Atwasat

ركن العامرية.. شخصية الإرهابي (7/4)

فدوى بن عامر الأربعاء 06 ديسمبر 2017, 10:51 صباحا
فدوى بن عامر

خلصنا في المقالة السابقة إلى أن المرض العقلي لا يبدو سببًا مقنعًا وراء انجرار الشباب في غياهب التنظيمات الإرهابية وأعمال العنف والذبح والقتل.

وحسب ما جاء في Psychology Today فإنه لا وجود لما يُعرف بالشخصية الإرهابية. ولذا يصعب علينا التنبؤ بوجود نزوع لأهواء إرهابية خاصة عند الشباب. ما يظهر لنا هو أن هناك فكر أيديولوجي متطرف مكون من مجموعة من الأفكار المُعتقد بصدقيتها المطلقة محفورة في أعماق عقل الفرد الدي سيصبح متطرفًا يومًا ما.

وافق الباحث جون هورغان من سبق ذكرهم في المقالة الماضية في تحديد الشخصية الأكثر قابلية للوقوع في شباك التطرّف وكانت له بعض الإضافات المهمة حيث أشار إلى أن الشباب الأكثر عرضة للانزلاق نحو التطرّف هم أولئك الذين لهم أسر متعاطفة مع الفكر المتطرف. وأما مارك سيجمن الباحث في نفسية الإرهابي وبعد معاينته لأربعمئة من الإرهابيين خلص إلى أن الإرهابيين بعيدون كل البعد عن ظاهرة غسيل المخ أو الانعزال الاجتماعي حيث إن 90% منهم قدموا من أسر مترابطة لا تعاني من أية مشاكل حقيقية كما إن 63% من الشباب المتطرف الأربعمئة هم من حملة المؤهلات الجامعية. في ذات الوقت لا يخضع بالضرورة كل إرهابي لهذه المعايير.

الانضمام للجماعة الإرهابية قد يبعث على الإحساس بالأمن والكينونة الذاتية اللتين لا يفتقدهما أصحاب الشخصية الفردية.

وفي مقالة لتوري أنجليوس ذهب فيها إلى أن تمركز ما أسماه الخوف من الموت في العقل اللاواعي للإنسان قد يكون الدافع الأقوى وراء انسياق الإنسان للاستقطاب يسانده في ذلك الباحث في علم النفس سيسينسكي والذي وضع صحبة زميليه جرينبيرج وسولومن أسس نظرية إدارة الرعب التي تنص على استغلال الناس للعادات والتقاليد المجتمعية والدين لحماية أنفسهم من الإحساس بالخوف من الموت وقد تتضخم في ذواتهم هذه الأحاسيس لتكون دافعًا لهم للانزلاق نحو التطرّف والإقدام على الأعمال الإرهابية الانتحارية رغم علمهم المسبق بـأن الموت المحتَّم بانتظارهم في نهاية الطريق وكأنهم بذلك يستعجلون ما يهابونه.

وفي ذات السياق نحا كروغلانسكي منحنى آخر فيقول إن فهم الذهنية الجماعية العصبية سواء القبلية أو المناطقية أو الدينية قد يساعد في شرح ظاهرة الإرهاب. فبعد أن بحث في حالات آلاف الناس من خمسة عشر بلدا عربيا إضافة إلى بلاد أخرى خلص إلى أن المسلمين أصحاب الذهنية الجماعية أكثر عرضة لمساندة الإرهاب ضد الغرب من المسلمين أصحاب الذهنية الفردية. ذلك أن الانضمام للجماعة الإرهابية قد يبعث على الإحساس بالأمن والكينونة الذاتية اللتين لا يفتقدهما أصحاب الشخصية الفردية.

وقد صادفتني أثناء البحث نظرية أخرى أراها مهمة لحملها قدرا كبيرا من المنطق وهي التي قال بها موغادم، تشرح ببساطة مقولة البقاء للأقوى بمعنى خوف الإسلاميين المتطرفين من الاندثار نتيجة التطور التكنولوجي والمعرفي وسهولة التواصل الالكتروني بين الناس مما شكل تهديدًا في ذهن الإسلامي على وجوده، الشيء الذي يدفع به إلى مزيد من الانغلاق على الذات وبالتالي سهولة الوقوع في شباك التنظيمات الإرهابية كوسيلة دفاع من التلاشي وذلك بإحياء أوهام قيام دولة الخلافة الإسلامية من جديد.

وأجدد طرح ذات السؤال الذي طرحته نهاية المقالة الماضية فهل بعد كل هذا التفكك والدمار سيكون بالإمكان إرجاع الإرهابي عن فكره المتطرف!.