Atwasat

قطر الليبية!

أحمد الفيتوري الأربعاء 21 يونيو 2017, 01:14 مساء
أحمد الفيتوري

1-
السيد عبد المنعم الهوني الرئيس الاسبق للمخابرات الليبية في حوار أجريتهُ معه ونشرتهُ بجريدة "ميادين" بعد ثورة فبراير2011، ذكر لي أن أمير قطر السابق حمد آل ثاني بعث له يطلبه، وإنهما حين التقيا سأله قائلا: أنت تعرف معمر القذافي أكثر مني فهل الرجل عاقل؟، أجبتُ متسائلا ما الأمر أيها الأمير؟، فقال: لقد جرى إعلامي أن طائرةً ليبيةً في أجواء البلاد لا تريد أن تُفصح عن هوية من تحمل، ثم إذ بها تحمل القذافي وابنه خميس، استقبلتهما في بيتي وإذ بي أفاجأ بأنهُ جاء خاطبا لابنتي لابنه خميس، ارتبكت وحين علمتْ الشيخة موزة طلبت أن أترك الأمر لها، وكأم تملصتْ من هذا الطاريء الطائر.

كانت موزة قد عاشت في عقد الستينيات بمدينة بنغازي، وقد عمل والدها كمقاول هناك، وذلك حدث إثر خلاف للأسرة مع العائلة الحاكمة.

الملاحظ أن المُشترك بين القذافي وحمد كثير

وفيما بعد نشأت علاقة جيدة بين القذافي وحمد في أغلب الأوقات، ولهذا عبر القذافي عن سُخطه حين انحازت قناة الجزيرة إلى جانب ثوار فبراير 2011 وعملت ضده، ولم يستوعب الموقف أبدا، والحقيقة التي يعرفها القذافي جيدا لكنه كعادته أبى أن يستوعبها هي أن قطر حمد مشروع مختلف في المنطقة منذ انقلاب حمد" على أبيه :" حمد بن خليفة بن حمد بن عبد الله بن قاسم بن محمد آل ثاني (1 يناير 1952 -)، أمير دولة قطر السابق، تولى الإمارة في 27 يونيو 1995 بعد قيامه بانقلاب أبيض على والده أمير دولة قطر آنذاك خليفة بن حمد آل ثاني حتى تنازله عن الحكم لابنه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في 25 يونيو 2013 م"- ويكيبيديا.

والملاحظ أن المُشترك بين القذافي وحمد كثير مُبتدأه أنهما شخصيتان انقلابيتان، وخبرهُ أنهما جاءا في لحظة مفصلية في المنطقة بمنطق انقلابي، وتأدية دور مفارق لإمكانيتهما الشخصية وإمكانية البلاد التي سيطرا على السلطة فيها ، وأنهما شخصية محورية وعالمية تمظهرا كما ممثلي هوليود، واتخذا من صوت العرب - ترانزستور جمال عبد الناصر للسيطرة على وجدان العرب واستبعاد عقله -، اتخذا من ذلك القدوة والأيقونة ، فعُرف القذافي بإذاعة صوت الوطن العربي التحريضية ، وقطر الجزيرة القناة التلفزيونية، التي بسببها تناقلت أخبار على أن بوش الابن فكر في قصف قطر بالقنبلة النووية الأمريكية الثالثة!. وهذا ما عزز علاقة مركبة بينهما فتارة يعملان معا لمواصلة المهمة الانقلابية في المنطقة، وتارة يتنافسان في هذا حتى الاقتراب من القطيعة خاصة ان سُمح مرة للجزيرة بتقديم معارض ليبي في أحد برامجها ما كان نادر الحدوث. ومن مثل هذا أن يوسف القرضاوي هبَ مسرعا إلى القذافي عقب نجاح انقلابه -هذا ما ذكره في مذكراته -، وقد رأي أن القذافي من قادة الإسلام السياسي مثله، وهذا ما فعله مع الأمير حمد من جعل قطر القاعدة القطرية لدولة الخلافة.

2-
لم تكن ثورة 17 فبراير 2011 كما ثورات الربيع العربي إلا حدث استثنائي في تاريخ المنطقة الحديث، أما في العالم فإن صداه حاصل حتى اللحظة، وحينها كانت المحطة التلفزيونية الأبرز في المنطقة في الحدث الذي أربك قادة المنطقة والشرطة الدولية أمريكا والدول الكبرى الأخرى، هنا برزت قطر حمد، الأمير حمد الذي كأنه تشي جيفارا الربيع العربي جعل من شبه الجزيرة الصغيرة -المنبثقة جغرافيا من جزيرة العرب- قاعدة ثوار الربيع العربي كما هي تضم أكبر قاعدة أمريكية في الخارج.

قطر قاطرة اجهاض الربيع العربي، والآن يبدو أنها قامت بالمهمة على أكمل وجه، و ما بعد داعش مهمة أخرى

هذه القاعدة أمست قبلة الإسلام المسلح، وغدا الأمير حمد ثم خلفيته تميم حماة هذا الإسلام، ولذلك كان لقطر الصدارة في المساهمة من أجل سيطرة جماعات الإسلام المسلح على الأوضاع في ليبيا، وقد حدث أن هاجم عبد الرحمن شلقم ومحمود جبريل وغيرهما هذا الدور القطري.

قطر غدت محجا والإقليم القاعدة – باصطلاح نديم البيطار للمشروع القومي العربي-للمشروع الإسلامي المسلح، وهذا تحت مظلة الولايات المتحدة الأمريكية التي قطر القاعدة الإقليمية الكبرى، ومع فشل إخوان ليبيا في الحصول على دعم شعبي في انتخابات ثلاث، وفشلهم الذريع عكس ما حصل لإخوانهم في مصر وتونس، مع هذا الفشل المُدوي كان الإسلام المُسلح قد وجد المبرر لاستخدام السلاح -الجهاد المقدس- الذي كانت قطر قد زودته به منذ الأيام الاولي لثورة فبراير لاستخدامه ضد القذافي من بات العدو الأول، ثم ضد خصومهم من جاء بهم صندوق الاقتراع في 7-7-2012م.

قطر قاطرة اجهاض الربيع العربي، والآن يبدو أنها قامت بالمهمة على أكمل وجه، و ما بعد داعش مهمة أخرى، كما أُخرج الأمير حمد من الواجهة ووزير خارجيته حمد بن جاسم الذي يتهم بأنه عراب إسرائيل في المرحلة الاولى، فإنه يبدو على تميم فتح الباب لما بعد داعش: هل هذا يعني أن ليبيا ستُفتكُ من الأسر أم العكس؟.