Atwasat

مصراته هي مصراته! 2

أحمد الفيتوري الثلاثاء 25 أبريل 2017, 10:27 صباحا
أحمد الفيتوري

2 من 2
1-
طلبت من صديقي أصيل مصراته أن يوضح لي حال مدينة مصراته في الحال الليبي فاسترسل كعارف بـ"الأحوال الليبية": أن ما يبدو من غموض في الأوضاع الحالية بالمدينة قد يكون أصيلا في مدينة تركيبتها الاجتماعية محافظة، زد على ذلك فإن دخولها في حرب، فرضها عليها فاشية القذافي وميلشياته الأمنية، جعل منها في حالة دفاع بكل ما يعني ذلك من انكفاء وتمترس، ولما تمكنت ميليشياتها من فك الحصار، ومن ثم هجومها واندفاعها نحو قلعة القذافي باب العزيزية بالعاصمة الليبية طرابلس، أصيبت بنشوة النصر وبدأ لقادتها أنهم المنتصرين، فاستحوذوا على ما تبقي من سلاح القذافي ومن ماله ومن عاصمته، ودعموا لأجل ذلك تحالفهم مع التيار الإسلامي المسلح.
لكن بالمدينة كباقي البلاد تيارت مختلفة متباينة كالإسلامية والقوى الوطنية التي هي خليط من قوة مدنية وعسكرية ذات مشارب عدة، هذا التعدد في المدينة شكل في وبالحرب كتلة واحدة وتحالفا نسبيا متماسكا، جعله حصار المدينة الأقوى في البلاد بقوة المال والسلاح، وخاصة السلاح الذي فيما بعد سقوط النظام سيطر عليه ميليشياتها تقريبا في غرب البلاد وجنوبها. ولم ينفرط ذا التحالف في تقديري بفضل العجينة المحافظة للمكون الاجتماعي للمدينة، ودعم قيادة ليست واحدة لكنها متوحدة وهدفها موحد جدد وهو مقلوب اسقاط النظام أي وراثته، فهم كما عملوا على اسقاط القذافي رأوا أو قدروا أنهم ورثة القذافي، هذا وحد جبهتهم في مواجهة خصومهم العدة.

2-
لم أرد مقاطعة الاسترسال لكن أردت توضيحا، فالاستقراء ذا يستنبط منه أن الحصيلة:" الوراثة جهوية"، باعتبار أن القوى النافذة التي رأت في نفسها الوريث بحكم القوة هي بالفعل "مصراته" قلب التحالف ما وضحه الاستقراء.

يجب انهاء الحرب أولا ومنه اعلان السلام، لنبدأ اليوم وليس غدا التسلح بالسلم لإنهاء الحرب

ان تحالف "مصراته" ما سمى فيما بعد بـ"فجر ليبيا" هو تحالف متعدد المشارب، وأن من رؤوسه الأهم التيار الإسلامي المسلح، تحالف "مصراته/ فجر ليبيا" اتخذ أيقونة لخصامه: "خليفة حفتر" وحلفائه من عرفوا بمعاضدي "معركة الكرامة"، رغم ان "معركة الكرامة" في الحقيقة جاء اعلانها بعد بروز وهيمنة "تحالف مصراته" في ليبيا ما بين أول 2012م وبين منتصف 2014م، "معركة الكرامة" عرفت وظهر "خليفة حفتر" كقائد عسكري لها في مايو 2014م، ومجلس النواب وحكومته كقائد سياسي ظهر عقب انتخابات يونيو من ذات العام، وأعقب ذلك اعتبار مجلس النواب بـ"طبرق" وحكومته برئاسة " عبد الله الثني" الجهة الشرعية الليبية المعترف بها في الاقانيم الثلاث المحلي والإقليمي والدولي، وقد قاطعت اقلية من النواب المجلس المنعقد في "طبرق" وشككت في شرعيته ولم تستقل وان طعنت في دستورية المجلس المنعقد في "طبرق"، هذه القوى المقاطعة عضيدة "تحالف مصراته/فجر ليبيا، من ثم أعيد احياء "المؤتمر الوطني" ما هو لا وجود له بحكم الانتخابات الشرعية والمعترف بها من الجميع.

3-
لقد أراد طرف ليبي جعل مدينة "مصراته" قاعدة الاستحواذ على "كعكة فبراير" أي "وراثة القذافي"، وبهذا استمرت "مصراته" كقاعدة وقائدة لفصيل مهم في الحرب الأهلية التي اندلعت في ليبيا عقب ثورة فبراير، "مصراته" هذه تغير خصمها لكن استمرت في حربها منذ فبراير 2011م حتى يوم نشر هذا المقال، ثم دخلت في حربها بصيغة سياسية واجهتها "المؤتمر الوطني" ببعض من أعضائه، على طاولة المفاوضات قادت ماراثون ما عرف بـ"الحوار الوطني" مع الطرف الثاني "مجلس النواب"، عقدت جلسات عدة من "الحوار الوطني" في أكثر من مدينة تحت إدارة الأمم المتحدة، توج في مدينة "الصخيرات" المغربية يوم 17 ديسمبر 1915 بما دعي "اتفاق الصخيرات" الذي لم يحقق الوفاق الوطني بل قسم "مجلس النواب" ومنه البلاد.

4-
أخر مستجدات الوضع السياسي في ليبيا ان هناك حراك ما في مدينة مصراته لم تتضح مستخرجاته، لكن عقد اجتماع بين عقيلة صالح وعبد الرحمن السويحلي بين الخصمين ممثلا القوى التي تهيمن على الأرض: هل نعد هذا من مستخرجات ما جد في "مصراته"؟، ليس بالإمكان حتى الساعة الإجابة اليقين عن سؤلنا، لكن المعطيات تعطي إجابات أخرى عن الدور الإقليمي والدولي ما وراء هذا الاجتماع، إنما "حراك مصراته" لا يمكن استبعاده من الخلفية وان غمضت ما هويته: مصراته هي مصراته في المشكل الليبي ما حله في فك "العروة الوثقي" فيه أي حلحلة "مصراته"، لتخرج من جلباب "الوريث الأحد" إلى أفاق ليبيا وتلتقي في منتصف الطريق مع ما اعتبرته أيقونة العدو، وهكذا كما أن "مصراته" كانت فيصلا في "اسقاط النظام" ليس من بد أن تكون فيصلا في الخروج من عنق زجاجة "فبراير" الى ما بعد "فبراير"...
لأنه أولا وأخيرا ليس ثمة "اتفاق صخيرات" دون وفاق وطني، عليه يجب الذي يجب: انهاء الحرب أولا ومنه اعلان السلام، لنبدأ اليوم وليس غدا التسلح بالسلم لإنهاء الحرب، ودون توفر الإرادة يبقي العقل المتشائم المتصدر المسألة الليبية...