Atwasat

"فجر ليبيا" يقضي على حرية الإعلام والصحافة

عمر الكدي الثلاثاء 04 نوفمبر 2014, 10:19 صباحا
عمر الكدي

يدعي عمر الحاسي أن حكومته غير الشرعية فرضت الأمن والنظام في مدينة طرابلس، بعد أن سيطرت عليها قوات فجر ليبيا في منتصف أغسطس الماضي، متناسيا أن الجهات التي كانت وراء خلخلة الأوضاع الأمنية بالمدينة إنما هي الجهات التي انضمت إلى فجر ليبيا، والتي نصبت الحاسي رئيسا لحكومة ما يسمى بالإنقاذ الوطني، وهي لعبة إخوانية بامتياز زاولوها في مصر قبيل وبعد الإطاحة بهم، كما زاولها تنظيم طالبان بعد استيلائه على الحكم في أفغانستان.

وتعتمد اللعبة على القيام بأكبر قدر من خلخلة الأمن، وقطع إمدادات الوقود والغذاء والكهرباء والماء على السكان أولا، حتى يصبح مطلب الشعب الوحيد هو توفير الأمن والوقود والغذاء والكهرباء والماء، وعندما تتوفر لا يهم من يسيطر على الحكم.

ولكن ما لايستطيع الحاسي الذي طالب بكل بجاحة بانتخابات تشريعية جديدة في ليبيا، ما لا يستطيع تناوله هو ملف حرية الإعلام والصحافة في المناطق التي يسيطر عليها، حيث توقفت جميع الصحف عن الصدور، كما أقفلت معظم القنوات الفضائية التي تبث من طرابلس، بعضها اقتحمتها قوات فجر ليبيا، وقتلت وخطفت عددا من الإعلاميين، كما اقتحمت مقر هيئة دعم وتشجيع الصحافة واستولت عليه، ولم يجد وزير إعلام الحاسي إلا ركاما من الخراب ليجلس عليه.

أما وكالة الأنباء الليبية فقد تأخرت عن مواكبة الأحداث، وأصبحت تبث خبرين أو ثلاثة كل يوم، أغلبها عن الحاسي وحكومته، بعد أن اقتحمها مجموعة من الغاضبين على رأسهم المعارض السابق جمال الحاجي، وهددوا العاملين فيها بأنهم منحازون لحكومة الثني، وفي طرابلس عاد الليبيون إلى الهمس وخاصة في الأماكن العامة، ويصمتون عندما يقترب منهم أحد محسوب عبى فجر ليبيا، قائلين "البحر فيه كلب"، وكأنهم لم يثوروا على نظام القذافي.
قبل الاستيلاء على طرابلس كانت فرق متخصصة تمر على محطات الوقود وتقطع خراطيم مضخات الوقود، وكانت فرق أخرى متخصصة في قصف محولات شبكة الكهرباء، وجميع هؤلاء كانوا يحاولون عرقلة حكومة زيدان ثم حكومة الثني، وأخيرا أجبروها على اللجوء إلى مدينة البيضاء.

حرية الإعلام والصحافة وحق التظاهر هي أهم منجزات ثورة فبراير، ولكنها الآن في ظل حكومة الحاسي، الذي تبرأت منه حتى قبيلته، في مهب الريح. ففي بنغازي توقفت المظاهرات المطالبة بحل مجلس النواب، منذ أن استعاد الجيش الوطني السيطرة على أجزاء كبيرة من المدينة، ترى أين ذهب أولئك المتظاهرون الذين كانوا يخرجون كل يوم جمعة؟ بالتأكيد أرهبتهم فرحة الأهالي بدخول الجيش إلى بنغازي، أو أنهم ذهبوا لنجدة رفاقهم من أنصار الشريعة وقوات الدروع التي يحاصرها الجيش الآن.

أما في طرابلس ومصراته وزليتن وغريان والزاوية فلا زالت المظاهرات التي تنادي بإسقاط مجلس النواب تخرج كل يوم جمعة، ترى أين ذهب الذين انتخبوا مجلس النواب في هذه المدن؟، والذين لا زالوا يؤيدون الشرعية، ولماذا لم يخرجوا إلى الشوارع للتعبير عن وجهة نظرهم؟ حسب علمي حاولوا مرة واحدة في طرابلس، ولكن عناصر فجر ليبيا هاجموهم في ميدان الجزائر وفي الشوارع المؤدية إلى ميدان الشهداء، واعتقلوا بعضهم ومنعوهم من التظاهر، وكأن فجر ليبيا تذكر سكان العاصمة بما فعله القذافي طيلة 42 عاما.

يقول الحاسي إنه فرض الأمن والنظام في طرابلس، ترى هل يستطيع أن يدلنا على مكان اختفاء الإعلامي معز بانون، ومعاذ التليب الذي خطف مرتين، ومن خطف الكاتب فرج بو العشة؟ هذا فقط غيض من فيض، وبخصوص احتجاب معظم الصحف الليبية، ليس فقط الصحف التي تصدر عن هيئة دعم وتشجيع الصحافة، بل أيضا المطبوعات الخاصة ومن بينها ميادين، التي اضطر رئيس تحريرها لوقف إصدارها من بنغازي، لأن بوابة الدافنية في مصراته تصادر كل صحف المنطقة الشرقية، والسوق الأكبر في ليبيا هو طرابلس، حيث يجلس الحاسي وأبو سهمين والمفتي يتشفون في حرية الإعلام والصحافة تقريبا الانجاز الوحيد لثورة فبراير، أما كان الأفضل أن تسمى مغرب ليبيا بدلا من فجر ليبيا؟