص لتحرير مدينة سرت من تنظيم داعش»، ونوهت بأن دعمها لهذه العملية قد انعكس في «أشكال مختلفة على مدى الأشهر القليلة الماضية، لا سيما عبر عمليات إنسانية كبيرة لعلاج المقاتلين الجرحى ولصالح المرافق الصحية في ليبيا».

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبوزيد، إن بلاده كانت على علم بالضربات التي نفذتها الطائرات الأميركية في ليبيا، مشيراً إلى دعم مصر مثل هذا التوجه الذي قننه طلب حكومة الوفاق، وأضاف أبوزيد، خلال مداخلة تلفزيونية أن الضربات الأميركية استهدفت مواضع محددة، وتأتي معززة لقدرات الجيش الوطني في مواجهة تنظيم «داعش» في سرت.

ميدانيًا، أعلنت قوات «البنيان المرصوص» سيطرتها بالكامل على حي الدولار في مدينة سرت، والتي استهدفتها القوات الأميركية أول من أمس بضربات جوية، لافتة إلى أن المعارك انتقلت إلى منطقة قصور الضيافة الواقعة بين حي الدولار ومركز قاعات واغادوغو؛ حيث تتمركز قيادة التنظيم الإرهابي، وجاء الإعلان عن التقدم الميداني بعد ساعات على تنفيذ الولايات المتحدة غارات جوية على مواقع لتنظيم «داعش» في سرت، كانت الأولى منذ إطلاق القوات الحكومية الليبية العملية العسكرية الهادفة إلى استعادة المدينة من أيدي الجهاديين في مايو.

وحققت قوات «البنيان المرصوص» التي بدأت عملية عسكرية واسعة قبل أكثر من شهرين لاستعادة سرت، تقدما سريعا، قبل أن تعود العملية للتباطؤ واعتماد مسلحي التنظيم الإرهابي على القناصة والسيارات المفخخة التي يقودها انتحاريون. فيما قتل في العملية العسكرية منذ بدئها في 12 مايو أكثر من 300 عنصر من قوات «البنيان المرصوص»، وأصيب أكثر من 1500 بجروح، بحسب غرفة العمليات.
للاطلاع على العدد (37) من «صحيفة الوسط» اضغط هنا (ملف بصيغة PDF)

خبراء: مكاسب عسكرية وسياسية للضربات الأميركية في سرت
خبراء: مكاسب عسكرية وسياسية للضربات الأميركية في سرت
خبراء: مكاسب عسكرية وسياسية للضربات الأميركية في سرت
خبراء: مكاسب عسكرية وسياسية للضربات الأميركية في سرت
خبراء: مكاسب عسكرية وسياسية للضربات الأميركية في سرت

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
مونتريال تحقق مع كندي وليبي متهمين بمحاولة بيع «مسيَّرات» في ليبيا
مونتريال تحقق مع كندي وليبي متهمين بمحاولة بيع «مسيَّرات» في ...
سفير هولندا يدعو إلى تحقيق شفاف حول وفاة دغمان
سفير هولندا يدعو إلى تحقيق شفاف حول وفاة دغمان
«هذا المساء» يناقش نتائج قمة تونس.. مخاوف ثلاثية وهواجس مغاربية؟
«هذا المساء» يناقش نتائج قمة تونس.. مخاوف ثلاثية وهواجس مغاربية؟
منشآت دراسية جديدة بجامعة سرت
منشآت دراسية جديدة بجامعة سرت
إشادة أميركية بدور مفوضية الانتخابات لتعزيز المشاركة الشاملة
إشادة أميركية بدور مفوضية الانتخابات لتعزيز المشاركة الشاملة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم