Atwasat

«صراع النفط في ليبيا».. سلاح اقتصادي يدعم الحل السياسي

القاهرة - بوابة الوسط: محمود غريب الجمعة 22 يوليو 2016, 09:15 صباحا
WTV_Frequency

بينما يُعمق الصراع على حقول النفط في ليبيا الانقسامات السياسية التي تطال الفصائل المتناحرة، فإن محاولة إنهاء ذلك الصراع يمثل عمقا آخر سياسيًا أكثر قدرة على تجميع الفرقاء الليبيين حول حكومة الوفاق الوطني التي لا يزال المجتمع الدولي يعوّل كثيرًا على نجاحها في الخروج بليبيا من نفق التشتت إلى مربع الاستقرار السياسي والاقتصادي.

منذ الأسبوع الماضي، تتداول أحاديث حول مناقشات لا تزال جارية تهدف إلى توحيد مؤسستي البلاد النفطيتين، بالتزامن مع ما تردد بشأن توقيع اتفاق بين المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس ونظيرتها في الشرق، تأمل من خلالها ليبيا إعادة رفع مستوى إنتاجها من النفط الخام بعد التراجع الكبير، الذي أبقى الإنتاج عند مستوى 350 ألف برميل يوميا فقط؛ أي ما يعادل ربع الإنتاج قبل بداية ثورة فبراير.الخطوة السابقة من شأنها العمل على إعادة فتح مرفأي راس لانوف والسدرة المهمين لتصدير النفط ضمن الاتفاق؛ وهما المرفآن المغلقان منذ العام 2014، ويخضعان لسيطرة حرس المنشآت النفطية.

بيان صادر عن المؤسسة الوطنية للنفط، كشف عن التوصل إلى اتفاق يقضي بتوحيد الجهتين المشرفتين على تسيير المصادر النفطية، فيما يبقى إعادة تشغيل حقول النفط وفتح المرافئ المغلقة إجراءً يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين؛ حيث تضررت غالبية المنشآت النفطية نتيجة الهجمات المسلحة، التي دمرت كذلك أنابيب نقل النفط.

قرار توحد المؤسسات حال تم تنفيذه، يُمثل خيارًا استراتيجيًا ينقل رسالة إلى الأطراف في ليبيا والمجتمع الدولي كافة، مفادها أن تجاوز الخلافات ممكن تحت راية المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، ويصب في مصلحة تجسيد المصالحة وتشجيع باقي المؤسسات على اتخاذ نفس القرار، في ظل مساعي حكومة الوفاق لوحدة الدولة ومؤسساتها.حكومة الوفاق الوطني تلقت منذ يومها الأول دعم المؤسسة الوطنية للنفط بالغرب، في خطوة تحمل دلالات سياسية، بالإضافة إلى انتصار إداري لحكومة الوفاق، لاسيما أن مدير القسم الشرقي للشركة معيّن من قبل مجلس النواب في طبرق؛ وهو ما يمكن توظيفه لتجاوز بعض العقبات في طريق الوحدة السياسية القادمة من الصراع الاقتصادي النفطي.

وبرز أول تحدٍ من قبل الحكومة الموقتة التي تتخذ من شرق ليبيا مقرًا لها للحكومة المعترف بها دوليًا في العاصمة طرابلس، عندما أقامت في الشرق مؤسسة وطنية للنفط موازية لتلك التي تتخذ من طرابلس مقرًا لها باعتبارها البائع الشرعي الوحيد للنفط الليبي، فيما هددت ناقلة تحمل أول شحنة خام للتصدير من المؤسسة الموازية في شرق البلاد إلى مالطا وعلى متنها 650 ألف برميل من النفط، بتعميق الانقسامات السياسية في البلاد، وهي الخطوة التي أثارت جدلا حول إمكانية انتهاك قرارات مجلس الأمن التي تحظر التعامل في مجال النفط مع جهات غير حكومة الوفاق الليبية المشكلة برعاية الأمم المتحدة وتحظى بدعم دولي واسع.

وكان رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، مارتن كوبلر، قال في وقت سابق إن قرار مجلس الأمن رقم 2278 يدين أي محاولة غير شرعية لتصدير خام النفط من ليبيا، بما في ذلك من المؤسسات الموازية التي لا تعمل تحت سلطة حكومة الوفاق، معلنًا دعمه للمجلس الرئاسي في دعوته لاتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لتأمين حقول ومنشآت النفط.وفي مارس 2014 فوَّض مجلس الأمن الدول الأعضاء باعتلاء السفن التي يشتبه في أنها تحمل النفط من موانئ يسيطر عليها المسلحون في ليبيا والسماح للحكومة الليبية بأن تطلب وضع تلك السفن على القائمة السوداء للجنة العقوبات.

وتبقى حكومة الوحدة الوطنية الأمل الحقيقي الوحيد لضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي، وقال مجلس الأمن الدولي في نهاية مارس إن لدى حكومة الوحدة الوطنية مسؤولية أساسية تتمثل في منع المبيعات غير القانونية للنفط وحثها على إبلاغ لجنة الأمم المتحدة التي تشرف على العقوبات المتعلقة بليبيا بأي محاولة غير قانونية لبيع الخام. ونص القرار أيضا على مطالبة الدول الأعضاء بوقف التعامل مع أي مؤسسات موازية.

وبينما اعتمد الاقتصاد الليبي بشكل شبه كامل منذ عام 1963، على النفط الذي توجه معظم صادراته إلى الأسواق الأوروبية، فإن البلد مقبلة على تغييرات جوهرية سياسيًا؛ حال نجاحها تجعلها قطبا اقتصاديا قويا يحاكي بعض دول الخليج في نموه الاقتصادي، يعتقد معه المحللون بأن الرفاه الاجتماعي والاقتصادي سيسهم بشكل كبير في تقلص ظاهرة الإرهاب.
للاطلاع على العدد (35) من «جريدة الوسط» اضغط هنا (ملف بصيغ  PDF)

«صراع النفط في ليبيا».. سلاح اقتصادي يدعم الحل السياسي
«صراع النفط في ليبيا».. سلاح اقتصادي يدعم الحل السياسي
«صراع النفط في ليبيا».. سلاح اقتصادي يدعم الحل السياسي

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
في العدد 436: هدوء سياسي واشتعال صراع النفط
في العدد 436: هدوء سياسي واشتعال صراع النفط
«تنسيقية الأحزاب» تحذر وتحدد 3 اعتبارات «مهمة» بأحداث رأس اجدير
«تنسيقية الأحزاب» تحذر وتحدد 3 اعتبارات «مهمة» بأحداث رأس اجدير
«مرواط - ليبيا» منصة جيومكانية لدعم استدامة الأراضي الزراعية
«مرواط - ليبيا» منصة جيومكانية لدعم استدامة الأراضي الزراعية
«المركزي» يطالب المصارف بتفعيل خدمات شراء الدولار للدراسة والعلاج وتفعيل «ماستر كارد» و«فيزا»
«المركزي» يطالب المصارف بتفعيل خدمات شراء الدولار للدراسة والعلاج...
«استئناف بنغازي» توقف قرار الدبيبة بفتح اعتمادات مالية موقتة
«استئناف بنغازي» توقف قرار الدبيبة بفتح اعتمادات مالية موقتة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم