Atwasat

بعد عقود من الإهمال.. التعليم ضحية الانقسام السياسي والفوضى الأمنية (تقرير)

طرابلس - بوابة الوسط: علي مجاهد الثلاثاء 02 أغسطس 2016, 11:18 صباحا
WTV_Frequency

بينما ما تزال ليبيا تبحث عن مأوى لمشكلاتها السياسية والأمنية، يظل قطاع التعليم في البلاد رهن انفراجة مرتقبة لإنهاء عقود من الإهمال، للتخلص من فوضى الانقسامات؛ كي يتحسس موطئ قدم له بين صفوف الدول المتفوقة تعليميًا، بهدف رفع مؤشرات التنمية لدى ليبيا.

التقديرات الحالية تشير إلى أن قطاع التعليم شهد عمليات تخريب ممنهجة خلال العقود الأربعة الماضية للنظام السابق، أنتجت مستوى متدنيًا جدًّا في جميع المجالات التعليمية، وترك طوابير من العاطلين عن العمل غير المؤهلين على الرغم من الشهادات العليا التي يحملونها.الكتابات التي ظهرت على الجدران في المدن والقرى والأرياف عقب سقوط النظام العام 2011، دفع المجلس الرئاسي لطلب شركة متخصصة في الدعاية والإعلان لإعداد شعارات «معلبة»، ونشرها على واجهات الطرق الرئيسية في العاصمة الليبية بعد دخولهم طرابلس بحرًا.

آمال على جدران الحل السياسي
ارتفعت الآمال إزاء التعويل على نجاح ثورة 17 فبراير، لتحقيق الحرية التي من أجلها خرج الليبيون على النظام السابق، وتحقيق التنمية وبناء دولة المؤسسات والقانون والتداول السلمي للسلطة، غير أن الصراع المحموم على السلطة حاليًّا، بدد جميع الأحلام وأغرق البلاد في حالة من الفوضى ارتدت بالسلب على التعليم.

الصراع على السلطة والاقتتال على المال دفعا بالكثير من الطلبة إلى ترك مقاعد الدراسة والانخراط في جبهات القتال

من جانبه قال المفتش التربوي عبدالسلام خلف الله لـ«الوسط» إن قطاع التعليم يعكس حالة الفوضى والانقسام التي تعيشها البلاد، لافتًا إلى أن الجامعات الليبية شهدت حركة طلابية نشطة جدًّا عقب نجاح الثورة، تمثلت في تنظيم محاضرات وندوات ومعارض فنية، «إلا أن ذلك لم يدم طويلاً وانتشرت حالة من الإحباط بسبب تدهور الوضع الأمني في البلاد وانتشار السلاح وتغول الميليشيات المسلحة التي استقطبت أعدادًا كبيرة من الشباب والطلبة».

في الاتجاه نفسه، قال مسعود سالم (58 عامًا، مدرس بمنطقة سوق الجمعة)، إن «الصراع على السلطة والاقتتال على المال دفع بالكثير من الطلبة إلى ترك مقاعد الدراسة والانخراط في جبهات القتال دون أي هدف سوى الحصول على المال الذي كان يوزعه أمراء الحرب بسخاء».

ويرى سالم أن الوضع المتردي للتعليم سيترك تأثيرًا على الأجيال المقبلة لعدة عقود، قائلاً: «إن كل يوم يمضي دون الوصول إلى حالة من الاستقرار تعيد الأمور إلى نصابها سيكلف البلاد خسائر كبيرة وسيعطل برامج التنمية وبناء الدولة».

«الموت السريري» ومضاعفة الجهود
ويقول خبراء إن المنظومة التعليمية في ليبيا بدت اليوم مفككة وبحاجة إلى مضاعفة الجهود ومساعدة المنظمات الدولية ذات الصلة، منها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) للخروج من دائرة «الموت السريري» لقطاع التعليم في ليبيا.

وفي وقت سابق نظمت طرابلس ورشة عمل حول مشاكل التعليم خلصت إلى تحديد خمسة محاور لإعادة تأهيل القطاع، تمثلت في ضرورة وضع آليات مناسبة لوقف الاعتداءات على أعضاء هيئة التدريس، والاعتداءات على المباني التعليمي، وعلى الساحات والملاعب ومحيط المؤسسات التعليمية وصيانة المباني المتهالكة واستكمال المشاريع المتوفقة.

كما تضمنت المحاور تحسين أوضاع الكادر الوظيفي والرفع من كفاءة الأداء في بعض طرق التدريس، وحل مشكلة التكدس داخل المؤسسات التعليمية إلى جانب مراعاة الحالة النفسية والصحية للطلبة والمعلمين، ومن ضمنها انتشار ظاهرة العنف والتسيب المدرسي وانتشار المخدرات وغيرها من المشاكل النفسية.

حالة الانقسام السياسي التي تعيشها البلاد وتعدد الوزارات أسفرا عن قرارات متضاربة شتتت المؤسسات التعليمية

أسباب وحلول
الأستاذ الجامعي أبوالقاسم عمر يرى أن «حالة الانقسام السياسي التي تعيشها البلاد وتعدد الوزارات أسفرا عن قرارات متضاربة شتتت المؤسسات التعليمية وأضرت بمواعيد الدراسة والامتحانات، لافتًا إلى أن توصيات الورشة السابقة وغيرها تبخرت وضاعت وسط الفوضى والمواجهات المسلحة وتعطيل الدراسة وعمليات النزوح في مناطق النزاع».وحول الأسباب التي أضرت بالعملية التعليمية خلال السنوات الخمس الماضية، اعتبر أبوالقاسم أن مشاكل توزيع الكتاب المدرسي والوسائل التعليمية، التي سببتها انقسامات مناطقية وجهوية ضيَّقة يقف وراءها أشخاص لا يتحلون بروح المسؤولية تأتي على رأسها.

ويرى المدون الليبي أبوبكر فحيل أن ما وصفها بـ«كارثة الكوارث» في قطاع التعليم، تتمثل بـ«مرض الغش بالامتحانات وهو يعود إلى عشرات السنين»، مؤكدًا «أن هذا المرض بعد فبراير استفحل ودخل كل مدرسة وجامعة».

وأضاف فحيل أن امتحانات الشهادة الإعدادية للعام الجاري تمت في مواعيد مختلفة شرقًا وغربًا؛ وهو ما يعني أن أسئلة الامتحانات لم تكن موحدة كما هو متعارف عليه في السابق، بالإضافة إلى تسرب للأسئلة في بعض المناطق بين الطلبة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.

وأشار إلى «وجود عشرات الآلاف من الموظفين في قطاع التعليم لا عمل لهم ولا علاقة لهم بمجال التربية والتعليم، ويتقاضون رواتب على حساب المعلم الحقيقي إلى جانب عدم وجود قاعدة معلومات توضع وفقًا الخطط والدراسات».

بارقة أمل تبدو في نهاية النفق المظلم لقطاع التعليم بعد الإعلان أخيرًا عن اتفاق مسؤولي التعليم العام في شرق البلاد وغربها، على تنسيق مواعيد الدراسة وتوحيد الامتحانات خلال العام الدراسي المقبل، وتوجيه دعوة لمسؤولي التعليم في مناطق الجنوب للانضمام إلى المسار لإنقاذ واحدًا من أهم القطاعات الذي طالته حمى الفوضى والانقسام التي تعيشها البلاد.

بعد عقود من الإهمال.. التعليم ضحية الانقسام السياسي والفوضى الأمنية (تقرير)
بعد عقود من الإهمال.. التعليم ضحية الانقسام السياسي والفوضى الأمنية (تقرير)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
الوحدة السادسة تدعم محطة كهرباء شمال بنغازي
الوحدة السادسة تدعم محطة كهرباء شمال بنغازي
اتفاقية لإدارة المياه الجوفية بين ليبيا والجزائر وتونس
اتفاقية لإدارة المياه الجوفية بين ليبيا والجزائر وتونس
«جنايات طرابلس» تقضي بالسجن عامًا لثلاثة مسؤولين سابقين في وزارة الصحة
«جنايات طرابلس» تقضي بالسجن عامًا لثلاثة مسؤولين سابقين في وزارة ...
شركة مليتة تعيد تأهيل بئرين بحقل أبوالطفل
شركة مليتة تعيد تأهيل بئرين بحقل أبوالطفل
تسليم شحنة أدوية لمستشفيات ومراكز صحية في الجنوب
تسليم شحنة أدوية لمستشفيات ومراكز صحية في الجنوب
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم